نظّمت اليوم المنظّمة العربية لحقوق الإنسان والمعهد العربي لحقوق الإنسان بالتعاون مع صندوق الأممالمتحدة الانمائي ندوة فكرية حول «التمكين القانوني للفقراء» بمشاركة خبراء في مجال حقوق الإنسان ونشطاء منظمات حقوق الإنسان من موريتانيا والمغرب والجزائر وليبيا ومصر وتونس. وبحثت هذه الندوة في «دعم حقوق الفقراء من خلال تمكينهم من اللجوء إلى القانون للحصول على حقوقهم والارتقاء بمصالحهم». واقترح المولدي الجندوبي الأمين العام المساعد لاتحاد الشغل إطلاق حوار مجتمعي لتحديد العقبات التي تحول دون النفاذ الى المنظومة القانونية وذلك بارساء مقاربة متكاملة تكفل التمكين القانوني لفائدة الفقراء عبر اصلاح النظام القضائي بكل مكوناته لضمان تكافؤ الفرص بين جميع المواطنين وخاصة الفئات المحرومة للنفاذ الى المنظومة القانونية بأقل التكاليف والعقبات داعيا الى تدعيم وحماية الحق النقابي الذي يبقى منطلقا اساسيا للدفاع على حقوق العمال المدنية والاجتماعية الى جانب تقديم الضمانات لايصال أصوات المحرومين والطبقات الضعيفة وضمان حقهم في التوزيع العادل للثروة والتنمية الجهوية والعيش الكريم وكذلك في التمتع بالخدمات الاساسية للتعليم والصحة اضافة الى ارساء الاسس القانونية الكفيلة بمساءلة صنّاع القرار وبالحد من الفساد والتجاوزات. واعتبر الجندوبي أن من شأن ضمان النفاذ الى المعلومة الاقتصادية وخاصة في ما يتعلق منها بفرص التشغيل ارساء المناخ الملائم لتسهيل التمكين القانوني للفقراء وحماية حقوق المواطنين مشيرا ان الاحصائيات الرسمية تبرز أن 1.7 مليون تونسي (حوالي 15.5 بالمائة) يعيشون تحت خط الفقر وأن عديد الدراسات بيّنت أن حوالي 75 بالمئة من الفقراء يعيشون في المناطق الداخلية والارياف ويفتقدون غالبا لمقومات العيش الكريم وللخدمات الاساسية (سكن لائق، ماء، كهرباء). وأشار الجندوبي إلى ان الاتحاد العام التونسي للشغل لم ولن يقبل تواصل منظومة توريث الفقر في تونس مبرزا ان عديد الدراسات الحديثة بينت أن أبناء العائلات الفقيرة والمناطق المهمشة هم الاكثر عرضة للاصابة بالامراض والاخفاق المدرسي والمهني اضافة الى ضعف نتائجهم في المناظرات الوطنية مما يقلل من فرص عثورهم على العمل الذي يقيهم الحاجة ويخرجهم من دوامة الفقر الموروث. في المقابل، أكد عبد الباسط بن حسن رئيس المعهد العربي لحقوق الانسان أن الفقر نتاج لسياسات اقتصادية خاطئة تقوم على تهميش فئات معينة مشيرا الى ان معالجته تقوم على تمكين هذه الفئات وابلاغ صوتها ومشاكلها واخراجها من دائرة الصمت لتساهم في رسم السياسات الاجتماعية والاقتصادية داعيا النقابات ومنظمات المجتمع المدني والمنظمات الحقوقية الى ان يكون لها دور مهم في توعية الفقراء والفئات المهمشة بحقوقها. واعتبر بن حسن أنّ التطورات الحاليّة في المنطقة العربية توفّر فرصا كبيرة للمجتمع المدني للدفاع عن الحقوق الاقتصادية والاجتماعية رغم التحديات التي تفرضها مصالح سياسية. واعتبر التفقير والفقر نتاج سياسات عقيمة وغير عادلة ونتاج تضارب مصالح وليس قضاء وقدرا. وأكّد على ضرورة ايجاد لغة خطاب جديدة وتمكين الفقراء من أدوات التأثير في وضع التشريعات والسياسات وتنمية قدراتهم للمطالبة بتحقيق الكرامة. من جهته، أوضح علاء شلبي رئيس المعهد العربي لحقوق الإنسان أن التمكين القانوني للفقراء يقوم على قاعدة ان القانون يجب ان يعمل في خدمة الجميع وألاّ يعمل في ظل انحياز موجود فيه يؤدي الى التلاعب بحقوق الفقراء. وبيّن شلبي أن الاخفاقات الاقتصادية والاجتماعية كانت وراء الثورات العربية ومع ذلك لم تقع أية اصلاحات جوهرية في السياسات التنموية المتبعة بل إنها مازالت تنتج الفقر، ولذلك كانت مقاربة «التمكين القانوني للفقراء». كما أكّد «بأننا نواجه في وطننا العربي تحديين رئيسيين، أولهما غياب التوازن في البنية القانونية السائدة والتي تتسم بالانحياز على نحو يجعل إصلاح القانون هدفاً ضرورياً، وثانيهما نمط التنمية الذي ما يزال سائداً في أغلب بلدان المنطقة والذي يشكل بدوره إعاقة لحقوق الفقراء».