كوريا الشمالية تُهدي جارتها الجنوبية 600 بالون نفايات    شركة اللحوم تشرع في بيع أضاحي العيد بداية من 8 جوان وهذه اسعارها    حسان غنّاي رئيسا للمجلس الجهوي بصفاقس    قربة: وفاة تلميذ ال13 سنة غرقا    القصرين: 5 آلاف و991 مترشحا لمناظرة الباكالوريا دورة 2024    بنزرت: وفاة اب غرقا في شاطئ سيدي سالم وإنقاذ طفليه الصغيرين    متى تبدأ ليلة وقفة عرفة؟...وموعد صيام العشر الأوائل من ذي الحجة    هذه الدولة تعتمد أول لقاح للسرطان في العالم    متابعة للوضع الجوي بهذا اليوم…    بعد زيارة الصين: رئيس الدولة يعود الى تونس..    مفزع/ 427 قتيلا في حوادث المرور خلال خمسة أشهر !    أخبار الأولمبي الباجي: مباراة بلا رهان وبن يونس يلعب ورقة الشبان    في الصّميم :خوفا على ناجي الجويني    أفضل الخطوط الجوية لسنة 2024    خلال زيارته المكتبة الكبرى لشركة "هواوي": رئيس الجمهورية يهدي المكتبة مؤلفات تونسية (صور)    هزّة أرضية في المغرب    أحمدي نجاد يعلن ترشحه للانتخابات الرئاسية في إيران    النادي الصفاقسي يطلق منتدى للتشاور مع احبائه ومسؤوليه السابقين    ايقاف 22 محتجا خلال تظاهرة داعمة للفلسطينيين في متحف بنيويورك    مدير عام منظمة الصحة العالمية.. الجائحة التالية ليست سوى مسألة وقت    منوبة .. تهريب أفارقة في حشايا قديمة على متن شاحنة    برنامج الغذاء من أجل التقدم 110 مليون دينار لدعم إنتاج التمور في تونس    انقسامات داخلية حادة تهز الاحتلال حول خطة بايدن لإنهاء الحرب    دليل مرافقة لفائدة باعثي الشركات الأهلية    رابطة الأبطال: الريال بطل للمرّة ال15 في تاريخه    علوش العيد .. أسواق الشمال الغربي «رحمة» للتونسيين    عادل خضر نائب لأمين اتحاد الأدباء العرب    أمطار الليلة بهذه المناطق..    تحذير طبي: الوشم يعزز فرص الإصابة ب''سرطان خطير''    وزارة الداخلية :بلاغ مروري بمناسبة دربي العاصمة بين النادي الافريقي والترجي الرياضي    وزارة المالية تعلن عن اطلاق منصة ''تاج''    محرزية الطويل تكشف أسباب إعتزالها الفنّ    إستقرار نسبة الفائدة عند 7.97% للشهر الثاني على التوالي    قرعة التناوب على عضوية المجالس الجهوية والتداول على رئاسة المجالس المحلية و الجهوية بولاية صفاقس    بكالوريا 2024 : نشر أعداد ورموز المراقبة المستمرة    عاجل/ الهلال الأحمر يكشف حجم المساعدات المالية لغزة وتفاصيل صرفها    بداية من اليوم: اعتماد تسعيرة موحّدة لبيع لحوم الضأن المحلية    أبرز مباريات اليوم السبت.    إمكانية نفاذ منخرطي الكنام إلى فضاء المضمون الاجتماعي عبر منصة 'E-CNAM'    غدا : التونسيون في إنتظار دربي العاصمة فلمن سيكون التتويج ؟    تجربة أول لقاح للسرطان في العالم    حريق ضخم جنوب الجزائر    أنس جابر معربة عن حزنها: الحرب في غزة غير عادلة.. والعالم صامت    وزير الصحة : ضرورة دعم العمل المشترك لمكافحة آفة التدخين    عاجل/ بنزرت: هذا ما تقرّر في حق قاتل والده    قتلى في موجة حر شديدة تضرب الهند    اتحاد الفلاحة: هذه اسعار الأضاحي.. وما يتم تداوله مبالغ فيه    من الواقع .. حكاية زوجة عذراء !    