دولة أوروبية تتهم روسيا بشن هجمات إلكترونية خطيرة    فتحي عبدالوهاب يصف ياسمين عبدالعزيز ب"طفلة".. وهي ترد: "أخويا والله"    لجان البرلمان مستعدة للإصغاء الى منظمة "كوناكت" والاستنارة بآرائها (بودربالة)    وزارة الفلاحة ونظيرتها العراقية توقعان مذكرة تفاهم في قطاع المياه    توننداكس يرتفع بنسبة 0،21 بالمائة في إقفال الجمعة    اليوم العالمي لحرية الصحافة /اليونسكو: تعرض 70 بالمائة من الصحفيين البيئيين للاعتداءات خلال عملهم    كفّر الدولة : محاكمة شاب تواصل مع عدة حسابات لعناصر ارهابية    كأس تونس لكرة القدم- الدور ثمن النهائي- : قوافل قفصة - الملعب التونسي- تصريحات المدربين حمادي الدو و اسكندر القصري    بطولة القسم الوطني "أ" للكرة الطائرة(السوبر بلاي اوف - الجولة3) : اعادة مباراة الترجي الرياضي والنجم الساحلي غدا السبت    الرابطة 1- تعيينات حكام مقابلات الجولة السادسة لمرحلة التتويج    تفكيك شبكة مختصة في ترويج المخدرات بجندوبة ..وحجز 41 صفيحة من مخدر "الزطلة"    اخلاء محيط مقر مفوضية شؤون اللاجئين في البحيرة من المهاجرين الافارقة    سليم عبيدة ملحن وعازف جاز تونسي يتحدث بلغة الموسيقى عن مشاعره وعن تفاعله مع قضايا عصره    مركز النجمة الزهراء يطلق تظاهرة موسيقية جديدة بعنوان "رحلة المقام"    قابس : انطلاق نشاط قاعة السينما المتجولة "سينما تدور"    رئيس اللجنة العلمية للتلقيح: لا خطر البتة على الملقحين التونسيين بلقاح "أسترازينيكا"    القصرين: اضاحي العيد المتوفرة كافية لتغطية حاجيات الجهة رغم تراجعها (رئيس دائرة الإنتاج الحيواني)    بوريل..امريكا فقدت مكانتها المهيمنة في العالم وأوروبا مهددة بالانقراض    86 مشرعا ديمقراطيا يؤكدون لبايدن انتهاك إسرائيل للقانون الأميركي    قرعة كأس تونس لكرة القدم (الدور ثمن النهائي)    فتحي الحنشي: "الطاقات المتجددة والنجاعة الطاقية أصبحت أساسية لتونس"    إفتتاح مشروع سينما تدور    المدير العام للديوانة يتفقّد سير عمل المصالح الديوانية ببنزرت    تصنيف يويفا.. ريال مدريد ثالثا وبرشلونة خارج ال 10 الأوائل    فيلا وزير هتلر لمن يريد تملكها مجانا    منير بن رجيبة يترأس الوفد المشارك في اجتماع وزراء خارجية دول شمال أوروبا -إفريقيا    بداية من الغد.. وزير الخارجية يشارك في أشغال الدورة 15 للقمة الإسلامية    القصرين: تمتد على 2000 متر مربع: اكتشاف أول بؤرة ل«الحشرة القرمزية»    بطاقتا إيداع بالسجن في حقّ فنان‬ من أجل العنف والسرقة    إنه زمن الإثارة والبُوزْ ليتحولّ النكرة إلى نجم …عدنان الشواشي    الاحتجاجات تمتد إلى جامعات جديدة حول العالم    المحمدية.. القبض على شخص محكوم ب 14 سنة سجنا    تالة: مهرجان الحصان البربري وأيام الاستثمار والتنمية    حالة الطقس هذه الليلة    مجلس وزاري مضيق: رئيس الحكومة يؤكد على مزيد تشجيع الإستثمار في كل المجالات    عاجل/ قضية "اللوبيينغ" المرفوعة ضد النهضة: آخر المستجدات..    