شهدت الأيام الماضية انفلاتا كبيرا على مستوى الخدمات المسداة من طرف المصالح العمومية والخاصة. فبعد انقطاع المياه الصالحة للشرب عن عدة مناطق في مختلف ولايات الجمهورية بلا سابق إنذار ، تكررت أعطاب الشركة التونسية للكهرباء والغاز في أكثر من مناسبة وهو ما أدى إلى انقطاع التيار الكهربائي في عدة جهات بسبب الاختلال بين العرض والطلب في الكهرباء نتيجة الارتفاع الحاد لدرجات الحرارة . غير أن ارتباك التزويد بالخدمات الحيوية لم يقف عند الماء والكهرباء بل طال كذلك الأنترنات بعد أن تتالت انقطاعات الربط بالشبكة العنكبوتية نتيجة اضطراب عمل المزودين... ، الارتباك في الخدمات طال في الأيام الأخيرة كذلك قطاع الإتصالات و تحديدا بعض شبكات الهاتف الجوال إما بانقطاع التغطية عن بعض المناطق أو بتعرض الشبكة لخلل جعل المكالمات تتم بلا مقابل! ارتباك المصالح الخدماتية بمختلف أنواعها أربك كذلك نسق العمل على مستوى الإدارات وأدخل البلبلة في صفوف العامة وأثار أكثر من سؤال حول الأسباب الحقيقية التي تقف وراء هذا الانفلات وأسباب تزامنه مع موجة الحرارة واقتراب شهر رمضان؟ ولماذا اجتمعت كل هذه العوامل دفعة واحدة ؟ وفي الوقت الذي يرى بعضهم في ذلك أمرا عاديا قد يحصل حتى في دول العالم الأكثر تقدما أرجع البعض الآخر ذلك إلى قلة الإمكانيات البشرية في الإدارات المعنية بسبب تمتع أغلب الأعوان بعطلهم السنوية وعدم قدرة مصالح الدوام على تأمين خدمات ذات جودة عالية خاصة في ظل موجة الحر. هذا وتخشى أطراف أخرى أن تكون حالة الانفلات مؤشرا على بداية حالة قصور في أداء المصالح الإدارية في تونس رغم أن الإدارة التونسية والمرافق العمومية تمكنت في أحلك الظروف إبان الثورة من تأمين استمرارية مصالحها، كما تخشى هذه الأطراف أن تكون أجندات سياسية وراء ما يحصل في إطار إرباك عمل الحكومة المنهمكة في المؤتمر التاسع ل«النهضة» حتى تخرجها إلى الرأي العام في صورة الحزب الحاكم المنهمك في حساباته السياسية على حساب مصالح الشعب الحيوية . لكن تجدر الإشارة إلى أن الشركة التونسية لاستغلال وتوزيع المياه أرجعت انقطاع الماء في عدة جهات إلى أسباب فنية ناتجة عن انقطاع التيار الكهربائي، مما تسبب في اضطرابات بمنظومات ضخ الماء ووحدات الإنتاج، وإلى وجود اضطراب في محطة المعالجة بمنطقة الشمال التي تزود مناطق الوطن القبلي والساحل وولاية صفاقس إلى جانب زيادة الطلب بولاية صفاقس بنسبة 13 ٪ كما أكدت مصالح «الصوناد» أن الماء سيعود للتدفق تدريجيا حيث ستتواصل معاناة بعض المناطق من انقطاع الماء لأيام أخرى . أما «الستاغ» فقد أكدت تسخيرها لكل كفاءاتها البشرية وإمكانياتها اللوجستية لتأمين هذا المرفق العمومي في أفضل الظروف وبالجودة المطلوبة حيث تسهر الفرق الفنية التابعة للشركة على إصلاح الأعطاب التي طالت المولدات لتتمكن من إرجاع الأمور إلى نصابها ولتلبية الطلب المتزايد على الكهرباء.