انطلقت الأبحاث في قضية وفاة السجين إبراهيم شميسات الذي يرجح والده أن وفاته مسترابة بعد أن اذن وكيل الجمهورية بفتح بحث في الموضوع منذ بداية شهر جانفي وقد أثارت وفاته استياء كبيرا لدى بعض الجمعيات الحقوقية التي تتابع عن كثب هذه القضية خاصة مع بعض المعطيات التي فجرها والد الهالك ... وللتذكير فقد انطلقت وقائع هذه القضية في لحظة أمل ,أمل أن ينجو الهالك من قضبان السجون التي كتبت عليه منذ تسع سنوات بعفو نظرا لحسن سيرته داخل السجن بعد مظلمة تورط فيها اثر اتهامه بجريمة قتل.. وقد التقينا والده الذي سرد قصة ابنه بكل حيثياتها التي طوت سجلها المنية . ضيم بأتّم معنى الكلمة .... حسب ذكر محدثنا فان الهالك إبراهيم البالغ من العمر 26سنة ونيف شاب يتميز بأخلاق عالية معروف في منطقته باستقامته، تورط منذ موفى 2005في جريمة قتل ذهب ضحيتها شاب وخلال مراحل البحث أكد إبراهيم انه لم يشارك في الجريمة بتاتا بل تم اقحامه فيها دون أن يصدر عن شخصه أي فعل اجرامي وان ما ادعاه المتهم الرئيسي أن الطعنة الثانية التي أودت بحياة المجني عليه كانت صادرة عنه (إبراهيم) لا أساس له من الصحة ورغم أن تقرير الطبيب الشرعي أكد أن الوفاة –حسب ذكر محدثنا كانت ناجمة عن تعفنات جرثومية فان ذلك لم يخفف من العقوبة المسلطة عليه - 20 سنة - والذي كانت وطأته شديدة على ابن محدثنا الذي أغمي عليه عند التصريح بالحكم أنّه شعر أن أحلى سنوات عمره سيقضيها وراء القضبان مع العلم انه زمن وقوع الجريمة كان إبراهيم يبلغ من العمر 19سنة وأثناء أدائه العقوبة تنقل من سجن إلى آخر، كان بدايتها سجن 9افريل ثم نقل إلى سجن المرناقية ومنه إلى برج الرومي وكانت العائلة رغم إقامتها بالعاصمة تتنقل بشكل منتظم لرؤية ابنها للرفع من معنوياته التي أحبطت خلال إقامته بالسجن إلى أن كان الحدث الذي كان له الأثر السلبي على نفسية إبراهيم. إذ انه عند اندلاع الثورة وقعت حالات من الانفلات الأمني، حاول المساجين استغلالها للفرار فجدت أعمال شغب وحرق داخل السجن أسفرت عن مواجهات بين المساجين وأعوان إدارة السجن مما أدى إلى وفاة بعضهم –المساجين- في برج الرومي وقد كان ذلك على مرأى من ابن محدثنا الذي صدم من هول المشاهد التي رآها بأم عينه فأصيب بنوبة قلبية وتم نقله إلى احد المستشفيات بمنزل بورقيبة حيث احتفظ به تحت العناية الطبية لفترة إلى حين تعافيه. لكن تأثيرات هذه الحادثة لم تقف عند هذا الحد ذلك أن ابراهيم جراء الضغط النفسي وبعض مشاهد العنف التي شاهدها تمارس على المساجين حسب ذكر والده أصيب بنوبات صرع تنتابه من ابسط المواقف, وبعد حرق برج الرومي نقل ابن محدثنا إلى المهدية وظل والده يتردد عليه مرة في الشهر نظرا لبعد المسافة وفي إحدى الزيارات فوجئ بالوضع الصحي لابنه إذ التقى به في ذلك اليوم بصفة مباشرة دون حواجز وكان عاجزا