تدرك حكومة الحبيب الصيد مع منتصف شهر ماي الجاري (14 ماي 2015) مائة يوم على تسلمها مقاليد السلطة يوم 04 فيفري من هذه السنة بعد نيلها ثقة النواب خلال جلسة عامة انتظمت للغرض، ودخول البلاد مرحلة جديدة اثر انتخابات مجلس نواب الشعب والانتخابات الرئاسية لسنة 2014 دعمتها حكومة رسمية قطعت مع ما هو وقتي ومؤقت بما يعني القطع جذريا مع «حكومات الأيادي المرتعشة» واتخاذ الإجراءات الوقتية لمعالجة أوضاع هيكيلة. وقد ورثت الحكومة الجديدة وضعا صعبا خاصة على المستوى الاقتصادي وعلقت الأطراف الاقتصادية آمالا كبيرة على تحسن الوضع والدخول في مرحلة جديدة على درب الانتعاشة الاقتصادية الحقيقية مع حكومة رسمية غير أن الأوضاع ظلت على حالها بل ازدادت سوءا وتعكرت الأمور أكثر مما كان متوقعا بدليل أزمة الحوض المنجمي والشلل التام الذي طال إنتاج الفسفاط وجل الأنشطة المرتبطة به، الى جانب تغوّل الاقتصاد الموازي الذي لازال ينخر دواليب الاقتصاد الوطني اضافة للركود الملحوظ في الاستثمار الخاص المحلي علاوة على تخوف من رأس المال الأجنبي. جملة من المؤشرات تؤكد أن حكومة الحبيب الصيد على الرغم من دنوّ موعد انتهاء ال 100 يوم الأولى لم تفلح في انتشال الوضع الاقتصادي من أزمته، في ظل برنامج حكومي غير واضح المعالم بدليل تأكيدات جل الخبراء الاقتصاديين ورجال السياسة( خاصة الأحزاب المعارضة في البلاد) على أن هذه الحكومة لم تقدم برنامجا مفصلا وواضح المعالم يتضمن جملة من الإجراءات العملية التي من شأنها معالجة حجم الإشكاليات الهائلة العالقة وفي مقدمتها إيجاد حل للبطالة ولا سيما بطالة حاملي الشهائد العليا فضلا عن تفاقم الفوارق بين الجهات حيث ظلت العديد من الجهات الداخلية مهمشة بل تعقدت وضعيتها أكثر من قبل بدليل التعطل الواضح في تجسيم برامج أشغال البنية التحتية إذ لم يلمس سكان الجهات الداخلية أي تحسن أو تطور في أوضاعهم الاجتماعية أو الاقتصادية. ووفق المعطيات المتوفرة لدينا فإن كل الوزارات بصدد إعداد تقييم دقيق ومفصل لحصيلة أعمالها خلال المائة يوم الأولى وسيقع إدراج جزء منه في بيان الحكومة الذي سيعرضه رئيس الحكومة أمام مجلس نواب الشعب بمناسبة مرور 100 يوم على تسلم الحكومة مهامها. والأمر الثابت والمتأكد أن الانطباع الأولي عن أداء الحكومة لم يرتق إلى مستوى التطلعات والملاحظ يشعر وكأن الشعب يتعامل مع حكومة مؤقتة لم تستطع صراحة فرض هيبة الدولة في جملة من الإشكاليات الاجتماعية والاقتصادية وظلت مقاربتها سطحية إذ أن القرارات التي يتم اتخاذها من خلال جلسات العمل الوزارية أو انعقاد مجلس الوزراء تكاد تكون سطحية وظرفية بلا أبعاد جذرية. ولئن تجد بعض الأطراف أعذارا لهذه الحكومة الجديدة بأن فترة المائة يوم الأولى هي فترة تجربة أو لنقل فترة «تربص سياسية واقتصادية» لبلاد تمر بفترة انتقالية خاصة من الجانب الاجتماعي والاقتصادي، فأكيد أنه لن يقع في الفترة الموالية التسامح مع الأداء المهزوز في الثلاثة أشهر الأولى وسيرتفع منسوب النقد والضغط على الحكومة حتى تكون في مستوى الآمال والطموحات المعلقة عليها من اجل إخراج البلاد من جملة الإشكاليات الخانقة التي تتخبط فيها.