"الترويكا" في حالة "موت سريري" كمال الجندوبي.. الرجل المناسب في المكان المناسب «مسودّة الدستور لا تستجيب لتطلعات وطموحات التونسيين و«النهضة» ترفض صراحة التنصيص على كونية حقوق الانسان... الغنوشي كلما تكلّم أشعل حريقا.. معظم المساجد خارج سيطرة وزارة الشؤون الدينية والتقاط صور تذكارية مع سيارات وأحذية ليلى بن علي انحطاط أخلاقي..». هذه عيّنة مما قاله سمير الطيّب أستاذ القانون العام والعلوم السياسية والناطق الرسمي باسم «المسار الديمقراطي الاجتماعي» والنائب بالمجلس التأسيسي في حواره مع «التونسية» الذي تطرق فيه الى جانب ذلك الى عديد الملفات الساخنة. لغط كبير أثير مؤخرا حول ميزانية الدولة لسنة 2013... ما رأيكم؟ هي ميزانية ضعيفة ولا تستجيب لطموحات التونسيين والمرحلة وتوجّهات هذه الميزانية غامضة وغير واضحة المعالم. كيف ذلك؟ لو توضحون أكثر؟ لا وجود لسياسة اقتصادية واضحة في الميزانية الجديدة بمعنى أن ميزانية تنشيط الاقتصاد الوطني وتشجيع الاستثمار غائبة تماما وكذلك البعد الاجتماعي في الميزانية غير موجود وهي تحفظ ميزانية تخوّل للدولة مواصلة تصريف أعمالها والالتزام ببعض المستحقات كالأجور وغيرها من الالتزامات. وماذا عن ميزانية رئاسة الجمهورية المثير للجدل؟ نحن صوّتنا ضدّ هذه الميزانية كما تعلمين وصوّتنا ضدّ الترفيع فيها على ميزانية ب 80 مليارا لرئاسة ورئيس بدون صلاحيات تذكر هي اعتداء صارخ على حقوق وكرامة التونسيين. وكيف تنظرون إلى تصويت نوّاب من حركة «النهضة» ضدّ ميزانية الرئاسة؟ أنا أستغرب هذا الموقف من نوّاب حركة هي التي جاءت بالرئيس إلى قصر قرطاج وهذا خرق واضح لتعهّدات حركة «النهضة» والتزاماتها في الائتلاف الحاكم. هل هذا مؤشر عن تصدّع «الترويكا» وانتهائها سياسيا كما يردّد الكثيرون سيما وأنّكم صرّحتم بذلك عديد المرّات؟ أنا قلت إن «الترويكا» انتهت سياسيا منذ أزمة تسليم البغدادي المحمودي وما يحدث الآن يؤكد ما قلته لأن «الترويكا» لم تحمل يوما أي مشروع سياسي والمرزوقي وبن جعفر مجرد ديكور في الحكومة. فالأول وبغياب الصلاحيات بدأ مبكرا في حملته الانتخابية فلديه الكثير من الوقت... والثاني يواصل سباته وصمته ويغط في نوم عميق لينال ويحظى بثقة «النهضة» في الانتخابات المقبلة... في المقابل حكومة نهضوية تريد السيطرة على هذا وذاك...!!؟ كأنّكم تقرؤون انفجارا بات وشيكا للإئتلاف الحاكم؟ الانفجار وارد جدّا و«الترويكا» في حالة موت سريري... رئيس دولة فقد ثقة «النهضة» وانتهى سياسيا... بن جعفر في سبات كما قلت لك والوزراء كل «يده على قلبه» بين باق ومغادر... وهذه مؤشرات انفجار وشيك. وماذا عن مسودة الدستور التي أكد أغلب رجال القانون الدستوري أنها لا تستجيب لطموحات التونسيين؟ أكيد، مسوّدة الدستور الجديد لا تستجيب لكلّ تطلعات المواطن التونسي ولا تتضمن كل ما نريده وما نطلبه ولكن هناك أشياء يمكن تحسينها بفتح حوار مع المجتمع المدني وفتح باب الحوار والمشاركة وتقديم المقترحلات مع كل الأطراف. ولكن يترّدد أن المسودة مخالفة تماما لكونية حقوق الانسان ولا تضمن الحريات؟ هي مخالفة لا ولكن غير مكتملة لأنه لم تتم فيها الإشارة صراحة الى كونيّة وشمولية حقوق الانسان. ذلك كان أملنا ولكن المعركة مازالت متواصلة للتنصيص على كونية وشمولية حقوق الانسان في الدستور الجديد والتنصيص على التزام تونس بكل المعاهدات والالتزامات الدولية في هذا الجانب. من يعطّل أو يرفض التنصيص على كونية وشمولية حقوق الإنسان في الدستور الجديد؟ حركة «النهضة» ترفض صراحة التنصيص على كونية هذه الحقوق وأيضا الالتزامات الدولية لتونس وهي أيضا من يعطل التنصيص وإقرار كونية حقوق الإنسان في الدستور ولكن المطلوب الضغط والتصدي لهذا المخطط من طرف المجتمع المدني لأن المسألة تهم المواطن التونسي بدرجة أولى. والدستور ...متى سيكون جاهزا؟ سيكون جاهزا في السداسي الأول في سنة 2013. وفي حال رفض الدستور الجديد من طرف نواب «التأسيسي» هل سنمرّ الى استفتاء؟ أولا، يجب اخراج مسألة الدستور من التجاذبات السياسية لأنه ليس دستور «المسار» ولا دستور «النهضة» أو غيرهما ولا بد من ضمان اقرار دستور يعايش عصره ويستجيب لمنظومة حقوق الإنسان كما في البلدان المتقدمة. وسنسعى الى تلافي الاستفاء لأنه يفتح الباب أمام الاستبداد لأن الشعب لن يصوت بنعم أم لا لفائدة دستور بل سيصوت لسلطة ما دون ان يكون واعيا بذلك وهذا ينتج عودة الدكتاتورية ولكن اذا كان الاستفتاء شر لا بد منه تصبح الفرضية ممكنة وفي كل الحالات أفضل التوافق. وهل سيكون الدستور الجديد أفضل من الدستور القديم؟ نعم سيكون افضل لأنه وقع الاتفاق حول عديد الحقوق الاجتماعية وقيم المواطنة. عبرتم في قناة «التونسية» عن خشيتكم من عدم تنظيم انتخابات.. فهل من توضيح؟ أجل نتساءل هل هناك انتخابات مقبلة أم لا..؟ مررنا الى مرحلة التساؤل مرتين وهذا نتيجة الوضع الراهن وما يحدث فيه..لكن يجب التأكيد على ضرورة توفير شروط معينة لقيام انتخابات منها نبذ العنف بصفة نهائية ووضع ميثاق بين جميع الأطراف السياسية حول احترام مبادئ اللعبة السياسية وعدم السعي الى تزوير ارادة الناخب وإرادة الشعب بإغراق الانتخابات بالمال الفاسد والمشبوه وضرورة ضمان مكانة مؤسساتية للمعارضة مقابل وجود مؤسساتية للحكومة. كأنكم تخشون من تزوير الانتخابات المقبلة؟ التزوير وارد «اللي يسرق يغلب اللي يحاحي» وهنا دور الهيئة العليا للانتخابات سيكون اساسيا وتاريخيا لضمان انتخابات نزيهة ولا بد ايضا من التوافق حول قانون انتخابي وتمويل عمومي للحملات الانتخابية وعدم احتكار الاحزاب للمنابر الاعلامية وغيرها.. من تفضلون على رأس الهيئة العليا للانتخابات المقبلة؟ كمال الجندوبي بالطبع لأنه رمز هذه الثورة وقام بدور سيذكره التاريخ في الانتخابات الفارطة وهو الرجل المناسب في المكان المناسب. ولكن كمال الجندوبي يتعرض لهجمة وامكانية ابعاده واردة..؟ لا أفهم الهجمة الشرسة التي تنظمها حركة «النهضة» على الجندوبي الذي اشرف على انتخابات فازت فيها هي بالحكم!! ولا أفهم مقاصد هذه الحملة ولكن هي محاولة أو رغبة من «النهضة»، في إثناء الجندوبي عن الترشح للهيئة المقبلة بعد ان تم ترشيحه من «الترويكا» وهذا يخفي اشياء غير محمودة في الانتخابات المقبلة لأن «النهضة» تعرف انه لا يمكن تزوير الانتخابات المقبلة. رأيكم في تجاذبات المشهد العام في تونس سيما مع تصاعد حدة العنف السياسي؟ التجاذبات محمودة ولكن هناك خطوطا حمراء لا يمكن تجاوزها كاللجوء الى العنف لأن العنف والديمقراطية متناقضات وبالتالي فان الخطر الذي يهددنا الآن هو العنف السياسي الممنهج لاقصاء الخصوم السياسيين والاعتماد على رابطات ولجان لضرب المعارضة ومنعها من النشاط. ما تعليقكم على مهاجمة هذه الرابطات لاجتماع حركة «نداء تونس» بجربة؟ خطير جدا ان يصل الامر الى حدّ منع حزب مرخص له قانونيا من النشاط وغير مقبول أبدا تواجد عناصر من حركة «النهضة» بجربة للتشويش على حركة «نداء تونسي» فما بالك بالعنف؟ ومن حسن الحظ ان «نداء تونس» حافظوا على اعصابهم ولم يردوا على العنف بالعنف والا لفتح باب حرب أهلية على مصراعيه وهذا خطير بكل المقاييس. ولكن حمادي الجبالي صرح مرارا بأن الحكومة هي الطرف الوحيد الذي سيحمي النشطاء السياسيين ويضمن سلامتهم؟ أجل دور الحكومة أساسي والجبالي قال هذا الكلام وعليه تطبيقه ويضع حدا لمسلسل العنف ولكن حتى حمادي الجبالي مستهدف وهوجم في المجلس التأسيسي من عناصر حركة «النهضة». تقصدون أن الجبالي وحكومته مستهدفون من طرف أعضاء وأنصار من «النهضة»؟ بمعنى أن هناك صراع أجنحة في الحركة بين صقور وحمائم؟ أجل هناك صراع بين صقور وحمائم «النهضة» ومجموعة الصقور تعتبر الجبالي ضعيفا وليّنا أمام الأحزاب الأخرى وأمام الاتحاد العام التونسي للشغل وتريده أكثر تشدّدا ولذلك هو مستهدف. وماذا عن التحوير الوزاري؟ التحوير الوزاري لا يعنينا ولا تعنينا المشاركة في حكومة «الترويكا»، بل ما نريده فقط هو تحييد وزارات السيادة وإخراجها من حركة «النهضة» ووضعها في أيادي شخصيات وطنية مستقلة وذات كفاءة وهي كثيرة بالبلاد ومن غير المعقول أن يوجد اليوم في تونس جهاز أمن مواز لوزارة الداخلية. ومن غير المعقول أن يتصرف وزير العدل في وزارة العدل وكأنها ملكه الشخصي ومن غير المعقول أن يتصرف وزير الخارجية كأنه وزير حركة «النهضة» لا وزير تونس بأكملها. لذلك لابدّ من تحرير هذه الوزارات السيادية من قبضة «النهضة» ومشتقاتها. ولكن قيادات «النهضة» مصرّة على التمسّك بوزارات السيادة؟ «النهضة» ستتحمل مسؤوليتها أمام الشعب وأمام التاريخ عن كل النتائج الوخيمة التي قد تحلّ بالبلاد نتيجة تمسكها باحتكار هذه المناصب السيادية. على ذكر وزارات السيادة يرى ملاحظون أن وزارة الداخلية تشهد تذبذبا في نشر الأمن والتعاطي مع الأحداث ما رأيكم؟ أحيّي رجال ونساء الأمن على مجهوداتهم، فالوضع منفلت في كل مكان وهذا ما جعل المهمة أصعب ولكن التذبذب في التعاطي مع الانفلات الأمني سببه التعليمات والقرارات وتذبذب على مستوى القرار الأعلى. فمن ناحية هناك رغبة في ضرورة استتباب الأمن ومن ناحية أخرى هناك ضغوطات وتدخلات تحول دون تطبيق هذه القرارات. يرى كثيرون أن تونس على شفا خطوة من الانزلاق نحو هاوية الارهاب سيما مع انتشار الأسلحة والظاهرة الجهادية... فكيف تنظرون الى المسألة وأية حلول تقدمون؟ يجب أن تتحقق الوحدة الوطنية لتستطيع الدفاع عن وطننا وافشال كل المؤامرات والمخطّطات الجهنمية التي تستهدفه من التنظيمات الارهابية وامتداداتها في الشرق والغرب. فظاهرة الارهاب ظاهرة خطيرة وتستهدف النموذج التونسي الذي لا يمكنه التواصل والتطور في ظل هذه التهديدات... تونس الآن في مفترق طرق إمّا أن تطوي صفحة الانفلات والعنف وإمّا أن تغرق في الفوضى والعنف. من المسؤول عن كل هذا في تصوركم؟ المسؤولية مشتركة، ولكن المسؤولية الأكبر مسؤولية الحكام لأن القرار بأيديهم وإذا فشلوا هم فشلنا نحن والعكس بالعكس. يتحدث البعض عن سيطرة المجموعات الجهادية على عديد المساجد؟ أجل، وزاراة الشؤون الدينية لا تسيطر على أغلب المساجد بالبلاد والمساجد التي تخضع لسيطرتها محدودة والغريب انه تمّ الترفيع في ميزانية الوزارة. وأتساءل لماذا يرفعون في ميزانيتها؟ هل لأجل تمويل السلفيين ومساعدتهم على النمو؟! المعارضة تتوحد في جبهات وكتل فهل ترون أن التوحد يجعلها ذات ثقل في المشهد السياسي المقبل؟ يجب ابلاغ هذه الرسالة للتونسيين واعلامهم بأننا مستميتون في الدفاع عن تونس أكثر من كل وقت مضى ومهما حدث سنستميت في الدفاع عنها. وتوحدنا في جبهة سياسية مدنية ديمقراطية واسعة تمتدّ من «نداء تونس» الى «الجبهة الشعبية من أجل تونس» يدخل ضمن هذا الاتجاه لأن طموح هذا الاتحاد هو تعديل الاختلال السياسي الحالي وإحداث توزان جديد، توازن ديمقراطي يجمّع أحزاب ديمقراطية تعمل لأجل مصلحة الوطن العليا وانقاذ تونس وحمايتها وجبهتنا أيضا.