طارق مهدي يفجرها: أفارقة جنوب الصحراء "احتلوا" الشريط الساحلي بين العامرة وجبنيانة    اعزل الأذى عن طريق المسلمين    دراسة عالمية: ارتفاع وتيرة الإساءة الأسرية للرجل    بطاقة إيداع بالسجن في حق مسؤولة بجمعية تُعنى بمهاجري دول جنوب الصحراء    اليوم : زياد الهاني أمام القضاء من جديد    عميد المهندسين: أكثر من 20 مهندس يغادرون تونس يوميا    البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية يدعم انتاج الطاقة الشمسية في تونس    سنتكوم: تفريغ أول حمولة مساعدات على الميناء العائم في غزة    الجزائر تواجه الحرائق مجدّدا.. والسلطات تكافح لاحتوائها    منهم قيس سعيد : زعماء عرب غابوا عن قمة البحرين    عاجل : هزة أرضية تضرب ولاية بهذه الدولة العربية    بطولة العالم لألعاب القوى لذوي الاحتياجات الخاصة "كوبي "2024: التونسية روعة التليلي تتوج بطلة للعالم في دفع الجلة    محيط قرقنة اللجنة المالية تنشد الدعم ومنحة مُضاعفة لهزم «القناوية»    بطولة اسبانيا : برشلونة يتخطى ألميريا بثنائية وريال بيتيس يسقط في فخ التعادل أمام لاس بالماس    أخبار الترجي الرياضي ...فوضى في شبابيك التذاكر والهيئة تفتح النار على الرابطة    أخبار الملعب التونسي ..تشكيلة هجومية وآمال كبيرة في الكأس    اليوم: طقس مغيم بأغلب الجهات وتواصل ارتفاع درجات الحرارة    نجاح الأسرة في الإسلام ..حب الأم عبادة... وحب الزوجة سعادة !    منبر الجمعة .. المفسدون في الانترنات؟    ملف الأسبوع...المثقفون في الإسلام.. عفوا يا حضرة المثقف... !    خطبة الجمعة...الميراث في الإسلام    التحدي القاتل.. رقاقة بطاطا حارة تقتل مراهقاً أميركياً    الشرطة الفرنسية تقتل مسلحا حاول إضرام النار في كنيس بشمال غرب البلاد    منها الشيا والبطيخ.. 5 بذور للتغلب على حرارة الطقس والوزن الزائد    التوقعات الجوية لهذا اليوم…    الاطاحة بمنحرف خطير بجهة المرسى..وهذه التفاصيل..    الصحة العالمية.. استهلاك الملح بكثرة يقتل 10 آلاف شخص يوميا في أوروبا    عُثِرَ عليه بالصدفة.. تطورات جديدة في قضية الرجل المفقود منذ حوالي 30 سنة بالجزائر    السلطات الاسبانية ترفض رسوّ سفينة تحمل أسلحة إلى الكيان الصهيوني    عاجل: لأول مرة: تونس تصل المرتبة الثانية ضمن التصنيف الدولي للبيزبول    وزير الشباب والرياضة يستقبل أعضاء الهيئة التسييرية للنادي الإفريقي    كرة القدم : الفيفا يقترح فرض عقوبات إلزامية ضد العنصرية تشمل خسارة مباريات    المنستير .. المؤبّد لقاتلة صديقها السابق خنقا    في ملتقى روسي بصالون الفلاحة بصفاقس ...عرض للقدرات الروسية في مجال الصناعات والمعدات الفلاحية    ارتفاع عجز الميزان الطاقي    دخول مجاني للمتاحف والمواقع الأثرية    إمضاء اتّفاقية تعبئة قرض مجمع بالعملة لدى 16 مؤسسة بنكية محلية    باجة: باحثون في التراث يؤكدون ان التشريعات وحدها لا تكفي للمحافظة علي الموروث الاثري للجهة    توزر: تظاهرة احتفالية تستعرض إبداعات أطفال الكتاتيب في مختتم السنة التربوية للكتاتيب بالجهة    وزارة الثقافة تنعى المطربة سلمى سعادة    صفاقس تستعدّ للدورة 44 لمهرجانها الصيفي    الناطق باسم وزارة الداخلية: "سيتم تتبع كل من يقدم مغالطات حول عمل الوحدات الأمنية في ملف المحامي مهدي زقروبة"    وزارة الفلاحة توجه نداء هام الفلاحين..    