افتتح صباح اليوم السيد " محمد عبو " الوزير المكلف بالإصلاح الإداري لدى رئيس الحكومة المؤتمر الوطني حول تحديث الوظيفة العمومية الذي يمتد على مدى يومين 26 و27 جوان الجاري بنزل افريكا المرادي و تضمن المؤتمر مقترحات وتصورات في إطار إعداد ورقات حول مختلف مناهج إصلاح الادرات الوطنية . وحضر هذا المؤتمر السيد " حسين العباسي " الامين العام للاتحاد العام التونسي للشغل و السيد نبيل عجرود رئيس الهيئة العامة للوظيفة العمومية الى جانب عدد من المختصين في هذا المجال . و اشار محمد عبو في كلمته الافتتاحية الى وجود نقاشات كبيرة قبل تشكيل الحكومة حول امكانية اجراء إصلاحات تستهدف المجال الاداري في مدة زمنية وجيزة مؤكدا ان هناك اصلاحات تستوجب سنوات للشروع فيها الى جانب وجود إصلاحات مقدور عليها في غضون سنة يمكنها ان تحسن جودة الخدمات بالادارات العمومية وذلك بالتعاون مع عدد من الكوادر و المسؤولين بالادارات التونسية و بمساعدة اتحاد الشغل و المدرسة الوطنية للادارة الذين قدموا تصورات عملية لسنة 2012 . وكشف عبو ان الحكومة فضلت الإنصات لكافة الاطراف و الاستماع لمقترحاتهم في هذا الصدد و تجنبت احتكار سلطة القرار قائلا : " كان بإمكاننا اخذ القرارات بمفردنا و بمعزل عن الاخرين لكن الحكومة لن تقرر لوحدها كما كان سائدا و خيرنا تشريك كل الأطراف " مضيفا ان التوصيات التي ستنبثق عن هذا المؤتمر سيؤخذ بها عند اعداد النصوص المتعلقة بالوظيفة العمومية و تحديدا قانون 83 . و أكد عبو عزم الحكومة على النبش في اوجاع الماضي و تفحص كل الملفات للقطع مع منظومة الفساد داخل الادارات موضحا ان إشكاليات الماضي لا يمكن حلها جميعا قائلا : "يمكننا ايجاد حلول للمستقبل لكن لا يمكن تسوية كافة المشاكل المتعلقة بالماضي " . و بخصوص الخطط الوظيفية اشار عبو الى وجود مشكل يتمثل في ان الموظف يبقى تحت رحمة الوزير مشيرا الى ان هناك من يتهم الحكومة و الحكومات المتعاقبة بشكل عام بتعيين الأشخاص بناء على انتمائهم الحزبي او لانه رضي عنه الوزير , و قد نفى عبو هذه التهمة و اوضح ان الادارة تعتمد مبدأ الكفاءة دون سواه في عملية الانتداب و اعرب عن امله في الحد من سلطة الوزير من خلال قوله : "لا نريد ان تبقى السلطة المطلقة بيد الوزير لسبب او لآخر لكي لا يستغل نفوذه في مسائل حزبية و شخصية ". و في سياق متصل اقترح عبو التقليص من صلاحيات الوزارة الاولى لتصبح المشرف و الرقيب على الوزارات الاخرى . المرزوقي اخر من يعلم و تطرق محمد عبو في حواره مع الصحفيين الى مسالة تسليم البغدادي المحمودي الى السلطات الليبية و بخصوص موقف رئاسة الجمهورية من هذا القرار اوضح عبو ان رئاسة الجمهورية لا تمانع في تسليم البغدادي لكنها طلبت التريث و انتظار الفرصة المناسبة لتسليمه أي عندما تكون هناك ضمانات حقيقية لتوفير محاكمة عادلة للمتهم . و اشار عبو الى ان ما اثار غضب رئاسة الجمهورية هو اخفاء امر التسليم عنها أي ان رئيس الجمهورية المنصف المرزوقي كان اخر من يعلم بالقرار , و اضاف ان كل من ارتكب جرائم في حق شعبه يجب ان يسلم مع توفير ضمانات المحاكمة العادلة له . الحوار الاجتماعي و من جانبه اكد حسين العباسي خلال الكلمة التي القاها ان اتحاد الشغل يثمن مصادقة بلادنا في الدورة الاخيرة لمؤتمر العمل الدولي التي انعقدت بداية هذا الشهر بجنيف على ثلاث اتفاقيات وهي 151 و 144 و154 التي اعتبرها دعامة اساسية لمسار الحوار الاجتماعي الذي يدعو اليه الاتحاد و التي يمكن ان تمثل مدخلا مهما لمباشرة الاصلاح الاداري و تحديث الوظيفة العمومية . تفكيك المنظومة التشريعية و اعتبر العباسي ان القضاء على منظومة الاستبداد و الفساد بجميع اشكاله و ما تتطلبه استحقاقات الثورة يقتضي بالضرورة تفكيك المنظومة التشريعية التي كانت اداة لتبريره و يقتضي ايضا حسب العباسي اصلاح المؤسسات التي كانت اداة تنفيذه , و اشار العباسي الى ان مسالة الإصلاح الاداري و تحديث الوظيفة العمومية خيار حيوي و استراتيجي لاستكمال مسار الثورة و اكد في الان نفسه ان عملية الاصلاح ليست بالهينة نتيجة مخلفات دولة الفساد و المقاربة الخاطئة للمرفق العمومي والتعامل غير الجدي مع مكوناته و خاصة معاملة العون العمومي و تقدير دوره داخل المنظومة واعتبر العباسي ان معالجة هذه المسالة لا يمكن ان تتم من طرف واحد و بشكل فوقي و مسقط بل يجب ان تكون وفق مقاربة تشاركية تفسح المجال لمساهمة جميع الاطراف الادراة من ناحية لكن أيضا منظوريها و المستفيدين من خدماتها في اطار حوار شامل و جدي ياخذ بعين الاعتبار مصالح كل الاطراف المعنية و يؤسس لعلاقات مهنية جديدة طبقا لمقتضيات معايير العمل الدولية و خاصة الاتفاقية عدد 151 كما يؤسس لتصور جديد لوظيفة المرفق العمومي قائما على فكرة خدمة المصلحة العامة بعيدا عن كل توظيف و استغلال لإمكانياته من اي طرف كان تكريسا لمبدأ حياد الإدارة . و اقترح العباسي مراجعة النظام الأساسي العام لأعوان الوظيفة العمومية و خاصة التعجيل بتمكين مختلف الأسلاك من أنظمتها الأساسية الخاصة في إطار حوار جدي بين ممثلي الاعوان و سلطة الإشراف. تحسين القدرة الشرائية و طالب العباسي بتطوير الوضعية الاجتماعية للعون العمومي من خلال تحسين قدرته الشرائية لسد المنافذ امام كل محاولات الإغراء و الارتشاء و عودة الفساد و القضاء على كل الاشكال الهشة للتشغيل التي تنعكس بالضرورة على اداء و مردودية العون العمومي و بالتالي على جودة خدمات المرفق العام الذي لا يمكن ان يتحقق الا تحت غطاء الحوار الاجتماعي .