بقلم: جيهان لغماري بعد إجراء الانتخابات وإعلان أسماء الذين سيجلسون على كراسي قبّة باردو، هذه رسالة إلى السيد النائب القادم: سيدي أو سيدتي، سواء جلستَ هناك بفضل مرتبة أولى كاملة الأوصاف أو بأكبر البقايا، تذكّر قبل أنْ يُصيبك «زهايمر» برلماني، أنّ أصوات الذين وضعوا فيك ثقتهم هي التي أجلستْك وإذا تغافلتَ عنها سريعا، أطردَتْك! وأن لا حصانة تحتمي بها إلا ما تبذله من تعب لخدمتهم. كلما أحسستَ بالإجهاد، تذكّرْ أنّ تعب الناخبين خبز يوميّ ولا يمكن مقارنته بتعب اجتماعاتكم في البرلمان. وأنت في الجلسة الأولى تكاد ترقص طربا أو يُغمى عليك من «هَوْل» الحلم الذي تحقق، عليك أن تدرك قبل فوات الأوان أنك لست نائب نفسك ولا ممثل حزبك، إنك نائب شعبك!. وانك بناء على ذلك مطالب بعدم الغفلة عن أية واردة أو شاردة، اقرأْ دروسك جيدا ولا تكن كالتلميذ الكسول الذي لا يتذكّر تحصيل العلم والفائدة إلاّ حين تُطِلّ كاميرا التلفزة. حينها فقط، تبدأ المعلَّقاتُ الشعريّة في حب الوطن والدفاع عن مصالح المواطنين وتحمرّ وجنتاك وتنقطع حبال صوتك من الصراخ، حتى إذا غادرَتْ وسائل الإعلام مجلسكم، عدتَ إلى خمولك وغياباتك المتكررة. حضرة النائب القادم، منَ الآن اِعْلَمْ، تَسْلَمْ!، أنه لا مكان مستقبلا للسينما... ولا ل «الشو». صديقي النائب، وأنتَ تتصفّح مشاريع القوانين التي تُعْرَض على جنابك الموقّر، لا تخجل من عدم إلمامك بتقنياتها سواء كانت اجتماعية أو اقتصادية أو تربوية أو حقوقية، واستأنسْ في موقفك بالضالعين في أحد تلك المجالات أشخاصا كانوا أم جمعيات مختصّة، ولا تجعلْ عند التصويت مِنْ رَفْعِ يدك موافَقَةً أو معارَضَةً كالزرّ الآلي المتحَكَّم فيه عن بعد. حكِّمْ ضميرك واستحضرْ وعودك الحاتميّة للناس الذين أنصتوا إليك فصدّقوك ثمّ انتخبوك.. عزيزي النائب، قبل الانتخابات قطعتَ جهتك التي ترشحتَ عنها عرضا وطولا، بمدنها وأريافها، بشعابها وتلالها، بشوارعها الواسعة وأزقّتها الضيّقة... دار دار... زنقة زنقة. بعد فوزك، هل ستكتفي بجلسات البرلمان وأبّهة الحضور أمام الإعلام؟ أم ستشمّر عن سواعد الجدّ لتذرعَ كلّ أرصفة جهتك وتعرف نبض شوارعها ومطالب أهاليها؟. إنْ كنتَ تحنّ لدفء الكرسي، ستخسر سريعا رأس المال: المواطن. أمّا إذا فتحتَ مكتبا صغيرا في جهتك لتستمع إلى شواغل أهاليها مرة أو مرتين في الأسبوع وعدتَ إلى كل المناطق التي زرتها في حملتك الانتخابية وناقشت الناس وشاورتهم وصارحتهم بالحقائق، بالممكن وبالمستحيل، فعندها لن تجد إلا القبول والمساعدة والشكر لأنهم يطلبون الصدقَ أوّلا والجهدَ ثانيا. حضرة النائب، باختصار كن صوتا عاليا لمن صوّتوا لك، ولا تكن «سَوْطًا» قاسيا على أحلامهم البسيطة!