في انتظار الإعلان اليوم السبت عن جوائز مهرجان سوسة الدولي لفيلم الطفولة والشباب تتواصل فعاليات المهرجان المتنوعة بين الورشات والعروض. كما بادرت هيئة المهرجان برئاسة الأستاذ حسن عليلش بتنظيم ندوة «التربية على الصورة» بمشاركة ممثّلين عن الجمعيّات السينمائيّة التونسيّة والغرفة النقابيّة الوطنية لمنتجي الأفلام وجمعيّة المخرجين السينمائيين التونسيين ووزارة التّربية ومهرجان سوسة الدولي لفيلم الطفولة والشباب ومجموعة من منشطي نوادي السينما المدرسيّة والنقاد السينمائيين. وقد تمحورت التدخلات حول التأكيد على دور التّربية على الصورة وموقعها في المؤسسات التربويّة والتعليميّة خاصة في ظل اكتساح القنوات العالمية للمجال السمعي البصري الوطني وما يمثله من تأثير خطير على العقليات والسلوكيات، وباعتبار أن الثقافة السمعيّة البصريّة تستوجب تكوينا خاصا ودربة متميّزة، أجمع المختصون على أنها لا تقل أهميّة عن التكوين في بقيّة مجالات التّمدرس، ثم لاكتساح الصورة جميع مجالات الحياة اليوميّة سواء كان ذلك عن طريق السينما والتلفزيون وغيرها من الوسائط المباشرة أو الصور التي يتناولها الإنسان في حياته اليوميّة بشكل غير مباشر عبر الوسائط المختلفة. وقد أفرزت الندوة التوصيات التالية: 1 ضرورة إدراج التّربية على الصورة بصفة عامة والتّربية على الصورة السينمائيّة بصفة خاصة في البرامج الرسميّة للتعليم بمختلف مراحله. 2 إعادة تفعيل اللجنة المشتركة بين وزارة التّربية ومهرجان سوسة الدولي لفيلم الطفولة والشباب والجمعيات السينمائيّة الفاعلة لتقييم و إحياء برنامج نوادي السينما المدرسيّة الذي تم إيقافه دون قرار معلن من طرف السلطة سنة 2009 وتشجيع الشراكة بصفة عامة بين مختلف هذه الأطراف. 3 تحيين مختلف مكتبات الأفلام الموجودة بالمؤسسات التربويّة ومراكز التكوين المستمر التابعة لوزارة التّربية. 4 إعادة تنشيط نوادي السينما المدرسية بمختلف اختصاصاتها. 5 السعي لإحداث مادة دراسيّة اختياريّة تعتني بالفنون السمعيّة البصريّة مع إحياء مشروع بعث المعاهد المختصّة في الفنون. 6 مواصلة تنفيذ برنامج تكوين المدرّسين و المكوّنين و المؤطّرين البيداغوجيين (مساعدين بيداغوجيين و متفقدين) من مختلف مراحل التعليم مع إعادة النظر في أهدافه وطرائقه وذلك من خلال اختيار مادّة التكوين والأطراف التي تضطلع بها. 7 استغلال القاعات المتعدّدة الاختصاصات الموجودة داخل المؤسسات التربويّة للغرض الأساسي الذي بنيت من أجله والدعوة إلى تشجيع التلاميذ على ارتياد قاعات السينما. 8 حثّ مديري المؤسسات التربويّة على تفعيل اتّفاقيات الشراكة بين وزارات التّربية والثقافة والشباب والرياضة وذلك من خلال وضع برامج مشتركة في مجال التربية على الصورة. 9 التوصية بتجهيز نوادي السينما المدرسيّة بالمعدّات الضروريّة المتمثّلة في آلة عرض (Videoprojecteur) و وحدة صوتية وحاسوب مجهز ببرمجيات تركيب و قارئ أقراص مضغوطة وشاشة عرض و كاميرا. 10.العمل على بعث مراكز ثقافية مدرسيّة بإمكانها احتضان الأنشطة السينمائيّة. من جهة ثانية نظم «الفيفاج» يوم الخميس الماضي الملتقى الوطني الأول حول «التوزيع الثقافي للفيلم التونسي» بمشاركة الغرفة الوطنية لمنتجي الأفلام و جمعية المخرجين السينمائيين وعدد من السينمائيين والنقاد ومديري وممثلي مركبات ثقافية جهوية في تونس وجندوبة وباجة وصفاقس وأريانة والقيروان وقفصة ونابل... ويأتي هذا الملتقى في إطار البحث عن مسلك توزيع الأفلام التونسية عبر دور الثقافة يخص في مرحلة أولى 48 دارا ستتم تهيئتها لإحتضان العروض السينمائية ... يذكر أنه سبق إثارة هذا الملف من طرف الغرفة الوطنية لمنتجي الأفلام أيام كان رؤوف الباسطي وزيرا للثقافة ولكن الدواليب الثقيلة للوزارة عطلت إنجاز أي شيء رغم النوايا الحسنة، وقد تم التفكير في خلق شبكة توزيع ثقافية للفيلم التونسي بعد أن اندثرت القاعات السينمائية بشكل تام في جل ولايات الجمهورية ولم تبق سوى قاعات قليلة في تونس العاصمة وأريانة وسوسة وصفاقس وبنزرت، وعدم تحمس القطاع الخاص لبعث قاعات في الأحياء والمدن السكنية الجديدة بسبب غياب حوافز حقيقية بعيدا عن الشعارات المناسبتية . وقد أوصى المشاركون في الملتقى بضرورة التوقف عن إحداث دور ثقافة جديدة والتركيز على تهيئة البنية الأساسية الموجودة وتطويرها وإرساء منظومة وطنية رقمية للتذاكر(التذكرة الموحدة) للتحكم في المحاسبة المالية كما هو معمول به في جارتنا المغرب والدعوة إلى انتداب تقنيين وفنيين لدور الثقافة وفق الحاجيات الحقيقية للقطاع بعيدا عن الإنتداب لمجرد الإنتداب تحت أي غطاء كان. ودعا الملتقى وزارة الثقافة إلى إنشاء ميزانية خاصة بدور الثقافة لشراء الأفلام التونسية غير المدعومة من وزارة الثقافة ووضع برمجة سنوية وطنية لكل العروض وتوزيع المداخيل بنسب مدروسة بين دور الثقافة وأصحاب الأفلام مع التفكير في تخصيص قسط منها لتنمية السينما التونسية وتطوير البنية التحتية، وإتفق المشاركون على أن دور الثقافة لا يمكنها القيام بالنشاط التأطيري بمفردها ولذلك وجب إدماج النسيج الجمعياتي السينمائي وخاصة الجامعة التونسية لنوادي السينما في عملية تأطير التوزيع الثقافي للفيلم التونسي، ونادى المشاركون بضرورة تنظيم ندوة وطنية لتعميق الحوار في الموضوع. ويأمل أحباء السينما أن تلقى توصيات هذا الملتقى كما توصيات ندوة التربية على الصورة التفاعل الحقيقي من مؤسسات الدولة ذات الصلة والقطع مع سياسة اللامبالاة التي دفعت بقطاع السينما في هوة سحيقة إنتاجا وتوزيعا، وكلما غابت الثقافة وضمر الإبداع طفت على السطح مظاهر الجهل والرؤية الواحدة التي تلغي الآخر المختلف بإسم الوطن أو الدين أو الإيديولوجيا...