في الماضي كانت المرأة تتمنّع وتتخفى والويل كل الويل إن تجرأت على كسر القيود للحديث حتى مع إبن الجيران وكانت طقوس ومراسم الزواج مختلفة وبعيدة كل البعد عن أشكال التواصل التي تعتمد اليوم للعثور على شريك الحياة فبعدما كانت المرأة لا ترى زوجها إلاّ ليلة الدخلة تغيرت اليوم العلاقات وامتدت عبر القارات بفضل الفايس بوك والأنترنات. فبين الماضي والحاضر بون شاسع وفرق بعيد في طريقة التعرف على شريك الحياة... بين الأمس واليوم اختزلت المسافات وتعددت العلاقات بفضل شبكات التواصل العنكبوتية في عالم باتت تحكمه العولمة. عن طريق الشبكة العنكبوتية تختصر مسافة آلاف الأميال إلى ميل وتختزل كل سنوات الإنتظار ومراحل التعرف بخطوة واحدة إذ يكفي الضغط على زرّ وبمجرد وضع مواصفات شريك الحياة تردك قائمات ولائحات من مختلف البلدان وفي السنوات الأخيرة انتشرت بكثرة المواقع المخصصة للزواج وتزايدها يوما بعد يوم أدّى بشكل كبير إلى صعوبة حصرها... مواقع عالمية وأخرى عربية وحتى إسلامية تضم شتى الأديان بعضها تتم عن طريق الاشتراكات وأخرى مجانية إنها ثورة الزواج «الفايس بوكي» أو الافتراضي. «التونسية» رصدت بعض الشهادات والاعترافات عن زيجات ولقاءات تمت عن طريق الفايس بوك. نجاة فتاة تبلغ من العمر 23 سنة كانت تسير بخطى ثابتة تلتفت يمينا ويسارا سألناها عن رأيها في الزواج عن طريق الفايس بوك فابتسمت وقالت: «ما المانع في ذلك إنها تجربة جميلة وممتعة فقد تعرفت سنة 2007 على شاب يدعى عمر مقيم بفرنسا، البداية كانت عن طريق الأنترنات وكنا نتجاذب أطراف الحديث وكانت علاقتنا في البداية جافة والمواضيع سطحية ثم توطّدت العلاقة شيئا فشيئا وطلب التعرف على عائلتي وكان ذلك سنة 2009 وكلّلت قصتنا بالنجاح وانتهت طريقة التعارف «الفايس بوكية» بالزواج وأنا سعيدة كثيرا بهذه التجربة". من زواج افتراضي إلى حب لا يرى الشمس "لم أكن أؤمن بهذا النوع من التعارف لكن نظرتي لهذه التجربة تغيّرت بعد القصة الجميلة التي عشتها». وعن تفاصيل زواجها قالت مريم : «لقد تزوجت عن طريق الأنترنات وتعرفت على شاب اسمه محمد، مصري الجنسية، وقد انطلق حديثنا بالتعليق على أحد المواضيع الواردة عبر «الفايس بوك ووصل إلى حدّ الجدل الحاد وهو ما دفعه لمهاجمة فكرتي لكن لاحقا طلب الاعتذار مني»، ابتسمت محدثتنا لتواصل: «منذ ذلك اليوم تطوّرت علاقتنا وأصبحت لا أفارق الأنترنات ووجدت نفسي متيّمة بحبه وكلّلت علاقتنا بالزواج وأصبحت لا أفارق حبيبي محمّد". وأضافت مريم: «في البداية رفضت عائلتي هذه العلاقة وحاولت إقناعها بصدقه وصراحته وبأني لن أقبل بسواه فهو «أو لا أحد» لأني لا أستطيع العيش بدونه وهو كذلك لا يستطيع مفارقتي". "فضولي دفعني إلى ولوج مواقع الزواج... وانتهى بي الفضول إلى الدخول في القفص الذهبي» هكذا استهلّت منى حديثها معنا وقالت: «أنا سعيدة بهذه التجربة". وعن كيفية التعارف قالت: «كنت أبحر عبر الانترنات ودفعني الفضول إلى دخول مواقع الزواج. في البداية وضعت بيانات وهمية وفوجئت بقبول أحد الشبان التعرف عليّ. كانت المسألة مجرد مزحة ولم آخذها على محمل الجدّ وطلب مني مخاطبته عن طريق الهاتف و«أس أم أس» فرفضت وتمنّعت وانقطعت العلاقة وبعد مرور سنة أي في 2010 عاود الاتصال بي وطلب مني الارتباط رسميا... فوجئت لكن إصراره الغريب دفعني لفتح الموضوع مع عائلتي فقرّر اقتطاع تذكرة وحضر وطلب يدي رسميا وصراحة أريد الاستقرار مع ابن الحلال". خجل ودردشة ثم زواج هي فتاة جميلة من عائلة ثرية تدعى نادية تقول: «كنت خجولة جدا وبفضل الأنترنات أصبحت مدمنة على الثرثرة وتجاوزت خجلي فقد تعرفت على شاب عن طريق «الفايس بوك» ووجدت فيه جميع الصفات التي أحلم بها فهو مثقف وجدّي». وأضافت: «العالم الافتراضي لم يكن يختلف عن الواقع وقد توّج بلقاء ثم كان الزواج بعد بضعة أيام من التعارف، قدم خطيبي من إيطاليا إلى تونس لقد كان الأمر غير مبرمج وتم الزواج بسرعة وكل ما حدث لم يكن في الحسبان وتحول اللّقاء الافتراضي إلى زواج حقيقي». علاقة «فايس بوكية» تنتهي بقصة غرامية إسلام فتاة في مقتبل العمر جميلة تعرفت على شريك حياتها عن طريق أحد المنتديات الإسلامية. عن تفاصيل العلاقة تقول: «لقد دخلت موقعا إسلاميا وهو www.muslima.com» للتعارف وتعرفت على عمر خطيبي الحالي وكانت العلاقة في البداية عادية وكان يتصل بي باستمرار رغم أنه يتعين دفع معلوم الاشتراك للدخول للموقع حيث أن اشتراك الفتيات مجاني في حين أن الشباب يدفعون معلوم التسجيل ورغم ارتفاع المعاليم فإنه لم يكن يبالي وتم لقاء العائلتين عبر «السكايب» خاصة وأن عائلته تقيم بأستراليا ويوم 7 فيفري 2012 تم عقد قراني". وأكدت إسلام أن ما يتم تداوله حول أن هذه العلاقات مجرد «صفقات» تتغلّب فيها الحسابات الشخصية على الجانب العاطفي ليس دائما صحيحا لأن هناك قصصا ناجحة رغم فشل بعض التجارب وقالت: «علاقتي الافتراضية انتهت بتجربة غرامية وهي قصة ناجحة جدا وقائمة على الحب المتبادل لكن هناك علاقات سابقة باءت بالفشل وقد عشت تجارب فاشلة". واستعرضت إسلام تجارب لصديقات لها كلّلت أيضا بالنجاح فقد تزوجت صديقتها عبير من شاب مقيم بالنرويج وهي «حامل» وتنتظر مولودا وتعيش حياة سعيدة وكذلك صديقتها «سلسبيل» تعرفت أيضا على شريك حياتها بنفس الطريقة وتزوجت من «باكستاني» مقيم بالنرويج وتعيش في سعادة. وفي نفس الإطار حدثتنا «نهى» وعبرت عمّا يخالجها من مشاعر بعد أن تعرفت على «كولن» الذي وصفته بالرجل المناسب في المكان المناسب فقد جمعتهما الأنترنات وبعد أشهر من التواصل توطدت العلاقة وطلب يدها وكانت الخطبة في ماي الفارط، تقول: «لقد زار «كولن» تونس مرتين رغم أنه يقيم ببريطانيا ولا يتوانى في مهاتفتي وإن قدّر لتجربتنا أن تنجح سيكون ذلك ونتزوج خاصة أنني عرضت عليه الزواج فردّ بعد تفكير: «Yes we can» وقد غرقنا وقتها في ضحكات متواصلة". ومهما اختلفت طرق التواصل فإن جانبا كبيرا يرى أن القدر يتحكم في مصيرنا ولكي ينجح الزواج الذي يتم عبر الأنترنات أو الفايس بوك يجب أن يتوفر الحد الأدنى من الصدق والصراحة وهو ما أكده رامي مضيفا :«إن أغلب هذه العلاقات تتحول إلى مجرد صفقة» ويرى شاكر البالغ من العمر39 سنة «أن مثل هذه العلاقات تنتهي في غالب الأحيان بالفشل".