دليل مرافقة لفائدة باعثي الشركات الأهلية    برنامج الغذاء من أجل التقدم 110 مليون دينار لدعم إنتاج التمور في تونس    أخبار المال والأعمال    انقسامات داخلية حادة تهز الاحتلال حول خطة بايدن لإنهاء الحرب    منوبة .. تهريب أفارقة في حشايا قديمة على متن شاحنة    علوش العيد .. أسواق الشمال الغربي «رحمة» للتونسيين    بن عروس.. نتائج عمليّة القرعة الخاصّة بتركيبة المجلس الجهوي و المجالس المحلية    لوقف الحرب في غزّة .. هذه تفاصيل المقترح الأمريكي    رابطة الأبطال: الريال بطل للمرّة ال15 في تاريخه    إطلاق منصّة جبائية    رادس: محام يعتدي بالعنف الشديد على رئيس مركز    عادل خضر نائب لأمين اتحاد الأدباء العرب    إختيار بلدية صفاقس كأنظف بلدية على مستوى جهوي    أمطار الليلة بهذه المناطق..    الفيضانات تجتاح جنوب ألمانيا    الرابطة 2.. نتائج مباريات الدفعة الثانية من الجولة 24    بنزرت: وفاة أب غرقا ونجاة إبنيه في شاطئ سيدي سالم    كرة اليد: الترجي يحرز كأس تونس للمرة 30 ويتوج بالثنائي    شاطئ سيدي سالم ببنزرت: وفاة أب غرقا عند محاولته إنقاذ طفليه    تحذير طبي: الوشم يعزز فرص الإصابة ب''سرطان خطير''    محرزية الطويل تكشف أسباب إعتزالها الفنّ    إستقرار نسبة الفائدة عند 7.97% للشهر الثاني على التوالي    الحمادي: هيئة المحامين ترفض التحاق القضاة المعفيين رغم حصولها على مبالغ مالية منهم    بلاغ مروري بمناسبة دربي العاصمة    عاجل/ الهلال الأحمر يكشف حجم المساعدات المالية لغزة وتفاصيل صرفها    بداية من اليوم: اعتماد تسعيرة موحّدة لبيع لحوم الضأن المحلية    وزارة التربية: نشر أعداد ورموز المراقبة المستمرة الخاصة بالمترشحين لامتحان بكالوريا 2024    الهلال الأحمر : '' كل ما تم تدواله هي محاولة لتشويه صورة المنظمة ''    عاجل/ إتلاف تبرعات غزة: الهلال الأحمر يرد ويكشف معطيات خطيرة    إمكانية نفاذ منخرطي الكنام إلى فضاء المضمون الاجتماعي عبر منصة 'E-CNAM'    غرق قارب بأفغانستان يودي بحياة 20 شخصا    غدا : التونسيون في إنتظار دربي العاصمة فلمن سيكون التتويج ؟    كرة اليد: اليوم نهائي كأس تونس أكابر وكبريات.    تجربة أول لقاح للسرطان في العالم    بعد إغتيال 37 مترشحا : غدا المكسيك تجري الإنتخابات الاكثر دموية في العالم    أنس جابر معربة عن حزنها: الحرب في غزة غير عادلة.. والعالم صامت    وزيرة الإقتصاد و مدير المنطقة المغاربية للمغرب العربي في إجتماع لتنفيذ بعض المشاريع    حريق ضخم جنوب الجزائر    وزير الصحة : ضرورة دعم العمل المشترك لمكافحة آفة التدخين    عاجل/ بنزرت: هذا ما تقرّر في حق قاتل والده    اتحاد الفلاحة: هذه اسعار الأضاحي.. وما يتم تداوله مبالغ فيه    قتلى في موجة حر شديدة تضرب الهند    غمزة فنية ..الفنان التونسي مغلوب على أمره !    لأول مرة بالمهدية...دورة مغاربية ثقافية سياحية رياضية    من الواقع .. حكاية زوجة عذراء !    رئيس الحكومة يستقبل المدير العام للمجمع السعودي 'أكوا باور'    ماذا في مذكرة التفاهم بين الجمهورية التونسية والمجمع السعودي 'أكوا باور'؟    