عبرت المنظّمات المهنية الفلاحية عن غضبها بسبب الخسائر الكبيرة التي يتكبّدها منتجو الحليب بسبب رفض مركزيات التجميع قبول فائض الانتاج مما اضطرهم الى سكب المنتوج في الاودية. وتشهد هذه الفترة من السنة ارتفاعا في معدل انتاج الألبان مما يؤدي غالبا الى رفض المصنّعين كميات تفوق حاجاتهم كما ترفض الدولة الترفيع في المخزون التعديلي الذي تكونه سنويا لمجابهة حاجات السوق عند تراجع الانتاج صيفا. ومن مفارقات منظومة انتاج الألبان في تونس أن المربين يسكبون الحليب شتاء وتضطر الحكومة الى توريده بالعملة الصعبة صيفا. ويطالب المتدخلون في منظومة الالبان بالتعجيل في ايجاد حل يجنبهم سكب آلاف اللترات يوميا عبر استيعاب فائض الانتاج عبر وضع برنامج تصديري عاجل ب15 مليون لتر سنويا على الأقل على مدى خمس سنوات حتى تتمكن المؤسسات المصدرة من ضبط برامج وإبرام عقود في الغرض والعمل بهذه الآلية بصفة متواصلة زيادة على تشغيل وحدة تجفيف الحليب. وفي هذا الاطار قال سعد الخلفاوي رئيس الغرفة الوطنية لمراكز تجميع الحليب انه يوجد مخزون كبير في المركزيات يصل الى 152 مليون لتر.. وانه يتم يوميا انتاج مليون و800 الف لتر من الحليب..مضيفا أنه أمام هذه الكميات الكبيرة التي يتم انتاجها والمخزون الكبير، قررت المصانع أن تحدد سقفا للكميات التي يتم قبولها من مركزيات التجميع. وأفاد الخلفاوي ان تحديد سقف من طرف المصانع جعل الكميات الاضافية التي يتم انتاجها تتلف سريعا باعتبار ان مادة الحليب سرعان ما تتعفن مشيرا الى ان المشكل الاساسي يتمثل في التفويت في السوق الليبية.. حيث أرادت المركزيات خلال شهر فيفري الماضي تصدير الحليب الى ليبيا لكن وزارة التجارة منعت ذلك بسبب خوفها من عدم توفير احتياجات شهر رمضان المعظم.. وقال سعد الله الحلفاوي انه بسبب التّفويت في السوق الليبية التي اختارت التعامل مع تركيا وجد المنتجون أنفسهم مجبرين على سكب الكميات الاضافية في الشارع. 100 ألف لتر تتلف يوميا وشدّد الخلفاوي على أن «الصابة» الطيّبة باتت مصدر قلق بالنسبة لهم لأن مصانع التجميع أصبحت ترفض أن يكون لها احتياطي كبير خوفا من عدم التمكن من التصرف فيه ممّا يكلّفها خسائر كبيرة. وأفادنا رئيس الغرفة الوطنية لمراكز تجميع الحليب أن الكميات الاضافية التي تفوق طاقة استيعاب المصانع تتراوح بين 50 و100 ألف لتر يوميا وأن هذه الكميات تتلف ويلقى بها في الأودية والشوارع مشددا على ان اتلاف الحليب متواصل الى حين ايجاد حلّ يرضي المنتجين. من جانبه عبّر عمر الباهي عضو المكتب التنفيذي لاتحاد الفلاحين المكلف بالانتاج الفلاحي عن خشيته من «كارثة» في قطاع الألبان هذه السنة مشيرا إلى أن إنتاج الحليب في هذه الفترة سيكون قياسيا وأنّ ذلك سيجعل الكميات المهدورة في صورة عدم إيجاد الحلول المناسبة لتجميع الفائض وتثمينه تتجاوز 6 ملايين لتر. وأكد الباهي أن المنتجين سيضطرون إلى التفويت في القطيع إذا تواصل تكرر هذه الأزمة لسنوات في غياب استراتيجية لتحسين مردودية القطاع وتأطيره مشيرا إلى أن سعر الحليب عند الإنتاج حاليا لا يوفر مردودية كبرى فما بالك إذا تم سكب 200 ألف لتر يوميا في الأودية داعيا وزارة التجارة إلى رفع يدها عن الانتاج الفلاحي عموما وفتح باب التصدير كليا للحليب وتحميل المهنيين مسؤولياتهم كاملة في توفير متطلبات السوق المحلية على مدار السنة. وقال الباهي إنه من غير المعقول أن تواصل الدوائر المسؤولة غض النظر عن تأطير القطاع وإيجاد الحلول الجذرية لتجاوز مثل هذه الإشكاليات التي تتكرر كل سنة وتتسبب في خسائر مادية كبرى للمنتجين والاقتصاد عموما في حين أن لتونس كلّ الإمكانيات لتكون سوقا تصديرية للألبان تشع على كامل محيطها الجغرافي.