عن الحركة، يحمله بعض رفاقه وقد فقد الكثير من وزنه بطريقة ملفتة للنظر. وباستفساره عن سبب علته اعلمه انه أصيب بتوعك صحي على مستوى رجله (حمرة) حيث كانت ساقه اليسرى تلفها ضمادات فطلب منه الحذر واخذ الأدوية في مواعيدها وتجنب أيّة مضاعفات. وعاد محدثنا في ذلك اليوم اثر الزيارة مهموما فقد رق لحال ابنه لكن بعد فترة وعندما تحسنت حال ابنه اعلمه - حسب ذكره- انه تعرض إلى العنف بالسجن مما تسبب له في كسر مضاعف برجله وانه أخفى عنه الحقيقة تجنبا لأيّة ردة فعل من طرفه لأنه يعلم جيدا انه لايستطيع أن يرى ابنه معرضا للإهانة. وعند علمه بالخبر ثارت ثائرة الوالد غير أن ابنه هدّأ من روعه وأعلمه انه الآن في صحة جيدة وأنه لا داعي للخوف. في المقابل كان محدثنا يسعى جاهدا إلى أن يتمتع ابنه بالعفو اعتمادا على ملفه الطبي فهو يعاني من مرض القلب والصرع فضلا عن انه نقي من السوابق العدلية فطرق أبواب كل المسؤولين والجميع طمأنه لكن لاشيء تغير. فإبراهيم بالسجن وعائلته تعاني الويلات لزيارته وقد تظلم والده والتمس أن يقع مراعاة مرض والدة إبراهيم التي ترهقها المسافة عند التنقل إليه من احواز العاصمة إلى المهدية فتمت الاستجابة إلى طلب العائلة ووقع نقلته إلى سجن الناظور وكان أمل عائلته أن يتم خلال الاحتفال بالذكرى الثانية للثورة تمتيعه بالعفو وكان إبراهيم بدوره يعيش على وقع هذا الأمل لأنه سئم العيش وراء القضبان. لكن أمنيته هذه تلاشت قبل أن تتحقق. ففي يوم الواقعة وفي حدود الساعة الثالثة والنصف صباحا تعرض إلى توعك صحي –نوبة قلبية حسب ذكر والده - فاستنجد السجناء بأعوان السجن وطرقوا الباب بشدة طالبين النجدة لكن - حسب ذكره - تباطأ الأعوان في نقله إلى احد المستشفيات لتلقي الإسعافات ففارق الحياة وحسب تصريحات والده فانه فارق الحياة قبل بلوغه المستشفى في حين أن رواية مغايرة تفيد انه فارق الحياة عند بلوغه المستشفى وحال السعي لإسعافه . أفراد عائلته تلقّوا الخبر ساعات بعد وفاته إذ تم إعلام المركز الذي لم يرغب في إعلامهم بوفاته خوفا من الصدمة بل اقتصر على إبلاغهم انه في حالة صحية حرجة لكن بعض أقرباء العائلة وبمزيد الاستفسار عن الأمر توصلوا إلى الحقيقة المرة التي عصفت بكيان الأسرة. وقد أذن وكيل الجمهورية بعد استشارة والد الهالك بعرض جثته على الفحص الطبي لمعرفة أسباب وفاته بكامل الدقة. كما أذن بفتح بحث في الغرض من اجل الوصول إلى الحقيقة ولو أن محدثنا يؤكد أن وفاة ابنه ناجمة عن تقصير من إدارة السجن في التدخل لنقله على الفور للعلاج حال إعلامها بالأمر لكن هذه الفرضية أو الشكوك التي تحوم حول وفاة إبراهيم تنتظر الجزم أو نفيها بعد صدور تقرير الطبيب الشرعي وختم الأبحاث. ويرجو محدثنا الذي فقد سنده الوحيد بوفاة ابنه –لديه خمس بنات – أن يتم التوصل الى سبب وفاته حتى يهنأ باله.