مفقودة منذ سنتين: الصيادلة يدعون لتوفير أدوية الإقلاع عن التدخين    أول تعليق من نيللي كريم بعد الانفصال عن هشام عاشور    البرلمان : جلسة إستماع حول مقترح قانون الفنان و المهن الفنية    مستشفى الحبيب ثامر: لجنة مكافحة التدخين تنجح في مساعدة 70% من الوافدين عليها على الإقلاع عن التدخين    الشايبي يُشرف على افتتاح موسم الأنشطة الدّينية بمقام سيدي بالحسن الشّاذلي    الدخول إلى المتاحف والمواقع الأثرية والتاريخية مجانا يوم الأحد 2 جوان    الرابطة المحترفة الأولى: مرحلة تفادي النزول – الجولة 13: مباراة مصيرية لنجم المتلوي ومستقبل سليمان    الإعلان عن تنظيم الدورة 25 لأيام قرطاج المسرحية من 23 إلى 30 نوفمبر 2024    من أبرز سمات المجتمع المسلم .. التكافل الاجتماعي في الأعياد والمناسبات    مواطن التيسير في أداء مناسك الحج    عندك فكرة ...علاش سمي ''عيد الأضحى'' بهذا الاسم ؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



د.جلول عزونة (مؤسّس «الجبهة الشعبية») ل«التونسية»:تحالف «النّداء» و«النهضة» غير طبيعي
نشر في التونسية يوم 05 - 03 - 2015


«عركة» بسمة وحمّة زوبعة في فنجان
متمسّكون بمؤتمر وطني ضدّ الإرهاب
موقف «النّداء» من «الجبهة» كان حربائيا
عبّرنا عن استعدادنا لمساندة حكومة «الصّيد» رغم احترازنا عليه
حاوره: عبد السّلام لصيلع
في قراءته للخارطة السيّاسيّة الحالية للبلاد قال الدكتور جلّول عزّونة أمين عام «الحزب الشعبي للحرية والتقدّم» ومؤسّس «الجبهة الشعبية»، في حوار «التونسية» معه إنّ «التحالف بين «نداء تونس» و«النهضة» غير طبيعي»...
ونفى ما يُشارع عن اشتراط الجبهة عدم دخول «النهضة» للمشاركة في حكومة الحبيب الصّيد مضيفا: «موقف «النداء» من «الجبهة الشعبية» كان حربائيّا... والحبيب الصّيد لم يكن واضحا معنا»..
وأكّد تمسّك «الجبهة» بعقد مؤتمر وطني ضدّ الإرهاب والذي طالبت به منذ مدّة طويلة.. ولاحظ أن الخلافات داخل «الجبهة الشعبيّة» موجودة وأنّ الاختلاف الأخير بين بسمة الخلفاوي أرملة الشهيد شكري بلعيد وحمّة الهمّامي النّاطق الرسمي ل«الجبهة» زوبعة في فنجان.. وأكّد أنّ ما يجمع مكوّنات «الجبهة» هو التوجّه التقدّمي..
ما هي قراءتك للخارطة السياسية الحالية في تونس؟
- الخارطة السياسية في تونس الآن تتميّز بمعطى جديد هو التحالف بين «النهضة» و«النداء». وقد فُرضت سيرورة هذا التوجه شيئا فشيئا، وقد لاحظنا نوعا ما هذا التوجه منذ غرة ديسمبر 2014 أي قبل الدّورة الثانية للانتخابات الرئاسية حين طلب السيد الباجي قائد السبسي المرشح للدّور الثاني مقابلة الأخ حمّة الهمّامي الناطق الرسمي باسم «الجبهة الشعبية» وكان الردّ الوحيد الذي طرحه الناطق الرسمي الأخ حمّة الهمّامي أمام الباجي قائد السبسي هو «إنّ موقف الجبهة سيتحدّد انطلاقا من موقف «النداء» وموقف السيد الباجي قائد السبسي من تحالفه أو عدم تحالفه مع «النهضة»؟. ولم يتحصّل الأخ حمّة الهمامي على جواب واضح.. وقد طالب حمّة الباجي بجواب واضح وقال له: «إن أنت خرجت الآن وصرّحت (والصّحافة كانت تنتظر) وقلت بأنّ الخطّين المتوازيين لا يلتقيان، إن أكدت