عاد شبح الانقسام ليخيم من جديد على أجواء «النداء» بعد أن فشلت مساعي رئيس الحزب محمد الناصر في تقريب وجهات النظر بين الأخوة الفرقاء . فكل المؤشرات توحي أن الحزب بات قاب قوسين من الانشطار الى شقين رغم محاولات الإنعاش المتعددة خاصة أن مجموعة ال31 تتشبث بأن نتائج اجتماع جربة «لا تلزمها» وأن الذهاب إلى المؤتمر لا يمكن أن يكون إلا بالصيغة التي يتبناها المكتب التنفيذي وهي الصيغة الإنتخابية . لكن مقابل الموقف «الصارم» للشق المحسوب على الأمين العام للحركة محسن مرزوق الذي لا يرى بديلا عن شرعية المكتب التنفيذي يواصل الشق المحسوب على السبسي الإبن الحشد استعدادا لمؤتمر تأسيسي يستند إلى التوافق أكثر من الصندوق. دعوة لتدخل الباجي وإن بدت الوجوه أمس في الاجتماع الذي دعا إليه المكتب التنفيذي «واجمة» ومتوجسة من صعوبة القرار النهائي فقد أكدت مصادر من داخل الحركة ل «التونسية» أن قياديين في الحزب من المؤثرين على الرئيس المؤسس الباجي قائد السبسي قاموا بمساع طوال الأسبوع لاقناعه بالتدخل المباشر واتخاذ قرارات حاسمة خوفا على مصير الحزب . وأكدت ذات المصادر أن هذه الأطراف حاولت إقناع رئيس الجمهورية الذي أراد البقاء على نفس المسافة من الشقين بالتدخل المباشر واتخاذ قرارت صارمة في ما يخص عقد المؤتمر وأن يتولى شخصيا اختيار من يراه أهلا لرئاسة الحزب ومنصب الأمانة العامة مع المحافظة قدر الإمكان على التوازنات الحالية في الحزب . ذات المصادر أن أكد الأطراف المشار اليها أسرت إلى رئيس الدولة أن حال الحزب لن يستقيم دون قرارات جريئة قد تغضب البعض لكنها ضرورية وفق تعبيرها وذلك باستبعاد العناصر التي ساهمت على امتداد المدة الماضية في تعكير الأجواء نهائيا دون التردد في اتخاذ هذا القرار الذي يعتبره العديد من القياديين ضروريا لفرض الانضباط . فالحركة التي تتمسك ببقايا حبل اعتصم به الندائيون بمختلف روافدهم يوم اتفقوا على مشروع وطني يقود سفينة البلاد إلى بر الأمان لن تتمكن وفق التصريحات الصادرة عن قيادات من الشقين من مواصلة ترحيل أزمتها، لأن لعبة «الروليت الروسية» بين حافظ قائد السبسي من جهة والأمين العام محسن مرزوق من جهة أخرى شارفت على النهاية وبات أنصار الشقين يدركون جيدا أن «النداء» يمشي فوق حقل من الالغام ، وان الصلح المؤقت لم يكن يوما ترميما لأصل الداء صلب الحزب بقدر ماهو نار تحت الرماد قد تستعر في وجه أصحابه في أية لحظة . شخصية دستورية على الخط؟ ورغم تأكيد الأمين العام للحركة محسن مرزوق في اجتماع الإطارات أمس أن لا نية له في تكوين حزب جديد، ودعوة من سمّاهم ب «المسؤولين» إلى الحوار والخروج من مجال الإشاعات إلى العمل السياسي الحقيقي تؤكد مصادر ندائية أن بين تصريحات مرزوق وبين ما يدور في الكواليس بونا كبيرا حيث أكدت مصادر «التونسية» أن الشق المحسوب على الأمين العام للحركة في اتصال مباشر بأحد القيادات الدستورية ممن تولوا سابقا الترشح لمنصب رئاسة الجمهورية قد يكون هو المحرك الأساسي لما يحصل في الحزب حاليا . وأضافت ذات المصادر أن القيادي الدستوري الذي فتح بابه للقاء الندائيين المنشقين يوميا يروم العودة إلى الساحة السياسية من باب «النداء» بعد اقناع الشق الغاضب بأنه الأقدر على تحمل مسؤولية رئاسة «النداء الجديد» وتدعيم هياكله استعدادا للمحطات السياسية القادمة . وبين الوجه المكشوف للعبة وجانبها الخفي عاد أمس المجتمعون في ندوة الإطارات إلى التأكيد على تمسكهم بوحدة الحزب واحترام هياكله الشرعية المتمثلة في المكتب التنفيذي باعتباره سلطة القرار محملين «الطرف المقابل» مسؤولية ما قد تؤول إليه الأوضاع من انقسام أو تفتيت ليقف الحزب الأول في الانتخابات من جديد على مرمى حجر من فرضيتي الانقسام أو حلّ الازمة بشكل نهائي .