رئيس الجمهورية قيس سعيد ... الشعب التونسي ينتظر «ثورة تشريعية» في كل المجالات    القصرين: تمتد على 2000 متر مربع: اكتشاف أول بؤرة ل«الحشرة القرمزية»    انتخاب تونس رئيسا للمجلس التنفيذي لمركز «أكساد»    اليمن تعلن بدء المرحلة الرابعة من التصعيد: البحر المتوسط ممنوع على الصهاينة    مع الشروق .. عندما تعرّي الثورة الطلابية المبادئ الأمريكية الزائفة    بطاقتا إيداع بالسجن في حقّ فنان‬ من أجل العنف والسرقة    إنه زمن الإثارة والبُوزْ ليتحولّ النكرة إلى نجم …عدنان الشواشي    المركب الثقافي بمدنين يحتضن فعاليات الملتقى الجهوي للمسرح بالوسط المدرسي    محاميتها تتحدث عن كواليس ليلة القبض على الإعلامية حليمة بولند    رئيس الحكومة يشرف على مجلس وزاري مضيق: التفاصيل    المحمدية.. القبض على شخص محكوم ب 14 سنة سجنا    تالة: مهرجان الحصان البربري وأيام الاستثمار والتنمية    "سلوكه مستفز": الافريقي يطالب بتغيير هذا الحكم في مباراته ضد الصفاقسي    حالة الطقس هذه الليلة    سوسة: ايقاف مروج مخدرات وحجز 500 قرصا مخدرا    عاجل/ قضية "اللوبيينغ" المرفوعة ضد النهضة: آخر المستجدات..    فاو: ارتفاع مؤشر أسعار الغذاء... اللحوم والزيوت النباتية والحبوب    توقيع محضر اتفاق بين وزارة التربية وجامعة التعليم الأساسي .    جلسة عمل بين ممثلين عن هيئة الانتخابات ووزارة الخارجية حول الاستعدادات للاستحقاقات الانتخابية القادمة    حجز 67 ألف بيضة معدّة للإحتكار بهذه الجهة    عاجل/ أعمارهم بين ال 16 و 22 سنة: القبض على 4 شبان متورطين في جريمة قتل    العثور على جثة آدمية مُلقاة بهذه الطريق الوطنية    نتائج قرعة الدورين ثمن وربع النهائي لكاس تونس لكرة القدم    ألكاراز ينسحب من بطولة إيطاليا المفتوحة بسبب الإصابة    توطين مهاجرين غير نظاميين من افريقيا جنوب الصحراء في باجة: المكلف بتسيير الولاية يوضّح    القصرين: اضاحي العيد المتوفرة كافية لتغطية حاجيات الجهة رغم تراجعها    الرابطة الأولى: تعيينات حكام مقابلات الجولة الثانية إيابا لمرحلة تفادي النزول    كرة اليد: بن صالح لن يكون مع المنتخب والبوغانمي لن يعود    مراسلون بلا حدود: تونس في المرتبة 118 في التصنيف العالمي لحرية الصحافة لسنة 2024    الرابطة الأولى: النادي البنزرتي يستضيف الأولمبي الباجي في حوار فض الشراكة في الصدارة    بطولة افريقيا للسباحة : التونسية حبيبة بلغيث تحرز البرونزية سباق 100 سباحة على الصدر    مدنين: حجز 50 طنا من المواد الغذائية المدعّمة    قرعة كأس تونس 2024.    الحماية المدنية:15حالة وفاة و500إصابة خلال 24ساعة.    الحمامات: اختتام فعاليّات الصالون المتوسّطي للتغذية الحيوانيّة وتربية الماشية    السعودية: انتخاب تونس رئيسا للمجلس التنفيذي للمركز العربي لدراسات المناطق الجافة والأراضي القاحلة "أكساد"    188 قتيلا في فيضانات جراء الأمطار بكينيا..#خبر_عاجل    مواطنة من قارة آسيا تُعلن إسلامها أمام سماحة مفتي الجمهورية    منظمة إرشاد المستهلك:أبلغنا المفتي بجملة من الإستفسارات الشرعية لعيد الإضحى ومسألة التداين لإقتناء الأضحية.    التلقيح ضد الكوفيد يسبب النسيان ..دكتور دغفوس يوضح    أعمارهم بين 13 و16 سنة.. مشتبه بهم في تخريب مدرسة    جدل حول آثار خطيرة للقاح أسترازينيكا مالقصة ؟    دراسة صادمة.. تربية القطط لها آثار ضارة على الصحة العقلية    خطبة الجمعة ..وقفات إيمانية مع قصة لوط عليه السلام في مقاومة الفواحش    عاجل/ الأمن يتدخل لاخلاء محيط مقر مفوضية شؤون اللاجئين في البحيرة من الأفارفة..    زلزال بقوة 4.2 درجة يضرب إقليم بلوشستان جنوب غرب باكستان    خطير/ خبير في الأمن السيبراني يكشف: "هكذا تتجسس الهواتف الذكية علينا وعلى حياتنا اليومية"..    اليونسكو تمنح جائزة حرية الصحافة للصحافيين الفلسطينيين    العمل شرف وعبادة    ملف الأسبوع .. النفاق في الإسلام ..أنواعه وعلاماته وعقابه في الآخرة !    "أنثى السنجاب".. أغنية أطفال مصرية تحصد مليار مشاهدة    بايدن يتحدى احتجاجات الطلبة.. "لن أغير سياستي"    وزارة الشؤون الثقافية تنعى الفنان عبد الله الشاهد    وفاة الممثل عبد الله الشاهد‬    موعد عيد الإضحى لسنة 2024    وفاة الروائي الأميركي بول أستر    ''أسترازنيكا'' تعترف بأنّ لقاحها له آثار قاتلة: رياض دغفوس للتونسيين ''ماتخافوش''    وفاة حسنة البشارية أيقونة الفن الصحراوي الجزائري    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الجنرال أحمد شابير ل«التونسية»:لا حاجة لقوانين خاصة لحماية الأمنيين
نشر في التونسية يوم 13 - 05 - 2015


