"مؤتمر وطني للحوار من أجل مصلحة البلاد» هو عنوان المبادرة التي أعلن عنها حسين العباسي الأمين العام للإتحاد العام التونسي للشغل. وقد اثارت هذه المبادرة عديد الردود وكان لها صدى واسعا بين مختلف العائلات السياسية وحتى الأطراف الحكومية خاصة أنها تأتي في ظرف حسّاس يتسمّ بصعوبة الأوضاع الإقتصادية والإجتماعية والأمنية . وقد ركزت المبادرة على عقد مؤتمر وطني جامع يدير حوارا حقيقيا لصياغة توافقات كبرى تؤمّن إدارة المرحلة الإنتقالية وتجنب المنزلقات التي تتهدد البلاد ونادت بضرورة إحداث مجلس وطني للحوار يجتمع دوريا ويشكل أداة فعالة في إدارة الخلافات، مؤكدة أن هذا المجلس لا يعوّض السلط الدستورية والشرعية القائمة والتي تبقى وحدها صاحبة القرار. وقد استأثرت المبادرة باهتمام جميع العائلات السياسية. "التونسية" تحسست آراء الأحزاب حول خطوة اتحاد الشغل ومدى انعكاساتها على مبادرة الباجي قائد السبسي. حزب البعث: "نتمنى ألاّ يقع الإلتفاف على مبادرة الإتحاد" قال عثمان بالحاج عمر أمين عام حركة البعث أن مبادرة السبسي إنتهت بمجرد الدعوة لتكوين حزب وبالتالي لم تعد مبادرة بالمعنى السياسي وهي ليست مفتوحة على بقية الأطراف وأضاف: «السبسي لم يطرح حتى الإئتلاف وبالتالي لم نعد معنيين بمبادرته لأنها أصبحت جزءا من النظام السياسي وربما هناك أحزاب أخرى تتواصل معها ولكننا لا نتفق معها على عكس مبادرة الإتحاد العام التونسي للشغل الذي لا يعتبر طرفا سياسيا وهو لا يعمل لفائدة جهة ما". ويرى بالحاج ان هذه المبادرة لقيت صدى نظرا للمكانة الكبيرة للإتحاد والذي يعتز به جميع التونسيين. وقال: «الإتحاد يخاطب العقل لدى التونسيين داعيا إياهم إلى الحوار في الشأن العام وهي تكاد تكون المنظمة الوحيدة التي يلتقي حولها التونسيون لأنها أكثر حيادية وتمثل صوت العقل و يبقى الإتحاد ذا رمزية وبالتالي نتضامن مع هذه المبادرة ونأمل إلاّ يقع الإلتفاف عليها من الجهات الحكومية ونتوقع ان يتعاملوا معها بإعطائها البعد المتصل بها». وأضاف عثمان بالحاج: «سبق ودعونا إلى الحوار وقلنا ان «اللبنانيين» أوجدوا إطارا للحوار من خلال مجلس حوار ونعتبر انه لا يوجد ما يفرق بين التونسيين، فنحن في مرحلة مسار ثوري وقد لا تكفي الشرعية الإنتخابية لأنه لا بد من التوافق وسيكون تجميع الأحزاب للحوار بمثابة قوة الإقتراح ونحن مع هذه الصيغة والتي يجب أن يشارك فيها كل المسؤولين والأحزاب والعائلات السياسية أو حتى كتل من الأحزاب والمنظمات الكبرى». حزب العمال الشيوعي: "مبادرة تطرقت لأمهات القضايا" ويرى علي الجلولي قيادي من حزب العمال الشيوعي أنه وعلى ضوء المعطيات الموجودة هناك شبه إتفاق من أغلب الفاعلين بوجود أزمة على الصعيد الإقتصادي والإجتماعي والأمني وهناك تساؤلات عن كيفية التعاطي مع السياسة الخارجية ومن يصوغ القرار ..هل هو المجلس التأسيسي أم الحكومة؟. وقال: «هناك عدة مؤشرات تتحدث عن وجود أزمة وهناك قناعة بدأت تترسخ لدى الجماهير الشعبية أن أهداف الثورة لم تتحق وبالتالي جاءت مبادرة الاتحاد لتلامس القضايا الأساسية وتتطرق للوضع الاقتصادي والاجتماعي ونحن نساند هذه المبادرة ونتفق معها إنها تطرقت لأمهات القضايا" وأضاف: «تكمن قوة الإتحاد في كونه يجمع الفرقاء فهو ليس بحزب ولا ينافس السلطة وبالتالي هو مرشح ليلعب دورا بارزا وهاما خاصة وأنه أكد أن الدعوة للحوار الوطني لا تعوّض الشرعية الإنتخابية. ولا يجب أن ننسى أن الوضع الإنتقالي يقتضي حدا أدنى من التقارب عن طريق أوسع مشاركة ممكنة بين الفاعلين وهو ما قد يتمخض عنه قرارات صلبة" وحول مبادرة السبسي والتي دعت أيضا للحوار قال: «لقد كوّن السبسي حزبا وجمّع التجمعيين والدستوريين والثورة قامت ضد هؤلاء فالتجمع الدستوري حكم تونس ل 50 سنة ونحن لا نريد قوة رجعية تعيدنا للوراء فالشعب لن يعطي ثقته مجددا لهؤلاء