وكالة (وات) في عرض "المتوسط" مع الحرس .. الموج هادر .. المهاجرون بالمئات .. و"الوضع تحت السيطرة" (ريبورتاج)    طقس الليلة    القيروان: إنقاذ طفل إثر سقوطه في بئر عمقها حوالي 18 مترا    تعزيز نسيج الشركات الصغرى والمتوسطة في مجال الطاقات المتجددة يساهم في تسريع تحقيق أهداف الاستراتيجية الوطنية للانتقال الطاقي قبل موفى 2030    جندوبة: وزير الفلاحة يُدشن مشروع تعلية سد بوهرتمة    عاجل: "قمة البحرين" تُطالب بنشر قوات حفظ السلام في فلسطين..    هل سيقاطعون التونسيون أضحية العيد هذه السنة ؟    سوسة: الإطاحة بوفاق إجرامي تعمّد التهجّم على مقهى بغاية السلب باستعمال أسلحة بيضاء    استشهد 3 فلسطينيين برصاص الجيش الصهيوني في الضفة الغربية..#خبر_عاجل    سيدي بوزيد: انطلاق الدورة 19 من مهرجان السياحة الثقافية والفنون التراثية ببئر الحفي    عاجل: متحوّر كورونا جديد يهدّد العالم وهؤلاء المستهدفون    ظهورالمتحور الجديد لكورونا ''فيلرت '' ما القصة ؟    الأيام الرومانية بالجم . .ورشات وفنون تشكيلة وندوات فكرية    مفتي الجمهورية : "أضحية العيد سنة مؤكدة لكنها مرتبطة بشرط الاستطاعة"    عاجل: سليم الرياحي على موعد مع التونسيين    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



سهام بن سدرين (رئيسة هيئة الحقيقة والكرامة) ل«التونسية»: جاهزون لتمكين الدولة من ميزانية كاملة
نشر في التونسية يوم 08 - 07 - 2015


لوبيات تريد عفوا بلا مساءلة

سنواصل عملنا رغم محاولات تعطيلنا

إذا غابت المصالحة غابت الهيئة
صندوق تعويض الضحايا موجود، لكن «ربّي ينوب»
حاورتها: هدى
التونسية (تونس)
مثلت المصالحة مع رجال الأعمال وفتح أرشيف البوليس السياسي وآخر المستجدات حول الشكايات التي بلغت هيئة الحقيقة والكرامة وجديد جلسات الاستماع لضحايا الانتهاكات والوضع العام للبلاد أهم المحاور التي تطرقت إليها «التونسية» في حوارها مع سهام بن سدرين رئيسة هيئة الحقيقة والكرامة ل«التونسية» في الحوار التالي:
أين وصلت أشغال الهيئة؟
أشغال الهيئة متواصلة ولها جملة من المهام التي تقوم بها من أجل كشف الحقائق وهذه المهام مصنّفة إلى قسمين: مهام لها علاقة بالعموم تتلخص في 3 مهام وهي جلسات الاستماع الخاصة ومواصلة قبول شكاوى المواطنين وفتح المكاتب الجهوية في 4 أماكن وهي القصرين وسيدي بوزيد وصفاقس وقفصة.
بالنسبة للمكاتب الجهوية هي مفتوحة لكننا لم نعلن بعد عن الافتتاح الرسمي لأننا مازلنا في طور تدريب العاملين بفرق العمل التي ستتحمّل مسؤولية هيئة الحقيقة والكرامة في كل مدينة وهو ما يستوجب تدريبهم على المدى الطويل في مبادئ العدالة الانتقالية وفي كيفية قبول الملفات وكيفية التعاطي مع الضحايا.
