اعتبر وزير حقوق الانسان والعدالة الانتقالية سمير ديلو أن مشروع القانون الذي تقدمت به كتلة المؤتمر والمتعلق بتطهير القضاء والمحاماة، هو مشروع سياسي بامتياز، مشيرا إلى أن التعامل مع ملف القضاء والمحاماة يجب أن يكون تعاملا رصينا. كما اعتبر أنه من الخطإ تجزئة ملف العدالة الانتقالية. وأضاف ديلو أن من اقترح هذا القانون يعتبر أن القضاء والمحاماة من أخطر القطاعات غير أنه يرى أن هذه المسألة نسبية، ذلك لوجود قطاعات أخطر اعتمدها النظام السابق كآلة قمعية. وقد نقد ديلو هذا المشروع فصلا فصلا خاصة الفصل السادس الذي يدعو إلى تكوين لجنة تتشكل من أحد عشر عضوا ينتخبهم المجلس الوطني التأسيسي وتقوم بضبط ملفات القضاة والمحامين الفاسدين بناء على ما تتوفر لها من معلومات، حيث اعتبر ديلو أن هذا المشروع غير متوازن ذلك أن هذه اللجنة ستعتدي على صلاحيات قضاة التحقيق، مشيرا إلى أن عمليات العزل والإعفاءات هي من وظيفة الهيئات المهنية. ولئن تفاعل عدد من النواب خاصة نواب المعارضة وبعض نواب كتلة النهضة مع انتقادات ديلو لهذا المشروع وأبدوا تجاوبهم لما صرح به، فإن تصريحات ديلو أثارت حفيظة نواب كتلة المؤتمر وكذلك نواب كتلة الوفاء. حيث اعتبر النائب عن الكتلة الديمقراطية سمير الطيب أنهم دخلوا في مرحلة جنون التشريع محملا وزير حقوق الإنسان المسؤولية لأنه أخر آليات العدالة الانتقالية وصاروا يجزؤون آليات العدالة الانتقالية ويشتتونها إلى فروع، متسائلا لماذا القضاة والمحامون فقط أين بقية المهن كالكتبة والعدول والخبراء؟ معتبرا أن ذلك مهزلة ستفتح الأبواب أمام الانتقامية والتصفية الحزبية كما أن هذا المشروع هو نتاج فشلهم في التشريع القانوني. فيما اعتبرت النائبة عن كتلة المؤتمر سامية عبو أن سمير ديلو حضر بصفته محاميا وليس كوزير لحقوق الإنسان والعدالة الانتقالية، مشيرة أنه لو تم اعتماد هذا المشروع منذ ثمانية أشهر قضت لما قام وزير العدل نور الدين البحيري بإعفاء عدد من القضاة دون أي معايير ودون أي سند قانوني وأضافت أن البحيري قام بإعفاء قضاة هم أقل درجة فساد ممن أبقى عليهم. كما أكدت عبو أنه لو كان القضاء مستقلا لتم تجاوز عدة ثغرات على غرار قضية سامي الفهري وقضية ألفة الرياحي وقضية السلفيين، مشيرة إلى أن هذا المشروع كان بامكانه أن يعبّر عن عدة نقائص. من النواب الذين تحمسوا إلى جانب عبو لهذا المشروع النائب عن كتلة الوفاء للثورة أزاد بادي الذي ساق ملحوظة مفادها وأن هذا المشروع وغيره من المبادرات الأخرى جاءت لسد الفراغ الذي تركته الحكومة والتي تراخت في نظره عن كل ما يتعلق بالمحاسبة. واعتبر بادي أن هذه الحكومة قفزت إلى المصالحة وتخلت عن المحاسبة وهادنت من تورطوا في النظام السابق وعينتهم على رأس المؤسسات الوطنية في مناصب حكومية. كما انتقد بادي تصريح ديلو لإحدى الصحف التونسية اليومية والذي أكد فيه أن مشروع تحصين الثورة جاء متسرعا، مطالبا إياه بالتوضيح، خاصة وأن بادي قد اعتبر أن الاستحقاق الأول هو تفكيك منظومة الفساد التي انخرطت في النظام السابق، مشيرا أنه لم يلمس من وزير حقوق الإنسان الرغبة في المحاسبة. وقد كان رد وزير حقوق الإنسان بأن الوزارة خيرت القيام بجبر الأضرار واصلاح المؤسسات قبل المحاسبة لأن اصلاح المؤسسات في نظره أفضل من المرور مباشرة إلى المحاسبة، مضيفا أن هذا القانون يتعارض ويتقاطع مع قانون العدالة الانتقالية لأنه مشروع سياسي أكثر منه مشروعا تشريعيا. كما أضاف قائلا: «يجب أن نحس أننا في لحظة تاريخية صحيح أن تحصين الثورة هو مبدأ لكن لا يجب أن يكون بالأساس على حساب الاقصاء السياسي أنا شخصيا ضد كلمة التطهير افتحوا القواميس وارجعوا للتاريخ لتفهموا ذلك» مضيفا «صحيح أن هذه اللجنة سيدة نفسها لكن أنصحكم بأنكم تبددون وقتكم فما تبذلونه من نقاش لن يكون ناجعا وفعالا لأنه يخالف قطعا قانون العدالة الانتقالية». وأكد ديلو أيضا أن من وضع هذا المشروع له نوايا طيبة لكنه أشار إلى أن أخطر الانحرافات التاريخية في الفترات الانتقالية تمر عبر النوايا الطيبة، منبها بأن هذا القانون قد يخسرنا 50 سنة إلى الأمام فهو مشروع سياسي بامتياز، وأضاف أن المسؤولية كبيرة في هذه المرحلة. كما أضاف «صحيح أن رجال السياسة معروفون بالشعبوية لذلك لا يجب أن يسقط المشرع في الشعبوية فمثل هذه القرارات الكبيرة يجب أن تأخذ على قياس الأغلبية».