تدخل الهيئة العليا المستقلة للانتخابات بعد أن أوصى مجلس الوزراء المنعقد اليوم الثلاثاء بالقصبة باحترام موعد انتخابات المجلس التأسيسي المقررة ل¬ 24 جويلية 2011 مرحلة حاسمة من نشاطها المتمثل في الإعداد لهذه الانتخابات وتيسير مختلف مراحل هذا الاستحقاق الانتخابي المصيري في حياة الشعب التونسي. فبالإضافة إلى العراقيل التي عرفها تكوين هذه الهيئة سيما على مستوى اكتمال تركيبتها فإنها تباشر مهامها في ظل تجاذبات كبيرة تشهدها الساحة السياسية الوطنية بين مؤيد ومتشبث بإجراء انتخابات المجلس التأسيسي في موعدها المقرر وبين معارض ومطالب بالتأجيل. ويبرر رافضو موعد 24 جويلية بعدم جهوزية الأحزاب السياسية لهذا الموعد أما رافضو التأجيل فيعللون موقفهم بالكلفة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والأمنية المتوقعه لكل يوم تأخير على مصالح الشعب التونسي ومستقبله. وينتظر الهيئة المستقلة للانتخابات عمل جبار ومضن حسب رأي الأستاذ المحاضر بكلية الحقوق بتونس وعضو لجنة الخبراء بالهيئة العليا لتحقيق أهداف الثورة محمد شفيق صرصار مما يجعل "بلوغ موعد 24 جويلية ممكنا لكن بصعوبة وبجهود وتضحيات كبيرة" فأعضاء الهيئة 16 مطالبون بالعمل على امتداد 13 ساعة كمعدل يومي على الأقل حسب تعبيره. وتعد مسألة تشكيل فروع الهيئة العليا المستقلة للانتخابات على المستوى الجهوي أول خطوة عملية ومستعجلة الواجب على الهيئة القيام بها. وتتراوح المدة الزمنية الفضلى للعملية الانتخابية بمختلف مراحلها وفق المعايير الدولية بين 22 و30 أسبوعا.أما نجاحها فيظل رهين ثلاثة عوامل رئيسية هي التأطير القانوني الذي يستغرق وقتا كبيرا. وقد تم انجاز هذا العنصر بالنسبة لتونس، ويبقى أمام الهيئة المستقلة للانتخابات شهران لتخطي العاملين الآخرين المتمثلين في العامل اللوجستي والمناخ السياسي الذي يعد أكثر تعقيدا وصعوبة نظرا لغياب التوافق والوئام بين العائلات السياسية. ويتعلق الجانب اللوجستي بتسيير باقي مراحل العملية الانتخابية بما فيه من تعقيدات بدءا بضبط قائمات الناخبين والنظر في الترشحات مرورا بتسيير عملية الاقتراع وصولا إلى الفرز والإعلان عن النتائج. ولتأمين أفضل عوامل النجاح لهذا العامل أشار الأستاذ صرصار إلى أن الهيئة العليا المستقلة للانتخابات ستتولى إحداث 750 نقطة تسجيل بالقائمات وانتداب 3 آلاف حامل شهادة عليا لتدريبهم على إدخال المعطيات في قاعدة البيانات الخاصة بقائمة الناخبين بالإضافة إلى اختيار 500 ألف شخص للعمل بمكاتب الاقتراع واقتناء 1500 حاسوب فضلا عن الاقتصار على بطاقة التعريف الوطنية للتصويت. وبين أن الدورة الوحيدة لكل عملية انتخابية ستكلف ما بين 25 و30 مليون دينار. وينتظر الهيئة عمل دقيق وهام في ما يتصل بتحديد من يحق لهم التصويت. وقد أشار الأستاذ صرصار في هذا الشأن إلى انه قد تم إحصاء 13 مليون بطاقة تعريف وطنية منها أكثر من 3 ملايين أصحابها موتى بما يعطي الانطباع على أن 10 ملايين من التونسيين يحق لهم الانتخاب وهو رقم غير مبرر بل يستوجب جهدا كبيرا لتصحيح هذه المعطيات، علما وان هذا الحق يستثني الموتى والمحكوم عليهم بالسجن وحاملي الزي الوطني. ونظرا للعدد الكبير من الأحزاب والمستقلين المترشحين وحتى لا تتداخل الأمور على الناخبين، أفاد الأستاذ صرصار انه سيتم إلغاء اعتماد الألوان خلال انتخابات 24 جويلية وتعويضها بالورقة الانتخابية الواحدة التي ستتضمن اسم المترشح والرمز الخاص بالحزب كما سيقع اعتماد 800 ناخب لكل مكتب اقتراع . وجاء تعهد المجلس بوضع جميع إمكانيات الدولة على ذمة الهيئة العليا المستقلة للانتخابات لإنجاح هذا الاستحقاق الهام بعد أن كانت تقدمت يوم الأحد بمقترح تأجيله ليوم 16 اكتوبر القادم ليترجم الإرادة في المضي قدما بالمسار الانتقالي وتحقيق أهداف الثورة وتطلعات الشعب التونسي في الأمن والاستقرار.