وهناك مهام داخلية تشتغل عليها الهيئة بصفة مستمرة وهي مرتبطة بمهام اللجان ونحن لدينا 6 لجان: لجنة البحث والتقصي وتشتغل حاليا على النظر في الشكاوى التي تتلقاها الهيئة من المواطنين وأول محطة نقوم بها هي الفرز حيث ننظر في الملفات التي وصلتنا هل هي تابعة لعهدة هيئة الحقيقة والكرامة أم خارجة عن عهدتها. مثلا هناك العهدة الزمنية من سنة 1955 إلى سنة 2013 فإن الشكوى تكون تابعة لعهدتنا وإذا كانت بعد 2014 أو 2015 فهي خارجة عن عهدتنا,وتمثل النسبة المائوية للملفات التي وصلتنا والخارجة عن عهدتنا أقل من ٪4.
في نفس الوقت نحن الآن نهتم كذلك بنوع الانتهاك حيث يجب أن يكون له علاقة بالدولة. مثال ذلك إذ تشاجر جاران يكون ذلك خارج عن نطاق عهدتنا ويلزمهما التوجه إلى القضاء وليس للهيئة لأن مسؤولية الدولة في هذه الخصومة غير موجودة وبالتالي فإن هذه القضية خارجة عن عهدتنا.
إذن أول أمر يتم هو عملية الفرز ثم دراسة الملف من عدة جوانب من حيث صنف الانتهاكات التي ترد علينا ومن حيث الاطار الزماني والمكاني الذي صار فيه الانتهاك ونحن مازلنا في الدراسات، والتقصّي هو المرحلة الثانية.
لدينا كذلك لجنة جبر الضرر ورد الاعتبار وهي منكبّة على إحصاء أنواع الأضرار التي لحقت بالضحايا وأنواع جبر الضرر المطالبين بتنفيذه ثم بعد ذلك نضع سلما معياريا لكل ضرر وما يلزمه من تعويض. إذن في إطار هذه اللجنة نحن مُنكبّون على المعايير وعلى كيفية جبر الضرر وهناك جانب من جبر الضرر سيكون ماديّا وجانب آخر سيكون معنويا ونعتقد أن جلسات الاستماع هي جزء من جبر الضرر حيث أن هيئة الحقيقة والكرامة تقوم باستدعاء الضحية وتعلن انها ستستمع إليها باسم الدولة وانها ستقوم بمعاينة الضرر الذي لحق بها ثم يتم بعد ذلك جبر هذا الضرر. فأول شيء مهم هو انك تعترف بأن هناك انتهاكا صار في حق الضحية وتستمع إليه وهو الشيء الذي تضمنه الدولة والمضبوط في الدستور.
هذه اللجنة منشغلة أيضا بتحضير النصوص القانونية لعمل صندوق الكرامة المنصوص عليه في قانون العدالة الانتقالية الذي تم احداثه في الميزانية التكميلية لسنة 2014 ولكنه بقي فارغا من حيث المبالغ المالية وبقي غير منظم من حيث عملية التسيير ويشهد خللا ونحن وجهنا دعوة لرئاسة الحكومة منذ شهرين من أجل ضبط تسيير الهيئة، كما طالبنا من وزير المالية ان يخصّص حسابا للصندوق من الميزانية التكميلية الي ستتمّ المصادقة عليها خلال شهر رمضان لأن الانتهاك يستوجب تعويضا وهذا ما سيتم توفيره من الصندوق وهناك العديد من الحالات التي تستوجب تدخلا استعجاليا من حيث الإحاطة الصحية والإحاطة الاجتماعية وموارد الرزق.وبالتالي فنحن لدينا الصفة في هذا التدخل ولكن ليس لدينا الآلية المالية من أجل التدخل ولهذا السبب بُعث صندوق هيئة الحقيقة والكرامة ولكنه فارغ ولدينا أمل لتفعيل هذا الصندوق.
