إثر المواجهات اللفظية الحادة بين شبابي «حركة الوطنيين الديمقراطيين» (الحود) وحزب العمال الشيوعي (البوكت) على خلفية مؤتمر اتحاد الشغل، كنا نشرنا في التونسية بتاريخ 31 ديسمبر 2011 مقالا بعنوان «قطيعة نهائية بين حمة الهمامي وشكري بلعيد؟» ويظهر أن العلاقة بين الطرفين مازالت محكومة بالبرود والجفاء هذا ان لم تكن قد وصلت الى طريق مسدود ينبئ بقطيعة بينهما. وقد أثارت الدعوة التي وجهها للعموم كل من حزب العمال الشيوعي التونسي وحزب النضال التقدمي وحركة البعث والحزب الشعبي للحرية والتقدم والوَطد لحضور الندوة السياسية الوطنية للإعلان عن قيام الجبهة الشعبية لاستكمال مهام الثورة الأحد 18 مارس على الساعة 10 صباحا ببورصة الشغل بالعاصمة العديد من نقاط الاستفهام نظرا لأنها استثنت «الحود» (الوطنيين الديمقراطيين) وهو حزب شكري بلعيد إلى جانب تواجد شق جمال لزهر، أي الخصم اللدود لشكري بلعيد وحزبه ممّا فتح باب التساؤلات عمّا إذا حصلت قطيعة بين الطرفين. وللتوضيح، فإن التيار الوطني الديمقراطي الذي بدأ في سبعينات القرن الماضي في الجامعة انقسم إلى «مِلَل» مختلفة، «الحود» شكري بلعيد، «العود» عبد الرزاق الهمامي، «وطد» جمال لزهر ووطنيين ديمقراطيين مستقلين عن التنظيمات . وكل تنظيم يدّعي تمثيله الحقيقي لتيار «الوطد» . ويتهم جماعة «وطد» (شق جمال لزهر) شكري بلعيد بالابتعاد عن مبادئ هذا التيار ويصفون حزبه بالتحريفي وبالإصلاحي. مقابل ذلك يتهم «الحود» و«العود» اللذان أعلنا مسار توحّدهما لزهر بالطوباوية وبالتكلّس الإيديولوجي . فهل أنّ تواجد «وطد» جمال لزهر مقابل غياب (أو بالأحرى تغييب) «الحود» موقف من شكري بلعيد يخفي تباعدا على مستوى قراءة المرحلة ومتطلّباتها مقابل تقارب في ذات المسألة مع شق لزهر؟ ما يؤكد هذا الطرح هو أنّ تواجد «وطد» في نفس الجبهة مع حزب العمال، يُفقِد نظريا وربّما فعليا «القيمة المضافة» لتوحّد «الحود» و«العود». ففي إعلان مسارهما التوحيدي أعلنا انفتاحهما على كل فصائل العائلة الوطنية الديمقراطية حتى يتم الوصول إلى بناء حزب كبير لتيار الوَطد ، ولكن تواجد شق لزهر في جبهة حزب العمال يعني عدم اهتمام هذا الفصيل بما يطرحه بلعيد وعبد الرزاق الهمامي. وقد أكد شكري بلعيد ل«التونسية» أن حركة الوطنيين الدمقراطيين وحركة الشعب وحزب الطليعة توجهت لحزب العمال الشيوعي من أجل بناء جبهة وطنية تقدمية منفتحة على كل القوى الديمقراطية غير ان بعض أطراف حزب العمال الشيوعي تعللت بمؤتمر طبرقة لاتحاد الشغل وعرقلت مسار بناء هذه الجبهة. وأضاف شكري بلعيد أن حركته مصرّة على مدّ يدها لكل القوى التقدمية لبناء جبهة واسعة وهو ما تكرس في العديد من الجهات. ورغم تبادل الطرفان، حمة وشكري، الكلام المنمّق ومحاولة التقليل مما يحدث فإن الوقائع على الأرض تؤكد عكس ذلك. يُذْكَر أنّ حركة الوطنيين الديمقراطيين تشهد تململا داخليا خاصة بعد تعدّد الاستقالات المعلَنة وخاصة الضمنية التي طالت بعض أعضاء المجلس المركزي وحتى الهيئة السياسية. فكيف سيتصرف شكري بلعيد لتجاوز هذه الأزمة التي تزامنت مع مسار التوحيد مع «العود» مقابل فقدان حليف تقليدي وهو "البوكت" ؟