ذلك سيكون موقف الجبهة بكامل الوضوح مساندتك في الترشح للدور الثاني». لكن السيد الباجي قائد السبسي، كما نقول بالدّارجة «لم يعط صرف من عدل». ومن موقف السبسي كان موقف «الجبهة الشعبية» وتأكّد موقف «النّداء» الذي يسمّونه «الْمْزَرْبَطْ» أو الموقف الحربائي.. تأكّد من الغد في مجلس نوّاب الشعب حين رشّحت «الجبهة الشعبية» الأخت مباركة البراهمي لمنصب النائب الأول لرئيس المجلس. ولم يصوّت «النّداء» للأخت مباركة وكان في نيّتنا وكنّا نعرف أنّ ذلك الترشح سيكون المحرار والمقياس لمصداقيّة الطّرف المقابل أي «نداء تونس»، فاستخلصنا العبرة.. كنّا في اجتماع متواصل يومي 1 و2 جانفي 2015، وأتانا حمّة الهمامي مباشرة بعد مقابلة الباجي قائد السبسي ومن هنا جاء الموقف الذي تركنا فيه حريّة الاختيار للناخبين بالتصويت أو عدم التصويت للسيد الباجي قائد السبسي، فتأكدت شكوك «الجبهة الشعبية» بشكل واضح في مقابلة غرة ديسمبر وفي انتخابات نائب الرئيس الأول لمجلس نوّاب الشعب وترشيح الأخت مباركة يوم 2 ديسمبر.. وتأكد ذلك في المحادثات مع السيد الحبيب الصيد، وقد وقعت ثلاث مقابلات معه ومع قيادة «نداء تونس»، ولم نر الا عدم وضوح في الموقف، فكان موقف «الجبهة الشعبية» هو التحذير من هذا التحالف الذي نعتبره غير طبيعي بين «نداء تونس» و«النهضة». وانطلاقا من تشكيل حكومة الحبيب الصيد إلى الآن نعيش هذه المرحلة الانتقالية التي حسب ادّعائهم تفترض وحدة ولكنّنا كنّا نعتقد أنه مع بناء الجمهورية الجديدة سيكون هناك فرز حقيقي بين الحكومة والمعارضة.
وآخر المستجدات تتمثّل في ترشيح رئيس لجنة المالية في مجلس نوّاب الشعب إذ رأينا بدعة جديدة في حين أنّ الدّستور ينصّ على كتل وأحقيّة الكتلة الأغلبية في رئاسة لجنة المالية.. رأينا تخريجا جديدا يقول هناك كتلة ولا غير كتلة، كتلة فيها 7 أشخاص وفيها 8.. واحد صوّت للحكومة.. خرج بن غربيّة ويبقى في الكتلة 7 فقط ويكمّلونها بأشخاص آخرين من مستقلّين وغير مستقلّين، وهم لا يكوّنون كتلة في مجلس نوّاب الشعب.. وأنا سَمَّيْت هذا بال«JETABLE»، أي الإخراج المؤقّت.. بمعنى تخيّل كتلة، لا كتلة.. مثلما كان يفعل معنا بن علي، في كلّ مرحلة يخرج لنا قانونا «JETABLE».. قانونا صالحا فقط لمرحلة ولا يتمسّك بالمعنى العميق والأخذ بما جاء في فصول الدسّتور. وهناك تأويلات ما أنزل الله بها من سلطان. فنحن دخلنا كأنّنا في متاهة جديدة، والتونسي الذي أعطى صوته للجبهة الشعبية أو ل«النّداء» أو ل«النهضة» كأنّه يعيش حالة ارتباك زادتها ارتباكا حالة الأمن وقتل الحرس والجنود، وهذا الإرهاب الذي يعشّش فينا والذي يجب مقاومته واستئصاله وقد طالبنا بذلك في «الجبهة الشعبية» منذ تأسيسها بعقد مؤتمر وطنيّ ضد الإرهاب، ولازلنا متمسّكين بهذا المطلب ولا نرى في الأفق تمشّيا من أجل ذلك. إذن، هذه هي الحالة السياسية، رغم الاستقرار السياسي النّسبي بعد انتخابات شفّافة وديمقراطية، لكنّ نتائج تكوين الحكومة ونتائج السّيرورة في نطاق مجلس النوّاب غير واضحة ولا تتماشى مع وضوح الطّرح والأطروحات التي تمّت على أساسها الدّعاية للانتخابات التشريعية والرئاسيّة.
