توجه مساء اليوم مهدي جمعة رئيس الحكومة بكلمة الى الشعب، أعلن فيها عن قراره النهائي بعدم الترشح الى رئاسة الجمهورية، واضعا بذلك حدا لكل الدعوات والأخبار التي رشحته في الآونة الأخيرة لخوض غمار السباق نحو قصر قرطاج. واستهل رئيس الحكومة كلمته بالتأكيد على أنّ تونس دخلت بعد ان عاشت جملة التوافقات مرحلة أفرزت 3 مسارات كبرى اولها المسار الدستوري الذي افضى الى دستور أشاد به العالم ومسار ثان تمثّل في المسار الحكومي الذي انتج حكومة تحملت مسؤوليتها في ظروف دقيقة من الناحية الاقتصادية والاجتماعية والاقليمة والدولية، اما المسار الثالث فحصره «جمعة» في المسار الانتخابي الذي تعد له تونس العدة حيث صرح: «نحن داخلون في فترة حساسة يلزم ان تتكاتف فيها كل الجهود ويكون فيها العمل بكل جدية..» واوضح مهدي جمعة ان مصلحة البلاد اليوم تقتضي انجاح المسار الديمقراطي وبناء تقاليد ديمقراطية الى جانب تركيز المؤسسات الضامنة لاستمرارية الدولة، مفيدا بأنه لا يمكن بناء الديمقراطية دون اخلاقيات ومبادئ تماما كالسياسة. وعن ترشحه للانتخابات الرئاسية، كشف مهدي جمعة انه تلقى عديد الدعوات واشارات الثقة والدعم من الداخل والخارج من مختلف الفئات والتوجهات تحثه على الترشح للرئاسة موضحا ان هذه الدعوات والثقة التي تشرف بها تجعله يتمسك بتحمل المسؤولية وتابع قائلا: «أشكر كل من وضع فيّ الثقة وكلّ ذلك يعزز التمسك بتحمل المسؤولية وخير جواب هو التمسك بالثقة..». وبيّن رئيس الحكومة انه تشاور حول ترشحه للرئاسية ووضع في الآن ذاته مصلحة تونس واحترام المسؤولية والتزماته الاخلاقية والادبية التي تحمل من اجلها مهمة رئاسة الحكومة والمتمثلة اساسا في السهر على قيادة سفينة تونس والوصول بها الى شاطئ الامان بإجراء الانتخابات التشريعية والرئاسية قبل ان يخلص الى قرار نهائي وحاسم يتمثل في عدم ترشحه للانتخابات الرئاسية مصرحا: «مصلحة تونس فوق كل اعتبار.. ورأيت من منطلق ذلك وايفاء بالتزاماتي الاخلاقية والادبية عدم الترشح للانتخابات الرئاسية.. المهم والاولوية عندي اليوم هو توفير المناخات اللازمة لإنجاح الانتخابات.. أنا لم أت لاستغل الفرص بل جئت رفقة فريقي الحكومي لخدمة تونس وتسليم الامانة الى أيادي أمينة...». ونفى مهدي جمعة في ذات الاطار ان يكون عدم ترشحه للمنافسة على كرسي قرطاج ناتج عن ضغوطات وانتقادات من قبل بعض الأطراف السياسية الرافضة لترشحه قائلا: «قراري ليس نتيجة ضغوطات وإنّما هو نابع من تقديم مصلحة البلاد والنّأي بها عن المخاطر اضافة الى تحكيم ضميري ومسؤوليتي ومبادئي فأنا لا أريد الدخول الى قصر السيادة من الباب الخلفي حتى لو كان الطريق معبدا ..». ودعا مهدي جمعة الشعب وكل الناخبين الى انجاح الفترة الحالية والنزول يوم الاقتراع بكثافة لإنجاح الانتخابات، موجها في ذات السياق رسالة الى الاحزاب والسياسيين والمترشحين بأن يتوخّوا خلال حملاتهم خطابات صادقة مبنية على الثقة والصراحة بعيدا عن تلك الخطب والكلامات الرنانة التي تسوق الى برامج واهية، مضيفا: «أدعو كل المترشحين والسياسيين الى ان يدخلوا المنافسة بشرف ونبل ونزاهة فنحن في حاجة الى خطاب يصارح الشعب الذي يتمتع بالذكاء ..نريد خطابا راقيا لا يكون سوق احلام واهية وان شاء الله نرى كل البرامج التي ستقدم محققة على ارض الواقع ...» . وشدد مهدي جمعة على انه بموقفه هذا اليوم يريد ان يبني لبنة جديدة في هيكل الديمقراطية قائلا: «أريد ان ابني اليوم اساسا اخلاقيا جديدا بقراري هذا وهو الثقة بين السياسي والمواطن... أنا وفريقي سننهي مهمّتنا وسنهيّئ كل الظروف للحكومة القادمة... فنحن لا نريد خدمة احد وإنما نخدم الدولة وتونس أولا وإن شاء الله أنرو من الحكومة الجاية كل خير..». وعن الوضع الامني والمخاطر التي تحدق بالانتخابات ، اشاد رئيس الحكومة بالمجهود الذي تبذله الوحدات الامنية والعسكرية لحماية التراب التونسي ومجابهة الارهاب مستشهدا بالضربة الامنية التي ادت الى القضاء على إرهابيين صباح امس، ملاحظا ان المخاطر الإرهابية مازالت قائمة من قبل جماعات تكفيرية ترفض النمط الذي تبنيه الدولة متابعا: «نحن محصنون بأمننا ووعينا وبما تعلمناه في مجابهة الإرهاب وحتى الشعب إن لزم الأمر أن يقدم تضحيات من اجل تونس لن يبخل بذلك وسوف نجري الانتخابات مهما كانت الظروف...».