خلال ندوة حول العزل السياسي و مقتضيات تحصين الثورة انتظمت بمقر وزارة حقوق الإنسان و العدالة الانتقالية قال الأستاذ "قيس سعيد" رئيس مركز تونس للقانون الدستوري من اجل الديمقراطية أن الحرمان من حق الترشح للانتخابات أو الانتخاب ورد في عديد الدول الاشتراكية سابقا مثل المراسيم التي ظهرت في فرنسا سنة 1944 و التي تعلقت بحرمان بعض الأشخاص من حقهم في الانتخاب و الترشح له و هذا الأمر قد اقترح أيضا في تونس داخل المجلس القومي التأسيسي سنة 1958 في إطار لجنة السلطة التنفيذية و تعلق بشروط الترشح للانتخابات و تم على إثره حرمان أفراد العائلة الحسينية من ذلك و أضاف أن في السنة الفارطة و حسب الفصل 15 من المرسوم المتعلق بنظام المجلس الوطني التأسيسي تم حرمان بعض الأشخاص من ممارسة الانتخابات ترشحا أو انتخابا. و تساءل الأستاذ "قيس سعيد" عن السبب الذي جعل نفس الأطراف التي قابلت الفصل 15 في السنة الفارطة بالتصفيق تطرحه اليوم بشكل مغاير متسائلا حول اذا كان الأمر متعلقا بمبدأ أم بالبحث عن توازنات سياسية؟ و قال انه يعتقد انه يجب طرح الأمر من جهة المبدأ فمن أجرم يتحمل المسؤولية و بالتالي يمكن وضع نص قانوني يمنعه من الترشح و لكن قبل ذلك كان من المفترض فتح الملفات المتعلقة بالفساد و الأوضاع التي شهدتها البلاد في العقود الماضية مشيرا إلى أن تأخر العدالة الانتقالية هو الذي يجعل من هذه المسالة مطروحة بهذه الطريقة لعزل بعض الأشخاص سياسيا ملاحظا بانه لو فتحت كل الملفات في كل القطاعات دون استثناء لكان الشعب على علم بمن أجرم و على من وجب تطبيق الفصل 15 و تساءل في هذا الصدد مرة أخرى عن السبب الذي يمنع وضع قانون للعدالة الانتقالية و اعتبر أن المشروع المتعلق بالانتخابات الذي تم وضعه يحتاج إلى الكثير من المراجعة في مستوى طبيعة الهيئة و الإجراءات المتبعة أمامها و أضاف أن الجانب القانوني للمشروع لو طبق في ظل الدستور القادم لتونس فانه سيكون مخالفا له لان هذا الأخير سيحتوي جملة من الفصول العامة للانتخابات و لن يتعرض إلى مسالة التحصين أو العزل أو الإقصاء السياسي إضافة إلى ذلك فان الفصل 11 منه يقول أن هذا القانون يدخل حيز النفاذ فور المصادقة عليه من المجلس الوطني التأسيسي و بالتالي فانه لن يحتاج إلى ختم رئيس الجمهورية و هذا مخالف للقانون المتعلق بتنظيم السلط العمومية. من جهة أخرى اعتبر الأستاذ "قيس سعيد" أن عملية الإقصاء و العزل بالنسبة للانتخابات التشريعية في ظل الدستور القادم يمكن أن تكون بيد الشعب مباشرة حيث انه لو تم اختيار طريقة الاقتراع على الأفراد في دوائر انتخابية مضيقة فسيكون العزل من قبل الشعب لأنه وحده القادر على معرفة المترشح و تاريخه و حقيقة انتسابه و بالتالي يمكن أن يمنعه من الترشح في تلك الدائرة . و في ظل غياب مثل هذا الاختيار تساءل :"لماذا لا يعدل قانون الانتخاب حتى يكون التحصين و العزل بيد الشعب و ذلك من خلال استفتاء و فتح كل الملفات أمام هيئة قضائية للعدالة الانتقالية ؟" و قال انه اقترح في هذا السياق تكوين مجموعة من الدوائر تحت إشراف هيئة عليا حول الفساد السياسي و الاقتصادي و المالي و حقوق الإنسان و الجرحى و التعذيب و الاغتيالات و جبر الأضرار و الذاكرة الوطنية . و ختم بالقول أن للثورة شعب يحميها و للشعب ثورة تحميه.