على ضوء هذا الواقع، إلى أين تتجه تونس حسب رأيك؟
- نحن في «الجبهة الشعبية» عندنا قراءتنا وقلنا في الحقيقة هذا التوجه كأنّه فُرِضَ على السيد الباجي قائد السبسي وعلي «نداء تونس» من طرف قوى أجنبية وهي واضحة: الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي والأوساط المالية العالميّة مثل البنك الدولي وغيره.. والتي تريد أن تحقّق، أولا وآخرا، شيئا وحيدا هو ضمان استخلاص ديونها التي أعطتها لتونس وهي ديون فاسدة لم تُسْتَعْمَلْ في ما أُخِذَتْ من أجله بل ذهبت إلى جيوب المستكرشين والفاسدين من المقرّبين من بن علي وغيره في فترة دكتاتوريته. وقد طالبنا في «الجبهة الشعبية» بأن نقوّي الموقف الوطني المستقلّ أكثر ما يمكن من هذه اللوبيات المالية أساسا، والسياسات الخارجيّة، ولكن صوت «الجبهة الشعبية» لم يجد آذانا صاغية بقدر كَافٍ... وجدت آذانا صاغية للالتفاف الكبير النسبي حول مرشّحها حمّة الهمامي في الدّورة الأولى للانتخابات الرئاسية. ونحن على العهد لأنّنا نعتبر أن مستقبل تونس وأبنائها مرهون في الحقيقة، اقتصاديّا، وسياسيّا وهذا هو الأخطر لأنّ تونس عاشت الرهن المالي قبل قرن ونيف مما أدى إلى الاستعمار المباشر ولا نزال نتحسّس آثار ذلك إلى اليوم ونحن واعون بذلك وعيا عميقا سياسيا وحضاريا وتاريخيا وفكريّا، وننبّه إلى ذلك، ولذلك جاء موقف «الجبهة الشعبية» التي يدّعي خصومها بأنّها لا تريد خلاص الدّيون. نحن لم نقل أبدا إنّنا نرفض تسديد الديون ولكنّنا طالبنا فقط بشيئين إثنين: فترة انتقالية بأربع أو خمس سنوات إمهال بعدم الخلاص حتى تذهب تلك الأموال إلى التنمية الجهوية للجهات المحرومة وغيرها. وثانيا، التثبّت وهذا قامت به بلدان أوروبيّة مثل اليونان الآن، وإيزلندا من قبل، وكذلك بلدان أخرى في جنوب أمريكا ... التثبّت من فساد تلك القروض، وهو حقّ يقرّ به المجتمع الدولي والقوانين الدولية.
فالقروض التي ذهبت إلى مشاريع في تونس سيقوم بخلاصها الشعب التونسي أجيالا بعد أجيال، ابنك وابني، اليوم وغدا وبعد غد.
أمّا الأموال القذرة التي وقع تهريبها إلى الخارج ونعرفها الآن، فهناك مساع لاسترجاعها لكنها غير جديّة لأنّه لا توجد إرادة سياسيّة قويّة.
هذا هو الرّهان، فخصومنا يقولون: «أنتم تطالبون بعدم الخلاص». ونحن لم نقل ذلك.. لكننا مع فترة انتقالية بعدة سنوات حتى نسترجع الأنفاس ولتجميد الخلاص لمدة معيّنة، وهذا يقع حتى في الدّول الأوروبية، للتثبّت من الفاسد وغير الفاسد، فقط.. هذه أمور معقولة، وخصوصا بعد الثّورة.. وإلاّ لماذا جاءت الثّورة؟
هل هناك رقم نهائي يحدّد هذه الدّيون القديمة والجديدة؟
- الأرقام موجودة.. ولدينا في «الجبهة الشعبية» خبراء ووقع التثبّت منها نسبيّا وأصدرناها في وثيقتين، الوثيقة الأولى سنة 2014 حين قدّمنا برنامجا بديلا للميزانية البديلة لسنة 2014 وكنّا سلّمناه إلى حكومة السيد المهدي جمعة ووزير المالية.. والاقتصاد في تلك الحكومة حكيم بن حمّودة... والأرقام موجودة.