لأول مرة بالمهدية...دورة مغاربية ثقافية سياحية رياضية    غمزة فنية ..الفنان التونسي مغلوب على أمره !    ماذا في مذكرة التفاهم بين الجمهورية التونسية والمجمع السعودي 'أكوا باور'؟    أول تعليق من نيللي كريم بعد الانفصال عن هشام عاشور    البرلمان : جلسة إستماع حول مقترح قانون الفنان و المهن الفنية    الشايبي يُشرف على افتتاح موسم الأنشطة الدّينية بمقام سيدي بالحسن الشّاذلي    الدخول إلى المتاحف والمواقع الأثرية والتاريخية مجانا يوم الأحد 2 جوان    الإعلان عن تنظيم الدورة 25 لأيام قرطاج المسرحية من 23 إلى 30 نوفمبر 2024    من أبرز سمات المجتمع المسلم .. التكافل الاجتماعي في الأعياد والمناسبات    مواطن التيسير في أداء مناسك الحج    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



د. شهاب دغيم (نداء تونس) ل «التونسية»: أتحدّى أي حزب يشكّل حكومة دون «النهضة»
نشر في التونسية يوم 29 - 02 - 2016


أحزاب المرجعيّة الدستورية متشرذمة
هيئة الحقيقة والكرامة ليست وصيّة على محاربة الفساد ولا على العدالة الانتقالية
مرزوق ليس بورڤيبة
مطلوب فصل دستوري يمنع السياحة الحزبية
حوار: أسماء وهاجر
السياحة الحزبية و«الميركاتو السياسي» وأزمة «نداء تونس» وملف التشغيل ومشاكل الأمن والقضاء والإعلام ودور كتلة «الحرة» التي يقال إنها استقطبت كل قيادات «النداء» والتأخر في معالجة ما يسمى بملفات الفساد والصمت إزاءها الذي قرئ من قبل البعض على انه «اتفاقيات تحت الطاولة» والرضوخ إلى ابتزاز المبتزين وطرق التعامل الارتجالية مع الأزمات المتتالية وغيرها كانت من المواضيع الساخنة التي تطرّق لها حوار «التونسية» مع شهاب دغيم دكتور في العلوم السياسية وأستاذ محاضر ومحلل سياسي وصاحب العديد من المؤلفات الذي أكد لنا أن ما وقع في «النداء» يضفي أجواء برائحة «البزنسة السياسية والسقوط الأخلاقي» وان «النداء» لم يفشل ومازال حزبا حاكما وأغلبيا مضيفا أن صاحب «الحرة» لا يمكن «أن يكون بورقيبيا». بعد الانشقاق وإجماع عديد المحللين على أن «النداء» انتهى وانه قد يعرف مصير حزب الثعالبي هل ترون أن كتلة «الحرة» هي البديل ؟
عكس ما يعتقده بعض المحللين وكثير من المتهافتين «نداء تونس» لم ينته ومازال قائما فهو حزب قوي له اكثر من 60 نائبا في البرلمان والعديد من الوزراء في الحكومة. أكيد ان الحزب مرّ بأزمة زعامات وتموقعات أدت الى خروج شق مرزوق وما استتبع مؤتمر سوسة من تعقيدات أخرى لكن أزمة الديمقراطية الحزبية تبدو أعمق لأنها لا تمس حزبنا فقط بل هي جوهرية تمس كل الاحزاب التونسية اليوم. فلا يوجد أي حزب اليوم عقد مؤتمرا انتخابيا ديمقراطيا تنافسيا وجل الاحزاب لم تجدد قياداتها منذ عقود. وهذا لا يعود بالأساس الى طبيعة الاحزاب بقدر ما هو راجع الى العقلية السياسية بصفة عامة, فنحن اليوم في تونس نؤسس لمناخ ديمقراطي جديد وأزمة «النداء» هي احدى التعبيرات السياسية لهذا المخاض الديمقراطي.