أنا «صندوق أسود و الأسرار أمانة»
لو أراد الجيش السلطة لفعل ذلك في 1978 أو 1983
لهذا السبب لا يمكن «التنبير على الجيش»
حوار: أسماء وهاجر
يتواصل الاهتمام إلى حدّ اليوم بما حدث بعد 14جانفي خاصة حول مساعي عسكرة الداخلية وما خفي من وثائق ومناشير تتحدث عن مخططات للإستيلاء على الحكم من طرف المؤسسة العسكرية وخفايا موضوع اختراق هذه المؤسسة وحقيقة وجود قرار بإيقاف 100تجمعي لامتصاص الغضب الشعبي. كلها نقاط ناقشتها «التونسية» مع من يسميه البعض بالصندوق الاسود للثورة التونسية الجنرال أحمد شابير مدير المخابرات العسكرية سابقا الذي تحدث عن المؤسسة العسكرية وكل ما يتعلق بأدائها وعقيدتها التي أكد أنه لا يمكن لأي أحد أن يزايد على ولائها للوطن مُبيّنا أن السياسيين لا يمكن أن يشعروا بمعاناة العسكري لأن اغلبهم لم يؤدّ واجبه العسكري طالبا بناء على ذلك بتنقيح القانون الانتخابي من اجل اشتراط اداء الخدمة العسكرية لتقلد المناصب العليا في الدولة.
تفاصيل الحوار في السّطور التالية:

هناك دائما تساؤل عن الفرق بين الجيش التونسي والجيوش العربية ذائعة الصّيت كالجيش المصري مثلا؟
- لا وجه للمقارنة . كل دولة لها ظروفها من ناحية التهديدات والبرنامج السياسي وقوتها الاقتصادية هذا الثالوث – حجم التهديدات الخارجية والبرنامج السياسي والقوة الاقتصادية - هو الذي يحدد شكل وطبيعة القوات المسلحة. ومن هذا المنطلق فتونس ليست مصر ناهيك أنّ مصر في السابق كانت تبحث عن الهيمنة باسم تحقيق الوحدة العربية وهو ما جعلها تتعرض إلى تهديدات خارجية كبيرة من اسرائيل وحلفائها ولكن ما عازها فقط هي القوة الاقتصادية فكان جيشها على المنوال الذي نراه اليوم وبهيكلته الحالية وهو امتداد لعقيدة كاملة نابعة من الثالوث الذي بينته آنفا. أما تونس فليس لدينا تهديدات خارجية ومشروعنا السياسي بعيد كل البعد عن أطماع الهيمنة وعلاقات بلادنا مع كل دول الخارج هي علاقات هادئة كما أن إمكاناتنا الاقتصادية ضعيفة والتمويلات مرصودة للتنمية وللتعليم بحيث اخترنا جيشا لديه حد أدنى من القوة الردعية. لكننا عالجنا ضعف الإمكانات بالتكوين. فجيشنا يعوّل على قيمة المقاتل وليس على قيمة العتاد والنتيجة أن العسكري في الجيش التونسي يقاس بألف مقاتل من مقاتلي الجيوش ذات الصيت التي يكون الألف فيها كأفّ وأنا أعي ما أقول. وهذا ما برّر الشكل الحالي للجيش التونسي.

هل صحيح أنه تمّ إضعاف الجيش التونسي في عهد بورقيبة وبن علي؟
- هذا غير صحيح فالجيش التونسي لم يكن ضحية لا بورقيبة ولا بن علي بل هي خيارات فرضها واقع البلاد وإملاءات معينة فلو فرضنا اننا اقتنيا كمية من الطائرات فإن ذلك لا طاقة للبلاد به وهذه الخيارات ستكون على حساب ماذا ؟اكيد على حساب قطاعات اخرى بحكم محدودية موارد الدولة وكما قال بورقيبة «لا نخاف على تونس إلاّ من أولادها».

تعالت الاصوات في الآونة الاخيرة من قبل بعض الخبراء العسكريين عن وجود تهديدات فعلية باختراق المؤسسة العسكرية فهل لهذه التصريحات سند واقعيّ ؟
- كتهديد هذا موجود. فكل منظومة أمنية أو عسكرية مهدّدة بالاختراق وهذا موجود في كل بلدان العالم والاختراق نوعان: إمّا تجنيد واحد من الموجودين يقع توظيفه وإمّا زرع طرف يدخل المؤسسة ويصبح فردا فيها والمحاولات موجودة منذ سنة 1987 وقد كانت محاولات فاشلة .
وما يسمّى بمجموعة براكة الساحل والتي تعود الى سنة 1991فانه ليس لي دراية كبيرة بكامل تفاصيلها ولكن في اعتقادي الشخصي فان هذه المجموعة فيها الكثير من الابرياء الذين حملوا على الشبهة ودفعوا ثمن ذنب لم يرتكبوه .
وفي عهد «الترويكا» هل وُجد اختراق؟
- التساؤل الذي يطرح نفسه في هذا الاطار متى نتحدث عن اختراق ؟ الامن والجيش هما إحدى أدوات السلطة التنفيذية في أي عهد كان «ترويكا» أو غيرها ولا يمكن أن نتحدث عن اختراق الا عندما يقع استعمال المؤسسة العسكرية في غير محله واقحامها في الصراعات السياسية او الحزبية وفي اعتقادي فان الجيش بقي على خطه الثابت وهو الولاء للشرعية والوطن ونكران الذات .

