الصرّاع على السلطة ولّد العداوة أي معنى للسيطرة على الحملات الانتخابية في ظل إعلام «يصنع» الناخب؟ قضية التكليف سياسيّة وهذا اقتراحي لتجاوزها حاورته رحمة الشارني التونسية (تونس) قيس سعيد من مواليد 22 فيفري 1958 بتونس وهو أستاذ في القانون الدستوري اشتهر بإتقانه للّغة العربية ومداخلاته الأكاديمية للفصل في الإشكاليات القانونية المتعلقة بكتابة الدستور التونسي، بعد الثورة. متحصل على شهادة الدراسات المعمقة في القانون الدولي العام من كلية الحقوق والعلوم السياسية بتونس سنة 1985. وله ديبلوم من الأكاديمية الدولية للقانون الدستوري تونس 1986 وديبلوم آخر من المعهد الدولي للقانون الإنساني بسان ريمو إيطاليا 2001. درّس بكلية الحقوق والعلوم الاقتصادية والسياسيّة بسوسة 1986 1999 وبكلية العلوم القانونية والسياسية والإجتماعية بتونس منذ 1999 وشغل منصب مدير قسم القانون العام بكلية الحقوق والعلوم الاقتصادية والسياسية بسوسة 1994 1999 وعمل في خطة عضو فريق خبراء الأمانة العامة لجامعة الدول العربية المكلف بإعداد مشروع لتعديل ميثاق جامعة الدول العربية (1989 1990). في حوار «التونسية» معه كشف الأستاذ «قيس سعيّد» عن حلّ يرى أن من شأنه إخراج البلاد من الأزمة السياسية على حد قوله كما تحدّث عن أسباب عدم ترشحه ل «الرئاسية» وعن أبرز ثغرات وأخطاء دستور تونس الجديد. نص الحوار في السطور التالية: أسدل الستار على الفصل الأول من «الرئاسية» في ظلّ جدل حول «المؤقت» و«المنتخب»؟ الموقف الدستوري بالرغم من تعدد القراءات واختلاف التأويلات وتضاربها هو الأتي: الانتقال من فترة المؤسسات المؤقتة إلى فترة المؤسسات الدائمة وجاءت الاحكام الانتقالية لتنظّم مرحلة الانتقال هذه ولكن الاحكام الانتقالية الواردة بالفصل 148 لم تكن محكمة الصياغة في الكثير من المواضع من بينها على سبيل الذكر وليس الحصر ما ورد بالفقرة الأولى من الفصل المذكور: يتواصل العمل باحكام الفصول 5 و6 و8 و15 و16 من التنظيم المؤقت للسلط العمومية إلى حين انتخاب مجلس نواب الشعب. معيبة هذه الصياغة من الناحية اللغوية إذ كان يفترض التنصيص على انه يتواصل العمل بالأحكام المذكورة إلى حين انتخاب أعضاء المجلس وليس انتخاب المجلس ومعيبة ايضا حيث كان يفترض التنصيص على ان العمل يتواصل بالأحكام المذكورة إلى حين تولي المجلس الجديد لمهامه لان هناك مبدأ استمرارية الدولة وهذا الخطأ ورد أيضا في عديد المواضع الاخرى من ذلك ما ورد بالفقرة الثالثة من الجزء الاول من الفصل 148 التي نصّت على أنه يتواصل العمل بأحكام الفصول 7 و9 إلى 14 والفصل 26 من التنظيم المؤقت للسلط العمومية إلى حين انتخاب رئيس الجمهورية وكان يفترض التنصيص على انه يتواصل العمل بهذه الاحكام إلى حين تولي رئيس الجمهورية الجديد لمهامه ومثل هذه الصياغات هي التي طرحت هذه الاشكاليات علما وأن هذا الخطأ وقع فيه ايضا التنظيم المؤقت للسلط العمومية المؤرخ في 23 مارس 2011 والفصلان 8 و14 إذ جاء في الفصل الثامن من المرسوم: «يواصل رئيس الجمهورية