استؤنفت أمس الجلسة العامة للمجلس الوطني التأسيسي لمواصلة المصادقة على فصول الدستور فصلا فصلا بعد اجتماع مطول لرؤساء الكتل قصد الحسم في الفصول الخلافية في باب السلطة القضائية وهي الفصول 103 و109 و112، ولئن تمت المصادقة على الفصل 103 باعتبار أن رؤساء الكتل توصلوا إلى صيغة توافقية حوله فإن بقية الفصول أقامت الدنيا ولم تقعدها داخل الجلسة العامة. فقد أفاد رئيس كتلة «وفاء» أزاد بادي أن ماراطونا من الاجتماعات عقد للبحث عن توافق، مما جعل الجلسة العامة تتأجل لأكثر من مرة وخاصة في الفصل الذي أصبح مشكلا حقيقيا وهو الفصل 103، مشيرا إلى أنه وإن تم الاتفاق على الجهة التي تسمي وهي رئاسة الجمهورية فإن الاختلاف ظل قائما حول الجهة التي تقترح هل تكون المجلس الأعلى للقضاء أم رئيس الحكومة؟. وأضاف أن القراءات والمقترحات اختلفت وتعددت ولم يحظ أي منها بالوفاق المنشود، فتقرر في الأخير اعتماد صياغة ستعرض على الجلسة العامة رغم اعتراض البعض عليها وخاصة الكتلة الديمقراطية ومحتواها أن يسمي رئيس الجمهورية الوظائف العليا في القضاء بالتشاور مع رئيس الحكومة وباقتراح المجلس الأعلى للقضاء، وهذه الصيغة ستعرض على الجلسة العامة ليحسم فيها عبر التصويت رغم الاختلاف حولها، حسب ما أفاد به أزاد بادي. كما أكد أنه وقع التطرق ايضا للفصل 107 المتعلق بالقضاء العسكري لتحديد الجرائم العسكرية والفصل 108 لحذف عبارة تنفذ الأحكام باسم الشعب في حين أشار إلى أن التوافق ظل غائبا حول الفصلين 109 و112 بين من يراهما فصلين توافقيين ضمنا في حصيلة التوافقات وان في تنقيحهما انقلابا على التوافقات ونسفا لمبدإ التوافق وبين من يرى ضرورة المراجعة بقطع النظر عن حصيلة التوافقات. وأضاف بادي قائلا «يبدو أنه في غياب رؤية وفاقية واضحة ستكون الجلسة العامة هي الفيصل والحسم ونتمنى الا يلقي كل ذلك بظلاله على بقية الفصول وعلى المصادقة خاصة على الدستور برمته الذي يقتضي أغلبية الثلثين. وقد تم خلال الجلسة العامة أمس التي انطلقت متأخرة بساعتين العودة إلى الفصل 103 ضمن باب السلطة القضائية (قسم القضاء العدلي والإداري والمالي) بمقتضى الفصل 93 من النظام الداخلي، وتمت المصادقة عليه في صيغته النهائية وفق تعديل توافقي بموافقة 129 واحتفاظ 37 ورفض 18 وفي ما يلي نصه: «يسمى القضاة بأمر رئاسي بناء على رأي مطابق من المجلس الأعلى للقضاء. يسمّى القضاة السامون بأمر رئاسي بالتشاور مع رئيس الحكومة، بناء على ترشيح حصري من المجلس الأعلى للقضاء، ويضبط القانون الوظائف القضائية السامية». كما تمت العودة إلى الفصل 107 ضمن باب السلطة القضائية بمقتضى الفصل 93 من النظام الداخلي والمصادقة عليه في صيغته النهائية وفق تعديل توافقي بموافقة 128 واحتفاظ 20 ورفض 28. وفي ما يلي نصه: «تحدث أصناف المحاكم بقانون ويمنع إحداث محاكم استثنائية، أو سن إجراءات استثنائية من شأنها المساس بمبادئ المحاكمة العادلة المحاكم العسكرية محاكم متخصصة في الجرائم العسكرية وكذلك جرائم الحق العام المرتكبة من طرف العسكريين ويضبط القانون اختصاصها وتركيبتها وتنظيمها والإجراءات المتبعة أمامها والنظام الأساسي لقضاتها». في حين مثل الفصل 108 من باب السلطة القضائية والذي ينص على أن «تصدر الأحكام وتنفذ باسم الشعب، ويحجر الامتناع عن تنفيذها أو تعطيل تنفيذها دون موجب قانوني» محور خلاف فقد احتج نواب الكتلة الديمقراطية على نقطتين أولا على مسألة تنفيذ الأحكام باسم الشعب نظرا إلى أن هذه العبارة مبهمة وغير واضحة وما اصطلح على اعتماده حسب تجارب المقارنة أن السلطة التنفيذية هي الجهة المخول لها تنفيذ الأحكام، كما تواصل الخلاف حول السلطة التنفيذية باعتبارها سلطتين: رئاسة حكومة ورئاسة جمهورية وكل طرف يدفع نحو تفويض تنفيذ هذه الأحكام إلى إحداهما. ونظرا لاحتجاج نواب الكتلة الديمقراطية، طالب رئيسها محمد الحامدي برفع الجلسة لمدة عشر دقائق، الأمر الذي رفضه بشدة نواب حركة «النهضة» وكتلة «وفاء» وعدد من النواب المستقلين معبرين عن استيائهم الشديد. وقد افاد في هذا السياق النائب عن كتلة حركة «النهضة» وليد البناني أن هذه الفصول وقع النقاش حولها مطولا وتم التوافق بشأنها بحضور رئيس الكتلة الديمقراطية، وأبدى خشيته من أن الكتلة الديمقراطية تسعى إلى ابتزازهم قائلا «بعد أن ضمنت فصلا في الدستور تبتزنا ثانية لتضمن الفصل الموالي». وقد تمت المصادقة على الفصل 108 ب 134 نعم و13 محتفظ و52 رافض. كما شهد النقاش حول الفصل 109 تشنجا بين النواب حيث أعتبر نواب المعارضة أنه من غير الضروري تقديم مقترحات في فصل حظي بالتوافق.