في اطار متابعتها للحرب المستمرة على الارهاب تواصل «التونسية» إفراد قرّائها بآخر المعطيات المتعلقة بالنجاحات الأمنية والعسكرية في مطاردة فلول الإرهابيين. وفي هذا العدد نتعرف على حجم الخطر الكبير الذي كان يحدق بأمن وطننا بعدما شرع كل من القضقاضي واتباعه في تركيز «جند المدينة» وهي عبارة عن فرق وكتائب أمنية موازية تشتغل في السرّ تضم عددا من المتشددين وتتحرك لزعزعة الامن على غرار كتيبة «جند التوحيد» التي تم ايقاف البعض من عناصرها بحي النسيم بأريانة منذ أيام. كما نتعرف كذلك الى ما تم تناقله من أخبار عن عدول «أبي عياض» الذي صدرت فيه برقية تفتيش دولية عن قرار عودته متخفيا الى تونس عقب فشل خطته الدموية لقلب الحكم وتأسيس امارة اسلامية بها. كما ننقل ما تناولته مؤخرا عدة مصادر موثوقة من اخبار عن تنامي حجم الخلافات بين قيادات «كتيبة عقبة ابن نافع» المتمركزة بجبل «الشعانبي» بناء على ما أورده الإرهابيون الموقوفون بتونس والجزائر ممن كانوا في الجبل من اعترافات مهمة... هكذا اجهضت وحدات الامن مخطط الارهابيين لإنشاء كتائب «جند المدينة» بالعاصمة يبدو ان اتخاذ قرار ارسال «كمال القضقاضي» مجددا الى العاصمة وهو الذي خبر شوارعها واحياءها كان بهدف تكوين وتنظيم كتائب «جند الاسلام بالمدينة» عبر توزيع المهام والمسؤوليات داخل الجناح العسكري لتنظيم «أنصار الشريعة» المحظور. فإمكانية تكليف القضقاضي من قبل «أبي عياض» بهذه المهمة واردة جدا خاصة في ظل ما اكدته الابحاث الاولية مع الارهابيين الموقوفين من حقائق دامغة تؤكد رغبة قادة التنظيم في مزيد تطوير عملهم الامني بالعاصمة عبر تركيز فرق أمنية موازية على شاكلة الفرق الأمنية النظامية وتزويدها بالاسلحة اللازمة لخدمة أهدافها الدموية الدنيئة والمتمثلة خاصة في استهداف عدد من الشخصيات الوطنية وقلب النظام.. ووفق مصدر امني نقابي فإن عدد الخلايا الارهابية النائمة في العاصمة يتجاوز ال 400 خلية وهي كلها مشاريع كتائب وفرق أمنية موازية كان القضقاضي وجماعته يسعون لتسليحها وتعزيز عناصرها بعدد جديد من المجنّدين. واثر انفضاح امر القضقاضي وسقوطه قتيلا بين ايدي وحداتنا الامنية بعدما رفض الاستسلام، تنكب حاليا مختلف الوحدات على كشف اماكن تخزين الاسلحة وتحديد اماكن التدريب واقامة العناصر الارهابية المفتش عنهم لإجهاض مخططهم نهائيا ودرء خطر الارهاب الى الأبد.. «أبو عياض» كان ينوي العودة الى تونس ولكن... وفق مصادر اعلامية جزائرية فإن اجهزة الاستخبارات المحلية هناك تلقت خلال الفترة الماضية معلومات استعلاماتية على قدر كبير من الدقة تفيد بإمكانية عودة «أبي عياض» الى تونس من خلال التسلل عبر التراب الجزائري من جهة «الشعانبي». وذكرت ذات المصادر ان المصالح الامنية هناك كشفت مؤخرا مخطط هروب «أبي عياض» الى ليبيا عبر التراب الجزائري وان امكانية عودته باعتماد نفس الاسلوب غير واردة. واضافت نفس المصادر ان «أبي عياض» كان، على ما يبدو، يرنو الى العودة وإدارة المعركة صحبة كل من اتّبعه من فلول الارهاب من على ارض تونس، ولكن فشل مخطط اتباعه