أما في خصوص «الحرة» فلا يمكن أن تكون البديل لأسباب موضوعية أولا لأن هذه الكتلة المتشكلة حديثا عن الانشقاق لا يمكن ان تتجاوز ما هي عليه ان لم تتناقص وثانيا لأسباب سياسية لأنها كتلة خلقت من رحم عمل قواعد ومناضلي «النداء» ومشروعه الانتخابي فلن تعي حجمها الحقيقي إلا بعد الانتخابات التشريعية المقبلة .
يريد البعض اليوم استبلاه الشعب التونسي بمقارنة بين ما حدث تاريخيا في 2 مارس 1934 وما يحدث اليوم من انشقاق داخل حركة «نداء تونس». بكل صراحة لا يمكن الرضوخ الى عملية اسقاط وابتزاز تاريخي واهمة. بورقيبة يبقى زعيما وطنيا ومفكرا مصلحا قطع مع الفكر الدستوري القديم في مستوى وسائل العمل والالتحام بالشعب وسقف المطالب فالمعركة لم تكن زعاماتية محضة لذلك تبدو المقارنة واهية فلا يمكن البتة اعتبار صاحب «الحرة» بورقيبة جديدا لأسباب لا تخفى على أحد ويطول شرحها والباجي هو سليل المدرسة البورقيبية منذ صغره. في كلمة التاريخ لا يعيد نفسه وعمليات الاسقاط هذه تبدو قبيحة ومستهجنة .
كقيادي ب«نداء تونس» وعليم بكواليس من وراء تفتيت الحزب ؟هل هناك من موّل عملية الانشقاق عن الحزب؟ هناك من تحدث عن تسعيرة مغادرة الحزب حسب موقع كل عضو؟
نحن لا نأسف على الذين غادروا الحزب لأن هذه الأمور داخلة في قانون التحالفات والطموحات الشخصية المشروعة. لكن علينا ان نذكر بالأزمة العميقة التي يعيشها المشهد السياسي التونسي بعد احداث 14 جانفي 2011 والتي تمثلت في «السياحة الحزبية» أو ما يسمى أيضا بالنزوح السياسي ويجب ان لا ننسى خروج حوالي ثلث نوّاب المجلس الوطني التّأسيسي في سنة 2013 أي اكثر من 60 نائبا حيث خسر حزب «العريضة الشّعبيّة» نوّابا بعدد فاق 19 نائبا غادروا الحزب. الحرة تمكّنت من استقطاب عدد من النّواب المغادرين ل«النداء» أيضا.
علينا اليوم التفكير بجدية في ادراج فصل في الدستور يقضي بمنع «السياحة الحزبية» خلال المدة النيابية إلا في حالات الاستقالة من الكتل. العمل السياسي في تونس قام على المال بصفة خاصة بعد ما أطلق عليه «الربيع العربي» ولا بد هنا من التذكير بالتمويل الأجنبي الذي تدفق على تونس منذ 2011 والذي ساهم بشكل أو بآخر في تشكيل الخارطة السياسية اليوم. شخصيا وبكل صدق لا يمكن لي أن أفند أو أن أؤكد مثل هذه الاشاعات لكني أندد بمثل هذه التصرفات إن وجدت لأنها تمس بماهية العمل السياسي وبالأمانة التي منحها الناخبون للأحزاب. كثر الحديث عن المال الفاسد وعن المال الأجنبي في العمل الحزبي وهذا من شأنه ان يطبع العمل السياسي بالتهافت وبالطمع. أكرر القول بأنني أتجنّب الظن وأرجو أن يكون الامر مجرد اتهامات مغرضة.
في الأخير نحن ضد هذا الميركاتو السياسي لأنه يمس بجوهر العملية الانتخابية الديمقراطية ويضفي أجواء برائحة البزنسة السياسية والسقوط الأخلاقي. في الأخير اعتبر الدعوة اليوم إلى مجابهة ظاهرة الغياب النيابي أكثر جدوى وأهمية من الحديث عن التنقلات بين الكتل لأن الغياب يعيق العمل التشريعي ويضرّ بالوضع العام للبلاد ويضعف من هيبة المجلس إحدى أهم سلطات البلاد.