يسمّيك البعض بأنك «الصندوق الأسود» للثورة التونسية ؟
- كل المسؤولين صناديق سوداء.فما بالك في عملنا ؟لكن ليس بالطريقة التي يفهمها البعض.فالجزء الغامض أو كما يحلو للبعض تسميته بالجزء الاسود هو من قبيل العلم الذي لا ينفع والجهل الذي لا يضر.فنسبة العلم التي لدي ولدى العديد من المسؤولين التي اطلعوا عليها بحكم مهامهم تقابلها نفس النسبة من الانضباط والحفاظ على أسرار الدولة التي أصفها بالأمانة. لكن ما أقوله هو أن سقوط نظام بن علي كان احتمالا واردا ولكن المفاجأة هي في سرعة سقوطه. وبالنسبة للتهاوي التدريجي يمكن أن نستشفه من خلال تحليل خطاباته فنغمة أول خطاب ليست نفسها نغمة آخر خطاب التي أعلن فيها أنه لن يترشح مجددا للانتخابات الرئاسية وأعلن على جملة إصلاحات وطلب مهلة للقيام بها جوبهت برفض من الشعب التونسي.فخروج بن علي ولا أقول هروبه هو الجزء الواضح في لغز الثورة التونسية. أما الجزء الثاني فلا يعلمه إلاّ بن علي نفسه إن كان هناك من نصحه بعدم العودة أو أنه اتخذ القرار بنفسه على ضوء قوة الاحتجاجات التي قامت في ذلك الوقت من 17ديسمبر 2010الى 14جانفي 2011. ومن يدعي غير ذلك فهو ادعاء بعلم باطل .

قال مسؤول سابق أنه حمى البلاد يوم 14 جانفي 2011 من حمام دم وانقذ تونس من مصير ليبيا ما هو تعليقكم على ذلك ؟
- لكل شخص أن يصرح بما يشاء ويدعي انه حمى تونس. أنا أرى أن كل شرفاء تونس حموا البلاد من مواطنين كوّنوا لجان احياء وسعوا بكل المجهودات الى حماية مناطقهم وأمنيون لازموا مراكز عملهم في تلك الأيام العصيبة ولم يغادروها خوفا على مصير البلاد. هناك من أمّن المرافق لديمومة الدولة بمعنى آخر كل شخص واع تصرف بكل أمانة في ذلك الظرف ساهم في انقاذ تونس .

هل أنه في ظل تصاعد الاحداث تم إعطاء اوامر بإطلاق النار على المتظاهرين ؟
- بن علي لم يعط أوامر للجيش بإطلاق النار وأريد في هذا الإطار أن أنوه بشيء مهم وهو أنه لا علاقة للجيش بالاحتجاجات والمظاهرات التي اندلعت ولم يكن في مواجهة مباشرة مع المواطنين لان هذا ليس من كنه اختصاصه فدور الجيش يقتصر على حماية المؤسسات والمرافق العامة. أما بالنسبة لبعض الحالات التي سقط فيها ضحايا على يد الجيش فان ذلك لا يعدو أن يكون سوى حوادث في خضم المعركة وهو أمر ليس خاصّا بتونس وتبقى في كل الاحوال حالات معدودة واستثنائية وهي من مناط اختصاص القضاء .

كيف تقيّمون العلاقة بين المؤسسة الامنية والعسكرية امام اتهامات بسقوط ضحايا أمنيين على يد الجيش؟
- العلاقة بين المؤسستين طيبة بدليل وجود تنسيق تام بينهما ويعملان جنب الى جنب في كل المحن وعلى فرض وجود بعض الحزازيات فهي من قبيل الاستثناء وتعزى لتصرفات فردية من قبل بعض الأشخاص ولا يمكن أن تنسب لكل المؤسسة. تبقى مسألة سقوط ضحايا امنيين على يد الجيش أمر وراد في كل الحالات الغير العادية زمن الثورة او الحرب اذ قد تقع بعض الحوادث بسبب حالة الارتباك وهي ما يسمّى ب«النيران الصديقة» .

هناك أنباء عن تعرضك لضغوطات أثناء الإدلاء بشهادتك أمام المحكمة العسكرية ؟
- لم أتعرض لأية ضغوطات من أي طرف كان .قلت شهادتي كما يملي عليّ ضميري ولا أخاف لومة لائم في قول الحق .