العثور على جثة آدمية مُلقاة بهذه الطريق الوطنية    توطين مهاجرين غير نظاميين من افريقيا جنوب الصحراء في باجة: المكلف بتسيير الولاية يوضّح    ألكاراز ينسحب من بطولة إيطاليا المفتوحة بسبب الإصابة    حجز 67 ألف بيضة معدّة للإحتكار بهذه الجهة    عاجل/ أعمارهم بين ال 16 و 22 سنة: القبض على 4 شبان متورطين في جريمة قتل    كرة اليد: بن صالح لن يكون مع المنتخب والبوغانمي لن يعود    بطولة افريقيا للسباحة : التونسية حبيبة بلغيث تحرز البرونزية سباق 100 سباحة على الصدر    السعودية: انتخاب تونس رئيسا للمجلس التنفيذي للمركز العربي لدراسات المناطق الجافة والأراضي القاحلة "أكساد"    مواطنة من قارة آسيا تُعلن إسلامها أمام سماحة مفتي الجمهورية    منظمة إرشاد المستهلك:أبلغنا المفتي بجملة من الإستفسارات الشرعية لعيد الإضحى ومسألة التداين لإقتناء الأضحية.    الحماية المدنية:15حالة وفاة و500إصابة خلال 24ساعة.    التلقيح ضد الكوفيد يسبب النسيان ..دكتور دغفوس يوضح    أعمارهم بين 13 و16 سنة.. مشتبه بهم في تخريب مدرسة    دراسة صادمة.. تربية القطط لها آثار ضارة على الصحة العقلية    خطير/ خبير في الأمن السيبراني يكشف: "هكذا تتجسس الهواتف الذكية علينا وعلى حياتنا اليومية"..    خطبة الجمعة ..وقفات إيمانية مع قصة لوط عليه السلام في مقاومة الفواحش    زلزال بقوة 4.2 درجة يضرب إقليم بلوشستان جنوب غرب باكستان    العمل شرف وعبادة    ملف الأسبوع .. النفاق في الإسلام ..أنواعه وعلاماته وعقابه في الآخرة !    "أنثى السنجاب".. أغنية أطفال مصرية تحصد مليار مشاهدة    موعد عيد الإضحى لسنة 2024    ''أسترازنيكا'' تعترف بأنّ لقاحها له آثار قاتلة: رياض دغفوس للتونسيين ''ماتخافوش''    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المسرحي عز الدين قنّون في حديث الثقافة والسياسة: فيلم " كشيش" فرنسي وانتاجه غربي .. فكيف يريدونه تونسيا؟
نشر في التونسية يوم 10 - 06 - 2013


بعض السياسيين تزعجهم الشفافية وتريحهم الضبابية
لوزير الثقافة أقول:« كن وزير المثقفين لاوزير السلطة»
ما نجنيه اليوم من ثمار عفنة هو نتيجة عقدين من التهميش
حاورته: ليلى بورقعة
هو رجل مهوس بالفن الرابع ويؤمن أيّما إيمان بأن المسرح التزام ورسالة أو لا يكون, لذلك عندما تحاوره يخاطبك بأكثر من لسان ويقارعك بأكثر من فكر...إنه المسرحي عز الدين قنّون الحائز سنة 1980 على الإجازة في الدراسات المسرحية من جامعة السوربون الجديدة ومؤسس فرقة «المسرح العضوي» سنة 1981وباعث أول مركز عربي إفريقي للتكوين والبحوث المسرحية سنة 2011. افتتن سنة 1985 بقاعة قديمة للسينما كانت آيلة للسقوط وحوّلها إلى منبع فنون, فكان «مسرح الحمراء».
قنّون اعتبر في حوار أدلى به ل«التونسية» أن العنف هو ثمار فاسدة لعقدين من تهميش الثقافة . وقال إن مشروع حركة «النهضة» سلفي في أصوله وبرامجه .ورأى أن الحكومة وبعض أطراف المعارضة على حد سواء لها مصلحة في اغتيال المناضل شكري بلعيد...
آخر إنتاجات «مسرح الحمراء» مسرحية «غيلان»مسرحية تلقفت جنين الثورة وحبلت به على عجل ...فهل ولد هذا المولود سليما؟
«غيلان » جاءت في حالة استعجالية, وكانت ثمرة لردة فعل فنية وتعبير مسرحي عن التقلبات التي عرفناها والوقائع التي عشناها خصوصا أمام سطوة صوت العنف بمختلف أشكاله ...فأردنا أن نكون شبه شهود عيان على وضع البلاد في فترة مخاضها وتواتر أحداثها بشكل يومي في ظل ثورة أسقطت رأس نظام ولم تجتث جذوره من الأعماق بل أنبتت بدل الرأس الواحد رؤوسا أخرى أغلبها لا تفكّر ويسيّرها من وراء الستار رأس مدبر...فكانت مسرحية «غيلان» التي تواصلت عروضها من شهر جانفي 2013 إلى الآن في انتظار البرمجة الصيفية للمهرجانات . وقد يكون عنوان عملي المسرحي القادم صحبة رفيقة دربي ليلى طوبال «غليان»...
