تأتي دعوة مكتب جمعية القضاة التونسيين، إلى الإضراب لمدة ثلاثة أيام ابتداء من اليوم الأربعاء ، في ظرف دقيق تمر به البلاد عامّة ومرفق العدالة خاصة. وتعتبر الوزارة أنه لا يوجد مبرر حقيقي لهذا الإضراب المخالف لأحكام القانون والمتناقض مع أبسط متطلبات التعامل مع القضاء على أنّه سلطة وأنّ القضاة لا يحقّقون مطالبهم بالإضرابات . وإنّ تزامن هذا الإضراب مع ما تتعرّض له المحاكم والمؤسسات العامة والخاصّة من حرق واعتداءات إرهابية. يثير أكثر من تساؤل، خاصّة بعد أن حصل تقدّم كبير في الحوار بين الوزارة والجمعية وكل المتداخلين حول إعداد مشروع توافقي للهيئة القضائية المراد بعثها، وحصر الخلاف في نقاط جزئية بسيطة كان يمكن تجاوزها نظرا لتوفر إرادة سياسية قوية تحرص على ضرورة توفير شروط ضمان حيادية الهيئة المرتقبة وجعلها فوق الصراعات والنوازع الفئوية وتصفية الحسابات على قاعدة ما قسّم القضاة من اختلافات في المرحلة السابقة. كما تعبر الوزارة عن تمسكها المبدئي بأن يكون القضاء سلطة حقيقية مثلما هو مطلب كل المتداخلين في هذا المرفق، وتنبّه إلى خطورة ما دعت له الجمعية وخاصة في مرفق حساس على علاقة وثيقة بمصالح الناس وباستمرارية الدولة ومؤسساتها. وفي وقت تتكثّف فيه المحاولات المنظمة والمهيكلة لتشويهه والتشكيك فيه، وهو ما لا يخدم إلاّ المتربصين بأهداف الثورة ورموز الفساد، الخائفين من المحاسبة والمسائلة. وتؤكد الوزارة بالمناسبة على أنها قامت بتشريك كل المتداخلين ومنهم جمعية القضاة التونسيين، سواء في وضع برامج الإصلاح الجارية أو عند إعداد مشروع قانون لإحداث الهيئة الوقتية المستقلة التي ستشرف على القضاء العدلي، وأن اللجنة التشريعية بالمجلس الوطني التأسيسي بصدد تعميق النقاش في الموضوع وإحالة مشروعها على أنظار الجلسة العامة للبت فيها قريبا . و تجدّد الوزارة تمسّكها بالحوار الجدّي والمسؤول طريقا لحل كل الخلافات بعيدا عن المغالبة والاستفراد بالرأي والحسابات السياسية والفئوية من أجل بناء سلطة قضائية مستقلّة تحمي الحقوق والحريات. كما تعبّر عن شكرها لكلّ السادة القضاة الذين لم تثنهم الصعاب والضغوط عن القيام بواجبهم في ضمان علوية القانون وحماية أرواح أبناء الشعب وأملاكهم وأعراضهم وتدعو القضاة الشرفاء إلى العمل على ضمان استمرار المفرق العام خاصّة في هذه المرحلة الخطيرة من تاريخ البلاد والعمل على استرجاع هيبة القضاء وتفادي كل ما يمكن أن يكون سببا في المساس من ثقة العامّة في القضاء والقضاة والترفّع عن كل الحساسيات والمساهمة الفعلية والجادّة في تحقيق الإصلاح الشامل.