علمنا أن هناك اتفاقات وتحركات من أجل اعادة «النداء» كحزب قوي على الساحة وأن هناك مفاجأة سيعلن عنها في شهر مارس. هل من توضيحات حول الموضوع؟
حزب «نداء تونس» يمر بمخاض عسير منذ مدة وهذا راجع بالأساس كما سبق وقلنا لأزمة زعامات ولا لأزمة مشاريع. اليوم هناك عمل متواصل من اجل وجود حلول لإنقاذ الحزب تقودها جميع الاطراف الفاعلة في الحزب دون استثناء. لأننا نؤمن بحزبنا وبدوره الاساسي في الحياة السياسية في تونس نعتقد انه علينا جميعا قيادات ومناضلين ومنخرطين اعادة الحياة للحزب والتفكير بجدية في عقد مؤتمر انتخابي حقيقي يعيد للحزب بريقه والقه ويعيد له ثقة ناخبيه ومنخرطيه. حركية كبيرة ومبادرة جديدة من نواب الحزب اعلن عنها النائب سفيان طوبال لإعادة ترتيب البيت الندائي ومحاولة تجاوز مخلفات أزمة مؤتمر سوسة وإعادة المستقيلين والمجمدين الى النشاط الحزبي. شيء مهم يجب التركيز عليه هو أنه على من يريد الاستقالة من الحزب أن يتحمل المسؤولية كاملة ويغادر كل المواقع التي تسلمها باسم الحزب لأن العمل السياسي هو اساسا انتماء وعقيدة وشجاعة.
اليوم تطرح أحزاب ذات مرجعية دستورية نفسها كبديل بعد فشل «نداء تونس» ما هي وجه نظركم بخصوص هذا الموضوع؟
ان التشرذم الحزبي اصبح طبيعة سياسية خاصة لدى الاحزاب ذات المرجعية الدستورية التي لم تقدر أن تنصهر في حزب واحد يضم الجميع. فبين الحركة الدستورية وحزب المبادرة ومشروع الزنايدي ضاع الدستوريون والتجمعيون. «النداء» لم يفشل ومازال حزبا حاكما واغلبيا والفرق بين «النداء» والأحزاب الدستورية ان «النداء» انفتح لجميع الحساسيات السياسية في تونس والأحزاب الدستورية مازالت تبحث عن قامة زعاماتية تلمّ الشمل. المهم اليوم بالنسبة للدساترة هو بناء قوة سياسية وتنظيمية قادرة على اكتساح البرلمان وهذا صعب في ظل ضيق الحسابات وانحسار الافق السياسي الجامع.
هذا لا يخص الحركات ذات المرجعيات الدستورية والإصلاحية فقط بل حتى الأحزاب الأخرى ذات المرجعية اليسارية أو الرأسمالية. هناك أحزاب أخرى تتشكل اليوم خارج هذا النسق الدستوري مثل مبادرة المهدي جمعة أو حزب محسن مرزوق. ان التشتت الحزبي اليوم لا يخدم مصلحة أحد بقدر ما يضعف الحركات التقدمية والحديثة في تونس.
على العكس «النداء» سيبقى حزبا ذا مرجعية وسطية وإصلاحية وبورقيبية منفتحا على جميع المشارب السياسية ولا أحد اليوم يمكن له ان يكون بديلا ل«النداء» للأسباب التي سلف وذكرنا ثم انه لا بدّ لأي حزب يريد أن ينافس «النداء» أن تكون له كتلة برلمانية تفوق كتلة حزبنا عددا وهذا غير ممكن إلا بعد انتهاء المدة النيابية الحالية.
