التونسية (تونس) تحصلت «التونسية» على وثيقة صادرة عن البنك الدولي تكشف وضعية القطاع البنكي التونسي وما يجب القيام به من إصلاحات لإنقاذه من الإفلاس. وبيّن البنك الدولي ضرورة إصلاح القطاع البنكي عبر توجيه الموارد إلى المشاريع الأكثر إنتاجية وزيادة كمية التمويل المتاحة للاستثمار في القطاع الخاص ولتحسين كفاءات النظام البنكي نصحت الوثيقة بأن تكون الأولوية لتطبيق القوانين التنظيمية للبنوك بحذافيرها، وتعديل نهج اتّخاذ القرار وإعادة النظر في دور الدولة في القطاع المصرفي، والانخراط في إعادة هيكلة البنوك المملوكة للدولة. وتم التأكيد في هذه الوثيقة على الحاجة إلى تعزيز التشريع وخاصة في تصنيف القروض والمخصصات والإشراف للبنك المركزي التونسي حتّى يبسط رقابته فعليا على جميع مؤسسات الائتمان وفرض عقوبات أكثر صرامة على انتهاكات قواعد الحيطة. واقترحت وثيقة البنك الدولي على تونس إزالة القيود المفروضة على أسعار الفائدة المفروضة على القروض والتي تحد بشكل مصطنع حاليا من الحصول على القروض والأهم من ذلك، قالت الوثيقة انه من الضروري إعادة النظر في دور الدولة في القطاع البنكي والانخراط في عمليّة إعادة هيكلة البنوك العمومية . وبيّن التقرير أن مجموعة واسعة من خيارات إعادة الهيكلة تتوفّر حاليا في تونس وتمتد من الخصخصة إلى اندماج ثلاثة بنوك مملوكة للدولة في كيان عام رئيسي واحد. وكجزء من هذا القرار فإنّه سوف يكون من المهم النظر في هيكل الحوكمة في البنوك المذكورة، بحيث تخضع لنفس القواعد والأنظمة مثل البنوك الخاصة. وأكد البنك الدولي في وثيقته أن إصلاح البنوك العمومية سيمكن من تجنب وجود قروض متعثرة جديدة وتسجيل خسائر أخرى الى جانب ذلك فإن إصلاح القطاع البنكي سوف يؤدي الى تحسين قدرة الوساطة في القطاع ، وهي القدرة التي لا تزال الآن أدنى من امكانياتها المحتملة. وقالت الوثيقة إن زيادة حصة الائتمان إلى الناتج المحلي الإجمالي من 70 ٪ حاليا إلى مستوى امكاناتها أي 90 في المائة يمكن أن يولّد بين 12 و15 مليار دولار أمريكي من القروض الإضافية التي يمكن أن تدخل الدورة الاقتصادية على مدى السنوات العشر المقبلة لتمويل الاستثمارالخاص. ودعا البنك الدولي في وثيقته إلى البحث عن طرق جديدة للمساعدة في تطوير مصادر بديلة للتمويل وانشاء أدوات للتمويل الفعال لفائدة المشاريع المبتكرة والمبتدئة. وكشفت دراسة البنك الدولي أن الأسواق المالية المحلية لا تلعب سوى دور هامشي في تمويل الشركات التونسية. وان حصة رأس المال التي تم الحصول عليها في السوق المحلية بلغت في عام 2010، 2٪ فقط من الناتج المحلي الإجمالي وبلغت القيمة السوقية 24 ٪ من الناتج المحلي الإجمالي وقد تم تحديد الأسباب الرئيسية لضعف أسواق رأس المال المحلية في تقرير برنامج تقييم القطاع المالي وتتمثّل هذه الأسباب في ضعف الطلب المحلي . وفي هذا الصدد قالت الوثيقة ان ضعف الاطارالتّنظيمي والإشرافي للبنوك يؤدي إلى سوء تقدير للمخاطر يسمح للبنوك التونسية بتوفير التمويل للشركات حسب شروط دون تلك التي تسود في سوق صحية وتنافسية حيث يتم تقييم المخاطر بشكل صحيح. وبالإضافة إلى ذلك فإن هناك حاجة إلى تطوير أدوات التمويل الفعال للمشاريع المبتدئة والمشاريع التي تمثّل مخاطر على حد سواء من أجل تسهيل دخول شركات جديدة وأيضا لتسهيل تطوير مشاريع استثمارية تعتمد تكنولوجيا متقدمة. وبيّن تقرير البنك الدولي أن الحكومة تعمل حاليا على تحديث نظام الإفلاس في تونس حتّى يتم انقاذ المؤسسات القابلة للاستمرار بطريقة أكثر فعاليّة وتمكين الشركات غير القابلة للاستمرار في النّشاط من الخروج من السوق. وأكد التقرير أنه ينبغي أن يؤدي هذا الإصلاح الى وضع قانون واحد مبسط يتناول إعادة هيكلة الشركات التي يمكنها الاستمرار في النّشاط وتصفية سريعة وفعالة للمؤسسات غير القادرة على ذلك. وبيّن هذا التقرير أن اقامة نظام للافلاس أكثر قابلية للتنبؤ وشفافا وفعالا يساعد على تحديد ثمن المخاطر بطريقة أفضل بالنّسبة للدائنين، والمحافظة على مواطن الشغل في الشركات القادرة على الاستمرار في النّشاط. وان ذلك سيزيد من تشجيع الانتاج وتبادل المعلومات مما يسمح للمؤسسات المالية بتقدير ثمن المخاطر بأكثر دقة. ومن المنتظر أن يمكن إصلاح نظام الإفلاس في تونس من استرجاع 2.1 مليار دولار أمريكي اضافي أو 4.5 ٪ من الناتج المحلي الإجمالي من أموال أصحاب المصلحة تسترجع من القروض المتعثرة الحالية. وإذا ما تم توظيف هذه المبالغ فإنّه سوف يكون بالامكان خلق حوالي80000 وظيفة جديدة.