ثم أيضا قمنا في نهاية سنة 2014 بتحيين تلك الأرقام في البرنامج الانتخابي التشريعي والرئاسي وهي تقدّر بآلاف المليارات، رغم أنهم يقولون إنّ نسبة الدّين في تونس كان أكثر من ٪30 من الدخل الخام، ووصلت الآن إلى أكثر من ٪50 ويقولون بالنسبة للمقارنة مع اليونان التي هي ٪160، لكنهم يريدون أن يحملونها إلى مأزق وخندق التبعيّة المطلقة.
هل صحيح أنّ رفض مشاركة «الجبهة الشعبية» في الحكومة الحالية، كما يقول خصومكم، كان وراء دخول «النهضة» إلى الحكومة لأنّ «الجبهة» اشترطت عدم دخول «النهضة»؟
- هذا الاتهام وجهه إلينا بالخصوص أناس ومسؤولون من «نداء تونس». هذا غير صحيح،لأنّنا خلال الثلاث مقابلات التي أجريناها مع السيد الحبيب الصّيد طلبنا شيئا واحدا، قلنا لهم «نحن لسنا راغبين في مناصب وزارية ولكنّ «الجبهة الشعبية» مستعدّة أن تساند هذه الحكومة وأن تصوّت لفائدتها في أوّل مرور لها أمام مجلس نوّاب الشعب، بشرط وحيد هو: قولوا لنا ماذا ستفعلون؟ في الثلاثة أشهر الأولى وفي التسعة أشهر الأولى من العام الأوّل، وفي العام الثاني، وقدّموا لنا برنامجا. ومن ناحيتنا قدّمنا مقترحات في برنامج» كان هذا هو المعيار الوحيد الذي سيتحدّد انطلاقا منه موقف «الجبهة الشعبية». ومثلما قلت لك لم نر منهم مواقف واضحة.
هل عرضوا عليكم مناصب وزاريّة معيّنة؟
- لا.. هم طلبوا منّا أن نقدّم إليهم أسماء، ولم نعط أيّة سيرة ذاتيّة وقلنا لهم إنّ موقف «الجبهة الشعبية» يمكن أن يكون مساندا لحكومة الحبيب الصّيد رغم احترازنا الأوّلي على شخصه وقلنا له هذا مباشرة وكتبناه في بلاغاتنا وقلنا إنّ تعيين الحبيب الصّيد هو علامة سلبيّة للشعب التونسي ورسالة سلبيّة، لماذا؟ لأنّه شارك في حكومة بن علي وفي حكومة «الترويكا». وإذن، هذه أشياء سلبيّة، وقد قُلنا قبل الانتخابات الرئاسية وحتى بعدها إننا نريد أن يتوفّر في الحكومة الجديدة شرطان هما لا لوجود وجوه قديمة من التجمعيين والدستوريين ولا لوجود وجوه من «الترويكا».
وهذا استنتاج طبيعي ففي الدّول الديمقراطية والتقدّميّة على من فشل سواء في حزب أو في حكومة أن يترك المجال لغيره من أجيال جديدة. وإذن، نحن قلنا إنّ مساندتنا المطلقة لحكومة الصّيد متعلّقة بالبرنامج، فلم نتحصّل من الإخوة في «نداء تونس» ومن سي الحبيب الصّيد على أيّة أشياء مدقّقة ومرقّمة ولو عن التوجّه العام. وأمام عدم وضوح الردّ كان موقفنا، ورغم ذلك نحن مستعدّون للتعاون مع السيد الحبيب الصيد ومساندته هو وحكومته، ونحن لسنا معنيين بالمناصب الوزارية لأنّ هناك أناسا يعتبرون المناصب الوزارية أهمّ شيء. وفي أوّل لقاء معهم قدّمنا إليهم برنامجا وقلنا لهم: لو تأخذوا الرّبع ممّا في برنامجما الذي تضمّن الإجراءات الاستعجالية وغير الاستعجالية نحن نساندكم.
