بعد الالغام التي خلفت نزيفا من الشهداء والجرحى غيّر الارهابيون المتمركزون في جبال القصرين ليلة اول امس من عملياتهم ونزلوا الى قلب المدينة واستهدفوا منزل عائلة وزير الداخلية السيد لطفي بن جدو رغم تواجده على بعد امتار قليلة من مقر منطقة الحرس الوطني في الجزء السفلي من حي الزهور لا تفصله عن الشارع الرئيسي الا مسافة لا تتجاوز 150 مترا تقريبا وحيث تتواجد عدة مؤسسات عمومية هامة من بينها الدائرة البلدية بالزهور وديوان تنمية الوسط الغربي وديوان الحبوب ومنطقة الامن الوطني ( على بعد حوالي 500 متر ) .. وهو ما يؤكد أن الارهابيين ارادوا من خلال جريمتهم النكراء ان ينتقموا للمجموعة التي ألقي عليها القبض مؤخرا في مدنين لوجود ارتباط مؤكد بينهما . فوشيك ثم رصاص كثيف وحسب روايات شهود عيان من ابناء حي الزهور واجوار عائلة وزير الداخلية فإنهم سمعوا قبل منتصف الليلة الفاصلة بين الثلاثاء والاربعاء بقليل دويّ «فوشيك» في سماء المنطقة اثار في الاول انتباههم لكنهم سرعان ما تجاهلوه رغم انه ازعج النائمين ثم سرعان ما تغيّر الدوي الى طلقات رصاص حي بكثافة كبيرة قرب نهج صغير يفصل بين شارع السلوم حيث توجد منطقة الحرس الوطني والشارع المؤدي الى «عين القائد» اسفل المنحدر الحاد المتجه نحو السكة الحديدية ومقر الدائرة البلدية .. وباقترابهم اتضح ان هناك مجموعة مسلحة بصدد مهاجمة الدورية الامنية المكلفة بحراسة منزل عائلة وزير الداخلية الذي كان فيه كافة أفراد الأسرة. تكبير ومجزرة نفس المصادر اكدت لنا ان لعلعة الرصاص تخللها تكبير بصوت مرتفع للارهابيين المهاجمين وبعد حوالي نصف ساعة من الذعر الشديد توقف الرصاص وشوهد المسلحون يفرون دون المساس بالمدنيين الذين اعترضوا سبيلهم كما انهم لم يحاولوا اقتحام منزل عائلة بن جدو .. واثر هروب الارهابيين او انسحابهم السريع حسب وصف شهود آخرين ووصول تعزيزات أمنية كبيرة اكتشف الجميع أن الهجوم الارهابي أسفر عن مجزرة في حق أعوان الدورية الذين مزقت العديد من الرصاصات اجساد اربعة منهم لم تنفعهم الصدريات الواقية منها وجرح اثنين ونقل الجميع في سيارات الحماية الى المستشفى الجهوي اين تبيّن ان اصابة احد الجريحين بليغة استوجبت اخضاعه لعملية جراحية استعجالية ثم احالته الى مستشفى صفاقس اما الثاني فإن جروحه كانت بسيطة ولم تتجاوز اصابات خفيفة في الوجه واليدين. من هم الشهداء؟ انضم فجر الامس الى قائمة شهداء الوطن الذين سقطوا في الحرب على الارهاب اربعة وهم : الملازم رضا الشابي من جهة القصرين وقد كان يشتغل سابقا ضمن الشرطة البلدية وكان قائد الدورية المكلفة بحراسة المنزل ليلتها. حافظ الامن حاتم العجيلي من ولاية القيروان حافظ الامن علي الغضباني من حي الزهور بالقصرين حافظ الامن نيفر عيادي اصيل جهة القيروان وزير الداخلية على عين المكان وصل فجر أمس وزير الداخلية لطفي بن جدو إلى القصرين على رأس وفد امني رفيع المستوى لمتابعة الوضع وامام آلاف الاهالي الذين تجمهروا في المنطقة الواقعة قرب منزل عائلته للتعبير عن تضامنهم مع الامنيين ومساندتهم لهم في حربهم على الارهاب اخذ مضخم صوت وخاطبهم بكامل التأثر قائلا ان عائلته ولئن لم يصبها والحمد لله أي اذى فإن الامنيين الشهداء والجريحين هم ايضا من عائلته وان التصدي للارهاب يتطلب تضحيات جساما ومجهودا يوميا متواصلا ومؤازرة من جميع مكونات الشعب التونسي ..مشيرا إلى انه لن يأخذ عائلته الى مكان آخر وأنها ستبقى في القصرين لمشاركة اهاليها في مواجهة الارهابيين وأنها ليست افضل من بقية متساكني المدينة. تشييع جنازة الشهيدين الشابي والغضباني في اجواء كبيرة من الحزن والتأثر شيّعت القصرين امس جنازة ابنيها الشهيدين رضا الشابي وعلي الغضباني الى مثواهما الاخير بمشاركة المئات بل والالاف من الاهالي يتقدمهم وزير الداخلية فيما تواصلت الحشود المتجمهرة حول منزل عائلة الوزير الى ساعة متأخرة من نهار أمس في اشارة رمزية الى انها مستعدة لحمايتها من أي مكروه.