أكّد أمس العميد مختار بن نصر أنّ ضعف الدولة وعدم الإشعار وغياب سلطة القانون بعد الثورة ساهمت بشكل كبير في تفشي ظاهرتي الإرهاب والتهريب مبيّنا أنّ التهريب بات ينمّي الإرهاب ويدعمه وأنّ الإرهاب ظلّ ينتج تهريبا ويدعمه لأنّه يستمدّ منه قوّته واستمرار جرائمه موضّحا انّ هاتين الظاهرتين تولّدتا عن أسباب متشابهة أهمّها ضعف الدولة والسلطة وتنامي الفساد وتفشّيه إضافة إلى أسباب سياسيّة واقتصادية واجتماعية وعقائديّة. وأضاف بن نصر في ندوة نظّمتها جمعية قدماء الجيش تمحورت حول الإرهاب والتهريب أنّ التهديد الإرهابي في تونس ليس وليد اليوم وأنّ بلادنا شهدت أربع موجات من الأعمال الإرهابية المتفرّقة منذ الإستقلال مبيّنا أنّها لم تكن محلّ إهتمام كما فعلت الموجة الأخيرة التي يعيش الجميع على وقع تفاعلاتها في إشارة إلى أحداث الشعانبي والاغتيالات السياسية والتي أرجعها إلى بروز التيار السلفي في بلادنا مؤكّدا أنّ هذا الأخير شرع في تجميع أنصاره من مختلف التيارات سواء كانت جهادية أو إصلاحية بعد ان مكّنت حكومة الجبالي عديد الجمعيات السلفية من الرخص القانونية للعمل واعترفت بثلاثة أحزاب سلفية إضافة إلى عدد من الجمعيات الوعظيّة والخيرية التي كانت تخفي توجّهها موضّحا انّه في خضمّ ذلك برز تيار «أنصار الشريعة» الذي ظلّ يعمل في إطار وضعية المسموح به لا وضعيّة المعترف به قانونيا وتمكّن من القيام بعديد الأنشطة أهمها الخيمات الدعوية التي رجّح أنها استعملت في بيع السلاح وتهريبه. 9 مليارات و228 ألف دينار قيمة السلع المهرّبة أمّا عن التهريب فقد أشار بن نصر إلى أنّ هذه الظاهرة كانت في السابق تعتمد لتسكين آلام المناطق المفقّرة والمهمّشة وأنّ الأمر استفحل بعد الثورة وخرج عن السيطرة عندما تجرّأ المهرّبون على الإتجار بالمخدّرات والأسلحة وجعلها محاور لنشاطاتهم متطرّقا إلى ما تمّ حجزه من أسلحة إثر عمليات مداهمة أهمها مخزني الأسلحة بمدنين والمنيهلة. و أكّد بن نصر أنّ العلاقة بين الإرهابي والمهرّب باتت متينة وأنّ المهرّب يضمن استمرار الإمدادات اللوجستية بأنواعها انطلاقا من الغذاء والدواء واللباس إلى السلاح والذّخيرة ووسائل الاتصال في حين أن الإرهابي وحفاظا على مزوده وسعيا لاستمراره بالمنطقة أصبح يسعى لتأمين المهرّب وتمكينه من أموال طائلة موضّحا انه في سنة 2013تمّ حجز ما قيمته 9 مليارات و228 ألف دينار من السلع المهرّبة موكّدا أنّ عددا كبيرا من زعماء «القاعدة» على غرار مختار بلمختار وآخرين من التيار الجهادي كانوا وراء أكبر عمليات التهريب في الصحراء. دعم القدرات العسكرية والأمنية من جانبه بيّن اللواء محمّد المؤدّب في مقاربته الأمنية أنّ عديد نقاط الالتقاء تجمع بين الإرهاب والتجارة الموازية المتأتية من التهريب منها خاصّة تقاطع مصالح الجهات الفاعلة في كليهما حيث تنشط المجموعات الإرهابية في المناطق الحدودية وتعتمد نفس الأساليب والتقنيات وتتعاون في تمويل أنشطتها وتبييض الأموال وتتم مقاومتها من طرف نفس الأجهزة الأمنية التي قال إنها تستعمل هي الأخرى نفس الوسائل والتجهيزات الشيء الذي يدعو إلى المراجعة وبحث الحلول وتغيير الإستراتيجية الامنية وتحمّل المسؤولية من قبل جهة وحيدة. و دعا المؤدّب إلى ضرورة السيطرة على الحدود خاصة منها الجنوبية الشرقية وبعث منطقة عمليات عسكرية بالمنطقة الحدودية الواقعة بين مركز «ذهيبة» جنوبا والبحر شمالا مرورا برأس جدير تتولى مراقبة الحركة داخل المنطقة وتتصدى لكلّ الأنشطة غير المشروعة من تهريب وتسلّلات عبر الحدود في الاتجاهين. كما اكّد على ضرورة إقامة حواجز على طول الحدود كالخنادق لتعطيل السيارات ودعم القدرات الوطنية في مجال الاستعلامات ببعث هيكل وطني وتطوير قدرات الكشف والاستطلاع الجوي وتشريك المواطن في المجهود الإستعلامي. كما شدّد المؤدّب على ضرورة دعم القدرات العسكرية الأمنية ومراجعة المنظومة الدفاعية خاصة منها تفعيل منظومة الخدمة الوطنية والحسّ الوطني. «المال قوّام الإرهاب» من جهته قال محمّد الهدار إن المال هو أساس العلاقة بين الإرهاب والتهريب (المال قوّام الإرهاب) مؤكّدا أنه ثبت إثر دراسة قام بها أنّ قيمة البضائع المهربّة عبر بن قردان والقصرين في إطار التجارة الموازية بلغت عام 2013 مليارا وأنّ ما بين 250 و300 عون يعملون في صرف العملة الصعبة على مرأى ومسمع من السلطات وانّ ما قيمته 120مليارا من المحروقات تهرّب من وإلى البلدان المجاورة مؤكّدا أنّ هذه المسألة كانت لها تأثيرات وخيمة على اقتصاد البلاد وعلى مداخيل الدولة داعيا إلى ضرورة بعث منطقة اقتصادية عالمية بين بن قردان وليبيا والقصرين والجزائر إضافة إلى تكوين شراكة حقيقية مع الجزائر وتقنين مسألة صرف العملة الصعبة ومتابعتها من قبل البنك المركزي. ليلى بن إبراهيم