بتركيز كتائب مسلحة وفرق امنية موازية ونجاح وحدات الامن في كشف هذه المؤامرة والاطاحة بأبرز قادة خلايا الارهاب قوض احلامه في تأسيس امارة اسلامية في المستقبل القريب.. ورغم زوال الاسباب الرئيسية لعودة «أبي عياض» الى تونس في ظل فشل مخططه لأثارة الفوضى والبلبلة بالبلاد فإن السلطات الامنية الجزائرية استنفرت كامل قواها الاستخباراتية للقبض عليه اذا حاول مجددا العودة الى تونس عبر اراضيها. وهي فرضية لم تستبعدها هذه المصالح الامنية المختصة وخاصة بعد ورود معلومات استخباراتية تفيد بتوتر العلاقة بين القادة التونسيين والجزائريين في كتيبة «عقبة ابن نافع» بسلسلة جبل «الشعانبي» مما حدا بهؤلاء القادة الى الاحتكام في اكثر من مرة الى «ابي عياض» وهناك من طلب حضوره شخصيا لاعادة توزيع المسؤوليات بعد الأخبار التي راجت عن مقتل اثنين من القيادات نتيجة القصف المتواصل لأوكار الارهابيين في الشعانبي. ولئن لم يتسن بعد التأكد من مقتل هذين القياديين من طرف الاجهزة الامنية والعسكرية الرسمية التونسية نتيجة عدم تمكن مختلف القوات حتى الآن من التوغل في اعماق «الشعانبي» فإن الارهابيين الموقوفين ممن كانوا على سفح الجبل أكدوا مقتل عدد من الارهابيين نتيجة القصف العنيف الذي تشنه وحدات الجيش الوطني على مخابئهم منذ انطلاق العمليات المسلحة هناك. كما أكد عدد آخرمن الارهابيين ممن تم ايقافهم بالجزائر وكانوا على اتصال مباشر بعناصر «كتيبة عقبة ابن نافع» بجبل «الشعانبي» على تعمق هوة الخلافات بين قادة هذه الكتيبة ممّا قد يعجل بنهايتها خاصة اذا جنح قادتها الى تصفية بعضهم بعضا وتأخرت زيارة «أبي عياض»... وفي ظل هذه المعطيات يرى بعض المتتبعين لهذا الشأن ان مغادرة كمال القضقاضي لجبل الشعانبي جاءت للتخفيف من حجم ازمة الزعامة وليقع تثمين مهاراته ومعرفته بخبايا العاصمة لتنظيم «جند المدينة» وبعد انتهاء مهمته كذلك في تدريب المجنّدين بجبل «الشعانبي» والمناطق المجاورة له.. في طريقه الى العاصمة، هل مرّ القضقاضي بسلسلة جبال «ورغى» بالكاف؟ رغم خلو ابحاث الارهابيين الموقوفين من معطيات مؤكدة بخصوص هذه المسألة فإن امكانية مرور القضقاضي بسلسلة جبال «ورغى» واتصاله بهذه المجموعة واردة جدا نظرا لعمق العلاقة بينها وبين كتيبة «عقبة ابن نافع» باعتبارها امتداد لها، فمجاليا سلسلة جبال «ورغى» بالكاف قريبة جدا من السلاسل الجبلية المؤدية الى سلسلة جبل «الشعانبي» والمرور بها في اتجاه جندوبة ثم العاصمة وارد جدا. ولعوامل لوجستية وفي اطار التنسيق بين المجموعتين الارهابيتين فإن التواصل المباشر بين قادة مثل هذه الخلايا له قيمة في عرف الجماعات المسلحة. وفي هذا الاطار يمكن ان نسترجع ما شاع من اخبار مباشرة عقب اغتيال الشهيد شكري بلعيد مفادها هروب كمال القضقاضي من العاصمة الى وادي مليز بجندوبة ثم الى جبل «الشعانبي» بالقصرين عبر سلسلة جبال «ورغى» بالكاف وما تبع هذه المعلومات من عمليات تمشيط امنية وعسكرية مكثفة كانت هي الاولى من نوعها بسلسلة جبال «ورغى»... فهل سلك القضقاضي عند عودته الى العاصمة نفس طريق الذهاب؟