كلّ الحديث هذه الايّام من مختلف المنابر والمشارب يحوم حول الانتحاري الجبان الذّي فجّر نفسه في شارع محمد الخامس والكّل يضع ساقا فوق ساق وحرفا مع حرف للتعبير عن موقف شجاع تجاه هذا العمل الجبان... بعض المحامل الإعلامية رصدت انطباعات جيران الانتحاري وبعض ما علق في الأذهان هو أن المدعو «حسام العبدلي» كان من أحبّاء النادي الافريقي وهذا أمر طبيعي ففي العاصمة لا تتغيّر الألوان...فإمّا ان تكون «كلوبيست» أو ان تكون «مكشّخ» وهذا ليس بالأمر الغريب...لكن الغريب في الامر هو أنّ البعض وظّف ميولات الارهابي الرياضية لتصفية حسابات شخصية وهناك من سعى ان يكون «ضامرا» فسقط في الرذالة والابتذال...«الشيخ» الإمام علي غربال الذي عرف برصانته وهدوئه وأخلاقه الرفيعة علّق على الواقعة بما يلي «الارهابي من أحباء الافريقي... والحزام الناسف من ليبيا...والقصة مفهومة» وهو تعليق فيه تهكّم كبير على النادي الافريقي وعلى رئيسه الحالي وهذا ما أثار غضب الانصار الذين لاموا الشيخ غربال على صنيعه مما أجبره على محو تدوينته وكأنّ شيئا لم يكن... مثل هذه التعاليق من شأنها أن تجعل من هويّة الانتحاري ذكرى خالدة في بعض الأذهان المتعصبة لهذا اللون أو ذاك وإذا كنّا لا نلوم «أولاد الفيراج» على سقوطهم الارادي في عمى الالوان الذي يحرّك سواكنهم فإنّنا في المقابل نعيب على الامام غربال صاحب الجبّة والعمامة ان ينزل الى هذا المستوى فهو أدرى الناس بأنّ «كلمة عليها ملك وكلمة عليها شيطان» وتدوينته الاخيرة للأسف لم تطرب سوى الشيطان... 2 – بكاء الرجال... نبقى مع التفاعلات التي تلت العملية الارهابية الجبانة... وكما يقولون دائما في الشدائد تختبر معادن الرجال...والحمد لله في تونس هناك رجال على قدر الأقوال والأفعال... وقد تكون صورة المدرّب الأمني الذي دمعت عيناه في موكب تأبين الشهداء بالقصر الرئاسي كافية لتختزل كل معاني الرجولة والبطولة... وبقدر الألم الذي يتقاطر منها هناك دائما جناح أمل يرفرف فينا في السرّ والعلن...والوجع وحّد الكفوف ورصّ الصفوف من الداخل والخارج... المدرّب السابق للمنتخب التونسي سامي الطرابلسي كانت له كلمة مقتضبة على أمواج إذاعة «كلمة» تحدّث فيها عن تونس التي يسكنها وتسكن قلبه فلم يتمالك دموعه وبكى بحرقة وقهر على ما آلت اليه الأوضاع هنا...دموع الطرابلسي الذي عهدناه جميعا طيّعا طيّبا أبكتنا جميعا لأنّه إذا سالت دموع الرجال فاعلم أنّ الوجع فاق قمم الجبال...