كشفت معطيات رسمية أن دولة السويد قامت في شهر ديسمبر 2013 بتوريد أكثر من 80 ألف طن من النفايات المنزلية قصد تحويلها إلى طاقة بديلة ونظيفة، وهو معطى مر من دون التوقف عنده والتأمل مليا في مدى أهميته البيئية والاقتصادية من طرف التونسيين الذي لا يعلمون أنهم يقفون على «كنز» لا يقدر بثمن وان هذا «الكنز» على الرغم من ارتباطه بمجال قد يبدو مُقرفا، فإنه يمثل الحل لتونس وسيفتح آفاقا رحبة على مستوى الاستثمار وخلق المشاريع وتوفير آلاف مواطن الشغل. ويتمثل هذا الكنز في الواقع في النفايات أو ما اصطلح على معرفته الفضلات على تعددها ولا سيما الفضلات المنزلية حيث تشير العديد من الدراسات والمؤشرات البيانية الى أن لتونس طاقات هائلة في المجال وأنه لم يقع إلى حد الآن توظيفها على الوجه الأكمل والأمثل بما يخول المرور إلى درجات ومستويات عالية في مجال المشاريع المجددة والملتصقة بالطاقات النظيفة والبديلة والمولدة لحجم كبير من مواطن الشغل. طاقات هائلة وقد بينت الدراسات ومخططات التصرف أن كمية النفايات القابلة للتثمين الطاقي تفوق مليوني طن في السنة متأتية من النفايات المنزلية والمشابهة و8 ملايين طن في السنة متأتية من القطاع الفلاحي والسياحي والتطهير الصناعي (الصناعات الغذائية) والخدمات البلدية. ويسمح هذا المخزون الوطني بتركيز وحدات مندمجة بتونس لإنتاج الطاقات الكهربائية والحرارية والغاز الحيوي والسماد البيولوجي على غرار ما هو معمول به في البلدان المتقدمة. ويمكن إنتاج كمية من الغاز الحيوي تقدر بحوالي 500 مليون متر مكعب عن طريق التخمير اللاهوائي للنفايات العضوية المفرزة من القطاع الفلاحي والصناعات الغذائية والتطهير (تفوق 4 ملايين طن سنويا) ويمكن تحويل هذه الكمية من الغاز الحيوي لإنتاج 3 جيغاواط/ساعة في السنة من الطاقة منها قرابة 1 جيغاواط/ساعة في السنة كطاقة كهربائية. هذا علاوة على إمكانية تثمين الأجزاء المتكونة من البلاستيك والورق والخشب والقماش المفرزة من النفايات المنزلية كمحروقات بديلة في مصانع الاسمنت والتي تعد ضمن الصناعات المستهلكة للطاقة. التوجه والرغبة موجودان ولكن؟ اعتمد توجه الدولة في ميدان التصرف في النفايات في العشرية الأخيرة، على تدعيم القطاع بوضع إطار قانوني ومؤسساتي خاص به وتوفير آليات التمويل الضرورية لإنجاز البرنامج الوطني للتصرف في النفايات وذلك بهدف الوقاية والحدّ من الانعكاسات السلبية على المحيط الناتج عن التصرف العشوائي في النفايات بصفة عامة، وضمان إطار عيش سليم للمواطن وحماية الموارد الطبيعية الوطنية بصفة خاصة. وقد تضافرت جميع جهود الأطراف المتدخلة وتم انجاز قسط أولي من مكونات البرنامج الوطني للتصرف في النفايات والذي مكّن من غلق واستصلاح وإعادة تهيئة العديد من المصبات العشوائية (حوالي 120 مصب عشوائي) بمدن حوض مجردة والمدن السياحية والساحلية الكبرى وتعويضها ب14 مصب مراقب مدعّمة ب50 مركز تحويل تستجيب للمواصفات الفنية والبيئية المعمول بها في هذا المجال. وتمكن حاليا هذه المصبات من استقطاب ومعالجة حوالي 1.6 مليون طن سنويا من النفايات المنزلية والمشابهة بنسبة 80 بالمائة من الكمية الجملية المقدر إنتاجها على المستوى الوطني، وبلغت الكلفة الجملية حوالي 205 م د. وبناء على تقييم البرامج والانجازات السابقة وخاصة بعد الظروف الاستثنائية التي عاشتها بلادنا بصفة عامة والتي شهدها قطاع التصرف في النفايات بصفة خاصة على المستوى البيئي والاجتماعي يبقى الرهان للتصرف الأمثل والمستديم في النفايات مرفوعا ولا زال القطاع يتطلب تحسينات وإصلاحات على جميع المستويات (البيئية والاقتصادية والاجتماعية) بما يضمن تطويره ومعالجة الإشكاليات الخصوصية المطروحة في الفترة السابقة والنهوض به ليصبح آلية من آليات التنمية المستديمة ودفع الاستثمار. الطلبات متوفرة لقد وردت على مصالح كتابة الدولة للتنمية المستدامة وكتابة الدولة للتنمية والتعاون الدولي العديد من طلبات الاستثمار في ميدان النفايات (حوالي 16 طلبا ) وتم للغرض إحداث لجنة فنية استشارية تضم كل الأطراف المعنية للنظر في المشاريع المقترحة لتدارس النواحي الفنية والبيئية والجدوى الاقتصادية والطرف الذي سيتم التعاقد معه وتقديم توصيات في خصوص كيفية انجاز هذه المشاريع. وتجدر الإشارة الى أن تطوير الإستراتيجية الحالية للتصرف في النفايات المنزلية المعتمدة على المصبات المراقبة ، لإنجاز مشاريع تثمين النفايات له العديد من الإيجابيات ومن أهمها: التقليص من الإزعاجات الحالية وخاصة الروائح والتصرف في مياه الرشح وربح على مستوى المساحات المخصصة لإنجاز المشاريع ، حيث تتطلب المصبات المراقبة مساحات هامة تفوق 30 هكتارا وإعادة استعمال مواد مستخرجة من النفايات أصبحت لها قيمة اقتصادية وبعث شركات ومواطن شغل جديدة إرساء إستراتيجية وطنية للتثمين الطاقي للنفايات ومن المقترحات والخطوط العريضة التي يتم الاشتغال عليها وضع إستراتيجية وطنية للتثمين الطاقي وإعداد مخطط عملي إلى أفق 2030 قصد تحديد الأولويات وضبط المعايير الضرورية لتطوير المنظومة والتخلي عن عملية الردم بالمصبات المراقبة التي تتطلب مساحات كبرى وسعيا إلى التقليص من الإزعاجات المرتبطة بالمصبات المراقبة وخاصة موضوع معالجة مياه الرشح. العمل على مراجعة الإطار القانوني الحالي بهدف فتح المجال للاستثمار الخاص في مجال تثمين النفايات مع مراعاة خصوصيات هذا القطاع من الناحية البيئية وتوفير حوافز مالية وجبائية لتشجيع الاستثمار في قطاع تثمين النفايات على غرار توفير أراضي لانتصاب المشاريع بالمصبات القائمة وتسوية وضعيتها العقارية مع إدراج الاستثمار في هذا المجال بالمجلة الجديدة للاستثمار علاوة على إحداث لجنة مشتركة تضم ممثلين عن مختلف المؤسسات المتدخلة لدراسة المشاريع في الغرض.