مثلت حادثة اكتشاف خلية كمال القضقاضي في «رواد» وخلية «الصومالي» في «حي النسيم» بأريانة منعرجا جديدا في الحرب على الارهاب خاصة بعد أن كانت هذه العناصر ولفترة زمنية قريبة مختبئة بسلسلة جبال «الشعانبي» وبالتلال الجبلية المجاورة له. ولئن دلّ ذلك على شيء فإنما يدل على تغيير تكتيك الجماعات الارهابية أو ربما مرورها من مرحلة التدرب والتخفّي في الجبال والمخابئ الى مرحلة جديدة وهي النشاط في المدن بسبب كثرة الاهداف وقربها وتوفر الوسائل «اللوجستية» وتنوعها وكثرة عدد السكان وامتداد الاحياء السكنية وما قد يوفره ذلك من غطاء لنشاطها. ووفق مصادر امنية مطلعة فان عناصر الخلايا الارهابية بدأت في تغيير تكتيكها بعد فشلها في ايجاد اماكن آمنة تؤويها داخل الجبال والمناطق الحدودية الغربية. ووفق مصادرنا فان كثافة التواجد الامني وقساوة الطبيعة وصعوبة استهداف النقاط الامنية والعسكرية وتجند سكان المناطق الحدودية ووقوفهم إلى جانب وحدات الامن والجيش لمقاومة الارهاب عجّلت على ما يبدو برحيل عدد من العناصر الارهابية للاندساس في المدن البعيدة وخاصة في العاصمة وهو ما تفطنت اليه وحداتنا الامنية. ودائما وفق ذات المصادر فان كثافة عدد السكان داخل الحاضرة والحركية الاقتصادية والتجارية بها قد يشتت تركيز الوحدات الامنية ويجعل التفطن الى شخص مفتش عنه من مجموع مئات الالاف من المارة امرا صعبا لذلك اصبحت العاصمة وخاصة أحياؤها الشعبية اكثر امانا للارهابيين مقارنة بأماكن اختبائهم بالجبال.. ووفق اعترافات احد الارهابيين الموقوفين في حادثة حي النسيم باريانة فان خروج الارهابيين وتسللهم من جبل الشعانبي كان على دفعات وفي شكل مجموعات صغيرة لا يتعدى عدد كل واحدة ثلاثة اشخاص.. كما ذهبت جهات امنية الى اعتبار بداية هروب العناصر الارهابية من الجبال في اتجاه المدينة رغم يقينها بانها محل بحث وتفتيش مرورا الى مرحلة اخرى وجديدة من النشاط وهو استهداف نقاط معينة داخل المدن مؤكدة ان مغادرة هذه العناصر لمخابئها في هذا الوقت ليس للاسباب السابقة التي وقع ذكرها وان ذلك إنّما يدخل في اطارتنفيذ واستكمال مختلف مراحل مخططات الارهابيين.. وللتوقي من خطر بقية المجموعات التي قد تكون تسللت إلى نقاط متعددة من العاصمة وعدد من المدن الاخرى، ضبطت مختلف الجهات الامنية خططا امنية موجهة تهدف الى تأمين المنشآت والمقرات التي يمكن ان تكون اهدافا محتملة لأعمال ارهابية مستقبلية كما كثفت من نشاطها الاستعلاماتي لاصطياد المزيد من الخلايا الارهابية والايقاع بعناصرها.. أكثر من 400 عنصر ارهابي مطلوبون حالاّ للعدالة... وفي هذا الاطار علمت «التونسية» من مصادر مطلعة ان الاعترافات الاخيرة لعدد من الارهابيين الذين تم ايقافهم بالعاصمة وبجهة القصرين وبالنظر الى قاعدة البيانات التي اعدتها وزارات الداخلية والدفاع والعدل من قبل فإن مختلف الأعمال الاستقرائية والابحاث القضائية والمعلومات الاستخباراتية أفضت الى ضبط قائمة تضم اكثر من 400 عنصر ارهابي خطير ادرجت اسماؤهم ضمن قائمة الاشخاص المطلوبين فورا للعدالة على خلفية تهم تتعلق بالإرهاب..