كيف تقبّلتم أمر تعيينكم مديرا عاما للأمن الوطني والبلاد تحترق والدماء تسيل؟
- أنا تقلدت هذه المهام في 2 فيفري 2011 وكان الوضع صعب جدا «على صفيح ساخن». بعد اقالة الكوادر الأمنية وأنا أعتبرها من الأخطاء الفاحشة التي قام بها فرحات الراجحي. حيث وجدت نفسي مطالبا بتأمين وضع أمني بكوادر جديدة وبعض الامنيين مهددين في عائلاتهم وأرزاقهم. الوضع كان صعبا للغاية. وفي تلك الفترة لم يكن لدي خيار التفكير. هناك قرار سياسي بتعييني من ناحية ومن ناحية أخرى هناك نداء الواجب ولا يمكنني الفرار من الزحف فالمسؤولية كانت كبيرة (أمن التونسيين) ولا مجال لخيار المشي إلى الوراء بلغة الشطرنج «الرخ لا» . بقي انني مارست هذه المهمة في اطار وزارة الداخلية فاللون لا يهمني والمهم هي الغاية وتنفيذ المهمة حسب املاءات الواجب وما تحتّمه الوطنية.
اتهمتم في تلك الفترة بمحاولة عسكرة وزارة الداخلية ؟
- لا وجود لأي شكل من أشكال محاولة عسكرة وزارة الداخلية ولم توجد النية اصلا.ولا يمكن الحديث عن وجود نوايا عسكرة لمجرد تعيين مدير الأمن الوطني من المؤسسة العسكرية.لان هذا العسكري يشتغل وفق القوانين الموجودة بوزارة الداخلية نفسها .وانا عندما سيرت المؤسسة الامنية سهرت على تطبيق الاوامر واشتغلت بالقوانين السارية المفعول في ذلك الوقت ولم اقم بأية تعيينات اشتغلت بالإطارات والموظفين الموجودين وكل ما وجد هواجس ولا صلة لها بالواقع .

وماذا عن اطماع الحكم التي اتهمتم بها ولعلكم تتذكرون المناشير التي وجدت في تلك الفترة وتتحدث عن وجود مخطط للاستيلاء على الحكم ؟
- ليست لدينا اطماع في الحكم أو الاستيلاء على السلطة. والجيش لو كانت لديه رغبة للقيام بذلك لحقق ذلك في 78و83 فالثورة ليست الفرصة الوحيدة التي توفرت له ولكنه لا يفكر في ذلك ولن يفكر في ذلك إلى يوم يبعثون وتلك هي عقيدة الجيش التونسي. فالجيش في خدمة الوطن والشرعية. والقول بأنّ القوة الحقيقية كانت الأمن الرئاسي وأنّ الجيش كان عاجزا على القيام بذلك غير صحيح فككل جيوش العالم الجيش التونسي يتحكم في البر والبحر والجو ولا وجه للمقارنة يكفي أن اذكر في هذا الإطار أن جيش ليبيريا على ضعفه استطاع افتكاك الحكم .ما اؤكده أن الوثائق والمناشير التي وُجدت في تلك الفترة وتناقلتها مواقع التواصل الاجتماعي هي وثائق عارية من الصحة وافتراءات محضة وان للجيش التونسي مناعة كبيرة تميزه عن كل الجيوش في العالم.
هل كان إيقاف «التجمع» عن النشاط لأسباب أمنية أم سياسية ؟
- هناك قرارات تحكم فيها معطيات ظرفية حينية لا يمكن أن تقيَّم إلا في الظرف الذي صدرت فيه فحل التجمع كان بناء على مطلب شعبي لكن لا نستطيع تبرير هذا الموقف إلا بالرجوع الى الوراء لأن التقييم الآن لن تحكمه نفس معطيات الآنية المطروحة زمنها والأكيد أن القرار قد برّرته في ذلك الظرف حالة الاحتقان التي كانت تنادي بدق آخر مسمار في نعش النظام البائد –وهو الحزب الحاكم -.

