سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
التونسية في مهرجان كان (15-26ماي) شرطي أبيض يقتل شابا أسود في بلد يحكمه أوباما... أيهما أهم وأبقى ؟فيلم عن حاتم بالطاهر أو عن وزير "مكسّر" يضاجع إبنته؟...
*من موفدنا الخاص-نبيل بنور في جو ممطر إنطلقت الدورة 66 لمهرجان "كان" ، ودون أن ننكأ الجراح نقول بإيجاز إنه لا يستقيم الظل والعود أعوج، وربما كنا نمضي بسرعة إلى القاع في ظل إهمال المؤسسة السياسية الرسمية لملف الثقافة، فهل سمع واحد منكم أحد رؤساء حكوماتنا بدءا بالباجي قائد السبسي مرورا بالجبالي وصولا إلى العريض ينبس ببنت شفة عن السينما او المسرح، وهل زلت قدما أحد ممن ذكرنا او رئيس الدولة ليحضر عرضا مسرحيا أو سينمائيا أو معرض فنون تشكيلية أو حتى عرضا للفداوي؟ لا نحتاج إلى أن نملأ بياض الورقة بالرد على هكذا سؤال، ولكن من الواضح أن ساستنا وهم في سدة الحكم لا صلة تربطهم بهذه الأمور الجزئية التافهة بعبارة وزيرنا الدكتور جراح العظام خليل الزاوية، وعلينا ان ننتظر إحالتهم على التقاعد أو مغادرتهم لكراسيهم الوثيرة لنظفر برؤيتهم بيننا ، وقتها سيكون لهم كل الوقت لملاقاة الصحافيين ايضا والإدلاء بالحوارات المطولة عن ذكرياتهم ونضالاتهم وتضحياتهم من أجل هذا الشعب المتنطع الذي لا يقدر حجم النعمة التي وهبتها السماء لهم ... أول الأفلام التي شاهدناها في هذه الدورة كان فيلم Fruitvale Station للمخرج الأمريكي ريان كوغلر، وقد توج الفيلم بالجائزة الكبرى للجنة التحكيم وجائزة الجمهور في الدورة الأخيرة لمهرجان سان دانز للسينما المستقلة وهو أحد أهم المهرجانات السينمائية في بلد لا يستلطف المهرجانات ، ويرتكز فيلم Fruitvale Station على قصة حقيقة جدت وقائعها في الولاياتالمتحدة عام 2009، وهو الفيلم الطويل الأول للمخرج الأمريكي ريان كوغلير الذي تحدث عن تجربته خلال الندوة الصحافية بالمهرجان قائلا" لقد شاهدت كثيراً الأفلام الأمريكية في السبعينيات والثمانينيات والتسعينيات من إخراج كوبولا وسكورسيزي وسبيلبرغ وكوبريك. ثم أغرمت بسينما تروفو وغودار وكوروساوا. كما أحببت كثيراً الأفلام الوثائقية. أهم نصيحة أوصاني بها أحد المخرجين هي ضرورة أن يشاهد المخرج الكثير من الأفلام الوثائقية لأنها أفلام تتحدث عن أشخاص واقعيين" يقدم الفيلم قصة"أوسكار غرانت" شاب في الثانية والعشرين من عمره عند مقتله ليلة رأس السنة 2009، تتوفر في أوسكار كل الصفات لتجعله ضحية نموذجية لشرطي أبيض البشرة متوتر الأعصاب ، فأوسكار دخل السجن أكثر من مرة بسبب تجارة المخدرات حتى أن أمه هددته بعدم زيارته في السجن في آخر زيارة له سنة 2007 وربما كانت تلك آخر "ربطية " في رصيد "أوسكار" الذي يعيش رفقة فتاة دماؤها مختلطة فلا هي بالزنجية ولا هي بالبيضاء أنجبت له طفلة هي كل حياته إسمها تاتيانا ، يفقد أوسكار عمله بسبب تأخره المتكرر عن مواعيد عمله في مغازة تجارية ، ومع ذلك يرفض العودة إلى تجارة المخدرات، وفي ليلة السنة الجديدة قضى الجزء الأول من السهرة في بيت العائلة للإحتفال بعيد ميلاد أمه ثم غادر رفقة "زوجته" على متن الميترو بنصيحة من أمه(خافت أن يقود السيارة عند العودة وهو سكران) وبسبب شجار بسيط لم يكن لأوسكار ورفاقه أي ذنب فيه،و دون مقدمات يجد "أوسكار" نفسه في مواجهة رجال شرطة من البيض فجأة تنطلق رصاصة من الخلف وأوسكار ممدد على الأرض وقد شدت يداه إلى الخلف ، حاول الأطباء إنقاذه ولكن القصة كما كتبتها الحياة شاءت أن يموت "أوسكار" فشهدت المنطقة وقتذاك توترات عرقية حادة . ينتهي الفيلم عند وفاة "أوسكار" واحياء ذكراه قبل أشهر في ذات الموقع الذي قتل فيه غيلة بحضور إبنته"تاتيانا" ، ما لم يذكره الفيلم أن الشرطي المتهم بالقتل يوهانس ميهسيرل (28 عاما) أحيل على محكمة في كاليفورنيا مذنبا بقتل الشاب اوسكار غرانت، ، باطلاق الرصاص عليه داخل محطة مترو مدينة اوكلاند في ضاحية سان فرانسيسكو الشرقية. حكم على الشرطي الأبيض بسنتين سجنا ، قضى منها 18 شهرا وعاد إلى حياته وربما إلى عائلته وقد يكون عانق أبناءه وكأن شيئا لم يكن ، إنها أمريكا التي يحكمها أوباما ومع ذلك موت أوسكار ويترك إبنته وحيدة ...دون سبب . خلال المحاكمة ، قال الشرطي انه استدعي الى المكان اثر اندلاع شجار وانه استل مسدسه للصعق الكهربائي لصعق الشاب الاسود وشل حركته، إلا انه اكتشف بعد فوات الاوان ان المسدس الذي اطلق منه النار هو مسدس الرصاص وتم تصوير هذه الحادثة من طرف شهود عيان كانوا على عين المكان، واثار بثها استياء عارما في سائرا انحاء الولاياتالمتحدة. ولم يصدر عن الشرطي القاتل يوهانس ميهسيلر اي رد فعل اثر تلاوة حكم الادانة وسط صمت مطبق ولا سيما من جانب عائلة الضحية التي حضرت جلسة النطق بالحكم. وتألفت هيئة المحلفين من ثماني نساء وأربعة رجال ليس بينهم اي اسود( لتكتمل القصة ؟) وخلال جلسات المحاكمة التي استمرت ثلاثة اسابيع، اتهم المدعي العام الشرطي بانه "فقد السيطرة بالكامل على نفسه" واردى الشاب الاسود عمدا. وقال يومها المدعي العام ان المتهم "ترك احاسيسه تملي عليه افعاله (...) ما اسفر عن مقتل شخص بريء"، طالبا ادانته بعقوبة القتل غير المتعمد وعقوبتها اقسى من القتل عن غير قصد. ورد محامي الدفاع بالقول ان "لا شيء في الملف يدل على وجود نية بالقتل، لا شيء". واثر النطق بالحكم قال عم الضحية ان عائلة تلقت "صفعة على وجهها من جانب نظام يرفض احقاق العدالة الحقيقية". مات "أوسكار" قبل سنوات وقبله قتل سائق سيارة أجرة أسود اللون ضربا على أيدي أربعة رجال شرطة تمت تبرئتهم لاحقا في لوس أنجلس ... ولأني على رأي أحد أصدقائي المغتربين –في الخارج-فحكمنا الآن جميعا الإغتراب ونحن بين أهالينا، "ما نشعفش" فقد تذكرت الشهيد حاتم بالطاهر، جامعي اصيل دوز، عاد إلى مقط رأسه للسؤال عن عائلته، لديه إبنة في الشهر العاشر.. وزوجته حامل ، وهو حامل لشهادة الدكتورا ومحاضر أول في جامعتين في فرنسا إضافةً إلى كلية العلوم بقابس ومدرسة المهندسين بها . في فترة الفلتان الثوري قتل حاتم بالطاهر برصاص قناص مجهول الهوية... رغم "قناص" يسري بوعصيدة صاحب مجلة"فراشة" وفكري وكسلان قبل 14 جانفي... سألت نفسي أيهما أهم وأبقى؟ فيلم عن حاتم بالطاهر او عن وزير سابق تنتحر زوجته فيدخل في حالة إكتئاب ثم نكتشف بعد تمطيط وتأوه مضجر ان السيد الوزير "المكسّر" مرتبط بعلاقة جنسية مع فتاة في سن إبنته –وهي بالفعل صديقتها- ولا ينتهي الفيلم إلا بعد ان نكتشف –يا لذكاء المخرج- ان عشيقة الوزير "الطايح من السوم" ليست إلا إبنته من المعينة المنزلية؟ أي والله، هكذا لخّصت لكم بضربة "معلّمية" فيلم"رشيد فرشيو" شوك الياسمين ويمكنكم أن تكتفوا بملخصي دون أن تتورطوا في دفع خمس دينارات ثمن التذكرة لتخوضوا إختبارا بدا لي أصعب من الباكالوريا تقنية، وعموما فإن ملخصي المجاني لا يقل رداءة عن الفيلم نفسه، الفرق بيننا أن وزارة الثقافة زمن بالشاوش –وزير الحجارة- منحت للمخرج التاريخي منحة بمئات الملايين من فلوس هذا الشعب الطيب، أما ملخصي التافه فيمكن الإستغناء عنه دون أن ينزعج أحد ...حتى أنا كاتبه ...