المؤقت رئاسة الدولة حتى تاريخ مباشرة المجلس الوطني التأسيسي لمهامه» وجاء بالفصل 18 من نفس المرسوم «ينتهي العمل باحكام هذا المرسوم عند مباشرة المجلس الوطني التأسيسي مهامه وضبط تنظيم آخر للسلط العمومية» ولتجاوز هذا الاشكال انعقد مجلس وزراء في 14 اكتوبر 2011 وأفاد الناطق الرسمي باسم مجلس الوزراء إثر هذا الاجتماع انه عملا بمبدإ استمرارية الدولة وتطبيقا خاصة للفصلين 8 و18 من المرسوم المتعلق بتنظيم السلط العمومية أكد المجلس على ان العمل بهذا التنظيم ينتهي عند مباشرة المجلس التأسيسي لمهامه وضبطه تنظيما آخر للسلط العمومية يتم على ضوء احكامه تعيين رئيس جمهورية جديد وحكومة جديدة. وأوضح الوزير الاول الباجي قائد السبسي حينها في خطاب توجه به إلى الشعب التونسي انه لا مجال لحدوث فراغ ذلك ان صلاحيات الحكومة الحالية ستتواصل إلى حين تشكيل حكومة جديدة. إذن اليوم لم يتم تفادي الاخطاء الماضية وكان يمكن للمجلس الوطني ان يستأنس على الاقل بالاحكام الانتقالية لدستور 1 جوان 1959 وكانوا في تلك الفترة اكثر دقة من المجلس الوطني التأسيسي. وعلى ما تنص أحكام دستور 1 جوان 59 في هذا الأمر؟ جاء في الاحكام الانتقالية وفي الفصل 64 من دستور 1 جوان 1959: «يدخل هذا الدستور حيز التطبيق ابتداء من تاريخ اصداره طبقا للفصل 63 وريثما يتم انتخاب رئيس الجمهورية ومجلس الامة خلال شهر نوفمبر 1959فإن النظام الحالي الناتج عن قرار المجلس القومي التأسيسي الصادر في 26 ذي الحجة 1376 وفي 25 جويلية 1957يستمر كما هو ويعقد مجلس الأمة الأول أول اجتماع له بعد الزوال» لنلاحظ هنا الدقة في الأحكام الانتقالية بالرغم من أنها مقتضبة. أين يكمن المشكل في مسألة التكليف بالأحكام الحالية؟ اليوم المشكل المطروح بالنسبة لمسألة التكليف جاء بالفصل 148 وبالفقرة الاولى من الجزء الثاني منه الذي جاء فيه أن أحكام الباب الثالث المتعلق بالسلطة التشريعية باستثناء الفصول 53 و54 و55 والقسم الثاني من الباب الرابع المتعلق بالحكومة تدخل حيز النفاذ بداية من يوم الاعلان عن النتائج النهائية لأوّل انتخابات تشريعية بعد استيفاء الطعون ونشرها بالرائد الرسمي للجمهورية يوم 21 نوفمر 2014. وهناك من ارتأى ان الفصل 89 الوارد بالقسم الثاني من الباب الرابع لا ينطبق على الانتخابات التشريعية بل ينسحب أيضا على الانتخابات الرئاسية لأن لفظ الانتخابات ورد عاما والأمر يتعلق بالانتخابات التشريعية فحسب لأنه يتعلق بالفائز بأكبر عدد من المقاعد والمقاعد لا توجد في صيغة الاّ بقصر باردو فضلا عن أنه ورد بالفقرة الرابعة من الفصل 89 المذكور أنّه اذا مرت أربعة اشهر على التكليف الاول ولم يمنح اعضاء مجلس نواب الشعب الثقة للحكومة لرئيس الجمهورية الحق في حل مجلس نواب الشعب والدعوة إلى انتخابات تشريعية جديدة في أجل أدناه 45 يوما وأقصاه 90 يوما فالانتخابات المقصودة هي الانتخابات التشريعية علما أن لفظ الانتخابات ورد أيضا عاما بالفصل 57 من الدستور. كما هناك أمر آخر يتعلق برئيس الجمهورية ولم يفصل