أثار التصريح الذي أدلى به حمادي الجبالي وعلى هامش الزيارة التي أداها عبد الرحيم الكيب الى تونس والمتعلق بتسليم البغدادي المحمودي رئيس الوزراء السابق في نظام العقيد عديد الردود خاصة انه تزامن مع توقيع ليبيا وتونس اتفاقيات ومذكرتي تفاهم تتعلق الأولى بالتزويد بالنفط والثانية بمدّ ليبيا تونس بقرض مالي بالإضافة إلى دعم آخر في شكل هبة مالية. ويرى مراقبون ان إبرام اتفاقيات التعاون وتفعيل المعاهدات السابقة وفتح ملف التشغيل ثم الحديث عن تسليم البغدادي المحمودي جعل المسألة وكأنها طبخة اقتصادية خفية عنوانها «رأس البغدادي مقابل التعاون الاقتصادي» أو مناورة سياسية القصد منها إرضاء الأطراف الليبية. وقال الاستاذ مبروك كورشيد في تصريح ل «التونسية» إن البغدادي المحمودي كان ورقة اقتصادية للضغط على الحكومة الليبية لجني مكاسب اقتصادية والدليل أن هذا الملف سافر اول مرة في حقيبة السبسي عندما تنقل الى بنغازي قبل الحكم بتسليمه ومن ذلك الوقت اصبح البغدادي المحمودي ملفا سياسيا في أجندا اقتصادية للحكومة التونسية. ولم يستبعد كورشيد تسليم البغدادي في الايام القادمة مؤكدا أن «الحكومة الحالية تواصل نفس المنطق ونفس التمشي وان المرزوقي وحده يقول إنه رغم الضغط لن يخون تاريخه الحقوقي لكن باقي الاطراف ترى أن ملف المحمودي يهدد المصالح الاقتصادية والسياسية لتونس». واعتبر كورشيد أن هذا الملف «طمع اقتصادي في ليبيا في ظاهره المصلحة العامة وفي باطنه صفقات شخصية» مؤكدا أن «الحكومة الحالية لن تنال لا عنب الشام ولا بلح اليمن». وكان الجبالي قد صرح الخميس الماضي خلال ندوة صحفية بأن «البغدادي المحمودي أو غيره لن يكون منطلقا لتهديد الشعب الليبي وأمنه»، مضيفا أنّ «الموقف واضح في هذا الموضوع ولنا قرار قضائي بشأنه وقرار حكومي سابق وآخر لاحق بخصوصه ... ونحن في خدمة الشعب الليبي وثورته وتحت إشارته في هذا المجال وغيره». وتابع قائلا « لا يحرجنا شيء في سبيل أمن ليبيا ونجاح ثورتها وخدمة شعبينا» وأضاف «كيف لنا أن نؤاخذ أو لا نفهم مطالبة الشعب الليبي بمن اقترف جرما في حقه ونحن بدورنا نطالب بالمجرمين وباستعادة المخلوع ..هذه قضية يؤطرها القانون ويحكمها المبدأ بين الحكومتين». ومن جهته، أوضح عبد الرحيم الكيب رئيس الحكومة الليبية أن ليبيا لن تُحرج الحكومة التونسية في موضوع تسليم البغدادي المحمودي. وأكّد الكيب أنه سيتم تسديد القسط الثاني من مصاريف علاج جرحى الثورة الليبية في أقرب الآجال. كما دعا الكيب التونسيين إلى الاستثمار في ليبيا. ويرى مراقبون أن التصريحات المتبادلة بين الكيب والجبالي قد لا تكشف بوضوح عن موقف البلدين من الملف لكنها قد تخفي اتفاقا ضمنيا بالموافقة على تسليم المحمودي خاصة بعد تفعيل اتفاقية التزود بالنفط التي تمكن من تزويد تونس ب 55 ألف طن شهريا لوضع حد لتبعات الأسعار العالمية للنفط على الموازنة العامة. ومثل توريد المحروقات من تركيا وفق الأسعار العالمية عبء إضافيا على خزينة البلاد بسبب توقف التزود من السوق الليبية.