«البلاد 23 سنة عاقر،ونهارت اللي ولدت جابت غول»,هكذا جاء في مسرحية «غيلان»التي حكمتها لعبة الكراسي ومغالطات الأقنعة ...فهل يمكن أن نصف مسرح عزالدين قنون بالمسرح السياسي بامتياز؟
أظن أنه من غير الممكن انعدام وجود السياسي في كل التعبيرات الفنية,فكل انتاج فكري أو فني يحمل ضمنيا موقفا سياسيا معينا.وهناك مقولة شهيرة تقول بأن الذين لا يتخذون مواقف سياسية أو يظنون أنه ليس لهم مواقف سياسية , هم في الحقيقة يملكون موقفا سياسيا هو الحياد ! وعلى سبيل المثال كثيرا ما كنا نقول إنه ليس هناك سياسة ثقافية في عهد بن علي في حين أن هذا خطأ,لأن غياب السياسة الثقافية هو موقف في حد ذاته لتهميش الثقافة .
لكنك لم تشن الحرب على العنف فنيا ومسرحيا فحسب , بل كنت من مؤسسي «الائتلاف المدني ضد العنف من أجل الحريات» ومن الداعين إلى بعث «مرصد وطني ضد العنف»... فإلى أين وصل هذا الطرح ؟
منذ مدة تفطن ناشطون في المجالات السياسية والجمعياتية والثقافية إلى أن تونس انحدرت في منزلق العنف وأنه لا بد من انتشالها من هذا المنزلق الخطير وكان منهم المناضل شكري بلعيد الذي دعا في آخر ساعاته إلى حوار وطني ضد العنف.و بعد اغتياله قوي اليقين بأنه يجب وضع حد لهذا الوحش المكشر عن أنيابه لافتراس سلم تونس وأمانها واستقرارها .فتمّ تكوين الائتلاف المدني ضد العنف من أجل الحريات،ومن أبرز أهداف هذا الائتلاف بعث مرصد تونسي لرصد التجاوزات والعنف الاجتماعي والسياسي والاقتصادي...و كنا قد نظمنا يوما كاملا ضد العنف بدار الثقافة «شكري بلعيد» بجبل الجلود يوم 23 مارس 2013 وكان فرصة لسرد شهادات حيّة عن العنف .والآن نحن بصدد ترتيب اجتماعات يومية بحضور حقوقيين وناشطين في الحقل المدني ومثقفين ...من أجل الاعداد ليوم دراسي موعده اليوم 9جوان الجاري وسيحتضنه فضاء مسرح الحمراء للخروج بمقترحات وحلول للتصدي للعنف في مختلف تجلياته السياسية والأسرية والمدرسية ...و ستقع المشاركة بهذه المقترحات في المؤتمر الوطني ضد العنف يوم 18 جوان 2013.
وأعتقد أنه من أهم الوسائل لمحاربة العنف هي الثقافة , فما نجنيه اليوم من ثمار عفنة هو نتيجة لعقدين من تهميش الثقافة و«التشليك» الشامل للثقافة وافتقارالمدن والجهات طبعا للتنمية الاقتصادية ولكن أيضا للتنمية الثقافية والمنتوج الفني ,الثقافي ,الحسي...الذي يساهم في تكوين الفرد حتى يصبح مواطنا فاعلا وواعيا ,فالمواطنة لا تأتي إلا بالثقافة .
ما تعليقك على سير قضية الكشف عن مدبري اغتيال شكري بلعيد,هل تعتقد أن شفرات هذا اللغز بدأت تتوضح أم أن القضية ستسجل «ضد مجهول»؟
لابد من التوضيح أن قضية اغتيال المناضل بلعيد ليست منفصلة عن منظومة الاغتيالات السياسية في العالم , والتاريخ لقننا ان جرائم الاغتيال قد تكشف بعد سنوات طويلة كما قد تبقى لغزا غامضا. وما أقوله أن دم بلعيد لن يجف حتى نعرف الحقيقة وإن تبدو بعيدة في ظل طفرة السيناريوهات المفبركة للتضليل وسدّ الطريق عن الحقيقة وكثرة الروايات اللامعقولة لغاية إلهاء الناس في ظل لعبة سياسية خطيرة.وأعتقد أن اغتيال المناضل بلعيد كان نتيجة لإزعاج هذا المناضل الشرس الذي أقض مضجع أطراف معينة ليس في السلطة فحسب بل وأيضا في المعارضة. هذه الأطراف التي تريد لتونس ان تبقى في الوضع ذاته الذي حذر منه بلعيد لأنه يخدم مصالحها الضيقة .وبعض السياسيين وخاصة المتملكين في السلطة تقلقهم وتزعجهم الشفافية وتريحهم الضبابية لحياكة لعبتهم السياسية .و في اعتقادي هذا هو القاسم المشترك بين نخبنا السياسية.
