في إطار دعم الشفافية والتصدي للتهرب الجبائي تضمن مشروع قانون المالية لسنة 2016 فصلا يلزم أصحاب المهن الحرة غير التجارية على غرار ( الأطباء والمحامين والمهندسين ..)، باعتماد جهاز تسجيل انشطتهم لتحديد رقم معاملاتها مع ضبط الطرق العملية لاعتماد الجهاز المذكور بمقتضى أمر حكومي. كما نص المشروع أيضا على اقرار عقوبة جزائية في صورة عدم اعتماد الجهاز المذكور أو تزوير المعلومات المسجلة به . ويعتبر هذا الاجراء الاول من نوعه الذي تم اقراره في اطار السعي الى التصدي للتهرب الجبائي الذي أثبتت مؤشرات وتقارير رسمية سابقة أنه يساهم في استفحال الحيف بين الإجراء والموظفين وعدد من المهن الليبرالية الحرة الخاضعة تحت طائلة النظام التقديري. ورغم أن الفصل يأتي في إطار مكافحة التهرب الضريبي وخطوة نحو التأسيس لعدالة جبائية حقيقية، فإن ردود الفعل من قبل القطاعات المعنية بهذه الإجراءات تؤكد أن ما ورد في مشروع قانون المالية قد يصطدم بمعارضة نواب البرلمان خاصة ان بعضهم محامون وأطباء وهم أكثر القطاعات المستهدفة بالإصلاح الوارد في مشروع قانون المالية. ويبدو أن الأيام القادمة ستشهد جملة من التحركات من طرف الهياكل المهنية للقطاعات المعنية بالإصلاح الجبائي من أجل تقديم اعتراضاتها أو على الأقل مواقفها من الإجراءات الواردة في مشروع قانون المالية للعام القادم . وقد كان الإجراء المتعلق بإلزام أصحاب المهن غير التجارية بإصدار مذكرات أتعاب تتضمن التنصيصات الوجوبية للفوترة موضوع اجتماع المكتب التنفيذي لنقابة أطباء القطاع الخاص حيث أكد كاتب عام النقابة الدكتور فوزي بوقرة ل «التونسية» أن الأطباء واعون بضرورة الإصلاح الجبائي من أجل ارساء عدالة جبائية شاملة بين كافة شرائح المجتمع مشيرا إلى أن مكتب النقابة سجل جملة من الإعتراضات سيقع رفعها إلى السلطة التشريعية في محاولة لتداركها قبل المصادقة على مشروع قانون المالية . واعتبر كاتب عام نقابة أطباء القطاع الخاص أن مصالح الجباية تمتلك حاليا الآليات الكافية لمراقبة مداخيل الأطباء وذلك إما عن طريق حجم معاملاته مع الصندوق الوطني للتأمين على المرض أو عبر رفع السر البنكي مشيرا إلى أن جل الأطباء ملتزمون بكراس ضبط المداخيل التي ينص عليها القانون وانهم لا يخضعون للنظام التقديري باعتبار ان الدولة تملك وسائل مراقبة عائداتهم . في السياق ذاته أكد الدكتور فوزي بوقرة أن الزام المهن غير التجارية بإصدار مذكرات أتعاب تتضمن التنصيصات الوجوبية للفوترة سيزيد من التعقيدات الإدارية معتبرا هذا الإجراء مضيعة للوقت وغير مجد وأكد كاتب عام نقابة الأطباء على أن حجم التهرب الضريبي في صفوف الأطباء لا يفوق التهرب الضريبي في العديد من القطاعات الأخرى مشددا عن أن هياكل المهنة لا تدافع عن الأطباء المتهربين من واجبهم الضريبي . وأوضح مصدر «التونسية» أن مشروع قانون المالية ذكر شيئا وغفل عن أشياء في ما يخص جباية الأطباء مشيرا إلى أن النقابة ستطالب سلطة الإشراف بحذف الأداء على القيمة المضافة الموظف على الصحة معتبرا أن تونس هي البلد الوحيد الذي يوظف هذا الصنف من الجباية على المرضى بالإضافة إلى المطالبة بحذف معاليم القيمة المضافة على السيارات التي يستعملها الأطباء في أداء مهامهم وتجنب المعاينة الجبائية من طرف أعوان المالية في العيادات خاصة أن هذا الإجراء يتعارض مع السر الطبي وأخلاقيات المهنة وفق قوله . قطاعات في قفص الإتهام يذكر ان المنضوين تحت النظام الجبائي التقديري تجارا ومسديي خدمات وصناعيين يساهمون بنسبة ضئيلة جدا تقدر ب24 مليون دينار، في المقابل يساهم الأجراء بما قيمته 1,5 مليار دينار في السنة. كما ان اصحاب المهن الحرة (محامون، أطباء،..) التي ينضوي تحتها 44 ألف مهني لا يساهمون إلاّ ب 97 مليون دينار من الضرائب سنويا. وتؤكد دراسات وتقارير ومؤشرات صادرة عن هياكل ومؤسسات رسمية ومنظماتية أن من أشكال التهرب الضريبي من أبرز المشاكل حتى في القطاعات المهيكلة وأنه من جملة 7 آلاف محام مثلا هناك 4 آلاف فقط يصرحون بمداخيلهم . وتؤكد ذات البيانات من مصادر موثوق بصحتها أن أكثر من 40 بالمائة من الشركات في تونس لا تدفع الضرائب وان أكثر من 60 بالمائة من الشركات المصدرة كليا معفية من الضرائب. علاوة على أن 616 ألف شركة تونسية ( 20 بالمائة) نتائجها سلبية و1 بالمائة من الشركات توفر 80 بالمائة من المداخيل الجبائية في تونس. وتجدر الملاحظة أن قيمة المداخيل الجبائية الموظفة على الشركات بلغت سنة 2013 ما قيمته 3522 مليون دينار، 50 بالمائة منها متأتية من الشركات البترولية و 30 بالمائة من البنوك وشركات التامين ومزودي الهاتف الجوال و 20 بالمائة من بقية الشركات.