تعد مشكلة الأراضي الفلاحية التي زحف عليها العمران وانتشار الأحياء الفوضوية في الوطن القبلي من المشاكل الكبرى التي تعيشها الجهة. فزيادة على عدم توفر ابسط مرافق الحياة بهذه الأحياء الفوضوية حيث تفتقر للإنارة والمياه الصالحة للشرب وقنوات الصرف الصحي فإنها بعثت في مناطق فلاحية مما حول الكثير منها التي كانت في الأمس القريب أراضي منتجة إلى منازل عشوائية.. حتى بات الفلاحون الذين يمتلكون أراضي قريبة من نابل يسعون إلى إهمالها أملا في بيعها كأراض صالحة للبناء دون تجهيز أو ترخيص لأن ذلك أجدى واربح. «التونسية» سعت للتعرف عن الأسباب التي دفعت بعض المواطنين إلى البناء الفوضوي والرضا بالسكن في أحياء تنقصها المرافق فكان التحقيق التالي: فاطمة احدى المواطنات اشترت قطعة أرض فلاحية مجاورة لمدينة سليمان وتستعد لتحويلها إلى مسكن رغم أنها تعلم أن الأرض غير مهيأة للسكن وليس لها شهادة ملكية قالت : «سعيت في الواقع إلى الحصول على قطعة ارض صالحة للبناء في احد المقاسم المهيأة لكني فشلت بسبب غلاء الأرض في تلك المقاسم حيث يتراوح ثمن المتر بين 200 و300 دينار زيادة على أن المقاسم كبيرة إذ أن مساحة اصغر قطعة أرض تتجاوز 240 متر مربع مما يعني أن ثمنها يتجاوز الأربعين ألف دينار وهذا مبلغ كبير جدا مقارنة بإمكانيات زوجي الذي يعمل بنّاء.. فنحن لا نستطيع توفير هذا المبلغ لذلك لم نجد بديلا عن شراء 130 متر مربع في تلك المقاسم الفوضوية ب100 دينار للمتر الواحد وسأشرع في البناء هذه الصائفة».. وأضافت «اعرف أن البلدية سوف لن تمكننا من رخصة بناء لكني سأبني مثل الآخرين دون رخصة لأنني مللت الكراء وأريد أن أوفر لأبنائي منزلا خاصا». نورالدين اشترى قطعة ارض في الأحياء الفوضوية بأرض فلاحية بعيدة عن مركز مدينة منزل بوزلفة وبنى بها مسكنا لم يجهز بعد بالماء وبقنوات الصرف الصحي أما الكهرباء فيحصل عليه من احد الجيران ويقول : «سعيت للحصول على قطعة ارض مجهزة لكني فشلت نظرا للغلاء وكبر المقاسم لأن المشرفين عليها لم يفكروا في ضعاف الحال وحتى الذين يشترون في تلك المقاسم يحصلون على قروض بنكية و أنا ليس لي عمل قار ولا يمكن أن يقرضني البنك وليس أمامي إلا الشراء في تلك الأماكن حتى استطيع أن أوفر لأبنائي «قبر الحياة». وعموما فان اسعار المقاسم المعدة للبناء بكامل ولاية نابل وصلت الى مستويات قياسية حيث تتراوح بين 500 و300 دينار للمتر بالمناطق السياحية والحضرية الراقية بين 200و300 دينار للمتر الواحد بالمقاسم المتاخمة للمدن، وبالنظر في مساحات المقاسم وجدنا أنها جميعا فوق ال 250 متر مربع مما يعني أن ثمن اصغر مقسم يتجاوز ال 50 ألف دينار وهو مبلغ كبير جدا يعجز عنه أصحاب المداخيل المحدودة. وبسؤال احد الباعثين العقاريين عن سبب اعتماد مقاسم كبيرة ارجع المسؤولية إلى الجهات المسؤولة باعتبارها تضع شروطا وتحدد المساحات. وبسؤالنا لمصدر مقرب من الجهات المسؤولة أكد ان الباعثين العقاريين يتهربون من المقاسم الصغيرة تجنبا لخسارتهم الأرض إذ أن المقاسم الصغيرة تجبر الباعث على جعل الأنهج اكبر وتجبره على ترك موقف للسيارات وهو ما يرفضه لذا فهو يكبر من المقاسيم كي يربح مساحة الأرض. ومهما يكن من أمر فان كل مدن ولاية نابل تشهد توسعا عمرانيا فوضويا باتجاه الأراضي الزراعية .. كما تشهد تذمرا من الفئات الشعبية بسبب ارتفاع أسعار الأراضي الصالحة للبناء و كبر مساحات المقاسم.. لذلك يناشد ذوو المداخيل المحدودة السلط التدخل لحل مشكلة الفئات الشعبية وحماية الأراضي الفلاحية وذلك ببعث مقاسم مهيأة تراعي المقدرة الشرائية للمواطن ذي الدخل المحدود. وهم يهيبون بالدولة للتدخل وتستجيب لطلبات أهالي الجهة و تقوم بتهيئة بعض المقاسم الشعبية في إطار مرحلة قادمة من برنامج السكن الخصوصي مثلا وتضعها على ذمة الفئات الأضعف تجنبا لأي نوع من المتاجرة والمضاربة.