النص ان كان رئيس الجمهورية الحالي أو رئيس الجمهورية المنتخب ثم إن رئيس الجمهورية في تكليفه لمرشح الحزب أو الائتلاف الانتخابي الفائز باكبر عدد من المقاعد ليست له أية سلطة تقديرية ليكلف من سيتمّ ترشيحه فسلطته هي سلطة مقيدة ولا يمكن له ان يمارس هذه السلطة الا بناء عن الترشيح ومن بين الحجج التي تم تقديمها هو ان رئيس الجمهورية الحالي قد لا ينتخب مرة أخرى ورئيس الحكومة المكلف قد يتصل برئيس الجمهورية خاصة بالنسبة إلى وزارتي الدفاع والخارجية وفي الواقع هذه الحجة قابلة للنقاش لأن رئيس الحكومة المكلف له شهر ويمكن ان يمدد له بشهر آخر. يعني ان المسألة المتعلقة بوزارتي الدفاع والخارجية يمكن ان يتولاها الرئيس الذي سيتم انتخابه خاصة وقد تم تنظيم الدورة الأولى والأجل الذي يمكن ان يمتدّ إلى شهرين اثنين سيمكن رئيس الحكومة من التشاور مع رئيس الجمهورية المنتخب. كنت من بين الخبراء الذين حضروا جلسات صياغة الدستور ما هي أبرز الثغرات المسجلة لديكم؟ في الواقع دعيت في العديد من المناسبات إلى حضور جلسات لجان «التأسيسي» واستجبت للدعوات لأن ذلك واجب وطني وقدمت جملة من التصورات والاقتراحات والأمثلة في القانون المقارن. لكن لا يمكن للخبير أن يجلس في مكان النواب هم الذين يتولون الاختيارات الكبرى والدستور هو نص قانوني ولكنه يعبر عن اختيارات سياسية والخبير لا يمكن الا ان يقدم النصح والمشورة ويبين ويوضح لكن لا يمكن له ان يحل محل رجل السياسية وأذكر مثلا النقاش حول البعد المتوسطي لتونس في التوطئة وهذه القضية ليست فنية بل سياسية والامر يعود إلى من تم انتخابهم. فدستور الولاياتالمتحدةالامريكية لسنة 1787 مثلا وضعه ممثلون ثوار في تلك الفترة ليعبر عن اختيارات سياسية ومن ناحية اخرى لا وجود لنص قانوني في العالم لا يخلو من ثغرات قابلة للنقاش وللتأويل والتجربة الفرنسية خير دليل على ذلك والتي أثبتت أن النصوص القانونية قابلة للنقاش وللتأويل. وقد أشرت إلى بعض الثغرات وقلت ذلك للتاريخ وليلة 26 جانفي 2014 تاريخ جلسة المصادقة على الدستور في قراءته الثانية كنت أتابع الجلسة وحاولت الاتصال بعدد من النواب لتنبيههم إلى مسألة الأحكام الانتقالية ولكن ليلتها لا من مجيب وقد أشرت إلى ذلك وتم عقد العديد من الندوات ولكن القضية هي قضية اختيارات سياسية بالاساس ولكن الاختيارات الفنية كانت خاطئة وأردت أن أنبّههم إلى تلك الاخطاء فضلا عن الاخطاء اللغوية التي أردت الاّ تمرّ وللأسف مرّ الدستور بتلك الأخطاء. إلى جانب الاخطاء اللغوية هل هناك أخطاء يمكن ان تحدث مشاكل سياسية؟ الممارسة ستبين الثغرات والنقائص وسيكون المجلس التشريعي القادم مدعو إلى إدخال جملة من التعديلات. يعني انك تتوقع تحويرات أو تنقيحات أو إضافات في بعض فصول دستور الثورة؟ أكيد أي دستور قابل للتعديل واي نص قانوني ليس أبديا خالدا وحتى النصوص التي لا تقبل التعديل يمكن تعديلها وهذه القضية طرحت في فرنسا منذ نهاية القرن 18 بالنسبة للدساتير التي تم وضعها ولاحظي انه بمجرد تطبيق فصل من الفصول اختلفت التأويلات واختلفت القراءات وللاسف دخل ذلك في اطار الصراع السياسي تحت عباءة الدستور يؤول قي هذا الاتجاه أو ذاك حتى يستفيد طرف من الاطراف السياسية من هذا التأويل. ما الحل لوقف الصراعات السياسية في ظل التأويلات المتعددة للدستور؟ يجب على الصراعات السياسية ان تحتكم إلى القانون. يعني ان الدستور الحالي جعل بعض الاطراف السياسية تؤوّله حسب تطلّعاتها السياسية؟ ولماذا كل ذلك اليوم؟ لأن رئيس الجمهورية الحالي هو منافس مُرشح الحزب الذي فاز بأكبر عدد من المقاعد بمجلس نواب الشعب فالقضية هي قضية سياسية شاءت الصدف ان يكون رئيس الجمهورية الحالي هو منافس وعملية التكليف بالنسبة إليهم قد يستفيد منها سياسيا في حين ان العملية هي عملية شكلية وسلطته هي سلطة مقيدة. لو تمسك المرزوقي بموقفه ورفض قرار الحوار الوطني هل يحق له الالتجاء للقضاء الاداري والدستوري لتكليف حكومة وتشكيلها؟ لا يستطيع لان الهيئة الوقتية لمراقبة دستورية القوانين غير مخولة والفصل الرابع بالقانون المتعلق بالمحكمة الادارية يسمح لها بأن تبدي رأيا في أقصى الحالات لأن الأمر لا يتعلق بنص قانوني وانما بنص الدستور والسلطة الاستشارية للمحكمة الادارية في المادة التشريعية أو في مادة الأوامر الترتيبية. تقييمك للقانون الانتخابي كيف تتوقع ان تكون نتائج الانتخابات البلدية؟ لم يوضع بعد القانون المتعلق بانتخاب المجالس البلدية والجهوية وان كان سيوضع مرة اخرى عن طريق القائمات ستكون مرة أخرى هذه السلط التي تتمتع بالشخصية القانونية والاستقلالية الادارية والمالية امتدادا أو صورة لما هو موجود اليوم. القانون الانتخابي والذي كنت قد اقترحته في السابق هو تصور آخر لكل النظام السياسي والاداري في تونس يقوم على بناء من الاسفل من القاعدة.. من المحلي نحو المركز باختيار آخر غير الاختيار الذي تم وباختيار مجالس محلية في كل معتمدية وعددها 264 يتم اختيار أعضائها بطريقة الاقتراع على الأفراد في دورتين ولا يتمّ قبول الترشح الا بعد تقديم المترشح من قبل عدد من الناخبين نصفهم من الذكور ونصفهم من الاناث لتحقيق مبدإ التناصف على مستوى التمثيلية وليس في مستوى تقديم الترشحات لأن التناصف الذي تم تقديمه سنتي 2011 و2014 هو تناصف شكلي خاصة وان ترشحات عدد من المترشحات كانت شكلية لقبول القائمة لا غير. والمجلس المحلي في كل بلدية تنبثق منه مجالس جهوية في كل ولاية تتركب من ممثّل عن مجلس محلي ومن المجالس المحلية يقع الاختيار على احد الاعضاء لتمثيل هذه المجالس في السلطة التشريعية الوطنية ليكون البناء من القاعدة نحو المركز مرورا بالجهوي ويمكن للناخبين حسب القانون الانتخابي سحب الوكالة من النائب الذي لم يعد يحظى بثقتهم. وكان يفترض ان يكون البناء في تناغم مع الحراك وطبيعة مطالب الشباب التونسي وبهذه الطريقة يجعل كل المعتمديات ممثلة لا حسب القاعدة السكانية وانما حسب الرقعة الجغرافية وهذا ما يمكن من وضع حد للتمييز بين الجهات. هناك دعوات مبطنة للتفرقة هل يمكن محاسبة من دعا إلى ذلك حسب الدستور؟ لا.. والأمر هنا يتعلق بالخطر الذي يتهددنا وهو خطر الفتنة الداخلية والدول لا تسقط والمجتمعات لا تتهاوى الا من الداخل من خلال الفتن والاقتتال الداخلي. هناك مؤامرات تحاك ضد كل منطقة ويجب ان نتصدى لها وان نضع راية تونس فوق رايات الأحزاب كلها وفوق الانتخابات وفوق اي صراع سياسي وللأسف فقد تحوّلنا من وحدة إلى هذا الوضع الذي يهدد كيان تونس. والاشكال يتعلق بأنه تمّ طرح جملة من القضايا لا علاقة لها أساسا بقضايا الشباب فقالوا له انتظر لننظر أولا في هويتك وفي تاريخك وفي دينك. هل أننا لم نعد نصلي أو نصوم عندما تم تعليق العمل بالدستور؟ هل اننا نتخاطب باللغة العربية لأن هناك فصلا في الدستور ينص على ذلك؟ وهل أن الاذان يرفع بناء على فصل في الدستور؟ هناك قضايا محسومة حسمها التاريخ قبل أن يحسمها أي نص قانوني آخر. دستورية الرسائل المتبادلة بين المرزوقي والسبسي؟ ما حدث هو تأويل للنصوص القانونية عبر البريد. القضية ليست قضية دستورية إنّها قضية تاويل في تطبيق الفصل 89 من الدستور حيث كان يفترض على رئيس الجمهورية بدل إرسال الرسائل إمّا القيام بمشاورات أو التوجّه إلى الشعب أو انتظار انعقاد المجلس النيابي القادم وانتخاب رئيس له فيتوجه إلى رئيس المجلس النيابي بالرسالة لكي يتعامل مع مؤسسات الدولة والرسائل المتبادلة لا تحل الاشكال وانما تدل على ازمة سياسية لأن كل طرف يصر على موقفه فضلا عن محتوى الرسائل التي اطلعت على واحدة منها. أين يتموقع الاستاذ قيس سعيد في خضم كثرة الإيديولوجيات بعد الثورة؟ لست مع أي طرف وكل ما حاولت أن أقدمه كان من أجل تونس وليس من أجل طرف سياسي وفي بعض الاحيان يُحسب موقف لفائدة طرف ويتضرر منه الطرف المقابل والعكس صحيح ولا يهمني من يستفيد أو من يتضرّر فقضيتي ليست من أجل السلطة أو خدمة أي طرف كان وهنا أريد أن أؤكد أنه ليس لدي صفحة على وسائل التواصل الاجتماعي وفي بعض الاحيان تنسب إليّ أقوال أو تصريحات لم أدل بها اصلا وليس من طبعي أن أذكر الاشخاص أو الاحزاب بأسمائها. لماذا لم تترشح ل «الرئاسية»؟ لم اترشح رغم انه قد تمّ جمع أكثر من 17 ألف إمضاء من تونس ومن خارجها لتزكيتي كما وصلتني دعوات عديدة للترشح لكن القضية هنا قضية مشروع وليس قضية سلطة لست بحاجة إلى السلطة دون انجازات. عندما نصل إلى سلطة يمكن تحقيق الانجازات؟ لا.. سلطات رئيس الجمهورية محدّدة ولا يمكنني عرض مشاريع غير قابلة للتطبيق. تتهرب من المسؤولية؟ بالعكس القضية ليست تهرّبا من المسؤولية بقدر ما أريد أن أرفع راية تونس عاليا وأدافع عنها والسلطة ليست هدفا في حد ذاته السلطة هي مشروع إمّا أن تكون قادرا على تحقيقه أو لا كما ان السلط غير متاحة أصلا لرئيس الجمهورية فلماذا يتمّ إيهام التونسيين بأشياء غير موجودة طبقا للدستور؟ تريد ان تقول أنّ المترشحين يوهمون الشعب بخطابات غير واقعية؟ من ينظر في احكام الدستور يجد بعض الاختصاصات لأن القانون يحدّد حتى التعيينات في الوظائف العليا ولا يستطيع رئيس الجمهورية ان يتحرك الا في الهامش الذي تحدده السلطة التشريعية. وبالرغم من الشعور بالمسؤولية وبالرغم من الدعوات الملحّة فإنّني لا أريد أن أخدع الشعب والقضيّة قضية مشروع فكيف لي أن أجلس في مكان القيادة ويتهيأ لي أنني أقود في حين أن هناك من يقود بدلي؟ أصبحت لدينا هيئات دستورية قانونية لو عرضت إحداها على قيس سعيّد أيّها يختار؟ كم من هيئات دستورية أنشئت وحملت آمالا كثيرة ولكنّها خيبت هذه الامال التي حملتها. في البداية يمكن للهيئات الدستورية أن تكون فاعلة ويمكن أن تكون مجرد هيئات دون أي أثر قانوني بقطع النظر عن هذا الجانب أو ذاك والقضية لا تتعلق بهيئة دستورية أو بمنصب وزاري وانما القضية تتعلق بمشروع كامل وتصور كامل يقوم على البناء الذي ذكرته من المحلي نحو المركزي وبشروط الترشح لتفرز القوة الحقيقية داخل المجتمع التونسي. ما موقفكم من الحوار الوطني هل ترون انه اصبح بديلا لمشروعية القوانين الدستورية؟ الحوار الوطني ظهر في كل من سوريا واليمن وفلسطين وجاء نتيجة اهتزاز مشروعية السلطة. فهل سمعنا بحوار وطني في سويسرا أو في بريطانيا أو فرنسا؟ لم نسمع بذلك لأنهم يبحثون عن السلطة من خلال فضاءات لدعمها. الحوار الوطني في تونس ظهر خلال الأزمة السياسية الحادة التي عرفتها البلاد ولا يمكن ان يكون سلطة للقرار هو فقط فضاء لتقديم المقترحات واليوم لا يزال فضاء ويمكن أن يكون قوة تعديلية لكنه لا يمكن ان يكون مؤسسة صاحبة قرار لانه ليس هناك نص أنشأ الحوار الوطني. وظهور الحوار الوطني دليل على ان الشرعية الانتخابية غير كافية والشرعية اليوم حتى بعد الانتخابات أصبحت مهتزة ولم تؤدي إلى تطابق بين الشرعية والمشروعية والحوار الوطني اليوم يتكون من بعض الاحزاب السياسية التي لم تعد لها تمثيلية بعد انتخابات 26 اكتوبر 2014. فإمّا أن يبقى فضاء الحوار للبحث عن حلول وليس بناء على اجراءات قانونية وإمّا أنه يتم تصور صياغة لتأسيسه بنص قانوني حتى يكون سلطة قرار. مقترحكم للخروج من الازمة؟ مقترحي للخروج من الازمة يمكن تطبيقه بناء على النص القانوني باعتبار انه من بين الاسباب التي أدت إلى تأويل الفصل 89 وعدم تطبيقه هو ان رئيس الجمهورية الحالي مترشح للدور الثاني للانتخابات الرئاسية وقال بعضهم كيف يمكن ان يكلف رئيس الجمهورية الحالي وهو المنافس للحزب الفائز باكبر عدد من المقاعد مرشح هذا الحزب لرئاسة الحكومة؟ وتجنبا لهذا الاشكال وحتى لا يتم خرق الدستور الاقتراح الذي قدمته مبني على الاحكام الانتقالية وورد فيه انه يتواصل العمل بأحكام الفصول 7 و9 إلى 14 و26 من التنظيم المؤقت للسلط العمومية إلى حين انتخاب رئيس الجمهورية وفق احكام الفصل 74 وما بعده من الدستور. أهم ما تنص عليه هذه الفصول؟ ينص الفصل 14 من الدستور على أنه إذا تعذّر على رئيس الجمهورية القيام بمهامه بصفة وقتية يفوّض سلطاته إلى رئيس الحكومة لمدة لا تتجاوز 3 أشهر ويعلم رئيس الجمهورية رئيس المجلس التأسيسي بتفويضه المؤقت لسلطاته وجرت عادة في تونس حينما سافر الرئيس بورقيبة لمدة طويلة فوّض سلطاته إلى الوزير الاول رغم أن الوزير الاول في ذلك الوقت لم يكن مؤسسة دستورية ففوض له بورقيبة سلطاته بأمر رغم أنه في الواقع أو في القانون لم يكن ممكنا لرئيس الوزراء القيام بمهام رئيس الجمهورية. واليوم هناك نوع من التعذر لم يعد ممكن لرئيس الجمهورية في الواقع ممارسة هذا الاختصاص الذي خوله له الفصل 89 ويمكن لرئيس الجمهورية حتى يحافظ على علوية الدستور وحتى ينأى بنفسه عن هذه الوضعية ان يفوض لمدة يوم واحد اختصاص تكليف مرشح الحزب الفائز لتشكيل الحكومة والقانون فقط يجبره على إجراء معين وهو إعلام رئيس المجلس الوطني التأسيسي وبالتالي يفوض رئيس الحكومة ورئيس الحكومة يتولى تكليف مرشح الحزب الفائز باكبر عدد من المقاعد في مجلس نواب الشعب بتشكيل الحكومة وله بعد ذلك شهر أو شهران للخروج من المأزق. وهذا إن صدقت العزائم ؤأخلصت النوايا وهو حل ممكن والتعذر له صور مختلفة من السفر إلى الجراحة إلى الخضوع إلى عملية استعجالية وغيرها ويمكن اللجوء إلى الفصل 14 الذي لا يزال ساري المفعول. قلت انه لو طُبّق دستور ما قبل الثورة لنجحنا في الديمقراطية فهل يمكن لدستور الثورة ان ينتج دكتاتورية اخرى؟ الأمر يتعلق بروح الدستور وبتصور الحكام للدستور فلو قمنا بتوريد دستور فرنسا أو السويد إلى تونس في ظل الوضع الذي كان قائما فلن يفرز تلك الديمقراطية لأن القضية تكمن في تصور الدستور من قبل الحكام لانه اداة لتبرير الحكم فإذا سيطرت قوة واحدة على كل مؤسسات الدولة يمكن أن يكون الدستور وكل أحكامه بيد حاكم يفعل بها ما يشاء. هل تقصد بسيطرة قوة واحدة فوز «النّداء» في التشريعية وفوز السبسي في الرئاسية؟ صراع محموم على السلطة وكل قطب يستمد وجوده لا من المشروع بل من عدائه للطرف الآخر وما يحصل اليوم على مستوى الدولة يذكرني بما كان يحصل بكلية الحقوق في سنوات السبعين هي نفس الشعارات من الطرفين. القضية ليست في هذه الاطراف وانما القضية كيف نستجيب للمطالب الحقيقية للمواطن وللشباب المتطلع إلى المستقبل وعادوا به إلى الوراء. وفي اعتقادي لا يمكن ان يسيطر حزب واحد في تونس لأنّ التونسي لن يرضى بأنّ تحكم تونس كما كانت تحكم من قبل والتونسي لن يقبل بذلك لاننا دخلنا مرحلة جديدة من التاريخ وسط مخاطر عديدة تهدد كيان الدولة والمجتمع في وجوده ولا بد من الحذر من هذه المسألة قبل أيّة مسألة أخرى. الخطابات والاجتماعات الشعبية للمترشحين للرئاسية في الوقت الحاضر هل هي قانونية؟ وما هو القانوني بالنسبة إلى الحملة الانتخابية؟ مَن سَكَت خلال الصمت الانتخابي؟ من غير الممكن اليوم التعامل بنفس القواعد القانونية التي كانت موجودة في القرن الماضي لان تونس تمر بمرحلة جديدة من تاريخها. هناك تساهل في تطبيق القانون؟ لا يمكن السيطرة أصلا عن هذه الحملات الانتخابية التي اصبحت عن طريق الاعلام والارساليات القصيرة وعبر مواقع التواصل الاجتماعي والخطر الاكبر في تونس هو ان تتم صناعة الناخب عبر وسائل الاعلام من خلال تزوير العقول فكانما تتم صتاعة الناخبين ثم بعد ذاك يتم تنظيم العملية الانتخابية. تصوير نبيل