هناك أيضا لجنة التحكيم والمصالحة وهي لجنة تتعدد اجراءاتها في موضوع المصالحة بين الطرف المتضرر يعني الضحية والطرف المنسوب إليه عملية الانتهاك سواء أشخاص أو الدولة. فإذا كان للانتهاك صفة مالية فإن الشخص الذي قام بالانتهاك يتوجه للهيئة ويطلب الصلح ويعترف أنه قام بالانتهاك ونهب أملاك الدولة وقام بأعمال غير قانونية على غير وجه حق وبالنسبة لهذه المسألة وجهنا نداء للحكومة حول مشروع أمر ترتيبي يضبط كيفية تدخل الدولة في الامور القانونية والمالية ولهذا فإن اعمالنا في هذا المجال لم تنطلق بعد لأننا ننتظر تدخل الدولة.
أشغال الهيئة متواصلة أيضا من خلال العمل الذي تقوم به لجنة الفحص الوظيفي وإصلاح المؤسسات كالديوانة والإعلام والإدارة المركزية... ونعمل على تفكيك منظومة الاستبداد وإصلاح هذه المؤسسات المتسببة في انتهاك حقوق الإنسان، من خلال تقديم مقترحات من شأنها إصلاح المؤسسات، وتجنيبها ارتكاب أي انتهاك فنحن نريد إدارة ديمقراطية مطابقة لمقتضيات الدستور ونعمل على دراسة المؤسسات عن طريق خبراء دوليين وتشخيص مجالات الاخلال وإصلاحها .
لدينا كذلك لجنة حفظ الذاكرة والتي نعتني من خلالها بجميع المسائل التي لها علاقة بالذاكرة مثل المجاهدين من عهد الاستعمار الذين هم الآن في أوضاع اجتماعية لا تشرّف فنقوم بتكريمهم وحفظ كرامتهم ونوفر لهم الجراية والتغطية الصحية... ونأخذ شهاداتهم على عهد الاستعمار لكتابة التاريخ بشكل صحيح لأن هؤلاء يمثلون الشخصيات الاكثر مصداقية في استحضار التاريخ فنقوم بإجراء جلسات معهم لأنهم هم الذين عايشوا كل الفترات التاريخية لتونس قبل الاستقلال.
هذا بالإضافة إلى جمع المعالم التي لها علاقة بالذاكرة الوطنية وإعادة إحيائها للأجيال القادمة فنحن نقوم بجمع الذاكرة ونحافظ عليها ونعمل على إعادة إحيائها مثل مكتب عبد العزيز الثعالبي الذي اكتشفنا انه الآن يستغلّ من قبل تاجر فقررنا تقديم تعويض لهذا التاجر لنسترد المكتب ونضع فيه كل الوثائق والأشياء التابعة للثعالبي ويكون بالتالي معلما يعبر عن جانب من تاريخ تونس ويمكن للأجانب وأيضا لأبناء تونس زيارته والتعرف عليه وهي طريقة لقراءة التاريخ بشكل ملموس.
كذلك نعمل على رد الاعتبار لكلّ امرأة تعرضت للانتهاك عبر لجنة المرأة التي لديها تدخل أفقي في جميع اللجان وتسعى للاعتناء بقضية المرأة. مثلا نهتم بالجانب الوظيفي للمرأة حتى تكون كرامتها محفوظة أكثر فأحيانا نفس الانتهاكات التي تسلط على الرجل تسلط على المرأة ولكن انعكاساتها تكون أعمق بالنسبة للمرأة إذا يجب أن نأخذ بعين الاعتبار مخلفات هذا الانتهاكات فكلما كان الانتهاك مضاعفا فإن جبر الضرر سيكون مضاعفا أيضا.