وكيف ترى تحميل بعض الأطراف حزب حركة «النهضة» المسؤولية عن الأوضاع التي أدت إلي اغتيال شكري بلعيد؟
لا أريد أن أكيل الاتهامات لأي طرف كان, ولكن الوقائع التي عشناها والمواقف التي شهدناها والتصريحات التي سمعناها,كلها مؤشرات دالة على أن السلطة الحاكمة لها مصلحة كبرى في اغتيال المناضل شكري بلعيد.وكذلك بعض الاطراف في المعارضة التي تحركها سياسة المصالح لا الصداقات والانسانيات .و ما استطيع قوله هنا هو «كفوا عن التلاعب بعقول الناس فالأوراق أصبحت مكشوفة واللعبة مفضوحة» ... وأدعو الشعب في الانتخابات القادمة التي طالت - وستطول اكثر لأن هناك من يؤخر عمدا هذا الموعد خدمة لحساباته الخاصة - أن ينتخب عن وعي وكذلك أحث الأغلبية الصامتة أن تصوّت وتقوم بواجبها في إرساء البلاد على طريق التحول الديمقراطي.
سبق أن صرحت مرارا بأن حركة «النهضة» تريد الرجوع بالبلاد إلى عصر الظلمات ...هلا تزال على الموقف نفسه ؟
هذا الموقف لم يأت من فراغ ,بل هو نتيجة لقراءات في كتب راشد الغنوشي وتحليل لتصريحاته وتمعّن في مواقفه ...و التي هي منذ الثمانينات الى اليوم ورغم استبدال الاقنعة واضحة ولا لبس فيها ولا تحتاج الى قراءة في ما وراء السطور لنفهم فلسفة هذه الحركة ومواقفها السياسية والاقتصادية والاجتماعية...التي تنم عن مشروع سلفي في أصوله وفي برامجه .و هذه الحركة تنصب فخ الإيمان لتمرير ايديولوجيتها وذلك باللعب على الواعز الديني لجذب البلاد الى الخلف وعصر الظلمات في وأد لإمكانية الاحتكام الى الحوار والنقاش حول مواطن الاختلاف وحجتها في ذلك أن الآية كذا تقول كذا وهذا«كلام ربي...اذا ما ثّماش نقاش ».
و الحل للخروج من هذا الوضع هو فتح المنابر للتحاور ومقارعة الحجة بالحجة ومخاطبة العقول للعقول بعيدا عن التعصب والدغمائية. فمن المؤسف أن يعلو صوت واحد بعد 14جانفي ويحتكر تفسير الدين , فالخطاب السلفي المتزمت هو الطاغي اليوم.
كنت قد دعيت إلى حل رابطات حماية الثورة؟
رابطات حماية الثورة هي خلايا عنيفة وليست فكرية,بمعنى أنها لا تقارع بالفكر ولا تتوخى الحجة في التعبير بل تستخدم العنف وتتدرج فيه لفرض رأيها.و الخطير أن هذه الخلايا تعتقد أنها وحدها تملك الحقيقة والرأي الصائب ,و الاخطر أن الحكومة تتملص من اتخاذ موقف حازم تجاهها بدعوى أنها جمعيات مدنية وهذا غير صحيح.فالقرار السياسي في هذا السياق غائب في حين أن دولة القانون تحضر وتغيب ...فمثلا يقبع في السجن حاليا من هم من المفترض أن يكونوا طلقاء ويرتع في الخارج من يستحقون أن يكونوا داخل السجون....؟ !
