بدعوة من الرباعي الراعي للحوار الوطني, انطلقت صباح أمس مسيرة وطنية حاشدة من ساحة محمد علي بالعاصمة لتجوب شارع الحبيب بورقيبة تنديدا بالإرهاب بحضور العديد من أنصار ومنخرطي الاتحاد العام التونسي للشغل وعدد من ممثلي الأحزاب السياسية مثل الجبهة الشعبية ونداء تونس والتحالف الديمقراطي والمسار والتيار الشعبي والعديد من الأحزاب الأخرى. ورغم ما رفع خلال المسيرة من شعارات منادية بالوحدة الوطنية وبالتوحد, فإن التشنج والمشادات الكلامية والهتافات الرافضة لحضور حركة «النهضة» ساهمت بسرعة في تسميم الأجواء العامة وتطورت في اغلب الأحيان إلى اعتداءات مادية ولفظية بين أنصار اتحاد الشغل والجبهة الشعبية وبين البعض من أنصار حركة النهضة وهو ما استدعى تدخل حسين العباسي الأمين العام للمنظمة الشغيلة الذي دعا الجميع إلى الالتزام برفع الشعارات الموحدة وتغليب الوحدة الوطنية والاكتفاء بالتنديد بالإرهاب. وطالب المشاركون في المسيرة برحيل عبد الكريم الهاروني القيادي بحركة «النهضة» وفتحي العيادي رئيس مجلس شورى الحركة اللذين كانا في الصفوف الأمامية للمسيرة ثم سرعان ما تطوّرت الاحتجاجات الى الاعتداءات والى مشادات كلامية بينهم وبين أعوان الأمن. البعض من «النهضة» ضد تقدم تونس وعلى هامش المسيرة علق النقابي قاسم عفية ل «التونسية» عن المناوشات قائلا «للأسف اقر بأن الظرف لم ينضج بعد خاصة أن البعض من الأطراف مازالوا يفتقرون للصدق لأن الوحدة الوطنية لا يمكن أن تتم إلا على أساس إيمان مشترك بالبعض من الشعارات خاصة في مستوى مقاومة الإرهاب وهؤلاء من دعموا الإرهاب بصفة مباشرة وغير مباشرة وقاموا بغض النظر عن العديد من المسائل وأوجدوا له تفسيرات وتبريرات لا يستطيعون اليوم التكلم عن الإرهاب خاصة أنهم لم يعبروا بشكل صريح وواضح عن أخطائهم المتعلقة بمواقفهم السابقة». وشدد قاسم عفية على ضرورة توفر الإرادة السياسية لمكافحة الإرهاب لدى الأطراف الفاعلة في السلطة والإيمان الفعلي بضرورة مقاومة الإرهاب مضيفا «البعض من القياديين داخل حركة «النهضة» يمارسون عكس ما يرفعون من شعارات وهم فعليا ضد تقدم تونس وأصبح واضحا وجليا اليوم أن الحركة ليست لها مواقف موحدة ونتمنى أن يكون تقاسما للأدوار لا غير». لن نفرط في ذرة رمل من تونس من جهته شدد زهير حمدي الأمين العام للتيار الشعبي في حديث ل «التونسية» على ضرورة إرساء خطة استعجاليه شاملة لمكافحة الإرهاب خلال مؤتمر مكافحة الإرهاب وقال «لابد للشعب التونسي أن يتوحد وعلينا أن نبرهن للإرهابيين أننا يد واحدة وصف واحد وأن إرادتنا ومعنوياتنا لم تنكسر خاصة أن التونسيين برهنوا خلال العديد من المحطات النضالية والتاريخية أنهم لا يهابون هذه الجماعات وبالتالي خروجنا اليوم هو رسالة لهؤلاء بأننا ماضون على درب شهدائنا وأننا لن نفرط في ذرة رمل من تراب تونس». واستنكر زهير حمدي العملية الإرهابية التي طالت الجنود مرجحا وجود اختراقات ووجود أخطاء من قبل الحكومة وطالب في هذا الإطار بضرورة تمكين الجيش والأمنيين من المعدات والإمكانيات اللازمة. قانون الإرهاب ذو صبغة حساسة أما محمد فاضل محفوظ عميد المحامين فقد عبر ل «التونسية» عن تضامنه مع قوات الأمن والجيش قائلا «من أحسن الرسائل التي يمكننا أن نبعث بها للإرهابيين اليوم هي تنظيمنا للمؤتمر الوطني ضد الإرهاب خلال الأيام القادمة وأن نواصل المسيرة نحو الانتقال الديمقراطي بصورة نهائية من خلال التسجيل في الانتخابات والمشاركة الفعالة فيها». وفي حديثه عن قانون الإرهاب اعتبر عميد المحامين انه قانون ذو صبغة حساسة وأن مناقشة مفاهيمه ومصطلحاته وضماناته تتطلب البعض من الوقت حتى لا ينقلب إلى قانون استبدادي يستغل في وقت لاحق على حد تعبيره.