ما جديد ال12 ألف شكاية التي تلقتها الهيئة؟
عدد الملفات التي بلغتنا تجاوزت ال12 ألف شكاية ليصبح العدد 14786 ألف شكاية مقسمة على كامل تراب الجمهورية بين الإناث والذكور حيث بلغت النسبة في ولاية أريانة 754 ملفا وفي باجة 199 ملفا وفي بن عروس 1056 ملفا وفي بنزرت 639 ملفا وفي قابس 864 ملفا وفي قفصة 1216 ملفا وفي جندوبة 337 ملفا وفي القيروان 306 ملفات وفي قبلي 348 ملفا وفي القصرين 1442 ملفا وفي الكاف 301 ملف وفي المهدية 292 ملفا وفي مدنين 630 ملفا وفي المنستير 394 ملفا وفي نابل 392 ملفا وفي صفاقس 712 ملفا وفي سيدي بوزيد 493 ملفا وفي سليانة 216 ملفا وفي سوسة 504 ملفات ثم 111 ملفا في تطاوين.
أين وصلت جلسات الاستماع لضحايا الانتهاكات؟
نحن انطلقنا وقمنا ببعض الجلسات وكنا خلال كل جلسة نترك الضحية تتكلم بشكل تلقائي في الوهلة الأولى لتسرد الانتهاك الذي عاشته ثم نوجه لها جملة من الاسئلة لنقوم فيما بعد بجمع الاجوبة بهدف تفكيك أنواع الانتهاك الذي تحدثت عنه كل ضحية ثم تشخيصه ليدخل بعد ذلك في قاعدة البيانات. نحن إذا أنجزنا بعض الجلسات وسنُواصل العمل بعد رمضان.
خلال شهر رمضان أوقفنا جلسات الاستماع لأنه أثناء استماعنا للضحايا خلال الايام الاولى من شهر رمضان هناك العديد من الأطراف الضحايا تأثروا عند استرجاع الانتهاكات التي عاشوها وأصيبوا بحالات إغماء وتم إسعافهم.
وحين قمنا بتحديد المواعيد في شهر رمضان فإن الضحايا طالبوا بأنفسهم بتأجيلها إلى ما بعد شهر الصيام لأنهم يتأثرون عند الشهادة ولا يستطيعون مواصلة الحديث وبالتالي لا يستحضرون أحداث الانتهاكات التي وقعت عليهم بشكل صحيح.
هل سيتم تعميم الجلسات على كامل الولايات؟
نعم نحن نسعى لتعميم هذه المكاتب في كامل تراب الجمهورية والآن لدينا 4 مكاتب وسيتم قريبا فتح 6 مكاتب آخرى وبقية المكاتب تظل رهينة ميزانية 2016 فإذا استوفينا ميزانيتنا فإننا سنفتح بقية المكاتب بكامل تراب الجمهورية.
في نفس الوقت نحن اخترنا انجاز وحدات استماع متنقلة وهي بالأساس وحدات تستهدف خاصة الضحايا الذين تعرّضوا لانتهاكات جنسية لا سيما النساء لأن العديد من النساء اللاّتي تعرّضن لانتهاكات جنسية يتردّدن كثيرا في القدوم لأجل إيداع ملفات في هذه المسألة وذلك خشية من نظرة المجتمع إليهن فنحن فضلنا ان نعالج هذه القضايا بشكل سري وقررنا بعث وحدات تتنقل إلى بيوتهنّ أو في أي مكان آخر يجدن فيه راحتهن.
كيف سيكون جبر الضرر للضحايا؟
لجنة جبر الضرر الآن منشغلة بتحديد طرق وأساليب جبر الضرر لأن هذه المسألة ليست سهلة وتتطلب المزيد من الوقت ولكن كما فسرت منذ حين فإن جبر الضرر سيكون عموما على قدر الانتهاك فكلما كان الانتهاك كبيرا فإنّ جبر الضرر سيكون كذلك.
