هذه وضعية أحياء «المنار2» والرمّانة والمنزه 8 والمرسى «نناضل» من أجل إنجاز المساكن الاجتماعية لولا شركات البعث العقاري لتضاعفت أسعار المساكن حاورته: إيمان الحامدي قال السيد منجي الشاهر الرئيس المدير العام لشركة النهوض بالمساكن الإجتماعية (سبرولس) في حوار خصّ به «التونسية» أن شركات البعث العقاري العمومية «تناضل» من أجل المحافظة على مهمتها الاجتماعية في بعث المساكن الإجتماعية والاقتصادية مؤكدا على ضرورة الإسراع في مراجعة القوانين و أدوات التهيئة والسيطرة على العقار مع إضفاء ليونة أكثر على التراتيب العمرانية لتحسين مردودية الأراضي . وأعتبر الشاهر أن شركات البعث العقاري العمومي لعبت ومازالت تعلب دورا هاما في كبح جماح أسعار العقارات خاصة في تونس الكبرى مشيرا إلى أن غلاء المساكن يعود أساسا إلى تأثير ارتفاع أسعار المحروقات على أسعار المكونات الأساسية للبناء وندرة اليد العاملة وفي ما يلي نص الحوار. أمام الارتفاع المطّرد لأسعار المساكن خاصة في السنوات الأخيرة هل ما زال يجوز الحديث أصلا عن مفهوم المسكن الاجتماعي أو عن «النهوض بالمساكن الإجتماعية» مفهوم المسكن الاجتماعي متطور مع تطور المعطيات الإجتماعية والإقتصادية وشركة النهوض بالمساكن الإجتماعية التي بعثت بمقتضى القانون عدد 53 لسنة 1977 المؤرخ في 3 أوت 1977 ووقع تنقيحه بالقانون عدد 78 لسنة 1993 ظلت منذ إحداثها إلى حدود ديسمبر 2010 تحت إشراف وزارة الشؤون الإجتماعية وقد أنجزت منذ إحداثها إلى حد الآن ما يقارب عن 26 ألف مسكن اجتماعي واقتصادي في إطار البعث العقاري والتصرف في المساكن الممولة من قبل الصناديق وهو ما يؤكد محافظتها على الصبغة الإجتماعية في نشاطها . أما في ما يتعلّق بارتفاع أسعار المساكن عموما وتحديدا الاجتماعية أو الموجهة للفئات الضعيفة والمتوسطة فهذا راجع إلى عدّة عوامل منها الخارجية وتتمثل أساسا في تداعيات ارتفاع أسعار المحروقات على جميع مكونات البناء وانخفاض قيمة العُملة المحلية مقارنة بالعملة الأجنبية والتفويت في العقارات للأجانب ومنها المرتبطة بندرة الأراضي الصالحة للبناء خاصة في تونس الكبرى والمدن الساحلية وارتفاع سعر مواد البناء خاصة الحديد والإسمنت وكذلك ارتفاع أسعار اليد العاملة وانخفاض الإنتاجية. كما أن هناك عوامل أخرى تتعلق بالإجراءات والقوانين المنظمة لقطاع البناء والبعث العقاري سواء الإدارية منها أو الجبائية . نعلم أن مؤسسات البعث العقاري العمومي بعثت أساسا من أجل تعديل سوق العقارات وكبح جماح الأسعار ولكن الملاحظ اليوم أن هذه المؤسسات «سبرولس» و«السنيت» تسوّق مساكن ب400 ألف دينار وهو ما يجعلنا نتساءل عن الفرق بينها كباعث عقاري عمومي «ذي صبغة اجتماعية» والباعث العقاري الخاص؟ أود أن أؤكد في هذه النقطة بالذات على أنه لو لم يلعب الباعث العقاري العمومي دوره في تعديل سوق العقارات لتضاعفت خلال السنوات الأخيرة. أما في ما يتعلّق بتسويق مساكن ب400 ألف دينار فيجب التأكيد على أن مؤسسات البعث العقاري العمومية مطالبة بالمحافظة على توازناتها المالية وديمومتها كمرفق عمومي لذا هي تحتاج إلى تنويع المنتوجات التي تقدمها لأن هامش الربح في المساكن الإجتماعية شبه منعدم إذا لم نقل أننا ننجزها بخسارة مالية وعليه فإن «سبرولس» مدعوّة إلى تشييد مساكن من النوع الرفيع التي يكون هامش الربح فيها أكبر من أجل تغطية تكاليف إنجاز المساكن الإجتماعية . قلت إن «سبرولس» لا تحقق أرباحا في المساكن الإجتماعية إذا لم نقل خاسرة فهل يعني هذا أن الشركة قد تراجع يوما سياستها وتتخلى عن إحداث المشاريع السكنية من هذا الصنف؟ «سبرولس» لن تتخلى عن دورها الإجتماعي. نعم نحن نخسر في إنجاز المشاريع الإجتماعية ولكن يجب أن يتم إيجاد الحلول لتسهيل عمل مؤسسات البعث العقاري العمومية على غرار مراجعة أدوات التهيئة وأدوات السيطرة على العقار وإضفاء ليونة أكثر على التراتيب العمرانية لتحسين مردودية الأراضي و خاصة المعدّة للمساكن الاجتماعية هذا إلى جانب تكثيف الأنسجة العمرانية واعتماد مختلف أنماط البناءات الجماعية وشبه الجماعية مع توفير آليات اقتناء أراض للباعثين العقاريين العموميين كإعطائهم الأولوية في الحصول على الأراضي التابعة للدولة أو من الوكالة العقارية للسكنى لإنجاز المشاريع السكنية الجماعية مع مراجعة نوعية أشغال التهيئة المطلوبة ومراجعة جدول المرافق وتفادي المبالغة بالمطالبة بالتجهيزات . وأمام انقراض المخزون العقاري وندرة الأراضي العقارية وارتفاع أسعار الأراضي الخام المعروضة للبيع من قبل الخواص أصبح ضروريا إيجاد توازن بين العرض والطلب وإمكانية دراسة توسع مدن عقارية جديدة حذو المدن الكبرى . تعرّضت «سبرولس» بعد الثورة لصعوبات كثيرة أثرت على توازناتها المالية بسبب استيلاء غرباء على عدد من المساكن التابعة لها فهل تمكنتم من إسترجاعها؟ وما هي وضعية المؤسسة المالية حاليا ؟ فعلا تعرضت شركة النهوض بالمساكن الإجتماعية لصعوبات حقيقية بعد الثورة أثرت على توازناتها المالية وعلى إيفائها بالتزاماتها تجاه حرفائها وذلك بسبب استيلاء غرباء على غير وجه حق على مشروع سكني بمنطقة دوّار هيشر متكون من 88 مسكنا و49 مسكنا ب «الفرينة» من ولاية المنستير ولم تتمكن الشركة إلى حدّ الآن من إخراجهم رغم الأحكام الصادرة لفائدة الشركة كما تعرض مشروع سيدي داود إلى مشكل عقاري بسبب انتصاب كوخ بصفة فوضوية على مستوى الطريق المبرمج إنجازها بالمشروع حيث لم تتمكن الشركة من تنفيذ الحكم الصادر لفائدتها ضد المعني بالأمر وهو ما أدى إلى حصولها على محضر تطابق جزئي للمشروع من بلدية المرسى وحال دون تمكنها إلى حد اليوم من تسويق 15 شقة تقدّر قيمتها ب5 ملايين دينار على الرغم من حصول «سبرولس» على حكم بات لفائدتها وهذا ما انجرّ عنه تعرض الشركة لمصاريف إضافية هي في غنى عنها علاوة على تدهور حالة المباني لعدم الاستعمال وتراكم الفوائض البنكية وأنتهز هذه الفرصة لأهيب بكل لأطراف من سلط أمنية وجهوية لمساعدة المؤسسة على استرجاع مساكنها المستولى عليها أو المعطلة تكريسا لدولة القانون والمؤسسات . قام متساكنو مساكن ال»سبرولس» المسوغة في إطار عقود «كراء- شراء» بالعديد من الاحتجاجات مطالبين بتمليكهم لهذه المساكن على غرار المشاريع الأخرى فأين وصل هذا الملف؟ وجب التذكير أن المالك الحقيقي لهذه المساكن هي الصناديق الإجتماعية وليس» سبرولوس» وإنما تقوم الشركة بالتصرف فيها في إطار نشاطها الذي حدده القانون والمتمثل في الإعداد والتصرف في المساكن التي تموّلها الصناديق الإجتماعية. وتشمل هذه الوضعية حاليا 827 مسكنا في أربعة أحياء هي المنار 2 والمنزه الثامن وحي الرمانة والمرسى. وقد طالب المتسوغون بتسوية الوضعيات وتمليكهم بهذه المساكن غير أن هذا القرار يعود أساسا إلى سلطة الإشراف التي ستحدد صيغة التفويت فيها سواء لمتسوغيها أو لغيرهم . وقد أثارت هذه المساكن العديد من الإشكالات خاصة بعد الثورة نتيجة رفض المتسوغين خلاص معاليم الكراء وما تخلد بذمتهم من دين والمطالبة بالتمليك بالشراء و برفع الاستثناء من التفويت وهو ما جعل ديون الكراء المتخلدة بذمة الاحياء الاربعة المذكورة تتجاوز حاليا ال5 مليارات في حين تجاوزت جملة الديون المتخلدة بذمة المنتفعين بالتفويت والمتسوغين 21 مليارا ومرّة أخرى أنتهز هذه الفرصة لتحسيس المنتفعين بالإيفاء بالتزاماتهم قبل اللجوء إلى التقاضي . الملاحظ أيضا أن حالة هذه المساكن أصبحت «مهترئة» في غياب الصيانة فمن يتحمل هذه المسؤولية؟ الأجزاء المشتركة تعود مسؤوليتها إلى نقيب المالكين وهذه الحالة من مشمولات شركة النهوض بالمساكن الاجتماعية إلا ان عدم استخلاص معاليم الكراء والمساهمة في نقابة المتساكنين جعل الشركة تعجز عن القيام بأعمال الصيانة للأجزاء المشتركة باعتبار أن هذه الأخيرة تدير المال العام ولا يمكنها القيام بهذه الأعمال في صورة عدم استخلاص مستحقاتها من المتساكنين . بما أن «سبرولس» تبقى ملاذ الطبقات الضعيفة والمتوسطة فما هي مشاريع الشركة الحالية ؟ لنا حاليا مشاريع بصدد الدارسة تشمل 2088 مسكنا موزعة بين الاقتصادي إجتماعي وإقتصادي وإجتماعي وتشمل ولاية أريانة وتحديدا في برج الطويل وولاية بن عروس بكل من المروج السادس والمغيرة 1 و2 وجندوبة وطبرقة ونابل بكل من قرمبالية والحمامات وبرج السدرية سليمان الرياض. كما لنا أيضا مشاريع بصدد الدراسة في سوسة بمنطقة هرقلة والكافوبنزرت في الرفراف وقابس تحديدا في مطرش . ولنا أيضا مشاريع بصدد الدارسة في إطار البرنامج الخصوصي للسكن الإجتماعي وهي قرابة 692 مسكنا موزعة بين تونس بمدينة عمر المختار السيجومي واريانة بسيدي ثابت ونابل بكل من المرازقة وتاكلسة والقيروان بكل من السبيخة والوسلاتية والقصرين بتالة . أما بالنسبة للمشاريع التي تم استلامها فهي في حدود 495 مسكنا منها 91 مسكنا من صنف الإقتصادي المتطور بسيدي داود و71 مسكنا إقتصاديا جماعيا بالعقبة و50 مسكنا إجتماعيا فرديا قابلا للتوسعة بالسيجومي و 165 مسكنا إقتصاديا جماعيا بالعقبة أيضا و68 مسكنا إقتصاديا نصف جماعي بجندوبة. الشركة لها أيضا 607 مساكن بصدد الانجاز حاليا جلها تقريبا إقتصادي جماعي سوى مشروع واحد إقتصادي فردي بالسيجومي أما بقية المشاريع فهي موزعة على كل من نابل والعقبة وبرج الطويل والمروج السادس وبرج السدرية . وماذا عن برنامج سنة 2014 ؟ المشاريع المزمع انطلاقها خلال العام الجاري تشمل 742 مسكنا منها 46 مسكنا بهرقلة من صنف اقتصادي جماعي و24 مسكنا بجندوبة من الصنف الفردي قابلة للتوسعة و127 مسكنا بالمروج الثالث من الصنف الاقتصادي جماعي و60 مسكنا بمطرش من الصنف الاجتماعي الفردي و86 مسكنا من الصنف الإقتصادي ببرج الطويل و153 مسكنا إقتصادي جماعيا في المروج السادس و81 مسكنا إجتماعيا بالمغيرة و115 مسكنا إقتصاديا جماعيا في نابل و39 مسكنا في برج السدرية و11 مسكنا في رفراف من ولاية بنزرت . أما المشاريع المعروضة للبيع فهي موزعة بين 33 مسكنا من الصنف الإقتصادي جماعي ونصف جماعي بجندوبة بأسعار تتراوح بين 64٫500 ألف دينار و86٫500 ألف دينار و62 مسكنا إقتصاديا نصف جماعي بجندوبة أيضا بأسعار تتراوح بين 71٫500 و75٫000 ألف دينار . إلى جانب مشروع من الصنف إقتصادي جماعي في سوسة يضم 66 مسكنا تتراوح أسعارها بين 71٫350 ألف دينار و90٫100 ألف دينار و229 مسكنا بالعقبة من الصنف الإقتصادي جماعي تتراوح أسعارها بين 90 و116 ألف دينار و100 مسكن إقتصادي فردي في السيجومي تتراوح أسعارها بين 64٫500 و125 ألف دينار و5 مساكن في الكاف من الصنف الإقتصادي فردي سعر الواحد منها في حدود 82٫100 ألف دينار. تم مؤخرا اتخاذ إجراءات جديدة في تمليك الأجانب تتعلق بتقليص آجال اسناد رخصة الوالي إلى 3 أشهر. كباعث عقاري عمومي كيف تقيم هذا الإجراء ؟ هذا الإجراء سيخلق حركية اقتصادية في قطاع حيوي مثل البعث العقاري خاصة ان الاقتصاد الوطني يحتاج إلى هذا الدفع ولكن في الوقت نفسه وجبت حماية السوق وعلى كل حال تمليك الأجانب في تونس لا يشمل تقريبا إلا المساكن الرفيعة ولا يمكن أن يمثل بأي شكل من الأشكال خطرا على الطبقات الضعيفة والمتوسطة المعنية بالسكن الإجتماعي .