السيد احمد المناعي يتّهم حكّام ما بعد الثورة بإعادة نصب الحماية في تونس...كيف تقيّمون رأيه؟
السيد أحمد المناعي المناضل الذي احترم والذي عرفته في أول انتخابات بلدية عشتها سنة 1989 في المنستير, على صواب . لعل ملاحظة أولية تفرض نفسها في هذا السياق وهي أن ما اطلق عليه بالربيع العربي عاد بالوبال على شعوب المنطقة ككل. في ظل تغول الحركات الاسلامية المتطرفة والعنف الديني البغيض. نأسف حقا لما وصلت اليه الأوضاع في محيطنا العربي والإقليمي والأكيد ان اجندات اجنبية وضعت كل ثقلها في تونس وفي غيرها خدمة لمصالحها ولمشاريعها .مفهوم الاستعمار الجديد اليوم اصبح اكثر فتكا وشراسة فلقد تمكن من اختراق المجتمعات العربية بأعوانه من الداخل ونجح في تدمير البنى التحتية وفي تشريد الملايين وقتل الآلاف من المسلمين والعرب دون أن يتدخل عسكريا في الصراع. يخوض اليوم هذا الاستعمار حربا بالوكالة تقوم بها عصابات ارهابية وجمعيات خيرية مسنودة بالمال القذر وهذا الكلام لا ينطبق فقط على الاسلام السياسي العنيف بل يشمل لفيفا من الحراك السياسي الما بعد ثوري.
تونس ولئن تمكنت من تجنب الأخطر فإنها عانت من ويلات التدخل الاجنبي في سياستها إبان حكم «الترويكا» وأثرت هذه الضغوطات على سياستها الديبلوماسية حيث قطعت علاقتها مع سوريا وتوترت مع مصر وانعزلنا في محيطنا المغاربي بسب املاءات اجنبية معروفة. ان السيادة الوطنية خيار لا حياد عنه.
إحدى النائبات قالت إن الدولة رضخت لابتزاز الفاسدين فأين هيبة الدولة التي طالما تحدّث عنها الباجي قائد السبسي؟ كيف تفسرون هذه التناقضات؟
أكدت جل المنظمات الحكومية وغير الحكومية ان الفساد اصبح اكثر استفحالا ممّا كان عليه سنوات حكم بن علي حسب آخر الاحصائيات وهذا عادي وراجع الى حالة الانفلات التي عاشتها البلاد بعد هروب بن علي وعدم التوصل الى معادلة صحية لمحاسبة عادلة وشفافة. أضاعت «الترويكا» كل آمال استرجاع الأموال المنهوبة لأنها تعاملت بخفة مع الموضوع وعجزت عن تقديم ملفات قانونية مسنودة وأفلست اغلب الشركات المصادرة وسط ضبابية كبيرة وشبهات اهدار للمال العام. ما يمكن القيام به اليوم بعد اكثر من اربع سنوات من التلكؤ والتردد هو اعادة اقصى ما يمكن اعادته لخزينة الدولة والتفكير في حلول قانونية صارمة لمقاومة منظومة الفساد التي استفحلت. فمشروع المصالحة لو نوقش وحورت بعض فصوله كان يمكن ان يكون بوابة لإعادة الاموال المنهوبة ومحاربة التكسب غير المشروع لكنه لاقى اعتراضا شديدا وتم التخلي عنه. ان هيبة الدولة تعود بالأمن وبمناخ الاستقرار الاقتصادي وبالتأسيس لقضاء عادل ومحايد. اليوم مازلنا بعيدين عن هذا الحياد والوضع الاقليمي حرج ومتردّ والأوضاع الاقتصادية صعبة ونعتقد انه علينا استرجاع ما أمكن استرجاعه للاستفادة به في مشاريع تنموية أو ضخه في الجهات الداخلية عوض انتظار هيئات تتكلف على الدولة اكثر مما تسترجع. آلية التفاوض جربتها دول أخرى ونجحت في استرجاع أموالها المنهوبة، فلم لا نوظفها اليوم اذا كان الغرض منها الصالح العام ؟
ما حكاية ما يروّج عن «نهب» 873 مليارا؟