ماذا عن موضوع المصالحة مع رجال الأعمال ,هل مازلت متمسكة برفض هذه المصالحة؟
أنا لم أرفض المصالحة تماما وكل الكلام المتداول حول رفضي موضوع المصالحة هو كلام خاطئ وبالعكس فأنا أكدت عديد المرات على المصالحة لأن الهدف الاول في البند الاول من العدالة الانتقالية هو المصالحة وأنا مع المصالحة وآلية العدالة الانتقالية كلها مبنية على مبدأ المصالحة وإذا كان مبدأ المصالحة غير موجود فنحن لن نحتاج لهيئة الحقيقة والكرامة.
وإذا رأى المشرّع ضرورة لإيجاد هيئة الحقيقة والكرامة فذلك من أجل إيجاد الصلح وليس لإحالة قضايا الانتهاكات على القضاء فنحن نطالب بالصلح ولكن السؤال المطروح أي صلح وكيف؟
أمّا بالنسبة للمصالحة مع رجال الأعمال فإن آلية التحكيم والمصالحة هي آلية تحكمية صلحية بامتياز حيث ان الشخص الذي قام بالانتهاك يأتي بدوره للهيئة لأنه حينما يتوجه للهيئة فإن الهيئة تتعهد بالتعاون معه لأن العديد من رجال الأعمال لديهم قضايا في المحكمة وبالتالي إذا جاؤوا وطلبوا الصلح فإن الهيئة تقوم مباشرة بتجميد تلك القضايا حيث أننا نقوم بمراسلة القضاء ونعلمه بالأطراف التي جاءت للهيئة طالبة الصلح وأن الهيئة تعهدت بتولي قضيتهم ونطلب منه إيقاف كل الاجراءات القضائية.
ولكن هذه الاطراف يجب ان تعترف وتقر بأنها قامت بالخطأ في حق الدولة ونهبت أموال الدولة كما يجب ان تتعهد بأنها ستعيد الاموال المنهوبة للخزينة العامة والهيئة هي التي تمضي اتفاق الصلح وحين تمضي الاتفاق فإنّ الصلح يكون قد صار وعندما يتم اتفاق الصلح فكل القضايا الموجودة في المحكمة تنتفي في الحين ويعود رجل الأعمال إلى نشاطه مثل ما كان في المعتاد وتعود له جميع حقوقه المدنية والسياسية وبإمكانه حتى الترشح للانتخابات دون اي إشكال. فهيئة الحقيقة والكرامة وفرت له الفرصة لكي يقوم بإصلاح أخطائه التي ارتكبها في الماضي.
لكن السؤال المطروح هو لماذا ترى بعض الجهات وبعض اللوبيات أن لها مصلحة في الغاء الديون ولا ترغب في أن تقوم هيئة الحقيقة والكرامة بعملية الصلح؟ولماذا تريد هذه الأطراف تعويض آلية الصلح بآلية العفو؟
نعم هم يرغبون في مسار صلح دون مساءلة لأن الهيئة تسأل عن عملية النهب وأسبابها وظروفها وغير ذلك وهذا بهدف ضمان عدم التكرار حتى تستطيع الدولة والمجتمع التونسي حماية نفسيهما في المستقبل من هؤلاء الاطراف الذين نهبوا الدولة و«برّكوا» الاقتصاد.
والأزمة الاقتصادية التي تعيشها تونس هي من جراء هؤلاء الاطراف الذين نهبوا أموال الدولة وأكبر دليل على ذلك هو التقرير الذي أصدره البنك الدولي خلال الأيام القليلة الماضية والذي كشف أن رجال أعمال ساهموا بدرجة أولى في تحطيم الاقتصاد ورهن الدولة وأوقفوا ديناميكية النمو في البلاد والعديد من الاطراف ترغب في عدم مساءلة هؤلاء وعدم استرجاع أموال الدولة.
وهذا هو الفرق بين مسار الصلح لهيئة الحقيقة والكرامة القائم على المساءلة ومسار الصلح عبر آلية العفو دون مساءلة الذين يرغبون في تطبيقها.
