شتان بين انتقاد اختيارات المدربين ومطالبتهم بمراجعة حساباتهم وبين إقالتهم واتخاذ قرار الإستغناء عنهم، لذا وجب تجنب الخلط بين هذا وذاك لأن الفرق شاسع جدا ، هذا الأمر ينطبق بالذات على مدرب الترجي الرياضي خالد بن يحيى الذي كنا من أول منتقدي اختياراته ومطالبيه بتغيير قراراته وتعديل أوتاره ونركز هنا على كلمة اختيارات لأنها لا تعني التشكيك في الكفاءة والقدرة أبدا – لا يعني بالمرة إقالة المدرب وتغييره بل دعوة إلى تصحيح المسار وتفادي النقائص والسلبيات والعمل على تطوير الفريق ، بل إننا نذهب إلى ابعد من ذلك من خلال التأكيد على أن إقدام مسؤولي الترجي على إدخال تحوير على الإطار الفني في هذه الفترة بالذات يعد غلطة استراتيجية فادحة ستكون نتائجها كارثية وسيدفع الأحمر والأصفر ثمنها باهظا لعدة اعتبارات سنأتي عليها تباعا ... إذن وجب التوضيح أن الإختيارات التكتيكية لا يمكن بأي حال من الأحوال أن تظل على ما هي عليه ويتحتم على خالد بن يحيى إعادة النظر فيها وتحويرها سعيا إلى تطوير الأداء بعد أن أظهرت إفلاسها وعدم جدواها لكن أن يصل الأمر إلى حد الإقالة والإقبال على تغيير جديد على الإطار الفني فهذا ما لن يجدي الفريق نفعا بالمرة بل سيزيد في آلامه ومشاكله وأتعابه. ربما كنا قاسين نوعا ما على المسؤول الفني الأول في الترجي الرياضي في بعض مقالاتنا السابقة من خلال انتقاد قراراته التكتيكية لكن ذلك يندرج أولا في باب حرصنا على وضع أصابعنا على مكامن الداء في فريق سيدخل قريبا غمار تظاهرة إفريقية هامة باسم تونس ولا دخل فيه بالتالي للتشكيك في كفاءة الرجل وثانيا في إطار إيماننا بقدرة خالد بن يحيى على تقديم الإضافة التي يتمناها كل الترجيين بحكم تجربته وخاصة معرفته بكل صغيرة وكبيرة داخل مركب حسان بالخوجة وهي ميزات تجعلنا متشددين في حكمنا على اختياراته وتوجهاته، ومن هذا المنطلق فإن الأمر بعيد كل البعد عن مسألة الإقالة أو حتى محاولات التأثير لذلك والتمهيد له وهذا ما يجب ان يفهمه الجميع. أسباب التراجع من بين أهمّ أسباب نجاح أي فريق هو الإنتظام على مستوى الإطار الفني ولذلك يعمّر المدربون طويلا في النوادي العالمية الشهيرة وتتم عقودهم على سنوات عديدة ، هذه قاعدة أساسية لنجاح أي فريق وتوفيقه في بلوغ اهدافه... مع الأسف الشديد لم يكن هذا التمشي السليم موجودا وقائما في الترجي الرياضي خلال السنوات الأخيرة التي شهدت تغييرات عديدة ومتتالية على مستوى المدربين بلغت رقما قياسيا على هذا المستوى دون أن تجدي الفريق نفعا بل كانت نتائج ذلك عكسية وكانت من بين الأسباب الرئيسية التي ساهمت في تدني مستوى الأحمر والأصفر وتراجع نتائجه بحكم ما تحمله هذه التحويرات من تعديلات فنية وتكتيكية حسب تصورات كل مدرب تتطلب بعض الوقت لاستيعابها والنجاح فيها من قبل اللاعبين ، ولذلك فإن تتاليها يفقد المجموعة التوازن والثوابت والتوجه الذي تسير عليه وهذا ما ينعكس سلبيا على المردود الفردي لكل لاعب وعلى الأداء الجماعي للفريق... هو بصحيح العبارة نزيف حان الوقت لإيقافه لتمكين الفريق من التعوّد على توجه واحد واستيعاب طريقة مدرب واحد والتمرّس عليها واستغلال