بدعوة من لجنة تنظيم الادارة والقوات الحاملة للسلاح تولّى أول أمس وفد من قسم التغطية الاجتماعية والصحة والسلامة المهنية برئاسة الأمين العام المساعد عبد الكريم جراد تقديم وجهة نظر اتحاد الشغل في موضوع الترفيع الاختياري في سن التقاعد في القطاع العمومي أمام مجلس نوّاب الشعب... وجاءت هذه الدعوة بعد ردود فعل الاتحاد والرأي العام المستنكرة لتراجع وزارة الشؤون الاجتماعية عن محتوى الاتفاق المبرم بتاريخ 6 نوفمبر 2016 والذي تضمن صيغة توافقية. واستمع أعضاء اللجنة إلى وجهة نظر الاتحاد التي ركزت على اعتبار الحوار الاجتماعي وسيلة لحل ملف الصعوبات المالية للصناديق الاجتماعية في إطار العقد الاجتماعي الممضى بين أطراف الانتاج الثلاثة سنة 2013 وأيّد أغلب النواب الحاضرين التعديلات التي اقترحها الاتحاد في مشروع نص القانون وهي: أولا اعتبار السن الحالية قاعدة والترفيع استثناء تطابقا مع عنوان المشروع، وثانيا وجاهة إيجاد خيارين للتمديد بسنتين أو بخمس سنوات وثالثا وأخيرا النظرة الواقعية في تقديم مطلب التمديد قبل سنتين اثنتين وليس قبل 5 سنوات. وفي جواب على استفسارات النواب عن امكانية اللجوء الى الترفيع الاجباري في سن التقاعد بين وفد الاتحاد أن هذا الحل – فضلا عن أنه لا يساهم في تجاوز العجز المالي – ينطوي على مخاطر اجتماعية في علاقة بردود فعل العاطلين عن العمل الذين سيرون فيه قضاء نهائيا على أي أمل لهم في الانتداب بالوظيفة العمومية. وعلاوة على ذلك فإن الاتحاد ملزم بقرارات هياكله بعد مصادقة مجلسه الوطني للاتحاد المنعقد في ماي 2015 على الترفيع الاختياري في سن الاحالة على التقاعد. وفي باب الحلول الممكنة لإنقاذ الصناديق الاجتماعية أقرّ النواب بعدم صحة مواصلة الاعتماد على المساهمات مؤيدين الرافعات المقترحة ضمن اللجنة الفرعية للحماية الاجتماعية وهي تنويع مصادر التمويل واستخلاص الديون والحوكمة في تسيير الصناديق وتوسيع التغطية الاجتماعية. وطالبوا بتقديم مقترحات ملموسة لتكريس تنويع مصادر التمويل بعد أن استمعوا إلى اقتراح الاتحاد المتمثل في الترفيع في الأداء على القيمة المضافة بنقطة واحدة. ومن ناحية أخرى وفي اشكالية تأثير الترفيع في سن التقاعد على التشغيل حصل إجماع على أن امتصاص ضغط العاطلين عن العمل وايجاد مواطن شغل جديدة ليس مرتبطا بسن التقاعد بل رهين النهوض بالتنمية الاقتصادية مما يتطلب مراجعة منوال التنمية. ولفت وفد الاتحاد انتباه النواب إلى مخاطر الاقتصار على الحلول الجزئية لمراجعة ملف التقاعد مثل تغيير معطى وحيد وهو السن مناديا بتناول الموضوع من زاوية شاملة وذلك عبر الاهتمام بإرساء الارضيات الوطنية للحماية الاجتماعية التي جاءت بها التوصية عدد 202 لمنظمة العمل الدولية. وفي نهاية الاجتماع عبر رئيس اللجنة عن تقديره لروح المسؤولية الذي اتسم به موقف الاتحاد في موضوع الترفيع الاختياري في سنّ التقاعد بالقطاع العام ملاحظا أنّه أمر منتظر لما عرفت به هذه المنظمة العريقة منذ تأسيسها من دور وطني واجتماعي. ويوم أمس أفاد رئيس لجنة تنظيم الادارة وشوون القوات الحاملة للسلاح محمد جلال غديرة بأن النواب الاعضاء فى اللجنة يتجهون نحو التمديد التدريجي والمرن في اجبارية سن التقاعد مع مراعاة فرضية التمديد الاختيارى في سن التقاعد. وقال غديرة في تصريح اعلامي على هامش أشغال جلسة استماع اللجنة لوزير الشوون الاجتماعية محمود بن رمضان ان اللجنة ستخصص جلسة عمل الخميس أو الجمعة من الاسبوع القادم للتصويت على فصول مشروع هذا القانون الذى ورد في صيغة مقترح اختياري بالترفيع في سن التقاعد القانوني وأنّ هناك امكانية لإضافة فصول جديدة حول التمديد الاجبارى الذي سيتم حسب التقدير تدريجيا على عشر سنوات . ولاحظ غديرة ان توجه النواب نحو التمديد الاجبارى التدريجى جاء بعد نقاش مطول ضمن حوالى 17 جلسة بشأن مشروع قانون عدد 52 /2015 المتعلق بتنقيح واتمام القانون عدد 12 لسنة 1985 المتعلق بنظام الجرايات المدنية والعسكرية للتقاعد وللباقين على قيد الحياة في القطاع العمومي منها 5 جلسات مع وزير الشوون الاجتماعية الحالي وسلفه وكذلك جلستين مع ممثلي الاتحاد العام التونسى للشغل بالاضافة الى عدد كبير من الخبراء وبناء على كل الدراسات ورأى الاتحاد والحكومة الذي يوكد أن التمديد الاجباري او الاختياري لن يكون له أي تأثير على الانتدابات في الوظيفة العمومية. وقد لاقى هذا المقترح من النواب ورئيس اللجنة ترحابا من قبل وزير الشوون الاجتماعية محمود بن رمضان الذي قال متوجها للنواب «اذا عدلتم مشروع قانون الحكومة فى اتجاه الاجبارية لا نرى مانعا في ذلك وسندعمه وفي الجوهر نحن نشاطره». ولاحظ أن توجه النواب أجدر لمجابهة الوضعية الحالية التي اصبحت خطيرة وتونس تعاني اليوم من صعوبات مالية جدية وقد اصبح من الصعب مد الموظفين باجورهم حتى أنه سيتم اللجوء الى السوق المالية الدولية للحصول على قرض للتمكن من السيولة الضرورية . وبيّن ان أي تفصيل وتدرج على مستوى تطبيق الاجبارية مرحب به وسيكون جزءا مهمّا من الحل الذى يجب ان يتبع بعدة اجراءات اخرى منها مراجعة النظر فى تحديد قيمة جراية التقاعد والاجر المرجعي ونسبة الجراية من الاجر الخام. وأكد مستشار رئيس الحكومة المكلف بملف الشوون الاجتماعية سيد بلال أن الحكومة منفتحة على مقترح الترفيع الاجبارى بسنيتن يتبع باختياري لثلاث سنوات الباقية ومع مراجعة النظام الجبائي. وتتجه الحكومة نحو اجبارية التمديد بسنتين وهو ما برفضه اتحاد الشغل. فهل تتواصل المشاورات أم يغلق الملف بالمصادقة؟