ولكن إذا تركت هذه اللوبيات والأطراف هيئة الحقيقة والكرامة تعمل بكل استقلالية وفي ظروف جيدة فإنّهم سينتفعون بآلية الصلح وتُرفع عنهم القضايا الموجودة لدى القضاء ويُرفع عنهم تحجير السفر وأن استرجاع الاموال التي قاموا بنهبها من الخزينة العامة سيمكن الدولة من ميزانيتين ويجنّبها التداين من الخارج في ظروف صعبة جدا وبشروط مجحفة جدا في السوق الدولية وتكتفي من خلال استرجاع هذه الأموال بتحقيق موارد رزق للعاطلين عن العمل وتستطيع القضاء على جميع الاضرابات.
ويجب على هذه الاطراف من رئاسة الحكومة ومجلس نواب الشعب ورئاسة الجمهورية ان تترك هيئة الحقيقة والكرامة تعمل وتقوم بوظيفتها فذلك سيجعل الدولة تسترجع اموالها والمواطن يعرف من كان يسرق امواله لان ذلك من حقه.
هل هناك رجال أعمال تقدموا للهيئة طالبين الصلح؟
في الحقيقة هناك إقبال ولكنه ضعيف من بعض رجال الاعمال الذين جاؤوا للهيئة طالبين الصلح.ونحن ننتظر صدور الأوامر الترتيبية من الدولة لنقوم بالصلح لأننا الآن معطّلون ورئاسة الحكومة هي الوحيدة القادرة على رفع هذا التعطيل.
قلتم في تصريح سابق أن جهات ادارية ترفض التعامل مع الهيئة وكنتم تقصدون وزارة المالية التي ترفض صرف الاعتمادات المالية, هل مازال المشكل قائما؟
أنا لم أقل أن هناك جهات ادارية ترفض التعامل مع الهيئة وأن وزارة المالية لم توفر لنا اعتمادات وإنما قلت أن الحكومة السابقة وبالتحديد رئاسة الحكومة رفضت منحنا الاعتمادات التي طالبنا بها ولم يمدوا مجلس نواب الشعب بميزانية الهيئة وأعطونا تسبقة دون تحديد موعد تسلم الميزانية لكن الحكومة الحالية تتعامل معنا وقد تعهد وزير المالية بأن تحتوي الميزانية التكميلية المقبلة على تكميل ميزانية هيئة الحقيقة والكرامة ولم أقل أنه ليس هناك تعامل فالحكومة ستصادق على الميزانية قريبا والتي ستحتوي على بند هيئة الحقيقة والكرامة.
بالنسبة لمسألة فتح أرشيف البوليس السياسي الذي كنتم قد أعلنتم عنه في وقت سابق, لماذا تتمسكون بفتحه وأين وصلت مهام الهيئة فيه؟
فقط قبل ذلك أريد أن أذكّر أن الهيئة تمكنت بعد مفاوضات دامت أشهر من إبرام اتفاق مع رئاسة الجمهورية يقضي بالنفاذ الى أرشيف رئاسة الجمهورية والآن لدينا نفاذ دون أي قيد أو شرط وهذه المشكلة قد انتهت.
بالنسبة لأرشيف البوليس السياسي فهو يمثل مصدرا لتقصي مصدر الانتهاكات لأن العديد من الضحايا الذين جاؤوا إلى الهيئة نسبوا الانتهاكات إلى جهة ما عادة ما يكون لها علاقة بوزارة الداخلية وبالبوليس السياسي لذا يستوجب على الهيئة أن يكون لها حق النفاذ لهذا الأرشيف لتتحقق من مصداقية أقوال الضحايا وإذا لم يكن لدي الحق في النفاذ إلى هذا الأرشيف فكيف يمكنني كشف الحقيقة؟ وكيف يمكنني إعطاء حق كل فرد؟ وكيف سأؤكد أن عملية الانتهاك قد تمّت بالفعل؟
وعملية معالجة الانتهاكات لا تتم إلا بفتح أرشيفات البوليس السياسي وللأسف أرشيف البوليس السياسي لا يشرف وزارة الداخلية ولا يشرف أمنيي الجمهورية الثانية وأرشيفهم يمثل في حد ذاته أرشيف الدكتاتورية لهذا السبب فنحن نقول لهم هذا لا يمثل مس بهم أو تشكيك في أعمالهم بل بالعكس فهو يعتبر رفعا لكلّ التباس عنهم وهم ليسوا معنيين بهذا الأرشيف .وعندما نقول البوليس السياسي نحن لا نقصد الاشخاص في حد ذاتهم بل المنظومة لأنّهم يمكن ان يكونوا قد تعرضوا لأوامر أجبروا على تنفيذها وهذا يعني أننا لا نريد مساءلة الأفراد بقدر ما نريد معرفة خفايا المنظومة لأنه في آخر المطاف هذا هدف هيئة الحقيقة والكرامة وهو تفكيك منظومة الاستبداد المنصوص عليه في جميع نصوص العدالة الانتقالية.
