تفاعلا مع شهر «التراث» بكل محامله الابداعية والفعلية لم يفوّت تلاميذ السنة الخامسة من المدرسة الابتدائية الفرصة تمر دون أن يكونوا في صلب الموضوع وفي قلب الحدث الذي تتفاعل معه كل سنة مؤسسات مجتمعنا المدني والسياسي والتربوي لأنه منّا وإلينا وذلك في نشاط حصة «القراءة» تحت توجيه وإرشاد معلم القسم على مدى ساعة كاملة مرت من القراءة الصامتة الهادفة والقراءة الجهرية المنغّمة لتصل الى الاكتشاف والفهم والتحليل وإبداء الرأي وتختم بالتوسع الذي دعا الأطفال الى إعداد بحث حول الصناعات التقليدية المشهورة في كل جهة من البلاد التونسية. نص «الأيدي الساحرة» من محور «تحديد خصائص النص الوصفي» مقتطف من كتاب نجل الفقير للكاتب الجزائري «مولود فرعون» في صورة تاريخية ساحرة تعيدنا الى عادات وتقاليد الشعوب المغاربية التي توارثوها عن الحضارة البربرية وتهم خاصة حرفة الجدّات في منازلهن بهدف توفير لقمة العيش ودعم ميزانية الأسرة باعتبار أن المرأة الريفية لها بصماتها الى حدّ اليوم في المجال الحرفي لقاء توفّر المواد الأولية في المحيط الطبيعي. المعاني تناسلت وتوالدت عبر فقرات النص في وصف مبهر وسلس... «كانت خالتاي تشتغلان بصناعة الخزف... قلال وقدور وجرار وتبدأ خالتاي في اعداد الطين منذ فصل الربيع»... «تجلبانه من مكان بعيد في قفاف من السعف»... «تطرحانه حتى يجف ثم تسحقانه وتعجنانه وترفسانه بالأرجل»...«تضع خالتي قطعة الطين على خشب مصقول وتشرع في تشكيل قاع الآنية»... «تتناول كتلة أخرى فتداعبها وتملّسها حتى يتحول الى صورة جميلة، حيّة، يافعة». كان الأطفال يتناوبون على القراءة الفردية وهم يرسمون في أذهانهم صورة الخالتين... وهما غارقتان في عملهما منقطعتان عن عالمهما من أجل حرفة تربّتا عليها منذ الصغر»... «وعندما تجف المواعين تشرعان في تزيينها بشتى الألوان والأشكال»... «ولا تلبث الدار أن تكتظ بالأواني تنتظر موعد انضاجها في الفرن»... وبعدها ليس إلّا حملها الى القرية والى المدينة في السوق الأسبوعية قصد بيعها طالما مازالت العائلات التونسية متعلقة بالقدر والقلة والجرّة والكانون والجبّة والبرنس والشاشية والمرقوم عناوين لتاريخنا المجيد... والخوف أن يندثر هذا الموروث الحضاري مع جيل اليوم والأجيال القادمة.