هل صحيح أنه كانت هناك قائمة تزيد عن مائة إطار تجمعي أمر وزير الداخليةً بإيقافهم خوفا من ردّ فعل وأن هناك طرفا رفض تنفيذ هذا القرار؟
- القائمة لم اطلع عليها وليس لديّ علم بها وأنا شخصيا لم أتلق أوامر بإيقاف أي كان.

هل تعتقدون بكل موضوعية أن المواطن التونسي يرتاح أكثر للتدخل العسكري في حالات الاحتقان مقارنة بالتدخّل الأمني؟
- نظرة التونسي للأمني لم تتغيّر للأسف.. هناك نوع من الحساسية تجاهه ,فالمواطن لم يدرك بعد ان طريقة عمل الأمني ما قبل 14جانفي ولّت وانقضت. فالزجر والتعتيم على إبلاغ الصوت لم يعد موجودا وهي من الاشياء التي ربحناها فضلا عن حرية التعبير والاعلام وهي إحدى الضمانات التي تحول دون العودة للمربع السابق .وعدم التغيير في تقديري يُعزى الى ضعف تأطير المواطن الذي لم ينخرط في النسيج الجمعياتي الذي من شأنه أن يرسخ فيه ثقافة الاعتدال والتسامح ونبذ العنف .
تبقى مسألة ثقة المواطن في المؤسسة العسكرية فان ذلك يجد في تقديراتي مبرره في الرصيد المعنوي الذي تتمتع به هذه المؤسسة التي يراها المواطن حامية المؤسّسات. وأتمنى ان تزول هذه العقلية لان المؤسسة الامنية بدورها هي الدرع الحامي للشعب وقد عانت الويلات بعد الثورة ومورست ضدها عدة انتهاكات طالت حتى حياة الامنيين الخاصة جراء سياسة الشيطنة التي مورست حيالهم .

من مساهم فعّال في التنمية إلى الحرب على الارهاب هل تخلّى الجيش عن دوره الأول؟
- صحيح أن الجيش التونسي كان فعّالا في التنمية خاصة في المناطق الوعرة والحدودية ، واليوم هو في حرب داخلية على الإرهاب والفوضى والتهريب شأنه شأن الأسلاك الأمنية والديوانية مع ازدياد التهديدات الخارجية. لكن لا يجب ألاّ نغفل أن التنمية هي دور ثانوي ويمكن الرجوع للقانون الخاص بوزارة الدفاع لاستجلاء ذلك فمهمته –الجيش - اساسا هي ضمان حرمة وسيادة الوطن .
وبالنسبة للإرهاب كان خطرا فأصبح تهديدا. قبل 14جانفي كان خطرا وبعد 14جانفي أصبح تهديدا. تونس اليوم تحت تهديد «داعش» أو «أنصار الشريعة» أو «قاعدة المغرب العربي» كل التسميات ثانوية لكن التهديد التكفيري الجهادي موجود. وهي حركات غير وطنية عالمية ولديها منظريها ومن يوفر لها الدعم اللوجستي والاستخبارات. ويندرج ذلك في نطاق مخطط كبير وهو إضعاف المنطقة العربية الاسلامية وانهاكها إلى أبعد الحدود. قبل 1989 كانت هناك صراعات بسيطة بين الدول. اليوم توجد مشاكل داخل الدول مرة اللعب على حبال الطائفية ثم على الفروقات الدينية واليوم يجري اللعب على تجزئة المجزّء. مع الأسف من أصعب المعارك في الحروب النزاعات غير المتناظرة لأن المشكل أن العدو زئبقي وفي وسط المجتمع ويختار المكان والزمان والطريقة. وهنا في مجال الارهاب ضمان نجاح المعركة يبدأ بالاستعلام. أمريكا بعد أحداث 11 سبتمبر اكتشفت أن لديها مشكل في الاستعلام رغم حجم العتاد وترسانة الاسلحة التي بحوزتها وبالتالي علينا أن نقوّي جهاز الاستعلام .

