من المنتظر أن يكون ملف التهدئة الاجتماعية أحد المواضيع الحارقة على مكتب رئيس الحكومة مهدي جمعة. وفي هذا الإطار كان حسين العباسي واضحا لما أعلن أن التهدئة الاجتماعية لا يمكن أن تتم بجرة قلم وإنما تحتاج إلى تفاوض وحديث عن إجراءات عديدة لفائدة الأجراء خاصة أصحاب الأجر المحدود والذين عصفت بهم رياح الأسعار المرتفعة. كما أكد الأمين العام المساعد لاتحاد الشغل حفيظ حفيظ في تصريح صحفي أن الاتحاد سيطالب حكومة مهدي جمعة بفتح باب المفاوضات الاجتماعية المؤجلة منذ 2013 وبالالتزام بتنفيذ ما تم توقيعه من اتفاقيات مع حكومة علي العريض السابقة وهنا يكمن الإشكال حيث أن حكومة العريض تركت لحكومة جمعة عدة ملفات ثقيلة حيث من المنتظر أن ينفذ أعوان المالية بداية من 10فيفري الجاري إضرابا بخمسة أيام كاملة سيشل القباضات وكل مصالح وزارة المالية وقد يتسبب في تأخير صرف أجور أعوان الدولة والوظيفة العمومية.كما ورثت الحكومة الجديدة ملف كليات الطب في الجهات الداخلية حيث ستشهد مدنين يوم 10 فيفري الجاري إضرابا عاما وستشهد صفاقس كذلك إضرابا عاما يوم 20 من نفس الشهر احتجاجا على ضرب الحق النقابي ومحاكمة عدد من النقابيين .في نفس الوقت توجد موجة من الاحتقان في جهات مثل القصرين وقفصة كما من المنتظر أن تتحرك مجموعة من القطاعات للمطالبة بتطبيق اتفاقيات ممضاة مع حكومة علي العريض ولم تنفّذ لحد الآن وهو ملف حارق ويتمسك النقابيون بتحقيقه لأنه يتضمن اتفاقيات سابقة لم يقع احترامها . من ناحية أخرى طالبت الهيئة الإدارية الوطنية لاتحاد الشغل بفتح مفاوضات اجتماعية جديدة باعتبار الارتفاع الجنوني للأسعار والذي اثّر على المقدرة الشرائية للأجراء والطبقات الضعيفة ومتوسطة الدخل. وكان الامين العام حسين العباسي قالها بوضوح إنه لا يمكن الحديث عن تهدئة اجتماعية دون تطبيق الاتفاقيات السابقة ودون الترفيع في «السميغ» ودون تحسين وضعية أصحاب الأجور الضعيفة ودون فتح حوار حقيقي . في نفس الوقت عادت النقابات داخل الاتحاد العام التونسي للشغل للمطالبة بالاهتمام بالملفات الاجتماعية لا سيما بعد نجاح الاتحاد في قيادة حوار وطني أدى إلى نتائج جيدة وأعاد الاستقرار للبلاد وارتفعت معه المؤشرات الاقتصادية ويشترط اتحاد الشغل أن ترتبط التهدئة الاجتماعية بشروط عديدة أهمها أن تكون متلازمة بتهدئة في ارتفاع الأسعار عبر إيقاف موجة الترفيع في أسعار المواد الاستهلاكية وانتهاج سياسة المراقبة الصارمة على مسالك التوزيع ومراقبة الحدود ومنع التهريب والتجارة الموازية وتسليط عقوبات صارمة على المخالفين . كما ينتظر حكومة جمعة ملف عودة «الكاباس» في التعليم الثانوي وهو ملف رفضته نقابات التعليم جمعاء كما سيكون ملف التعيينات وخاصة ملف العفو التشريعي العام محور نقاش داخل ملف التهدئة. وتحتاج هذه المعادلة حوارا رصينا ومتواصلا بين الحكومة واتحاد الشغل الذي لا يطلب سوى تقديم الحقيقة إلى الشعب التونسي حول الوضع الاقتصادي وعدم اثقال كاهل المواطن بموجة جديدة من الغلاء وإيقاف تهريب السلع التونسية نحو الخارج والزام الوزارات بتنفيذ تعهداتها. ويبدو أن مهدي جمعة سيجد ملفات اجتماعية كثيرة تركتها حكومة العريض من بينها أيضاً ملف الحضائر والآليات وعمال البيئة والفسفاط وتوزيع الدعم.كلها ملفات مرتبطة بالتهدئة الاجتماعية التي ستكون مفتاح بقية الحلول للمسائل الاقتصادية والاجتماعية ومقياسا لنجاح أو فشل الحكومة الحالية. من ناحية أخرى لا بد من الإشارة الى أن الإضرابات قد شهدت في الأشهر الاخيرة تراجعا ملحوظا وهو مؤشر لإمكانية البحث عن حل توافقي مع جمعة الذي ولئن لم يشر إلى اتحاد الشغل في كلمته الأولى فإنه أكد أنه سيدعم مأسسة الحوار الاجتماعي وكذلك تطبيق العقد الاجتماعي وهي رسائل واضحة من جمعة لقيادة اتحاد الشغل لدعم مناخ الحوار والتشاور.