وجه الاتحاد العام التونسي للشغل رسالة إلى المجلس التأسيسي ذكر فيها بأن دستور تونس بعد الثورة إذا لم يكن ضمانة حقيقة للديمقراطية والتعددية قد يصبح نصا مرجعيا تاريخيا فاقدا للشرعية والقانونية وأن استهداف الاتحاد العام التونسي للشغل في وجوده انما هواستهداف لتاريخ تونس واستهداف للنقابيين والمناضلين من أجله ومن أجل بلادنا وعبر الاتحاد عن رفضه لأي مس بالحقوق النقابية داخل الدستور . وجاء في الرسالة أن الاتحاد العام التونسي للشغل الذي قدم مئات الشهداء للوطن وللحركة النقابية والتقدمية على استعداد تام للدفاع عن حقوقه المشروعة ومكاسبه التاريخية وفي مقدمتها الحق النقابي وحق الإضراب بكل الوسائل المتاحة. وذكرت الرسالة بإضرابات الاتحاد العام التونسي للشغل من أجل المصلحة الوطنية تواصلت في محطات كثيرة سواء في 1965 أو26 جانفي 1978 أوفي أزمة الثمانينات وآخرها سلسلة الإضرابات الجهوية التي أطاحت بالنظام السابق يوم 14 جانفي 2011 والإضراب العام الأخير ضد العنف والاغتيالات السياسية. وأكدت الرسالة أن الاضرابات في الاتحاد العام التونسي للشغل لم تكن خيارا نقابيا استراتيجيا بقدر ما كانت موقفا تجاه تعنت السلطة السياسية وسلطة رأس المال دفاعا عن حق الشعب التونسي في تقرير مصيره وفي بناء دولته الوطنية وحرصا على إنصاف الطبقة العاملة وتمكينهما من حقوقها وذلك بالحرص على العدالة الاجتماعية والتوزيع العادل للتنمية والثروة. وتمّ التأكيد أن ضرب الحق النقابي هو في حقيقة الأمر ضرب لحرية التعبير والتنظم وتقويض مقصود لأسس العملية الديمقراطية لبناء تونس الحديثة على قاعدة الشراكة الفاعلة والمتوازنة لمختلف الأطراف الاجتماعية. وأوضحت الرسالة أن التضييق على الحق النقابي وحق الإضراب وعدم التنصيص عليه بوضوح في مسودة الدستور الجديد لتونس ما بعد الثورة هوخطوة للوراء في اتجاه العودة للاستبداد وهوضربة في العمق للعقد الاجتماعي ولما تضمنه من توافقات والتزامات باحترام الحق النقابي وحق الإضراب دون قيود وبتفعيل وتثمين دور الشركاء الاجتماعيين في الانتقال الديمقراطي. واعتبر اتحاد الشغل التضييق على الحق النقابي وتقييد حق الإضراب تنكرا لأهداف الثورة ومبادئها ولمساهمة الاتحاد العام التونسي للشغل فيها ولدور النقابيين ومساهماتهم في تاريخ البلاد وفي ثورة 14 جانفي. واعتبر اتحاد الشغل أن أي مس بالحقوق النقابية يمثل منعرجا خطيرا للمعنى والقيمة الأخلاقية والقانونية للالتزامات والتعهدات وأنه من غير المعقول اليوم القبول بهذه الازدواجية في إدارة الشأن العام للبلاد وفي صياغة النصوص والمراجع القانونية على قاعدة المصالح الحزبية أوالفئوية والحسابات الضيقة. وأكد قسما الدراسات والتشريع والنزاعات الذي أمضيا على الرسالة أن اعتبار حق الإضراب إضرارا بالمصلحة الوطنية وبأمن المواطنين هوإقرار ضمني بموقف مُعاد للعمل النقابي ينطوي على رغبة في تحديد أطر الفعل النقابي وتكبيله قانونيا ومن ثمة القضاء عليه، وحتى لا نحكم على النوايا بدلا من الأحداث فإن ما واجهه الاتحاد العام التونسي للشغل من تعديات وعنف وحرق للمقرات وتجييش للرأي العام انما هوحلقة ضمن حلقات هدم أعمدة الديمقراطية والمدنية والتشريع لدكتاتورية جديدة. كما تمّت الإشارة إلى أن المصلحة الوطنية وحماية أمن المواطنين لا يمران عبر مصادرة الحقوق والحريات إذ أن ذلك قد يفتح مجال العودة إلى الدكتاتورية ولعل التاريخ القريب يذكرنا بان السلطة الحاكمة كانت ضد المصلحة الوطنية عبر مقايضة الحريات العامة والفردية بالأمن والأمان.