هل تعتقدين أن مهمتكم سهلة خاصة أمام الانتقادات التي تواجهها هيئتكم؟
قبل أن تولد الهيئة منذ صدور القانون وبعد ما وجدت الهيئة وبعد ما بدأت في الاشتغال والانتقادات موجودة ومستمرة وهذه الانتقادات لن توقف مهام الهيئة مهما كان الأمر ونحن سنواصل عملنا لأن أهداف هذه الأطراف متعددة ولا سيما تعطيل المسار وليس انقاذ المسار كما يدّعون وهناك أناس عن حسن نية وآخرون عن سوء نية.
ما تعليقكم على العملية الارهابية التي جدت مؤخرا في سوسة؟
أنا أعتقد أن مقاومة الارهاب في تونس هي مقاومة متعددة الاوجه ويجب أن تكون هناك مقاومة مباشرة عن طريق الخطط الأمنية وهي ضرورية ولكن يجب أن تكون هناك مقاومة عن طريق الاستخبارات التي تمثل أهم طريقة للوقاية والتي يجب أن تكون ناجعة وعصرية وذلك بتوفر جهات استخباراتية مستقلة عن وزارة الداخلية وتحت إشراف مباشر للحكومة لأن عملية مقاومة الإرهاب قبل كل شيء هي عملية استخباراتية. فإذا كانت المعلومة الصحيحة تصل في الإبّان فإن المقاومة ستكون سهلة لأنه لدى البلدان الغربية أيضا إرهاب لكنها تقاومه ليس بالأشخاص والأمن فقط بل بالمعلومة المستبقة كذلك نطالب إذا بتدعيم الجهات الاستخباراتية لأنها مسألة هامة في مكافحة الارهاب.
أهم جانب آخر لمقاومة الارهاب هو معرفة أصل الداء يعني لماذا أصبح بعض شباب تونس المثقف والمتكون والواعي لعبة بين شبكات الإرهاب؟ وهو أول سؤال يجب أن يطرح لأنه في الإجابة عن هذا السؤال ستكون هناك وقاية للجميع.
ونحن لا نستطيع إيقاف شبكات الإرهاب الموجودة لأنها منتشرة في جميع أنحاء العالم لكنّنا نستطيع إيقاف النزيف الذي يجعل شباب تونس ينخرط في هذه الشبكات ويكون ضحية وذلك عن طريق توفير التنمية لهذا الشباب لأنه تمّ تهميشه وهضم حقه وكرامته الانسانية وأصبح يعيش مظالم متراكمة باسم الدولة وهذا التراكم أنتج أحقادا لدى الشباب الذي أصبح ناقما.
الوضع الاقتصادي صعب في تونس فكيف يمكن الخروج من الأزمة الحالية حسب رأيكم؟
أدعو كل الأطراف أن تترك الهيئة تعمل بلا ضغوطات أو تدخلات وأنا أتعهد باسم هيئة الحقيقة والكرامة بأنه إذا تركونا نعمل فإننا سندخل للخزينة ما يعادل ميزانية كاملة من الأموال المنهوبة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.