هذه المسألة تقنية بحتة وأود أن اشير أولا الى أن تقرير دائرة المحاسبات تعرض لخطإ إجرائي، ولم يشر الى عملية نهب خصوصا أن المبلغ المذكور موجود في حسابات البنك المركزي لسنة 2013 . اعتبر خبراء الاقتصاد، أن ال873 م.د لم تنهب، وإنما صرفت في منح الأجور رغم انها تصنف ضمن الموارد الخارقة للعادة والتي يتم توظيفها في التنمية والاستثمار معتبرين أن حكومة «الترويكا» قامت بعملية سوء تصرف في موارد الدولة ولا بعملية نهب كما راج ذلك. فقد تم بموجب القانون عدد 51 لسنة 2013 والمتعلق بقانون المالية التكميلي الترخيص في اجراء تحويل بمبلغ 1.000 م دينار من الرصيد المتبقي لدى البنك المركزي التونسي الذي كان بعنوان التفويت في قسط رأس مال شركة «اتصالات تونس» الذي تم في عهد بن علي لفائدة موارد ميزانية الدولة وللتذكير فإن عائدات فتح رأس مال شركة اتصالات تونس بنسبة 35 بالمائة في سنة 2006 كانت بمبلغ 3.050 م دينار.المبلغ المتبقي في هذه العملية يساوي 873.041 م دينار غير ان حسابات سنة 2013 والوثائق المصاحبة له لا تتضمن مبالغ بهذا العنوان وهو ما يتعارض مع مقتضيات الشفافية ومبادئ الميزانية المنصوص عليها بالقانون الاساسي للميزانية. نعتبر هذا خرقا لقوانين التصرف في موارد الدولة وعليه وجب التثبت عبر محاسبة دقيقة لكل الميزانية. لا أرى أي دخل للتحالف في خصوص هذه المسألة وردود الفعل تفاوتت وخبراء الاقتصاد ادلو بدلوهم ووجب تصحيح الامر ومتابعته عن قرب حتى لا تتكرر مثل هذه المسائل المتعلقة بسوء التصرف بموارد الدولة والمال العام. وربما هذا باب سيفتح للمختصين للتثبت من كافة الاخلالات المالية سواء كانت تقنية أو داخلة تحت باب سوء التصرف المحض لمراجعة ما حدث في ميزانية الدولة منذ الثورة الى اليوم. دور دائرة المحاسبات والمحكمة الادارية هام جدا ويجب الحفاظ على استقلالية ومناعة هاتين المؤسستين لمزيد تدعيم الحوكمة الرشيدة وتدعيم مراقبة المال العام وخدمة المواطن والصالح العام.
البعض يعتبر أن «النداء» ارتكب «أكبر عملية تدليس وتحيّل» على مستوى تنفيذ وعوده الانتخابية. أين الصحّ وأين الخطأ في ذلك؟
بعض من رفعوا هذا الشعار يقومون اليوم بعملية تحيل فاضحة على التاريخ وعلى التونسيين لأنهم لو وجدوا في نفس الظروف سيفعلون ما فعل السيد الباجي قائد السبسي الذي غلّب مصلحة الوطن على الحزب. وأنا شخصيا اعتبر ان هذا الموقف كان ينمّ عن واقعية سياسية وحكمة براغماتية جنبت تونس بعض المزالق والأخطار. رفض الاستاذ الباجي قائد السبسي القبول بتشكيل حكومة ائتلافية ضعيفة كان منطقيا ورصينا خوفا من أن تسقط حكومة من هذا القبيل عند أول أزمة وهذا خطير على الوضع العام في البلاد لأن من شأن الاستقرار السياسي أن يحل جزءا من المشاكل الاقتصادية ويعيد الثقة للمانحين والمستثمرين الاجانب. اتحدى كل من يعتقد انه كان بالإمكان أحسن مما كان اي أن نشكل حكومة دون الرجوع الى الحزب الثاني في البلاد. كان البعض بعد فوزنا الانتخابي الكبير يتهمنا بالتغول ويبشر بعودة الدكتاتورية ولما اتخذنا قرار تشريك كل الاطراف في الحكم اتهمنا من جديد. المعادلة السياسية كانت جد صعبة في ظل ضعف نتائج الانتخابية للحركات اليسارية والتقدمية ورفض بعضها التشارك مع «نداء تونس» في الحكم بدعوى انه امتداد لحكم الدساترة والعهد القديم. اليوم نحن حزب أغلبي ولنا هوية وطنية وانتماء تونسي صرف نشكل القوة السياسية التقليدية في البلاد وعلينا بالسير في تحقيق غايتنا الاساسية وهي اعادة تثبيت الدولة التي تأثرت بسنوات التسيب الماضية وبناء الدولة العصرية الوسطية والمدنية.