كيف عايشت أحداث الشعانبي وقبلها الروحية وبئر علي بن خليفة وكيف تتلقى أخبار السلاح الذي «يتجول» في ربوع البلاد...وكيف يقرأ المثقف عز الدين قنون الظاهرة السلفية ؟
من الطبيعي في ظل انهيار السلطة أن تضعف الدولة والهياكل الأمنيةو الحكومية فيحدث التسيب .هذا التسيب الذي مثلما نشاهده لدى الباعة المتجولين في احتلالهم للرصيف نلاحظه عند الحدود التونسية . وفي مثل هذا الظرف تصبح البلدان الهشة أمنيا مرتعا لتمرير الأسلحة وفرصة للتسلل الى البلاد لفرض اجندات خارجية ...و إن نبهت أطراف عديدة مرارا إلى أن الارهاب يزحف شيئا فشيئا على تونس, فإن الحزب الحاكم مع حليفيه«الكرتونيين» «التكتل» و«المؤتمر» , لم يحرك ساكنا بقدر ما سعى إلى استغلال الموقف وابراز انه افضل الحلول وصاحب الطرح الوسطي وأنا أرى أن النهضة «تربّي في عبيثة وتوه تدور عليها ».
البعض يرى أنه تم «تحويل وجهة» الثورة ؟
الثورة التونسية ومنذ اندلاع شرارتها الأولى رفعت ثلاثة شعارات أساسية ألا وهي «شغل,حرية,كرامة وطنية».و تحقيق هذه المطالب رهين برنامج اقتصادي وليس مصالح,لكن الواقع يبرز خواء الحكومة من أي مشروع اقتصادي ثوري ينهض بالبلاد بل هي تواصل على نهج النظام البائد ومنواله الليبرالي. أما على مستوى الحريات فقد تقهقرت حرية الابداع والخلق وحرية المعتقد ...و اصبح من الخطير الجهر بالإلحاد أو التشيع أو المسيحية. وحتى المناضلين اليساريين أصبحوا يزايدون على الاسلام وصاروا مسلمين أكثر من غيرهم !كذلك فإن المجتمع الفسيفسائي صار ممنوعا مع وجود أطراف تعمق هذه الشروخ وتوظف مطية الايمان وتفصّله على مقاسها لتهضم حتى اجتهادات علماء عصر الاسلام وتقذف بنا إلى العصر الحجري.
ماهي قراءتك للفصول الخاصة بالحريات والحق في التعبير والإبداع المضمّنة بمسودة الدستور التونسي؟
أحمّل المسؤولية لكل المثقفين والفنانين ومنهم أنا نفسي على الصمت إزاء هذا المشروع المتخلف الذي يقيد حرية الابداع والتعبير بأغلال المقدس وغيره ويحبسها في أسر النمطية والرتابة ...وأسفي لاستقالة البعض من المثقفين من هذه المهمة, هؤلاء الذين يقبعون في وضع انتظار ليصفقوا للفائز وهؤلاء الذين يسيئون للثقافة تحت يافطة «الجمهور عاوز كده»و هم على استعداد للعمل تحت الدكتاتورية وتحت موسوليني وتحت هتلر .فلا ننتظر من هؤلاء ان يدافعوا عن الدستور,بل أن يعلنوا الطاعة ., ولكن هذا لا ينفي وجود تحركات لبعض الأسماء في شكل فرادى وجماعات لمناهضة هذا المشروع المتخلف.
ألا ترى أن هؤلاء المثقفين كثيرا ما دعوا إلى تكوين رابطة تجمعهم وتوحد صفهم ...لكن شيئا من هذا لم يتجسد على أرض الواقع وظل صوت المثقف خافتا؟
لأن جل المثقفين ليسوا أصحاب مواقف واضحة وهم في وضع الانتظار فمنهم من بدأ في مغازلة «النهضة» ومنهم من أخذ حذره فتقرب من «نداء تونس» بحثا عن الصفوف الامامية ...وهو ما يؤشر على وجود فقر مدقع على مستوى الوعي الثقافي .و بالمناسبة فإني أحيي الفنانين التشكيليين الذين يبدون المواقف الأصح والأشد صلابة أكثر من بعض المسرحيين والسياسيين .وكذلك فإن مواقف الجيل الجديد من الشباب الفنان ماتزال غير واضحة في حين أنه هو المسؤول عن صنع مستقبله كما يشاء له أن يكون .و الخوف من الوصول الى تونس «المنتقبة» (بالمعنى المجازي للكلمة).