ما الفرق بين الاستعلام والبوليس السياسي؟
- هنا نعود إلى مشكل التوظيف. فالتركيز في المعلومات التي يتم جمعها يتعلق بأمننا وبمناعة حدودنا. «الرادار يأتي بكلّ شيء وأنت مهمتك في التوظيف». آما عبارة البوليس السياسي فقد تمّ استعمالها في سياق أن البوليس موظف لدى السلطة السياسية.لكن اليوم نحن في حاجة إلى استعلامات وطنية لخدمة الوطن ومحاربة الارهابيين الذين تقدموا أشواطا في هذا المجال وليس لاقتفاء اثر المعارضين.

ما رأيك في ظاهرة ظهور الخبراء العسكريين والامنيين المكثف بوسائل الاعلام؟
- المشكل ليس في الظهور في حد ذاته. المشكل هو عندما ينزلق الخبير من التحليل إلى القيام بمهمة الناطق الرسمي. وإن كانت عملية إبداء الرأي في حد ذاتها وتقديم التحاليل لا يجب أن تنحرف إلى عملية كشف أسرار من شأنها المس بالأمن القومي. وهذا الفخ وقعت في شراكه العديد من النقابات الامنية وهو أمر مرفوض بدون شك. فالمؤسّستان الأمنية والعسكرية لهما طريقة في عملهما وطريقة في معالجتهما للأخطاء والهفوات اثر كل عملية وبالتالي فلنتركهما تعملان بهدوء.

هل المؤسسة العسكرية فوق النقد؟
- ليست فوق النقد .لكن لا يمكن نقدها من أي كان بل من أهل الاختصاص لأن هناك معطيات تغيب عن غير أهل الاختصاص, النقد يكون داخلي أما غيرهم فهم من المتطفلين وغايتهم ضرب المؤسسة العسكرية.

هناك من يتحدث عن تكرار أخطاء عسكرية ما رأيك في ذلك؟ وما تقييمك للأداء العسكري ؟
- مع احتراماتي للعديدين الذين يؤولون الامور بهذا المنحى فإن تقديراتهم غير سليمة فمثلا إذا وقع حادث لأي شخص بسبب خطإ في السياقة هل هذا يضمن عدم وقوع حادث آخر؟ هناك أشياء تقع وقد تعاد وأشياء تقع ولا تُعاد. لا استطيع الجزم بوقوع اخطاء, مهمة الجيش حساسة, مهنة الخطر تقتضي الترفيع من معنويات الجنود لخوض المعارك القادمة بروح انتصارية وقادرة على الحاق خسائر في صفوف هذا العدو المجهول. ما يقع تداوله في الإعلام فيه حط من معنويات الجنود. المؤسسة العسكرية ترفض الخوض في جزئيات عملياتها حماية لقدراتها ولأسرارها وهذا امر منطقي ومفهوم .وبالتالي فلا يمكن ممارسة السفسطة او ما يسمى ب«التنبير» في عمل كعمل المؤسسة العسكرية ولعب دور «المتفرج فارس».أما بالنسبة للتقييم فانا لا يمكنني القيام بذلك لسبب بسيط هو جهلي لما يخفى في هذه العمليات العسكرية والقيام بذلك هو تجن صارخ.

ما تقييمك لقانون زجر الاعتداء على الأمنيين والعسكريين ؟
- كل انسان يشتغل في مرفق عام يحتاج إلى قانون يحميه .بقي المطلوب هو تأمين الأمنيين والعسكريين وتأمين عائلاتهم حتى يعفوا من عناء التفكير لانهم يمارسون مهامهم وحياتهم مهددة في كل لحظة فالأمني والعسكري يحتاج لحماية مادية ومعنوية. أما إذا تعرض إلى أي اعتداء آخر فيمكنه اللجوء إلى القضاء والمجلة الجزائية توفر له الحماية اللازمة ولا حاجة لقوانين خاصة في هذا الاتجاه.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.