أين الحقيقة وأين كرامة التونسي على ضوء تعطل مسار العدالة الانتقالية ؟هناك من يتساءل... من يدعم هذه الهيئة ويرى أنها لم تفعل سوى ارهاق كاهل الميزانية بمزيد من المصاريف؟
تتعرض هذه الهيئة لنقد متواصل من القاصي والداني وهذا في حد ذاته اجماع من كل التونسيين على عجزها عن تفعيل مسار العدالة الانتقالية وخاصة تركيزها على تصفية بعض الحسابات السياسية الضيقة. ومن حق التونسيين انتقاد هذه الهيئة التي تتكلف باهظا على المجموعة الوطنية ومطالبتها بالعمل والجدوى والتفكير في مسائل العدالة قبل السيارات. يبدو عاديا وفي ظل اخفاقها ان تطالب بعض الاطراف بمحاسبتها. لكن علينا ان نذكر ان هذه الهيئة ليست مقدسة وليست دستورية وهي ليست الوحيدة المكلفة بهذا الملف الشائك فهناك لجنة المصادرة ولجنة مقاومة الفساد التي اعتبرها شخصيا اكثر جدوى. ان مقاومة الفساد والعدالة الانتقالية مسؤولية الجميع بما في ذلك المجتمع المدني والهيئات غير الحكومية. فالهيئة ليست وصية على محاربة الفساد ولا على العدالة الانتقالية بل هي احد الاطراف التي تخضع بدورها للمحاسبة والنقد. على الهيئة التحرك في الاطار القانوني المرخص لها وعدم تجاوز صلاحياتها والعمل على فتح الملفات وتشريك المجتمع المدني والابتعاد عن التجاذبات السياسية كما وقع في مسألة الارشيف الرئاسي لأن دورها يبقى هاما وهو العدالة الانتقالية وليس العدالة التعسفية الانتقامية والتشفي. لا يكمن لنا بناء صرح ديمقراطي بمثل هذه العقليات الضيقة.
اليوم هناك إشكالات بين القضاء والأمن والإعلام كيف تناقشون هذه المسائل مع ما تبقى من حزب «النداء»؟
أولا حزب «النداء» ليس حزب بقايا رغم الأزمة فإنه حزب اغلبي متماسك ويقوم بعملية نقد ذاتي كبيرة ستعطي ثمارها قريبا.
ان هذه القطاعات الثلاثة تعتبر أساسية في تركيز المسار الديمقراطي فلا يمكن الحديث عن ديمقراطية بدون اعلام حرّ وقضاء مستقل وأمن جمهوري. التوتر بينها لا يعني عدم وجود قواسم مشتركة وجامعة في عملها. العلاقة بين الاعلام والقضاء والأمن تبدو شائكة في كل الدول الديمقراطية وهذا ليس استثناء تونسيا. علينا ان نفهم ان هناك اشكال سياسي مردّه الماضي غير البعيد الذي مازال يعشش في بعض العقليات وربما هناك أيضا أطراف استراتيجية تريد أن تكون العلاقة بين هذه القطاعات متوتّرة.
علاقة الاطراف الثلاثة اليوم في تونس تبدو متوترة لكنها صحية لأن الانسجام المطلق بينها سيعيدنا إلى الرأي الواحد والإعلام المطبل. اعلامنا اليوم مشاكس وجريء وهذه الحرية اعتبرها اهم مكاسب ما حدث بعد 14 جانفي 2011.
