اثارت التسجيلات الصوتية التي سربها سليم الرياحي بخصوص مكالمات هاتفية بين رئيس فرع كرة القدم للنادي البنزرتي ولاعبين من شبيبة القيروان، تساؤلات كثيرة حول قانونية حصول رئيس النادي الافريقي على هذه التسجيلات. ويرى مراقبون أن الأخطر من محتوى التسجيلات المسربة هو التعدي على المعطيات الشخصية في إشارة إلى عودة التنصت على المكالمات الخاصة وهو ما يجعل الشاكي والمشتكى به في سلة واحدة. فكيف تحصل الرياحي على هذه التسجيلات؟ وهل استعمل هذا الأخير نفوذه وماله من أجل الحصول عليها؟ قال الأستاذ المحامي صلاح الدين الحجري أن الموضوع على درجة كبيرة من الخطورة باعتباره يمس من مصداقية البطولة الوطنية داعيا النيابة العمومية إلى فتح تحقيق عاجل على ضوء التسجيلات التي نشرها سليم الرياحي رئيس النادي الإفريقي على صفحته الرسمية فايسبوك دون انتظار المعني بالأمر رفع قضية عن طريق محاميه. وتساءل «الحجري» عن مصدر التسجيلات وعن الأسباب الكامنة وراء اختيار هذا التوقيت بالذات للإفصاح عنها في حين انه كان بالإمكان طرح الموضوع اثر المباراة بين النادي البنزرتي والشبيبة مباشرة. وأشار «الحجري» إلى عدم وجود أدلة كافية لتحديد من يقف وراء التسريبات باعتبار أن العملية تهم ثلاثة أطراف وهي وزارة الداخلية وشركات الاتصال وكذلك مسؤولو الناديين الذين جرت بينهم المكالمة مؤكدا أن تحديد المصدر ليس بالأمر المستعصي نظرا لان المحكمة قادرة على معرفة ان كانت هذه التسجيلات صحيحة ام مفبركة وعلى ضوئها يتم تحديد المسؤولين عنها. ودعا «الحجري» الى ضرورة القيام باختبارات على الصوت والتأكد من صحتها ليتم فتح بحث جدي في الموضوع بخصوص التلاعب بمقابلات كرة القدم مضيفا ان البطولة الوطنية عانت الويلات في العشرية الأخيرة من هذه الترهات قائلا ان «البطولة الوطنية لكرة القدم ستواجه مأزقا حقيقيا في عملية احتساب النتائج في صورة إثبات التحقيق وجود تلاعب وقد يجر البلاد الى ما لا يحمد عقباه». فيلم جيمس بوند اعتبر المحامي الاستاذ «فتحي المولدي» ان هذه الفضيحة وضعت كرة القدم التونسية في قفص الاتهام مضيفا ان الرشوة، المسكوت عنها بين الفرق، اصبحت تحتل المرتبة الأولى وهي المرشحة «للبلاي اوف «عن جدارة. وأضاف «المولدي» قائلا «هذه الفضيحة تذكرني بفيلم «جيمس بوند» ومدى قوة الاستخبارات»، متسائلا « كيف وصلت هذه التسجيلات الصوتية والوثائق إلى رئيس النادي الافريقي ..أأصبح هذا الأخير بفضل رئيسه أقوى من الهياكل الرياضية وحتى من النيابة العمومية في حد ذاتها؟». وقال «المولدي» ان مقابلات البطولة لا تدور فقط فوق المستطيل الأخضر وإنما عبر شبكات الاتصال والذبذبات الهاتفية متسائلا عن مدى أحقية هؤلاء في التنصت على المكالمات لا سيما ان القانون التونسي يحمي الحياة الخاصة ويمنع منعا باتا التنصت إلا بإذن من وكيل الجمهورية ولأسباب تهم الأمن العام. وبالتالي فان السؤال المطروح ما مدى شرعية هذه الأدلة؟ ويخشى «المولدي» ان تكون لهذا الملف عديد التداعيات منها ماهو رياضي ويتعلق بالبيع والشراء ومنها ماهو قضائي ويتعلق بالتلاعب بالنتائج الرياضية ومنها ما هو حقوقي ويتعلق بانتهاك المعطيات الخاصة مضيفا ان هذه الفضيحة يمكن ان تؤدي الى نتائج مفزعة وهي ان الشاكي والمشتكى به ارتكبا جرائم حق عام. وبيّن «المولدي» ان الازمة الرياضية السياسية انطلقت مع سليم الرياحي عندما وجهت له الكتابة العامة للحكومة مكتوب يتضمن وجوب التخلي عن رئاسة النادي الافريقي وصولا الى الأحداث الاخيرة في بنزرت والاتهامات المتبادلة بينه وبين بن غربية وها ان الأزمة تتعمق يوما بعد يوم حتى أصبحت في أروقة المحاكم. التنصّت موجود اكد «احمد الرحموني «رئيس المرصد التونسي لاستقلال القضاء ان وصف الافعال او الوقائع المنسوبة هي من قبيل افشاء محتوى المكالمات عبر شبكات الاتصال والوقائع وقد تعرض لها الفصل 85 من مجلة الاتصالات والذي ينص على انه يعاقب طبق الفصل 253 من المجلة الجنائية كل من يفشي او يحث او يشارك في افشاء محتوى المكالمات والمبادلات المرسلة عبر شبكات الاتصال في غير الحالات التي يخير فيها القانون ذلك. وبيّن «الرحموني « ان الفصل 253 من المجلة الجنائية ينص على عقوبة بالسجن لمدة ثلاثة اشهر لكل من تخول له نفسه إذاعة مضمون مكتوب او تلغراف او غير ذلك من المكاتيب دون رخصة من صاحبها، من جهة اخرى اشار «الرحموني» الى ان القانون التونسي لا ينظم حالات التنصّت لكن في المقابل هناك قانون يحرم إفشاء محتوى المكالمات والمبادلات استنادا الى الفصل 85 المتعلق بتجريم التنصّت وكذلك بعض الفصول الاخرى المتعلقة بحماية المراسلات كالفصل 226و432 من المجلة الجنائية. وأضاف «الرحموني» ان التعدي على بعض الجوانب من الحياة الخاصة للأفراد يكون أحيانا مبررا لتحقيق مصلحة عامة او الحاجة لمجابهة الإجرام المنظم وفي هذه الحالة لا يستوجب الحصول على اذن قضائي لتسجيل المكالمة. وبيّن «الرحموني» ان التنصت مازال معمولا به حسب تصريح لوزير الداخلية السابق علي العريض في ديسمبر 2012 الذي اكد فيه ان وزارة الداخلية تتنصت على الهواتف بغية الكشف عن المورطين في القضايا الإجرامية التي تهدد امن البلاد لكن عملية المراقبة تتم بعد اذن قضائي . في المقابل، اتصلت «التونسية» بالناطق الرسمي لوزارة الداخلية محمد علي العروي الذي أكد انه لا دخل للوزارة في هذا الموضوع وهو يخص القضاء والهياكل الرياضية دون غيرهما.