الأغنية الملتزمة كانت في غياهب النسيان زمن الدكتاتور.. بين زنزانات الداخلية وأرشيف وزارة الثقافة مع قبس ضئيل يضيء في الفضاءات المغلقة تحتضنه حفلات طلاّبية لفرق اشتغلت في الخفاء على غرار مجموعة «أنصار السلام» وقد عادت إلى الساحة الثقافية بعد ثورة 14 جانفي، التقينا أحد عناصرها المربّي «المنصف الهويملي» ليحدّثنا عن المسيرة وأيضا عن المستقبل القريب والبعيد: أين كنتم.. ولماذا عدتم أصلا؟ مجموعة «أنصار السلام» عاشت الظلم والقهر لما لجمت أفواهنا.. أما اليوم فقد عدنا والفضل يعود إلى ثورة 14 جانفي المجيدة.. عدنا لأننا مغرمون بالفن بالأساس إلى جانب أن نجاحنا لدى القاصي والدّاني حتّم العودة إلى الساحة الموسيقية في خانة الأغنية البديلة. كيف تقيم هذه العودة.. لماذا لم تتريّثوا؟ لا.. كان علينا أن نغتنم الفرصة لنقول لثورة 14 جانفي: «شكرا» إذ خرجنا إلى الفضاءات المفتوحة وغنينا في شارع الحبيب بورقيبة إلى جانب الفرق الملتزمة.. الكل يسأل: «وين كنتم؟». ولماذا هذا الثناء من قبل المتلقّي؟ أسلوبنا ينفرد عن الفرق التونسية إذ نغني على الطريقة «الغيوانيّة» موسيقيا وإيقاعا.. أما كلماتنا فهي جريئة وتطرح مواضيع الإنسان المغاربي على اعتبار أن حلمنا كبير وأشمل. دعنا نفهم.. ما الذي تريد قوله؟ الجمهور لما اكتشفنا استمع إلى موسيقى «مغاربية» تتعطّر باللهجات الأمازيغية والصّحراوية والمتوسطيّة في ألم ومعاناة وصبر إلى جانب آلات موسيقية من التراث الإفريقي الصحراوي مثل «البانجو» و«القمبري» و«الطّام طام» و«الطبيلات». وهل ما ذكرته كان لإمتاع الجمهور التونسي؟ افهمني.. مع هذه الموسيقى «الغيوانيّة» ليس إلاّ أغان بكلمات عن واقع شبابنا.. البطالة و«الحرقة» والثورة والحرية هي مواضيع نطرحها في إيقاع موسيقي سلس.. كيف وجدتم الفرقة بين المجموعات الأخرى؟ نحن في خانة الانتماء إلى الفرق الملتزمة ونحترم أعمالها ولكن للأمانة انتظرنا عودة فرقة «نار المشاهب» لأنّها تلتقي معنا في نفس «اللّوك» والنمط حتى تدفع معنا الأغنية «الغيوانيّة».. وأيضا أذكر مجموعة «عشاق الوطن».. العودة تهم الجميع من أجل الكيف وأيضا الكم. ماذا تقدم فرقة «أنصار السلام» للفن التونسي؟ كما ذكرت لك نحن نحمل رسالة فنية بعدها إنساني وعلينا أن نتغنّى بالكلمة الحرّة لأنّنا نمثّل الشعب موسيقيا وعلينا أن نلعب دورنا أمام التاريخ. وحلمكم على المدى القريب والبعيد؟ علاقتنا ب«جيل جيلالة» متميّزة.. وتعاملنا مع «ناس الغيوان» فرض نفسه من خلال مشاركتنا في الحفل الساهر الذي أحييناه معا في فضاء قبة المنزه في العام الماضي. الجمهور تفاعلنا معه فتجاوب معنا وافتخر بأن في تونس فرقة تقترب من مجموعة «ناس الغيوان» بشهرتها العالمية.. نجحنا في هذا الحفل ومن الغد تهاطلت علينا العروض من كل مناطق البلاد التونسية وخاصة الجهات الداخلية.. المهم...؟ أفهمك أخي.. أريد أن أصل بك إلى حلم المجموعة من خلال ما ذكرته لك.. نحن نحلم بل بدأنا نفكر في تقديم عرض موسيقي مشترك مع «جيل جلالة» و«ناس الغيوان» في تونس وربما في أحد البلدان الأوروبية لفائدة مهاجرينا.. وفي العرض أغنية مشتركة في طابع مغاربي متوثّب ومتلوّن هديّة للإنسان محتواها «السلام.. في كل مكان».. انتظرونا فبيننا وبينكم وعد..