بقلم: أبو غسان يتأكد يوما بعد يوم أن معركة تونس مع الإرهاب ستكون معركة صعبة وطويلة وستتطلب الكثير من الوقت والجهد والصبر. فانفجار لغم في جبال «ورغى»، والعملية الأخيرة لقوات الحرس في جبل «فرنانة» وتواصل العمليات العسكرية في جبل « الشعانبي» والجبال المحيطة به. مؤشرات تؤكد أن أعداد عناصر الجماعات الإرهابية المسلحة المتحصنين بالجبال قد يكون أهم مما يعتقد حتى الآن، وان تواجدهم يمتد على مساحة أبعد من جبل الشعانبي والمرتفعات المحيطة به. بل يمكن القول اليوم إن كامل سلسة جبال المنطقة الغربية لتونس من الوسط حتى أقصى الشمال هي ساحة معركة ضد هؤلاء الإرهابيين. هذا الوضع لا يفرض فقط وضع كل الإمكانيات الضرورية والتجهيزات اللازمة تحت تصرف قوات الجيش والأمن في هذه المعركة المصيرية، بل إنه يتطلب التقاء كلمة القوى السياسية الوطنية وفعلها أيضا في مواجهة التهديدات الإرهابية . وكون تونس اليوم في آخر فترة من المرحلة الانتقالية، وكونها أيضا على أبواب انتخابات جديدة لا يمنع أبدا القوى السياسية والفعاليات الاجتماعية والمدنية من القيام بدورها من حيث التوعية والتحسيس للمساهمة في مواجهة هذا الخطر الداهم على بلادنا . إن ما يسوء اليوم أن أخبار انفجار الألغام والقتل وتهريب الأسلحة تحولت شيئا فشيئا إلى أخبار عادية للعديد من التونسيين ولم تعد تحرك الشارع إلا نادرا وبشكل باهت جدا. كذلك ورغم خطورة بعض الأحداث الأخيرة التي عاشتها بلادنا ورغم التطورات التي تعرفها المنطقة العربية والإفريقية خاصة، كالوضع في ليبيا وما يجري أيضا في سوريا والعراق، والتي ستكون لها بالتأكيد تأثيرات على تونس، فإن القوى السياسية لم تحرك ساكنا عدا دعوات خجولة من أطراف غير سياسية في الغالب لعقد مؤتمر وطني حول الإرهاب لم تجد أي صدى تقريبا. إن تونس رغم أنها مقبلة على استحقاقات انتخابات هامة ، ورغم تواصل متاعبها الاقتصادية بحاجة اليوم إلى مبادرة جدية لتدارس كل المسائل المتعلقة بقضايا الإرهاب وتداعياتها المحتملة ما تفرضه على كل جهة من مسؤوليات. ويبقى عقد مؤتمر وطني حول الإرهاب خير إطار لمناقشة كل المسائل المتعلقة بهذه القضية الحيوية والحاسمة بالنسبة للبلاد. والحكومة الحالية بإمكانها أن تكون الجهة الداعية لهذا المؤتمر وبذلك تكون منسجمة مع تشخيصها للأوضاع .. فالحكومة تعتبر أن الخطر الإرهابي هو أكبر تحد تواجهه البلاد وعليها أن تتصرف على هذا الأساس وتأخذ بعين الاعتبار لعامل الوقت والتطورات الراهنة محليا وإقليميا وعالميا.