تحت شعار «ملتزمون» يعقد حزب المؤتمر من أجل الجمهورية اليوم مؤتمره الثاني منذ حصوله على التأشيرة في مارس 2011 بحضور 168 عضوا نيابيّا يمثل الشباب 60 بالمائة منهم وتمثل المرأة 11 بالمائة. مؤتمر حزب الرئيس الذي سيحافظ محمد عبوّ على الأرجح على أمانته العامّة في غياب منافس آخر على قيادة الحزب، سينتخب عقب المؤتمر مكتبا سياسيا ومجلسا وطنيا ترشحت لعضويته قرابة ال40 شخصية وطنية، وسيحسم في مرشحه للانتخابات الرئاسية المقبلة رغم أن تصريحات جل ّ قياداته أجمعت على أنه لا بديل للمرزوقي في هذا المنصب. جدول أعمال المؤتمر يتضمن بالإضافة إلى مناقشة النظام الداخلي الجديد واللوائح رسم الخط السياسي للحزب ورسم موقعه في الخارطة السياسية للمرحلة القادمة، خاصة أن لجنة الإعداد للمؤتمر الوطني كانت دعت كل اللجان إلى تقييم موضوعي وتشخيص لإخلالات ونقائص الأداء الحزبي منذ 8 مارس 2011 (تاريخ حصول الحزب على التأشيرة القانونية) وأوصت بضرورة مراجعة لوائح مؤتمر القيروان (جوان 2011) وتقييم تناسبها مع متطلبات الظرف الجديد ومدى تأثير سياسات الحزب داخل الترويكا أو داخل المشهد السياسي الوطني. مؤتمر أم نقطة فارقة ؟ المؤتمر الأول لحزب «المؤتمر» سيكون حسب قياداته وحسب والمراقبين السياسيين نقطة فارقة والمنعرج الأهم في مسيرته النضالية نظرا لزخم الأجندة التي تنتظره حيث سيكون المؤتمرون مطالبين بالحسم في عدة ملفات مفصلية أولها رسم خط سياسي واضح للحزب الذي اختلطت عليه السبل منذ انضمامه إلى الائتلاف الحاكم ممّا جعله يفقد العديد من رموزه (مجموعة عبد الرؤوف العيادي) ويواجه الكثير من الانتقادات بدعوى أن حزب المرزوقي دخل تجربة الحكم بعقلية المعارضة من حيث الخطاب والأداء السياسي،و لم يسع تنظيميا إلى ترتيب بيته الداخلي، ما جعله عرضة لتنامي الخلافات الشخصية بين قياداته، بسبب غياب تقاليد العمل الحزبي المشترك، كما بقي النضال الحقوقي بالأساس طاغيا على أداء مناضليه وقياداته وهو ما عجل بتنامي الصراعات، وتفاقمها لتتوالى الانشقاقات والاستقالات. النقطة الثانية هي تحديد علاقة الحزب ب«الترويكا» الحاكمة بالنسبة للاستحقاقات السياسية القادمة فإما أن يقرر الحزب مواصلة العمل صلب الائتلاف والتنسيق معه في إطار جبهة موحدة في الانتخابات التشريعة والبلدية أو أن يختار التحليق بمفرده خارج السرب خاصة مع ظهور بوادر تصدع بين «المؤتمر» وحلفائه السياسيين بعد أن صوتت كتلته البرلمانية ضد عدد من القرارات التي زكتها الحكومة في المجلس التأسيسي، في إشارة منها إلى المحافظة على استقلالية مواقفها حتى وإن حظيت هذه القرارات بمساندة رئيس الدولة. النقطة الثالثة التي ينتظر أن يحسم فيها المؤتمر وهي الأهم هي إعادة تنظيم البيت الداخلي وتوزيع الأدوار بين القيادات خاصة أن الحزب شهد عدة هزات من الداخل بعد إقالة العيادي وحل المكتب السياسي وانسحاب 12 عضوا من كتلته البرلمانية ثم استقالة أيوب المسعودي وتجميد عضوية الطاهر هميلة . فإعادة ترتيب البيت الداخلي للحزب واختيار رئيس يحظى بالإجماع سيكون له تأثير كبير على حظوظ «المؤتمر من أجل الجمهورية» في المواعيد الانتخابية المقبلة، خاصة أن المرزوقي الذي اعتزل السياسية يوم دخل قصر قرطاج لن يكون الورقة الرابحة التي سيستعملها الحزب في الانتخابات الرئاسية ، وهو ما يحيلنا على ما راج حول الأسباب الحقيقية التي كانت وراء استقالة محمد عبّو من الحكومة من كونه سيكون مرشّح الحزب للرئاسية خاصّة أن هذا الأخير ارتأى تطليق الوزارة من أجل عيون الحزب أو ربما من أجل عيون الرئاسة . فهل يحسم مؤتمرو المؤتمر في مصير حزبهم أم ستطغى الحسابات الحزبية على تاريخه النضالي ؟