دكتور، ما صحّة ما يقال حول خلافات وصراعات داخلية تعيشها «الجبهة الشعبية»؟
- «الجبهة الشعبية» تضمّ كما تعرف عشرة أحزاب ومنظّمات ومستقلّين، وشبه المعجزة أنّنا اجتمعنا رغم الإيديولوجيات والكتل. يعني، عندنا القوميّون والبعثيّون والقوميّون الناصريّون والشيوعيّون بمختلف اتجاهاتهم.
هذا الخليط، ماذا جمعه في «الجبهة الشعبية»؟ وهذا أنا شخصيا أؤكّد عليه. وفي حوار حول رئاسة لجنة المالية في مجلس نوّاب الشعب قال الأخ الجيلاني الهمّامي للسيد المهدي بن غربيّة: «أنت لم تقرأ أرضيّة الجبهة الشعبية»، في هذه الأرضية صفحتان، أعلنّاها ونشرناها ووزّعناها على الصّحافة يوم 7 أكتوبر 2012 منذ عامين وستّة شهور. ما الذي جمع كلّ هؤلاء الناس؟ لم تجمعنا الأيديولوجيّة الناصريّة، وقلنا للناصريّين: «مارسوا إيديولوجيّتكم في حزبكم».. ولا الأيديولوجية الشيوعية، وقلنا للشيوعيين بمختلف توجّهاتهم: «كلّ واحد في «حَانُوتُو» يواصل نضاله» «ولا «البعث»... الذي جمعنا شيء وحيد هو التوجّه التقدّمي، وكتبنا هذا.. إنّ ما يجمعنا هو فكرة التقدّم والإيمان بفكرة التقدّم وأنّه لا يمكن لحالة تونس والتونسيين أن تبقي على ما هي عليه، بل نبحث في نطاق سياسة تمَشّ معقولة ومنطقيّة في نطاق الأرقام ونطاق دراسة في حاجات الجهات والمواطنين ما يمكن القيام به في اتجاه تغيير الأحوال تماشيا مع جوهر شعارات الثّورة من كرامة وتشغيل.. وقدمنا هذا مثلما قلت لك في البرنامج البديل لميزانية 2014. نستطيع أن نقوم بكثير من الأشياء بإمكانياتنا الحاليّة، بنفس الميزانية وبلا اقتراضات من الخارج. هذا ما يجمعنا في «الجبهة الشعبية». إذن، رغم ذلك هناك اختلافات وسط «الجبهة الشعبية» ولم نُخْفِهَا يوما وتحدّثنا عنها وصرّحنا بها، لم ننقص منها.. هي موجودة. لكن، أحيانا تأتي زوابع في كأس. مثلا، الخلاف الأخير الذي ظهر وضخّمته الصّحافة بين بسمة بلعيد أرملة الشهيد شكري بلعيد والأخ الناطق الرسمي حمّة الهمامي. هذا اختلاف في التوجّه لأنّ الأخت بسمة بلعيد اختارت أن تصوّت في الدّورة الأولى للانتخابات الرئاسية لا لمرشّح «الجبهة الشعبية» والتي تنتمي إليها لكن هنا لا بدّ من التوضيح أن بسمة الخلفاوي لا تتحمّل أيّة مسؤولية في أيّ هيكل من هياكل «الجبهة الشعبية» هي زوجة الشهيد، «على الرّأس والعين»، نقدّرها ونحبّها ونقدّر تضحياتها وتضحيات ابنتيها وعلاقتها بالشهيد شكري بلعيد، لكنها اختارت الباجي قائد السبسي على وعود وعدها علنيّة وغير علنيّة لعائلة الشهيد شكري بلعيد، فنحن نحترم هذه الوعود ونتمنّى أن تتجسّم.. لكن وقع خلاف، هي اختارت الباجي قائد السبسي.
فإذن، هي حرّة ولكنّ موقفها شخصي وعائلي ولا يتجاوز تلك الحدود وهي أيضا حرّة في أن تنتقد «الجبهة الشعبية» ويمكن أن تكون غير راضية عن أداء «الجبهة»، هذا حقّ من حقوقها مثل أيّ مواطن تونسي آخر يمكن أن ينقد «الجبهة الشعبية» ولا تعجبه توجّهاتها... هذا حقّ من حقوق المواطنين. فنحن نصدر مواقفنا الرسمية في بيانات انطلاقا من قناعات لم نحد عنها في اعتقادنا منذ تأسّست «الجبهة الشعبية».
