هل تشهد الساحة السياسية خلال الساعات القليلة القادمة مفاجأة من العيار الثقيل ستلقي بظلالها على المشهد السياسي للبلاد وتكون منعرجا مهما في الوضع الحالي للبلاد. اليوم الجميع يتحدث عن التحوير الوزاري وعن الوزارات التي سيتم تغييرها وكيف أن حزب حركة «النهضة» سيخسر وزارات سيادة والصراع الخفي هو أعمق من هذا بكثير، صحيح أن مسلسل التحوير الوزاري متواصل والتصريحات من هنا وهناك متواصلة والشعب التونسي في حيرة من أمره أمام الارتفاع المتواصل للأسعار وتراجع المقدرة الشرائية وغياب الحوار بين الأحزاب وتبادل الاتهامات بينها دون أن تكون هناك نتائج ملموسة لا على المستوى الإقتصادي أو الاجتماعي والسياسي الذي يشهد تعثرا وبطءا في الإعلان عن خارطة طريق واضحة تحدد المواعيد الانتخابية القادمة وموعد الانتهاء من صياغة الدستور وكيف ستكون تركيبة الهيئات الدستورية ومتى يتم الإعلان عن الهيئة المستقلة للانتخابات والهيئة المستقلة للإعلام والقضاء العدلي؟ كل هذا الغموض يتواصل في ظل مؤشرات اقتصادية تنذر بالخطر وما الإنذارات الأخيرة القادمة من صندوق النقد الدولي إلاّ دليل حيّ على ما يعيشه الاقتصاد التونسي من صعوبات. في هذه الأثناء وجد السيد حمادي الجبالي رئيس الحكومة والأمين العام لحزب «حركة النهضة»، نفسه في موقع لا يحسد عليه بين هجومات من كل حدب وصوب وخاصة من أصدقاء وإخوة الأمس الذين عاشوا السجن والتشريد معا. حمادي الجبالي وجد عراقيل كبيرة في ممارسة الحكم وبدا واضحا للجميع أن أياد تحاول إفشال كل نجاح يحققه ونذكر جيدا ما وقع يوم 4 ديسمبر يوم إمضاء اتفاقات الزيادات في أجور عمال القطاع الخاص والقطاع العمومي والوظيفة العمومية وهو يوم كان الجميع في حالة نشوة وعزم جماعي للحكومة واتحاد الشغل واتحاد الصناعة والتجارة لفتح صفحة البناء المشترك والتوجه نحو العمل الجماعي في إطار الوفاق ، لكن الفرحة لم تكتمل فبعد نصف ساعة من ذلك الحفل تم إفساده من قبل مجموعات يبدو أنها حاولت تنغيص نجاح الجبالي والعباسي وبوشماوي. ويبدو أن نجاح حمادي الجبالي في أن يكون محور وفاق لدى الأحزاب المعارضة والمنظمات الوطنية لم يرض صقور «حركة النهضة» الذين يراقبون بقلق كيف أن المساندة التي أصبح يلقاها رئيس الحكومة لا باعتباره نهضاويا فقط بل كإبن جهة تعودت تفريخ القادة السياسيين أيضا بدأت تعطي أكلها وما تحصلت عليه «التونسية» من معطيات تفيد أن الجبالي صار يحظى بدعم جهوي هام رغم أننا لا نريد الدخول في منطق الجهويات المقيت لكنها حقيقة لا مفر منها ولا يمكن لأي أن ينكرها. هذا المعطى مهم للغاية وقد يكون حاسما في المرحلة القادمة ومساعدا لحمادي الجبالي الذي يلقى حاليا دعما خفيا من عدة أحزاب للمضي قدما في القطع مع صقور «النهضة» الذين لم يفهموا بعد منطق السلطة ومنطق الحكم الذي يتطلب التشاور مع الجميع ، هذا المنطق وجد صداه لدى العديد من الوجوه السياسية التي تحدثنا إليها وهي وجوه سياسية تصطف في المعارضة والتي أكدت أن حمادي الجبالي سيفاجئ الجميع بمبادرة سياسية قد تكون حكومة تكنوقراط بعيدة عن المحاصصة السياسية. والمفاجأة الكبرى التي قد يحدثها «سي حمادي» في صورة رفض حزبه الأم لحكومة تكنوقراط ولتمشيه للخروج من هذه الأزمة السياسية التي تعيشها البلاد هو الإعلان عن تأسيس حزب سياسي جديد قد يحيله من الحكومة إلى المعارضة بدعم من جناح كبير في البلاد يتضمن «لوبيات» مهمة في الساحة السياسية والمالية. كل هذه الاحتمالات تبقى واردة اليوم في صورة فشل المفاوضات حول التحوير الوزاري ويبدو أن مجلس الشورى غير راض عن جنوح الجبالي إلى توافق حقيقي مع كافة المنظمات الوطنية والأحزاب من بينها المعارضة وحتى الراديكالية حسبما تحصلت عليه «التونسية» من معطيات. فهل يقتنص السيد حمادي الجبالي الفرصة أم يتدخل أصحاب المساعي الحميدة داخل حركة «النهضة» لتطويق الأزمة مع رئيس الحكومة وتفادي أي انشقاق لتيار الجبالي داخل الحركة ؟!!