ما رأيك في أداء وزارة الثقافة بقيادة الدكتور مهدي مبروك ,هل تعتبرها حصنا للمثقف وقلعة نضال لإعلاء راية الثقافة؟
من الصعب على أي وزير ثقافة ان يكون رجل ثقافة ويسعى لخدمة الثقافة في ظل اختيارات سياسية تفرض عليه ليس على مستوى السياسة الثقافية فحسب بل وأيضا على مستوى السياسة العامة للبلاد. ولكن باعتماد الفطنة والمراوغة والذكاء يمكن التخلص من مآزق سياسية مع الحكومة وكسب القطاع الثقافي. واعتقد ان وزير الثقافة في موقع لا يحسد عليه.ورغم بعض الزلات التي ارتكبها على غرار موقفه من معرض العبدلية ...فقد أبدى الوزير إرادة واستعدادا لإنجاح بعض المشاريع المقترحة من قبل المثقفين . وأقول له «كن وزير المثقفين لا وزير السلطة» .
لنعد إلى «مسرح الحمراء»المتواجد بحي شعبي ,هل من السهل ممارسة الفعل الثقافي في مثل هذا المحيط؟
فعلا إن انتصاب مسرح الحمراء في «باب الجزيرة» وقبالة سوق «سيدي بومنديل», يجعل من هذا الفضاء الثقافي جيبا من جيوب المقاومة ضد الجهل والتخلف ...و أقرّ بأني إن فشلت في شيء فهو ايجاد الطريقة المثلى لاستقطاب سكان هذا الحي ليكونوا رواد مسرح الحمراء ,رواد الثقافة .لذلك أعتقد أن هذا الفضاء في حاجة إلى الدعم أكثر من الفضاءات الاخرى المنتصبة في الأحياء الفاخرة.
سنة 2001 بعثت أول مركز عربي إفريقي للتكوين والبحوث المسرحية, ما هو عدد تلاميذك الذين تعلموا على يديك فنون الركح والمسرح ؟
بعد جولة في العالمين العربي والافريقي اكتشفت فراغا كليا وفقرا مدقعا على مستوى التكوين المسرحي ...فقررت بعث فضاء لهؤلاء «المعذبين في الارض» من المسرحيين المحترفين العرب والأفارقة الذي يعملون تحت قمع الدكتاتوريات, فكان المركز العربي الإفريقي للتكوين والبحوث المسرحية جسرا لتلاقي العالمين العربي والافريقي ومدرسة تخرج منها أكثر من 300 مسرحي تقلد بعضهم مناصب مسرحية هامة في بلدانهم ... ورغم تكفل مسرح الحمراء وحده بمصاريف ورشات التكوين في ظل غياب الدعم ,فإني سعيد بإشعاع تونس في الفن الرابع .أما عن آخر أنشطة المركز فتتمثل في استضافة 18 ناقدا مسرحيا عربيا وافريقيا لمواكبة الدورة القادمة لأيام قرطاج المسرحية.
من الفن الرابع ننتقل إلى الفن السابع كيف وجدت فوز فيلم عبد اللطيف كشيش بالسعفة الذهبية في مهرجان «كان»السينمائي؟
أولا هذا المخرج هو فرنسي أكثر منه تونسيا.لكن ما يثير العجب وحتى الاشمئزاز هو أن البعض يجذبه إلى تونس ويكاد أن يعلن اسلام هذا الرجل , في حين أن الموضوع فرنسي والانتاج غربي فكيف يريدونه تونسيا وما جدوى النفاق ؟ثم لا أحد انتبه الى أن كشيش أهدى الفوزإلى الشباب الفرنسي أولا ثم الشباب التونسي ثانيا , وحدّة التصفيق في القاعة انخفضت طبعابعد الإهداء الثاني ! . ثم إنه من باب إخفاء الحقيقة القول بأن هذا الفيلم لايمت للواقع التونسي بصلة, فالعلاقات المثلية بين الجنسين موجودة ولكنها مطمورة في خانة المسكوت عنه...فإلى متى سياسة «غمّ ...غمّ» التي لابد أن تنفجر ذات يوم ؟
لو يبعث عز الدين قنون برقيات عاجلة , فماذا يقول ل:
المثقفين التونسيين؟
وقفة حازمة وجدية ضد المشروع الرجعي المطروح على المجتمع التونسي .
الشعب التونسي؟
«فيق يا شعب «ما تزرقهاش» كيف 23 أكتوبر 2011»!
المسرح ؟
كتب للمسرح الخلود لأنه يولد ويموت في نفس اللحظة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.