ولا تنس أنّ رموز «الجبهة» التي أسّستها ناضلت في عهد بورقيبة ضدّ الدكتاتورية والحكم الفردي، وناضلت ضدّ بن علي، وليس هناك أحد يزايد علينا، ودفعنا شهداء. لكن أن يقتنع شخص بما تقدّمه «الجبهة الشعبية» وبما تقترحه من برامج أو لا يقتنع، هو حرّ. فإذن هذا الخلاف في مرحلة من المراحل السياسية رأت الأخت بسمة بلعيد الخلفاوي أنّ «الجبهة الشعبية» ربّما لم تضع ثقلها، وكانت ربّما هي تريد أن تكون «الجبهة الشعبية» مصطفّة وراءها ووراء موقفها ووراء موقف «نداء تونس».
ولم يكن ذلك موقف المسؤولين ومكوّنات «الجبهة الشعبية» الأمور واضحة لا نكبّرها ولا نخفيها في نفس الوقت. هذا خلاف حقيقي. ونحن نتمنّى أن يكون السيد الباجي قائد السبسي رئيس الجمهورية التونسية و«نداء تونس» جادّين في الكشف عن ملابسات اغتيال الشهيدين شكري بلعيد ومحمد البراهمي. ونحن نتّهم «النهضة» سياسيّا بضلوعها، وهناك ناحية أخلاقية وناحية سياسيّة، وليست ناحية قضائيّة وجزائية واحدة، لأنّ القضاء متكفّل بذلك.. لذلك لا نعتقد أن بوجود «النهضة» الآن في الحكم ولو بشكل رمزي أو شبه رمزي أن يتمّ فتح ملفّيْ الاغتيال بصفة جديّة وهذا في قناعاتنا الشخصية، وإن شاء الله نكون مخطئين وإن شاء الله يكذّبون توقّعاتنا، ونحن نعطي الثقة للقضاء.
هل من كلمة أخيرة في نهاية هذا الحوار؟
- نحن في «الجبهة الشعبية»، وأنا شخصيا كجلّول عزّونة بصفتي كاتبا أؤمن بالثقافة والكتاب وبالكلمة ودورها، كنت دائما منذ صباي أؤمن بالتطوّر والتقدّم.. وأنا متفائل بطبعي لأنّي ربّما عندما كان عمري ثماني سنوات عام 1952 أيام ثورة الشعب التونسي وانطلاق الكفاح المسلّح ضد الاستعمار الفرنسي كانت هناك وحدة وطنيّة حقيقية في تونس راح ضحيّتها مئات الضحايا وآلاف المساجين في المحتشدات والتعذيب.. عشت في يوم واحد، في 21 جانفي 1952 إيقاف حوالي خمسين مناضلا من منزل تميم، وأنا أصيل هذه المدينة. من الموقوفين كان أخي وخالي الذي كان عضو المجلس المحلّي ومدير مدرستي الابتدائية ومعلّمي في الفرنسية وزوج خالتي وزوج أختي.. وبعد عامين جاء مانداس فرانس في عام 1954 وتم إطلاق سراح هؤلاء جميعا، فلم يدرّسني أحد درسا في التاريخ..
عرفت أن «النضال يْجِيبْ» كما يقول المناضل حمّة الهمّامي. وهذا الدرس الطبيعي بقي راسخا وحده لديّ.. عادوا إلى منازلهم، فرحنا بهم.. بالأناشيد.. والشبيبة الدستورية.. والاجتماعات.. و«حماة الحمى».. والأفراح والأعلام.. و«الكسكسي» في الدّيار.. والتجمّعات.. والشاي بالكاكاويّة... هذا كله مهمّ جدّا.. فأنا أعتقد ولا أزال، منذ أن كان عمري بين 8 و10 سنوات أنّ «النضال يْجِيبْ».. لكن لا بدّ من قليل من الصّبر. إذن، التّفاؤل هو سرّ الحياة وجوهر النضال. وقد علّمنا الشعب التونسي النّظر إلى بعيد ولا ينبغي أن نتأثّر كثيرا بالعراقيل اليوميّة أو بالصّعوبات التي تعترضنا هنا وهناك وبقليل من الفكر والعقل والصّبر نستطيع التغلّب على كلّ الصّعاب.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.