تعتبر الانتخابات في كل الدول الديمقراطية أفضل السبل لتحقيق ارادة الشعوب ومن خلالها تمتحن قدرة الاحزاب على اقناع الناخبين و كما يقال :يوم الامتحان يكرم المرء أو يهان. و بما أن البديل عن الديمقراطية هو الاستبداد فلا مناص للفاشلين من احترام نتائج الانتخابات و تهنئة الفائزين. هكذا تسير الأمور في كل الدول الديمقراطية و هكذا سارت الامورعموما في تونس ايضا الا اننا فوجئنا بعد الاعلان عن نتائج الانتخابات بأحزاب تدعي التقدمية و ترفع شعار الحداثة و لا تعترف بالديمقراطية و بصندوق الاقتراع مثل (الوطد: الوطنيون الديمقراطيون) و (البوكت: العمال الشيوعي) الذي لم يظهر بهذا الوجه قبل الانتخابات، فجل الأحزاب المنهزمة ان لم نقل كلها اعترفت بهزيمتها و هنأت الفائزين (النهضة و المؤتمر..)و هذا سلوك ديمقراطي يحسب لها و أذكر على سبيل الذكر لا الحصر : التقدمي ( نجيب الشابي)..التجديد ( أحمد ابراهيم).. حزب الوطن...آفاق ...بل اني سمعت تصريحات حزب المبادرة و كانت أفضل من مواقف البوكت و الوطد... و بما أننا نسعى الى فتح صفحة جديدة من تاريخنا فأنا أحيي كل هذه الأحزاب بدون استثناء طالما أنها اتسمت بالروح الديمقراطية و احترمت ارادة الشعب التونسي...في حين لم نسمع من البوكت و الوطد سوى التهديد و الوعيد و التشكيك في ذكاء المواطن التونسي.. ناهيك عن التهجم عن كل ماهو عربي و اسلامي لعزل تونس عن محيطها و افشال جهود التنمية من أجل معاقبة الشعب التونسي الذي رفض التصويت لصالحهما .و هذه الاحزاب لا تعدو كونها ظواهر صوتية...البوكت(3مقاعد)..الوطد (مقعد يتيم) و هي مقاعد على ضآلتها كانت منحة من القانون الانتخابي...و لا أعتقد اطلاقا أن هذه الاحزاب ستفوز و لو بمقعد واحد مستقبلا لسببين: أولا :-لان القانون الانتخابي الحالي استثنائي و لن يعمل به لاحقا. و ثانيا :-لان هذه الاحزاب مع الاسف لم تستفد من فشلها و لم تحسن قراءة التجربة الانتخابية الديمقراطية الاولى في تاريخ تونس ،ولم تحاول الاجابة عن السؤال: لماذا لم يصوت لها الشعب التونسي؟. و بدل ذلك هاهي تحاول الهروب الى الامام من خلال الاختباء خلف الاتحاد العام التونسي للشغل بزعامة جراد و البريكي ،وركوب موجة التحامل على الدول العربية التي تسعى لدعم الاقتصاد التونسي؛ و كأن أنصار الاحزاب الفائزة لا يمكنهم النزول الى الشارع اذا اقتضى الامر، ولا ينتمون الى الاتحاد و ليس بامكانهم افشال المشاريع الخبيثة لهذه الاحزاب المتطرفة التي يفترض أن نسحب منها التراخيص القانونية لعدم اعترافها بالديمقراطية و معاملتها مثل حزب التحرير الذي حرم من الترخيص القانوني لنفس السبب أو ليكن لنا أقصى اليمين مثلما قبلنا بأقصى اليسار. ان الشعب التونسي الذي منح ثقته لهذه الاحزاب الفائزة لا يمكن أن يشك في مصداقيتها أو يخونها و يتهمها بالمس من سيادة البلد و الامضاء على اتفاقيات مع دولة قطر الشقيقة او مع اي دولة اجنبية دون اخذ المصلحة الوطنية في الاعتبار . و آخر ابداعات هذه الاقليات السياسية المجهرية الخروج يوم 11 نوفمبر2011 في مظاهرات تسعى لتقليد حملة" احتلوا وول ستريت" فبعد أن نطقت امريكا عربية و بعد ان شهد العالم بالزعامة العالمية للثورة التونسية يصر هؤلاء على التبعية للغرب و يستكثرون على الشعب التونسي ان يكون قائدا .ثم تأخذهم حميتهم الغربية الى مهاجمة البورصة التونسية بالعاصمة و هي خاوية" كفؤاد أم موسى". لا مليم فيها على اعتبار أنها وول ستريت "الامبريالية التونسية" أو هكذا يتوهمون ثم يتحول الوهم الى عقيدة فينادون باسقاط حكومة لم تتشكل بعد ..و اذا افترضنا جدلا اننا اسقطنا هذه الحكومة و أعدنا الانتخابات، فمن سيفوز؟ لاشك ان هذه الاحزاب الفائزة هي التي ستفوز من جديد و لكن بأغلبية مريحة هذه المرة ذلك أن سخاء القانون الانتخابي سيء الذكر الذي تصدق عليهم ببعض المقاعد لن يرى النور مستقبلا .و عندها ستتعرى هذه الاحزاب تماما بعد أن كستها هذه الانتخابت و سترتها ببضعة مقاعد. و في الختام أدعو أحزاب الائتلاف الحكومي الى تبني مبدا العفو وبذل أقصى الجهود من أجل المصالحة الوطنية و مد الايادي الى كل من أخطأ و ورغب في فتح صفحة جديدة تكون فيها تونس لكل التونسيين بشرط الايمان بالديمقراطية حتى لا يتمكن المتطرفون ؛(أصحاب 0.1 بالمائة) من تهديد أمن البلاد و استقرارها ،مع احترامي التام لكل يساري أو اسلامي يؤمن بالديمقراطية و يحترم ارادة الشعب