رغم محاولات التزيّن بعناصر ليبيرالية مستقلة" حزب الأمان: "أول مبادرة تجلب أنظار الحكومة" ويعتبر محمد بالشيخ عضو المكتب السياسي من حزب الأمان أن الوضع الحالي فرض على كل جهة أن تقوم بإجتهاد لأن هناك عدم هدوء و«إضطراب» تعترف به حتى الحكومة نفسها. وبالتالي تعتبر مبادرة الإتحاد واحدة من المبادرات الكثيرة التي طرحت وأكيد ستعقبها أخرى ولكن ما يميزها أنها تتمتع بخصوصية وهي أنها لم تأت من طرف سياسي له غايات إنتخابية. وقال: «هذه المبادرة قادرة على استيعاب الحساسيات السياسية على إختلافها ولا تحرج أي تيار مهما كان وهو ما لمسناه حتى من خلال ردود الفعل. فحمادي الجبالي لم يكن موقفه سلبيا وعبر عن إستعداده للتفاعل معها ولأول مرة تجلب مبادرة أنظار الحكومة وبالتالي هي قادرة على تجميع القوى ونأمل أن يعمل الاتحاد على تفاصيلها أكثر" وأضاف: «خلافا لمبادرة السبسي «نداء تونس» التي أفضت إلى حزب وبالتالي كمبادرة ليست وطنية بل حزبية ولا تخدم من هم ليسوا في نفس الخط والتوجه، بقدر ماهي تجميع لأطراف تبحث عن التجميع، فإن مبادرة الإتحاد غير مرتبطة بقاعدة ما أو حزب ولها ثقلها السياسي... ورغم رفض بعض الأطراف أن يدخل الإتحاد غمار السياسة فإنه تاريخيا ومستقبلا لا يمكن لأي طرف أن ينكر أن الطرف الوحيد الذي يمكنه إحداث توازن سياسي الآن هو الإتحاد" الحزب الإشتراكي اليساري: "رضاء تام على مبادرة الإتحاد" قال محمد الكيلاني الأمين العام للحزب الإشتراكي اليساري أن الدعوة للحوار الوطني كانت مطلب جميع الأحزاب وقال: «منذ فيفري 2011 طالبنا بحوار وطني يجمع كافة الأطراف السياسية" وأضاف: «يبدو أن الحكومة تنظر بعين الرضاء لمبادرة الإتحاد نظرا لثقل الإتحاد ومكانته وأمام تطور الأحداث والظروف العصيبة التي عاشتها البلاد فإنه يبدو ان حركة «النهضة» إقتنعت بضرورة هذا «المجلس» حتى تجد أرضية دنيا لربط جسور التواصل مع بقية الفاعلين السياسيين. ومن ناحية أخرى تسعى النهضة إلى «كسب رضا» الاتحاد لتلطيف العلاقة مع الأحزاب بعد أن شهدت سوء تفاهم وتوتر كبير، ونحن كأحزاب لا نملك سوى تزكية هذه المبادرة خاصة أن «النهضة» قبلت الحوار" أما من حيث قدرة هذه المبادرة على اختطاف الأضواء من مبادرة السبسي فنعتقد أن مبادرة السبسي وبعد تكوين حزب فإنها بعيدة عن المشاكل الآنية ولا تتطرق للوضع الراهن ولا يمكنها معالجة المشاكل المطروحة" حزب النهضة: "تثمين وإعجاب بمبادرة الاتحاد" وثمن وليد البناني عضو بالمجلس التأسيسي عن حزب «النهضة» مبادرة الإتحاد وقال: «من حيث المبدأ نعتبر ان أي محاولة لتجميع التونسيين وتحقيق أهداف الثورة إيجابية وننظر إليها بإعجاب خاصة وأنها صادرة من الاتحاد الذي رأينا أنه عاد إلى دوره خاصة وأنه بعيد عن التجاذبات السياسية ليكون رافدا من روافد تحقيق أهداف الثورة. فالإتحاد له دور كبير في تاريخ تونس ولا أحد ينكر ذلك». واضاف: «نعتبر ان كل المبادئ التي تأتي في هذا الإتجاه أي القطع مع الماضي والإنتقال بتونس نحو نظام ديمقراطي حقيقي» تكون فيه الحرية والكرامة والعدالة الانتقالية ومحاربة الفقر من الأهداف الأساسية التي تستجيب لأهداف الثورة و تبقى قاسما مشتركا نجتمع حوله" وقال: «في المقابل لا بد ان توضح كل مبادرة موقفها من أعداء الثورة وخاصة من أزلام النظام والمسؤولين السابقين وكل من عمل بالديوان السياسي وأثرّ مباشرة في وضع البلاد وتسبب في الرشوة والمحسوبية" وأكد أن الثورة التونسية أمام مفترق طرق خاصة بعد مبادرة السبسي وقال: «نرى أن مبادرة السبسي جاءت خارج التاريخ في محاولة لإعادة أزلام النظام والمواقف التي تحملها ترجعنا إلى السابق وهي دون مضمون وقائمة على خطاب شعبوي، يحاول إجترار نظام «هلك» وأموات ماتوا سياسيا. ولا بد من موقف يتعالى عن الأحزاب .ومطلوب اليوم أن نجتمع للتحاور. وفي السياسة لا وجود لوقت ضائع"