إيجابياتها، ومن هذا المنطلق فإن استقدام مدرب جديد في هذه الفترة لن يحل المشكل بتاتا ولن يسمح للترجي الرياضي بتدارك ما فاته في البطولة ولا بإعداد نفسه كما يجب لانطلاقة مغامرته الإفريقية وهذا ما يضع المسؤولين أمام خيار وحيد وهو المحافظة على بن يحيى وهو القرار الذي يبدو أن رئيس النادي حمدي المدب يسير فيه ثم يكون التقييم والمحاسبة في نهاية الموسم مثلما تفرضه قواعد اللعبة وعلى طريقة الأندية الكبيرة ذات الإسترتيجيات الواضحة والمدروسة... خيار مرّ بعد تطرقنا للجانب الأول والأساسي من سلبيات تغيير المدربين باستمرار وخاصة في هذه الفترة بالذات، نمر إلى العائق الثاني الذي يفرض نفسه في مثل هذه الحالات والمتمثل في العثور على المدرب الكفء والمقتدر في هذا التوقيت بالذات ، فمن هو يا ترى الفني الكبير الذي يكون حرا من أي ارتباط في أواخر شهر جانفي ؟ ... الإجابة على هذا السؤال سهلة وبسيطة إذ يستحيل أن يتوفر في هذا التوقيت بالذات مدرب ممتاز يملك المواصفات التي تريدها الأندية التي تتطلع إلى التتويجات وإلى تطوير مستواها، بل إن الموجودين على الساحة الآن هم العاطلون عن العمل ممن لم يعثروا على فرق أو ممن أقالتهم النوادي بسبب إفلاسهم وتواضع مؤهلاتهم وهذا ما يجب أن يفكر فيه ويفهمه المسؤولون في الترجي الرياضي قبل الإقدام على قرار مصيري وحاسم... لذا وللمزيد من التبسيط نشير إلى أن فريق باب سويقة لن يجد في هذا الوقت مدربا افضل من خالد بن يحيى أجنبيا كان أو تونسيا حرا من كل ارتباط وهذا ما يزيد من سلبية اتخاذ مثل هذا القرار المؤثر جدا على مسيرة الفريق.
.. وللاعبين أيضا مسؤولية حتى نكون أمناء في تحليلنا وتقييمنا لمسيرة الترجي الحالية لا بد من الإشارة إلى المستوى المتوسط للمجموعة المتوفرة للإطار الفني ومحدودية إمكانيات بعض اللاعبين الذين لا يملكون أبسط المؤهلات التي تسمح لهم بالإنتماء إلى الترجي الرياضي وتأمين المهمة الكامنة في جني الإنتصار تلو الآخر والتطلع إلى التتويج سواء قاريا أو حتى محليا بما أن المحافظة على لقب البطولة الوطنية صعب جدا في ظل الفارق في الترتيب العام بعد نهاية الشطر الأول من الموسم... صحيح أن التغييرات المتعددة على مستوى الإطارات الفنية في السنوات الأخيرة أثرت بشكل كبير على مستوى ونتائج الفريق وصحيح أيضا أن بعض الإختيارات من المدرب خالد بن يحيى لم تكن موفقة وتحتاج إلى مراجعة فعلية وجذرية لكن الثابت كذلك أن اللاعبين لم يساعدوا الإطار الفني على الخروج من عنق الزجاجة وتجاوز المرحلة الصعبة بسلام أو حتى بأخف الأضرار ، ولا يجوز بالتالي وضع المسؤولية على طرف واحد وتحميله أسباب التراجع بمفرده، فكرة القدم لعبة جماعية يكون النجاح والإخفاق فيها جماعيا وهذا ما وجب الإشارة له كذلك حتى يكون التقييم سليما ... على أية حال ، هناك عوامل عديدة ومختلفة المصادر ساهمت في تدني مستوى الترجي الرياضي في هذه الفترة ومنعته من تطوير أدائه والتطلع إلى أفضل النتائج وأكيد ان الفرصة متاحة للاعبين والإطار الفني على حد السواء لتدارك الوضع خلال النصف الثاني من هذا الموسم وخاصة مع اقتراب انطلاق رابطة الأبطال الإفريقية .