كان ضيف منبر مؤسسة التميمي للذاكرة الوطنية السيد كمال العبيدي رئيس الهيئة الوطنية لاصلاح الاعلام والاتصال, وهو خريج معهد الصحافة وعلوم الأخبار سنة 1975 وعمل ملحقا بوكالة تونس افريقيا للانباء ليفصل منها بسبب مواقفه النقابية سنة 1978 ثم مرة ثانية بسبب اجرائه لحوار مع منصف المرزوقي سنة 1994. وحضر الندوة عدد هام من وجوه الصحافة والاعلام وعلى رأسهم السيدة نزيهة رجيبة وعدد من الوزراء والسياسيين السابقين. انطلق كمال العبيدي في شهادته ليذكّر بظروف نشأة هيئة اصلاح الاعلام وتكليفه بترؤسها وذكر «كان ذلك في مطلع شهر فيفري 2011 لما اقترح علي محمد الغنوشي العودة إلى تونس وترؤس لجنة اصلاح الاعلام المزمع تكوينها وبعد أن فاجأني مقترحه خاصة وقد سبق فصلي من وكالة تونس افريقيا للانباء وسبق تهديدي لما نشرت مقال «couscous connection» عن تورط منصف بن علي في قضية المخدرات,وبعد تفكير قبلت أن أترأس هيئة استشارية وتمسكت أن اختار اعضاء الهيئة من بين نقابة الصحافيين وجمعية القضاة ونقابة المحامين. وحرصت على تشريك المدونين لما قاموا به اثناء الثورة, وعقدت الهيئة أول اجتمعاتها في 4 مارس 2011 وكان العمل شاقا ومعقدا نظرا لحجم الفساد الذي استشرى زمن بن علي وحاول بعضهم مواصلته بعد الثورة» وعن الصحفيين انفسهم استغرب العبيدي «توتر العلاقة بين الصحفيين انفسهم وانتشار الشك وعدم الثقة في صلب المؤسسة الاعلامية ذاتها». خبرات أوروبية وتدرج العبيدي في شهادته للحديث عن محاولات انجاح عمل اللجنة قائلا: «حاولنا جادين الاستعانة بخبرات اجنبية بلجيكية وبريطانية ونحن حريصون على ادراج هذه التجربة في التقرير النهائي، كما قررنا التعاون مع لجنة الاعلام التابعة للجنة تحقيق اهداف الثورة ونظمنا عدة جلسات مفتوحة وطلبنا من التلفزات الوطنية التعريف باللجنة, كما تعرضنا لعدة ضغوط فقد الح علينا الباجي قايد السبسي عن طريق احد مستشاريه عدم اعلان نتائج التقرير قبل الانتخابات , ولكننا كنا متمسكين باستقلالية الهيئة وهو ما جعلنا عرضة لعدة تجاوزات بلغت حد الشتم والثلب ومع ذلك حاولنا التمسك بالاستقلالية والشفافية. وكنا بعثنا بتحفظاتنا للسيد الباجي قائد السبسي واستغربنا الحملة التي شنت على بعض فصول المراسيم المعلنة التي حاولت التلاؤم مع قانون الصحافة الدولي رغم تمسك البعض بتنصيب بعض الاسماء على الاذاعات الخاصة رغم إقالة الاسماء التي تقترحها الهيئة على غرار ما تم مع الياس الغربي على رأس شمس أف م واقبال الغربي على رأس اذاعة الزيتوني والتمسك دوما بالابقاء على الملحقين الاعلاميين ببعض الوزارات والادارات الذين عينوا حسب ولاءاتهم السياسية لحزب بن علي». ظُلم وواصل سي كمال شهادته للحديث عن الجدل القائم حول الاعلام بالقول «إن الحملة التي تستهدف اليوم الصحافة فيها الكثير من الظلم ولا يجب تحميل مسؤولية رداءة الاداء الصحافي إلى الصحفيين لوحدهم ولا بد من التذكير بان عددا من الصحفيين قاموا بدور هام في التمهيد لقيام الثورة منذ احداث الحوض المنجمي». واستثنى كمال العبيدي في معرض شهادته بعض الصحافيين وذكّر بالحملات التي كانت تقوم بها بعض الصحف إزاء عدد من الصحافيين وقال «تميزت صحافة العهد السابق بالتسابق في نشر الأكاذيب والشتائم عن بعض الاعلاميين الشرفاء ووصفهم بأبشع النعوت». وفسر ذلك باعتماد الولاء في تعيينات الصحفيين ومُديري الصحف واستغرب تواصل بعض هذه السياسات بالقول «ولازالت عملية الانتدابات تتم عبر الأساليب البائدة كما يتم مثلا في وكالة تونس افريقيا للانباء, وهذا ادى بلا شك إلى تدهور الاعلام وادى إلى هذا الارث الثقيل من الفساد والتقهقر في المجال الاعلامي». واستغرب كمال العبيدي في المقابل من عودة بعض الاعلاميين إلى لعب نفس الدور السابق لتلميع صورة الحاكم وقال «انا شخصيا استغربت عودة بعضهم لتصوير مناسك عمرة حمادي الجبالي على غرار ما قاموا به اثناء عمرة بن علي والطرابلسية». لا مجال للسماح بإيقاف الصحفيين ومحاكمتهم وعن مسالة عودة التضييقات على بعض الصحف قال العبيدي: «شخصيا استغرب إيقاف البعض على خلفية نشاطاتهم الصحفية وهذا يذكر كذلك بإسراع بن علي إلى إيقاف أول صحفي بعد بضعة اشهر من انقلابه على بورقيبة». وفي ختام شهادته حاول كمال العبيدي أشار مجددا إلى الصعوبات التي تواجهها الهيئة وخاصة في ما يتعلق بالحصول على الوثائق اللازمة في عمل اللجنة وألمح إلى أن التقرير الجاري سيحتوي قضايا الاعلام السمعي البصري وكذلك الالكتروني وكذلك مؤسسات الاعلام العمومي وسيتضمن مقترحات مستوحاة من تجارب أوروبية وغربية مؤكدا «كل أملنا أن تجد توصياتنا صدى لدى القائمين على اصلاح الاعلام». ثم فتح باب المناقشة التي شابها الكثير من التوتر بين الصحفيين الحاضرين الذين تبادلوا التهم في حين ركز جل المتدخلين على آجال تقديم تقرير الهيئة وخاصة على موعد تقديم القائمات السوداء التي تمسك كمال العبيدي بعدم التطرق اليها. وكانت الصحفية نزيهة رجيبة أهم المتدخلين حيث ألمحت إلى تواصل انعدام الديمقراطية في الممارسة السياسية الحالية ودعت إلى خطورة انخراط بعض الواصلين إلى سدة الحكم في دوامة السلطة التي وصفتها بأنها «سلطة تسكر وتغوي».