لعل أكبر صعوبة تتعلق بالمعلومة الأمنية والعسكرية خاصة في التعاطي مع الظاهرة الارهابية. أولا في ما يتعلق بالنفاذ الى المعلومة والتعامل معها. اعتقد انه على الجميع احترام كل القطاعات : في خصوص الإعلاميين, التقيد بالتوصيات الأمنية وبالنسبة للأمنيين والقضاة احترام حق الخبر الذي هو حق دستوري مقدس. في نفس السياق على الاعلام ان يتفهم طبيعة العمل الأمني والقضائي خاصة اثناء العمليات الميدانية والحساسة والملفات الارهابية والالتزام بالتعليمات الأمنية حفظا لسلامة الاعلاميين ولمقتضيات العمل الأمني. كل عمل لا يخلو من نقائص ونحن نعتقد في الارادة المشتركة لتفادي كل الاخلالات. ان اصلاح هذه القطاعات هو صمام أمان أمام كل التجاوزات أية كانت مصادرها. إن الديمقراطية لا يمكن أن تتحقق في السرية لأن الشفافية والصدق مرادفان للثقة المتبادلة. لذلك لا بدّ من تعزيز الثقة بين المؤسسات الامنية والعسكرية والقضائية والعاملين في المؤسسات الاعلامية عبر تكثيف حلقات الحوار المشترك لقطع الطريق امام الاشاعات والمعلومات الخاطئة.
ماذا بعد التصويت المفيد في الانتخابات الفارطة وما هو شعار الانتخابات القادمة؟
التصويت المفيد جاء ضرورة في مرحلة عادت فيها الغطرسة السياسية وسلطة الحزب الواحد وانتشار العنف السياسي الذي وصل الى حدود الاغتيال. فكان «النداء» جبهة انتخابية اعادت التوازن للبلاد وكبحت جماح التسلط والأحادية. فلا احد اليوم ينكر الدور الذي قام به «النداء» لإحلال نوع من التوازن السياسي والعودة الى الرشد. فضلا عن الدور الذي قام به الرباعي الداعم للحوار الوطني والحائز على نوبل للسلام في الوفاق الوطني والتهدئة السياسية. اليوم في ظل كتلتين قويتين وكتل متوسطة اصبح التعاطي السياسي في تونس اكثر توازنا. المحطة الانتخابية القادمة وهي «البلديات» على اهمية بمكان لأنها في ظل الاستقلالية المحلية ستحدد المستقبل السياسي لتونس الغد. لا ننسى ان بعض التجارب الدولية اثبتت ان مفتاح الحكم على المدى البعيد هو الحكم المحلي لذلك ننظر الى الانتخابات البلدية كمحطة هامة وضرورية لمواصلة تثبيت التوازن السياسي في البلاد. الشعار سيكون حتما مسؤولا وفي مستوى المرحلة القادمة لتفادي أي تغول سياسي محلي قد يعيدنا الى النقطة الصفر ونحن نعول على كل طاقات الحزب الحيوية للتحضير لهذه المحطة الانتخابية بالتنسيق المطلق مع الفاعلين على المستوى المحلي.
كيف تقيّمون أداء وزراء «النداء»؟ أين المشكل في ما يعتبره التونسيون فشلا صارخا للحكومة؟
لا يمكن عزل أداء وزراء «النداء» عن العمل الحكومي ككل لأننا لا نحمل هاجس الحزبية الضيقة في التعاطي مع الشأن العمومي. الأكيد أن البلاد تمر بمرحلة اقتصادية هشة والوضع الاقليمي ممّا يؤثر سلبا على انتعاشة القطاع السياحي وعلى تحسن المردود الاقتصادي. وزراء «النداء» يعملون ضمن حكومة تشارك فيها أكثر من أربعة أحزاب للخروج بالبلاد من الأزمة وإيجاد حلول للتشغيل والتنمية العادلة والكرامة. لعل اسمي ناجي جلول وسعيد العايدي هما الاسمان اللذان يعودان كلما تحدثنا عن وزراء «النداء» لكن هذا لا يحجب العمل الكبير الذي يقوم به مختلف وزراء «نداء تونس».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.